البديل قد يكون أسوأ.. تليغراف: لهذه الأسباب أعيد بن سلمان للساحة الدولية
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
هل هناك تطورات جذرية منذ مقتل جمال خاشقجي، بناءً على أوامر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لإعادة تأهيل السعودية بالكامل في التحالف الغربي؟.
هكذا يتساءل مقال جيريمي وارنر في صحيفة "تليغراف" والذي ترجمه "الخليج الجديد"، حول ملف عودة السعودية للتحالف الغربي.
ويرى المقال أن تفاصيل اغتيال كاتب العمود السابق في صحيفة "واشنطن بوست"، كانت مروعة للغاية، لدرجة أنه لم يكن هناك أي قدر من الترقيع يبدو قادرًا على قلب الأمور.
ويضيف: "إن ما حدث كان خارجا عن القانون ومستبدا، مما زاد من الشعور بالغضب من التدخل العسكري السعودي في اليمن".
ومع ذلك، يرى الكاتب أن بن سلمان أثبت إصراره، والشيء الوحيد الذي لا ينقصه في محاولته لتجديد الاحترام هو المال، حيث استمرت الطبقة العليا من المصرفيين الغربيين والممولين والاستشاريين والرياضيين والمهندسين والمصدرين في العمل معه دون خجل، ومنها معهد توني بلير، والذي وفقًا لصحيفة "صنداي تايمز" واصل تقديم المشورة المدفوعة إلى بن سلمان من خلال قضية خاشقجي وما بعدها.
ويشير المقال أن تبرير بلير، الذي لم يخجل من نشره، هو أنه من المهم أن تظل منخرطًا بسبب "الأهمية الهائلة والإيجابية" لإصلاحات تحديث ولي العهد و"الأهمية الاستراتيجية" للمملكة بالنسبة للغرب.
ومن وجهة نظر المقال، فإن السياسة الواقعية لرئيس الوزراء البريطاني السابق ستفزع أولئك الذين يضعون حقوق الإنسان قبل الاعتبارات الجيوسياسية والتجارية.
ويضيف المقال: "لكنه في جوهره محق.. فمهما كانت الجريمة حقيرة، فمن المرجح أن تؤدي الإدانة الدائمة، لدفع السعودية أكثر إلى المحور البديل للأنظمة الاستبدادية".
اقرأ أيضاً
الجارديان: السعودية تسعى للانضمام لبرنامج صناعة مقاتلات ثلاثي دولي.. بريطانيا تدعم واليابان ترفض
شريك متساو
ولكن الكاتب يرى أن هناك مبالغة، حيث تقفز السعودية للظهور كشريك متساوٍ مع المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، في تطوير طائرة مقاتلة من الجيل السادس، وهو نموذج أولي تم الكشف عنه لأول مرة، من قبل "بي إيه إي سيستمز" في المملكة المتحدة في معرض "فارنبورو" الجوي قبل 5 سنوات.
ويذكر المقال أن المملكة المتحدة لديها تاريخ طويل في بيع الطائرات المقاتلة إلى السعودية، وحاليا تستفيد بشكل كبير مما يجعلها أكبر مستفيد، وربما كان الأمر ليكون أكثر من ذلك لو لم تتراجع ألمانيا بعد مقتل خاشقجي، وفرضت حظراً متشدداً على المزيد من مبيعات الأسلحة لنظام بن سلمان.
ويأتي حوالي ثلث مكونات مقاتلة "يوروفايتر تايفون" من ألمانيا، مما يجعل من المستحيل استمرار الشحنات الأخرى دون تصريح برلين.
وفيما تعد العلاقات المتنامية بين السعودية والصين، أكبر سوق لتصدير النفط السعودي هذه الأيام، مصدر قلق كبير لليابان على وجه الخصوص، تشعر طوكيو بالقلق من أن المشاركة السعودية ستؤدي إلى تعقيد، وبالتالي تأخير، تطوير الطائرة، مما يسمح للصين باللحاق بركب طائرة "تيمبست" وتحسينها.
وأمام ذلك، فإن الرياض قد تستخدم حق النقض ضد هذه المبيعات، لأطراف ثالثة، لأسباب جيوسياسية.
ويضيف المقال أن اليابان تخشى، على نحو مبرر، أن يتم تسريب التكنولوجيا إلى الصين، أو أن السعودية قد ترغب في بيع الطائرة لأنظمة يحتمل أن تكون معادية.
لقد دخلت المملكة المتحدة في شراكة مع إيطاليا واليابان لتطوير مقاتلة من الجيل السادس تُعرف "تيمبست"، وإذا تم منع بيعها من قبل بقية الأعضاء، فيمكن للسعودية عندئذ التهديد باتخاذ إجراءات انتقامية، مثل فرض حظر على النفط.
اقرأ أيضاً
رئيس وزراء اليابان: اتفقت مع قطر والسعودية والإمارات على التعاون بالطاقة والدفاع
علاوة على ذلك، بالنسبة لليابان، هناك قضية أساسية أوسع تتعلق بالحوكمة، حيث أن الشراكة مع الديمقراطيات ذات التفكير المماثل للمشاركة في تكاليف التطوير الهائلة للطائرات العسكرية المتقدمة شيء، وإلقاء الأمر في ظل استبداد غير خاضع للمساءلة هو شيء آخر تمامًا.
ويلفت المقال للنظر إلى أن السعودية أفلتت حتى الآن من الحظر الأمريكي المخطط له على بيع رقائق "نيفاديا" عالية الأداء اللازمة لتغذية طموحات بن سلمان في مجال الذكاء الاصطناعي.
وعليه باستخدام موظفين صينيين ممنوعين من العمل في الولايات المتحدة، تسعى السعودية جاهدة لتطوير قدرات الكمبيوتر الخاصة بنموذج اللغة الكبيرة الخاص بها، مما يثير مخاوف من المزيد من تسرب التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين.
وكل هذا يغذي جنون العظمة المتزايد حول مكان الولاءات الحقيقية للسعودية، وفق المقال.
وبعبارة أخرى، يعتقد الكاتب أن هناك سبب وجيه للقلق بشأن نوايا السعوديين عندما يتعلق الأمر بالمشاركة في فريق "تيمبست"، لكن السؤال الذي يطرحه ما الذي يتعين القيام به لإبقاء السعودية، التي كانت حتى الآن حليفًا موثوقًا به نسبيًا، وإن كانت غالبًا حليفًا وحيدا للمملكة المتحدة في الشرق الأوسط؟.
وبطريقة أو بأخرى، ستحصل الصين على كل التكنولوجيا.
وفي الواقع، من المرجح أن تحمي شركة "بي إيه إي سيستمز"، ونظرائها الإيطاليون واليابانيون الملكية الفكرية الخاصة بهم، إذا كانت السعودية مرتبطة بنفس الشراكة أكثر مما لو تم الأمر بدونها.
اقرأ أيضاً
تتقدمها الطاقة والفضاء والذكاء الاصطناعي.. 26 اتفاقية ومذكرة بين السعودية واليابان
الحاجة للمال
ويرى الكاتب أن السبب الآخر لإشراك السعوديين هو الحاجة إلى المال حيث تدعم صناعة الدفاع البريطانية مئات الآلاف من الوظائف في جميع أنحاء المملكة المتحدة، والعديد منها تتطلب مهارات عالية وذات دخل مرتفع. ومع ذلك، فإن الإنفاق الدفاعي البريطاني وحده لن يدفع تكاليف هذه الصناعة.
ومن أجل البقاء، يجب أن يتم التصدير، وإذا كان سعر التصدير هو السماح للمشترين ببعض القيمة المضافة، فيجب تلبية هذه الطلبات.
إلى جانب ذلك، فإن الحجم الهائل للاستثمار المطلوب لنظام دفاع متقدم مثل "تيمبيست" يكاد يكون من المستحيل تبريره ما لم يتم تقاسم التكاليف مع دول أخرى.
وقد لا تكون إيطاليا واليابان كافيتين، كما أنه بدون السعودية، قد لا يكون المشروع قابلاً للتطبيق.
ويرى الكاتب البريطاني أنه يمكنهم بالطبع إغلاق صناعة الأسلحة وشراء جميع احتياجات البلاد الدفاعية من أمريكا.
وهذا من شأنه على الأقل تهدئة أي مخاوف أخلاقية قد تكون لدينا بشأن بيع الأسلحة لأنظمة يحتمل أن تكون بغيضة في الخارج.
لكن الكاتب يتساءل هل نريد حقًا أن نكون أكثر ارتباطًا بقوة عظمى عالمية لا تخشى بشكل واضح من عقوبة أي مشتر يخرج عن الخط؟.
يختتم الكاتب مقاله بالقول: "نحن نعيش في عالم غير مستقر وغير آمن بشكل متزايد، وإعادة السعودية إلى الحظيرة قد تجعلها أكثر أمانًا إلى هذا الحد، لأنه إذا لم نفعل ذلك، فليس هناك نقص في الدول التي يحتمل أن تكون معادية وتلك التي تريد أن تحل محلنا".
اقرأ أيضاً
بعد تعهدها بمليار جنيه للطاقة الخضراء.. عائلة المطلق السعودية تفتتح فرعا جديدا للفنار في بريطانيا
المصدر | جيريمي وارنر/ تيلغراف - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية المملكة المتحدة اليابان
إقرأ أيضاً:
السياحة السعودية وتغيير الانطباعات الدولية: حملة Visit Saudi
عند الحديث عن تأثير أي نشاط تنموي أو اقتصادي، غالبًا ما يواجه المسؤولون – ولا سيما التنفيذيين منهم – سؤالًا جوهريًا: متى يبدأ التأثير الحقيقي بالظهور؟ وهل ما نقدمه من تحليلات هو مجرد تنظير بعيد عن الواقع، أم أنه قراءة قابلة للتطبيق يمكن قياس أثرها؟ وعند تأمل المشهد السياحي السعودي وما يشهده من حراك متسارع، يتضح أن تغير الانطباعات الدولية بات أمرًا ملموسًا، حتى من خلال أدوات بسيطة؛ كفيديوهات الأجانب الذين يشاركون تجاربهم داخل المملكة، أو التقارير الصحفية العالمية التي تتناول التحولات السعودية من زاوية السياحة وتجربة الزائر.
هذا المدخل يقود إلى ضرورة توضيح جوهر التحول؛ فالسياحة في المملكة أصبحت ركيزة مركزية في رؤية السعودية 2030، لا باعتبارها قطاعًا اقتصاديًا واعدًا فحسب، بل بوصفها أداة استراتيجية لإعادة تشكيل صورة السعودية عالميًا. وقد عمد المخططون في هذا السياق إلى وضع القطاع السياحي في قلب التحول الوطني، مستندين إلى تنوع طبيعي وثقافي وتاريخي قادر على جذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، وهو ما تؤكده مؤشرات الأداء المرتبطة بالرؤية.
ومن منظور اتصالي، يتضح أن “صورة الوجهة السياحية” ترتبط ارتباطًا مباشرًا بما يراه السائح، ويسمعه، ويعيشه خلال وجوده في أي دولة. وتجمع الدراسات على أن الصورة السياحية تُبنى من مزيج من العناصر: المعالم، البنية التحتية، مستوى التفاعل الثقافي، وقيمة التجربة نفسها. وهذه العناصر مجتمعة تُسهم في تشكيل الانطباع العام لدى الزائر، وتحمل أثرًا مباشرًا على صورة الدولة خارجيًا.
في السعودية، اتسع نطاق القطاع ليشمل السياحة الثقافية، والترفيهية، والبيئية، وسياحة اليخوت الفاخرة، إلى جانب السياحة الدينية التي تظل ركنًا رئيسًا في سوق السفر العالمي. وتلعب الجهات الرسمية، وعلى رأسها الهيئة السعودية للسياحة، دورًا محوريًا في الاتصال المؤسسي الدولي عبر حملات العلامة التجارية “Visit Saudi” وبرامج الترويج المستهدفة، التي تبرز الثقافة السعودية وتراثها الغني وتجارب الزوار المختلفة. كما تعمل الهيئة على إشراك الشركاء الدوليين، تنظيم الفعاليات العالمية، والتعاون مع المؤسسات الإعلامية لتوصيل رسالة المملكة كوجهة عالمية متنوعة.
وخلال الفترة الماضية، حرصت على متابعة حملات العلامة التجارية “Visit Saudi” ورصد أدائها في مختلف الأسواق الدولية. وعلى الرغم من النجاحات الواسعة التي حققتها هذه الحملات بوصفها واجهة محورية لصورة السعودية السياحية عالميًا، فإن تطويرها يستدعي قراءة نقدية لبعض الجوانب التي يمكن تحويلها إلى عناصر قوة تعزز حضورها وتأثيرها.
ومن أبرز التحديات التي لاحظتها الحاجة إلى مزيد من التجانس في الرسائل البصرية والقصصية، ولا سيما في أسواق أمريكا الجنوبية والشرق الأقصى. فغياب هذا التجانس قد يؤدي إلى تفاوت الانطباعات بين جمهور وآخر. ويمكن تحويل هذا التحدي إلى فرصة عبر بناء هوية سردية موحدة تستند إلى القصص السعودية الأصيلة، مع القدرة على التكيّف مع خصوصيات كل سوق مستهدف.
كما أن الحملات – شأنها شأن العديد من الحملات الإعلامية العالمية – تعتمد في بعض الأحيان على محتوى دعائي مباشر دون إظهار كافٍ للتجارب الحقيقية للزوار، مما قد يحد من مستوى المصداقية. ويمكن تجاوز ذلك عبر تعزيز دور المحتوى التوليدي من المستخدمين (UGC)، وإبراز قصص الزوار الدوليين بوصفها شهادات حيّة داعمة للثقة، مع ضرورة تبني استراتيجية منظمة لدعم هذا النوع من المحتوى وجذب شرائح جديدة من الزوار المحتملين.
ويظهر كذلك جانب يحتاج إلى تطوير، ويتمثل في ضعف الربط بين الرسائل الاتصالية والقطاعات السياحية المتخصصة كالسياحة البيئية، وسياحة المغامرات، والتجارب الثقافية العميقة. ويمكن تحويل هذا الجانب إلى فرصة عبر تجزئة المحتوى وإطلاق حملات دقيقة تستند إلى البيانات السلوكية لكل فئة من السياح، إلى جانب الاستفادة من صناع المحتوى المحليين الذين يمتلكون فهمًا عميقًا لثقافتهم وقادرين على تقديمها بطريقة جاذبة للسياح.
أما التحدي المتعلق بالمنافسة الإقليمية القوية، فيمكن أيضًا تحويله إلى مساحة تميز من خلال إبراز الهوية السعودية المتفردة، وما تحمله من عمق ثقافي، وتنوع جغرافي، وضيافة أصيلة، وهي عناصر جوهرية يصعب تقليدها وتمنح المملكة ميزة تنافسية واضحة في سوق السياحة العالمي. وبهذه الخطوات، يمكن لحملات “Visit Saudi” الانتقال من الترويج التقليدي إلى اتصال مؤسسي دولي مؤثر يعزز مكانة المملكة عالميًا.
بقي القول، تمثل السياحة السعودية اليوم أكثر من مجرد قطاع اقتصادي؛ إنها أداة استراتيجية لإعادة تشكيل صورة المملكة عالميًا. ومع استمرار تطوير حملات “Visit Saudi” وتعزيز سرديتها وتخصيص محتواها، يمكن للسعودية ترسيخ حضورها كوجهة دولية أصيلة وحديثة في آن واحد. فالعالم يبحث عن تجارب جديدة، والمملكة تمتلك المقومات، والرؤية، والهوية القادرة على صناعة هذا التحول.
ـــ
أكاديمي ومتخصص في الاتصال المؤسسي
السياحة السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.