الإنسانية تفقد أخلاقها ..أطـــــــــــفال غـــــــــزة (الرضع) يتجمدون حتى الموت
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
الثورة / افتكار القاضي
ما أقسى الموت الذي يتسلل بردًا وصقيعًا ليخطف الأطفال الصغار والرضع بعد أن حول أجسادهم الهزيلة الشاحبة إلى قطع متجمدة، في ليل بارد من ليالي شتاء غزة، حيث الخيام لا تدفئ ولا تقي من نزلة البرد والصقيع الذي يتغلغل إلى العظام، وحيث الحياة مستحيلة العيش وسط كل ما يحدث، ولا شيء حتى الآن يغير الحال، ولا قوة تتحرك لوقف حرب الإبادة الوحشية، والحصار المطبق، ولا حيز للأمان في تلك البقعة الصغيرة التي حولها الاحتلال إلى مكان غير صالح للحياة.
ثلاثة أطفال رضع ماتوا خلال يوم واحد بسبب البرد الشديد وموجة الصقيع، حيث لم تحتمل أجسادهم الضعيفة والصغيرة برد الشتاء القاسي في خيمة تفقد كل مقومات العيش، ولا أغطية كافية، يتضورون جوعا، ولا احد يرحمهم، بعد أن فقدت الإنسانية أخلاقها وقيمها .
ما ذنبهم؟
أطفال رضع يتجمدون حتى الموت، وذنبهم أنهم ولدوا في غزة، التي تعيش كل فصول الدمار والخراب والإبادة، والوحشية والجنون، منذ ٤٤٨ يومًا، وأضحى ما تبقى من خيام النازحين مهترئة وممزقة، ومراكز الإيواء تحولت إلى أماكن موبوءة .
يموت الأطفال الرُضع في غزة بردًا، في صورة مفجعة يراها العالم ويتقبلها بكل برود ولا يحرك ساكنا، رغم أن المشهد يتمزق له كل قلب ينبض ..سيلا الفصيح، عائشة القصاص، وثلاثة آخرون من الأطفال الذين ماتوا، حيث تجمدت أجسادهم بردًا، وهم لايزالون في الأيام والأسابيع الأولى من العمر، ماتوا بسبب الصمت المخزي والعمى الذي أصاب ضمير العالم الذي تجرد من كل قيم الإنسانية، أمام الأهوال العظيمة التي تعيشها غزة .
لفظوا أنفاسهم بردا وجوعا
الطفلة سيلا محمود التي، تبلغ من العمر 3 أسابيع، تجمدت حتى الموت في مخيم النازحين بمنطقة المواصي في خان يونس جنوب قطاع غزة، أمام أعين والدتها ومن بقي من أسرتها دون أن يستطيعوا أن يعملوا لها شيئا يبقيها على قيد الحياة.
وأظهرت لقطات لـ«سي إن إن» من إحدى الساحات في المواصي جسد سيلا الصغير ملفوفاً بأكفان بيضاء، ووالدها محمود البالغ من العمر 31 عاماً، يحتضنها.
وقالت والدتها، ناريمان: «ماتت سيلا من البرد، كنت أقوم بتدفئتها واحتضانها، لكن لم تكن لدينا ملابس إضافية لتدفئتها».
وفي مستشفى ناصر في خان يونس، قال الدكتور أحمد الفرا – رئيس قسم طب الأطفال والتوليد في المستشفى إن طفلين آخرين توفيا خلال اليومين الماضيين – يبلغان من العمر ثلاثة أيام وشهر واحد – بسبب شدة البرد وعدم القدرة على الوصول إلى مأوى دافئ.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت الخميس الماضي وفاة 4 أطفال حديثي الولادة بسبب البرد وانخفاض درجات الحرارة.
وقال مدير وحدة حديثي الولادة في مجمع ناصر الطبي الدكتور عايد الفرا: إن هؤلاء الأطفال كانوا في غاية الهشاشة نظرا لولادتهم المبكرة، مما جعلهم عرضة بصفة خاصة لانخفاض درجات الحرارة.
نقص حاد في درجة الحرارة
وأضاف الفرا أن المستشفى يستقبل يوميا 5 إلى 6 حالات من انخفاض درجة حرارة الجسم لدى الأطفال حديثي الولادة تحتاج جميعها إلى تدخّل فوري.
وأمام هذه الفاجعة التي تضم إلى جملة المآسي والأهوال التي تعيشها غزة ..قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني: إن أطفال غزة يتجمدون حتى الموت بسبب البرد ونقص المأوى.
وأوضح لازاريني في تغريدة عبر حسابه بمنصة “إكس” أن الأغطية والإمدادات الشتوية، ظلت عالقة منذ أشهر في انتظار الموافقة على دخولها إلى غزة.
ودعا لازاريني إلى وقف فوري لإطلاق النار في القطاع، والسماح بدخول الإمدادات الأساسية المطلوبة بشدة، بما في ذلك الموجهة للاستجابة للحاجة التي يفرضها فصل الشتاء القاسي، وأوضح أن طفلاً واحداً في غزة يستشهد كل ساعة.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: حتى الموت من العمر
إقرأ أيضاً:
لا ملامح لهم.. أقرباء يروون تفاصيل استشهاد تسعة من أطفال طبيبين في غزة
يتساءل علي شقيق الطبيب حمدي النجار الذي استشهد تسعة من أبنائه في غارة إسرائيلية على بيت العائلة في خان يونس جنوب قطاع غزة ظهر الجمعة، "ماذا سأقول لأخي عندما يستيقظ؟ هل أستطيع أن أبلغك بأن أطفالك استشهدوا! لا أعلم كيف أقول له ذلك".
لم ينج من الغارة الجوية سوى حمدي وابنه آدم، بينما كانت زوجته آلاء وهي أيضا طبيبة، تمارس عملها في مستشفى ناصر في المدينة.
في خيمة العزاء، يقول علي النجار الأحد "ظهر الجمعة تم استهداف منزل أخي دون سابق إنذار في خان يونس… أسرعت للمكان مهرولا ووجدت البيت مثل البسكويت، كومة ركام وكان أخي وأطفاله تحت الركام".
ويضيف "وصل الدفاع المدني لإطفاء الحريق نتيجة استهداف المنزل فوجدوا جثة من الأطفال متفحمة وكانت متطايرة بالخارج"، ويتابع وهو يرتجف "وجدت أخي حمدي ملقى على الأرض ورأسه ينزف ويده مبتورة ومغطى بالركام، حاولت البحث عن الأطفال".
ويشرح الرجل "وجدت آدم وقد كان محروقا، أخذته بسيارتي وتوجهت به إلى المستشفى. والدفاع المدني انتشل أخي حمدي وتوجه به للمستشفى وكانت إصابته خطيرة جدا".
وأفاد أطباء أن عدة عمليات جراحية أجريت لحمدي في المستشفى الأردني الميداني، حيث تم استئصال جزء من الرئة اليمني بنسبة 60% وتزويده بـ17 وحدة دم.
إعلانأما الطفل آدم البالغ عشر سنوات بحسب مصدر طبي، فقد بترت يده ويعاني حروقا في أنحاء جسمه.
ويرقد الأب والابن في قسم العناية المكثّفة في مستشفى ناصر الذي يفتقد إلى أبسط مقومات العلاج، بحسب المدير العام لوزارة الصحة في غزة منير البُرش.
لا ملامح لهم
كانت الأم آلاء تتابع أطفالا مصابين وصلوا للتو إلى مستشفى ناصر، حين إنهال عليها نبأ تعرض منزلها لقصف إسرائيلي، فهرعت إليه من غير هدى وصدمت بانتشال جثث أطفالها المتفحمة من تحت الركام.
تروي سهر النجار لوكالة الصحافة الفرنسية أن شقيقتها آلاء بعد عملت بالقصف، "ذهبَت ركضا الى المنزل حتى وجدت المنزل دُمر بالكامل فوق رؤوس أطفالها وزوجها، المنزل تحول لكومة أحجار".
ويقول علي "وصلت زوجة أخي الدكتورة آلاء النجار ركضا فلم يكن هناك مواصلات، وتم استخراج الأطفال متفحمين، عندما رأت آلاء هذا المنظر أخذت بالصراخ والبكاء".
ويضيف أنها تعرفت إلى جثة ابنتها نيبال المتفحمة وأخذت تصرخ باسمها.
الموت أرحم من هذا العذاب
في خيمة ازدحمت بالمعزّين، جلست آلاء طبيبة الأطفال المعروفة في مدينتها وهي لا تزال تحت تأثير الصدمة الهائلة وتحيط بها نساء بدا عليهن الحزن الشديد، فيما تسمع أصوات انفجارات ناتجة عن القصف الإسرائيلي المتواصل.
تقول سهر التي ارتدت عباءة سوداء وهي تبكي "تسعة من الأولاد كانوا متفحمين محروقين والطفل العاشر ووالده في حالة حرجة".
وتتابع واصفة هول المشهد "لم أستطع أن أرى أطفال أختي في أكفان .. صدمة كبيرة، لم أتعرف لأي أحد فيهم، لا ملامح لهم من شدة الحروق، مأساة كبيرة".
ويؤكد محمد وهو من أقرباء آلاء أن "المصاب جلل، آلاء تعاني صدمة كبيرة، لها الله".
ويتساءل علي "ماذا سأقول لأخي عندما يستيقظ؟ هل أستطيع أن أبلغك أن أطفالك استشهدوا! لا أعلم كيف أقول له ذلك، أنا دفنتهم في قبرين".
إعلانويضيف "لا يوجد مكان آمن بغزة… الموت أرحم من هذا العذاب".