إعلام القوى الثورية مقابل إعلام الكيزان
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
صلاح شعيب
برغم القدرات التنظيمية للمؤتمر الوطني في توظيف الإعلام المضاد للقوى الثورية التي ساهمت في إسقاط مشروعه الإجرامي، إلا أنها لم تنجح تماماً في تشويه الحقائق بعد الحرب. فالفرق الوحيد بين إعلام المنادين للحرب واستمرارها وبين الرافضين لها هو المال فقط. فما نهبه المؤتمر الوطني من أموال الدولة طوال ثلاثة عقود توظف الآن عبر فضائيات، ومنصات في وسائل التواصل الاجتماعي، ومنظمات متخصصة في “الآي تي” لاختراق منصات المعارضين، وتنظيم حملات مؤسسة لشكاوى كاذبة ترسل يومياً لإدارة هذه المنصات ضد نشطاء ينادون بإيقاف الحرب.
هذا المال المنهوب من القطاعين العام والخاص أثناء سيطرة المؤتمر الوطني على الدولة وُظف بنسبة كبيرة في دعم تلك الفضائيات، والصحف، والمشاريع الإعلامية، ومنابر أخرى، ورشاوى لسياسيين من أجل تغييب الحقائق عن المواطنين. وأكبر دليل على ذلك ما قاله البشير عن قناة الشيخ عبد الحي التي دعمها بخمسة مليون دولار. والحقيقة أننا لا ندري ما إذا كان الأمر قد توقف عند هذا الحد أم أن عبد الحي قبض لاحقاً أموالاً أخرى تخص الدولة. بل ولا ندري هل عادت قناة طيبة للبث من خارج الحدود عبر ميزانية جديدة من مال الدولة المنهوب، أم أن الداعية الديني صار مليونيراً ليصرف على قناته بكل هذا السخاء.
ولأن كل القوى السياسي التي عارضت مشروع الحركة الإسلامية ليس لديها القدرات المالية الضخمة مثل المؤتمر الوطني، فقد عجزت عن إنشاء قناة فضائية واحدة أثناء فترة حمدوك. والآن تعتمد هذه القوى جميعها على وسائط التواصل الاجتماعي دون خطة إعلامية محددة لمواجهة دعاة استمرار الحرب الذين منهم متفرغون ليلاً ونهاراً للمهمة. إذ يبثون الأكاذيب عن الحرب، ويشوهون صورة الأحزاب المنضوية تحت لواء تنسيقية تقدم، ويزورون مواد النت بعشرات الآلاف من الأسماء المستترة.
بخلاف المال المنهوب لأغراض التدجيل، فإن المؤتمر الوطني يختلف عن بقية أحزابنا الوطنية الأخرى في أنه يعتمد على مرجعية إخوانية تبيح له تجاوز القيم، والأعراف الإنسانية، ومعاني الدين الضابطة للصدق حتى. ذلك إذا كان هذا الإجراء السياسي يخدم مصلحة الإخوان المسلمين الذين يعتمدون على البراغماتية، والتدليس، والغش بناءً على فقه الضرورة.
وبهذا النهج الشيطاني تمكنت الحركة الإسلامية قبل انشطارها في التفوق البراغماتي الانتهازي ما جعل البون شاسعاً بينها وبين منافسيها في استثمار الفرص السياسية. فهي قد اعتمدت على مناشط اقتصادية خاصة بها منذ فترة نميري، وبعد سيطرتها على الدولة ملكت الحركة الإسلامية وعضويتها آلاف الشركات في ظل الفساد الإداري الحكومي، واستغلاله وسيلةً لبناء حزب يدخر مليارات الدولارات، والتي تُسجل في البنوك بأسماء شخصيات إخوانية وانتهازية داخل السودان، وخارجه.
وبهذه الكيفية، فإن المؤتمر الوطني الذي فقد السلطة قبل ستة أعوام ما يزال يمول قناتي طيبة، والنيل الأزرق، وصحفاً إليكترونية، ونشاطاً إعلامياً منظماً من خلال منصات الإنترنت، وهناك غيرها من الوسائل المتبعة لتعويق حركة النشطاء المعارضين للحرب.
بغير المضمون التغبيشي للرأي العام عبر “عشرات اللايفات”، ومواد البودكاست، ومنصة “الكلوب هاوس”، وتطبيقات أخرى، فإن إستراتيجية المؤتمر الوطني الإعلامية اعتمدت ملاحقة رموز ثورة ديسمبر يومياً بشتائم تُوجه لأحزابهم، ولآبائهم، وسباب دائم لمواقفهم، وسخرية من أشكالهم حتى، واختلاق أكاذيب عن حيواتهم الشخصية. وهذا النهج مقصود لإفساد مناخ الرأي العام، وإجبار القادة السياسيين على الانزواء دون التعبير عن مواقفهم، وحتى لا تتعرض شخصياتهم المحترمة للحط من مكانتها الاجتماعية.
من ناحية أخرى اعتمد إعلام المؤتمر الوطني منذ بدء الحرب على استراتيجية “اكذب، اكذب، حتى يصدقك الناس”. وظل هذا الإعلام حتى يوم الناس هذا يخدر دعاة الحرب بانتصارات زائفة، بالإضافة إلى تحويل هزائم الجيش إلى نجاح في دحر مزعوم للدعم السريع. ومن ناحية أخرى اعتمد إعلاميو المؤتمر الوطني، وزملاؤهم الانتهازيون، والمغيبون من البسطاء في خلق ربط مستمر وماكر بين تنسيقية تقدم ومعظم المعارضين بخصمهم الذي يقاتل الجيش. ذلك رغم أن ادعاء هذا الرباط السياسي الكاذب لا يقوم على أساس منطقي، أو موضوعي. بل لا يستطيع أي محلل سياسي أمين أن يثبت ما يدعيه الكيزان، والبلابسة، بأن تقدم تمثل الجناح السياسي للدعم السريع. ولكن على كل حال فالكذبة التي جعلت زعيمهم يذهب للسجن حبيساً، والبشير للقصر رئيساً، هي بمثابة البذرة التي قننت الكذب الصراح وسيلة لكل التلاميذ بأن يستتبعوها بكذبات جديدة متى ما رأوا مصلحة للجماعة.
رغم المجهود الضخم لتلفيق الحقائق بهدف تقويض الثورة، والعودة إلى السلطة مجدداً، فإن إعلام المؤتمر الوطني مهزوم مهزوم إن آجلاً أم عاجلا. فالحق أبلج، والباطل لجلج، طال الأمد أم قصر.
الوسومصلاح شعيبالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: صلاح شعيب المؤتمر الوطنی
إقرأ أيضاً:
إعلام إسرائيلي: حرب غزة أوقفت ميناء إيلات وأضرت بالبحث العلمي
ناقشت وسائل إعلام إسرائيلية أثر الحرب على قطاعي الاقتصاد والبحث العلمي في إسرائيل، والخسائر الناجمة عن توقف حركة السفن تماما في ميناء إيلات.
كما تطرقت تلفزيونات إسرائيلية لما وصفه ضيوف إسرائيليون بأنه تماهي موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع إستراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في غزة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تايم: هكذا أصبحت الملكة فيكتوريا أكبر تاجر مخدرات على الإطلاقlist 2 of 2غارديان: أرقام صادمة عن كراهية الإسلام في بريطانياend of listوذكرت قنوات إسرائيلية أن هناك عواقب درامية للحرب في غزة وللصور القاسية التي تخرج من هناك على مكانة وعمل العلماء الإسرائيليين، وقالت إن المنح العلمية تراجعت بشكل كبير.
وحسب البروفيسور عيران سيغل من معهد وايزمن للعلم، فإن الحرب تضر بالبحث العلمي، إذ بلغ التراجع في الموازنات الأوروبية 70%، أي في المخصصات التي يحصل عليها إسرائيليون من الاتحاد الأوروبي.
كما ألحقت حرب غزة أضرارا هائلة بميناء إيلات، وأوردت القناة كان 11 أن 50 ألف سيارة جديدة كانت تقف في الميناء قبل وقت قصير من بدء الحرب، ولكن الآن لا توجد أي سيارة.
وأشارت القناة إلى أن المسار البحري والميناء تضررا بشكل عام بسبب هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين).
ونقلت عن المديرالعام لميناء إيلات، جدعون غولبر قوله إن الحوثيين أغلقوا فعليا ميناء إيلات منذ 20 نوفمبر/تشرين الثاني عندما استولوا على سفينة تابعة لشركة ملاحة يابانية مع طاقمها، وأغلقوا باب المندب.
تصريحات ترامب
وعن تصريحات ترامب بشأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قال باراك رفيد، وهو محلل سياسي في موقع "والا " و"سي إن إن" إنه لا يعرف إذا كانت تصريحات الرئيس الأميركي "لهدف تكتيكي وهو إخافة حركة حماس أم إن هناك تغييرا إستراتيجيا". وأضاف أن ترامب يقول "أنا لا أريد المفاوضات، بل أريد حربا أخرى وسنحاول القضاء على حماس".
وأقر بأن ترامب منح نتنياهو -المطلوب لـ المحكمة الجنائية الدولية– مطلق الحرية في غزة على مدى نصف السنة الأخير، سواء فيما يتعلق بالحرب ميدانيا أو بالمفاوضات حول صفقة الأسرى، مشيرا إلى أن ترامب تبنى إستراتيجية نتنياهو عبر الصفقة الجزئية وكذلك بشأن الوضع الإنساني.
إعلانورأى المحلل السياسي الإسرائيلي أن الولايات المتحدة وإسرائيل فشلتا في تلك الجوانب حتى الآن، موضحا أن إسرائيل تواصل تدمير غزة، ومع ذلك لم يتم القضاء على حماس، فهي موجودة هناك.
وفي قضية الأسرى، فإن الأسير الوحيد الذي أطلق سراحه منذ تولي ترامب الرئاسة هو عيدان ألكسندر، وأفرج عنه عبر مفاوضات مباشرة بين واشنطن وحماس دون علم إسرائيل، كما قال.
وفي القضية الإنسانية، يقول رفيد إن "واشنطن وتل أبيب أنشأتا الصندوق الإنساني لغزة، وهذا الأمر لم يفشل فقط، بل أصبح الوضع الإنساني في غزة في أسوأ أحواله منذ بداية الحرب".
أما حاييم ليفنسون، وهو مقدم برامج سياسية في القناة 12، فخاطب رئيس هيئة الأركان إيال زامير قائلا "توقف عن مخاطبة المجلس المصغر.. فهم صم بكم، وأنت تتلقى تعليمات مستحيلة التنفيذ ولا تحقق أي نتائج على الأرض"، وطالبه بأن يخبر الجمهور الإسرائيلي بما يحدث.
وقال "بدلا من انتهاء الحرب جاءوا إلينا بكارثة على الساحة الدبلوماسية مع الصور الفظيعة عن المجاعة في غزة".