اندلعت مساء امس الجمعة معارك على نطاق واسع في السودان، شملت مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، وشهدت عمليات قصف جوي وأرضي سقط خلالها عدد من القتلى والجرحى، لم يتم حصرهم حتى كتابة هذا التقرير.

وامتدت الاشتباكات خارج العاصمة، حيث شهدت مدن الفاشر ونيالا في دارفور، والفولة وكادوقلي في كردفان، معارك عنيفة أدت إلى نزوح عشرات الآلاف إلى مناطق أقل خطورة.

وبعد مرور أكثر من 125 يوما من اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، تتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير في السودان مع ارتفاع أعداد القتلى إلى نحو 4500، والفارين من القتال إلى أكثر من 4 ملايين، بحسب أحدث بيانات صادرة عن الأمم المتحدة.

ويعاني العالقون في مناطق القتال، خصوصا أحياء أم درمان القديمة وشرق الخرطوم، انعداما تاما للمواد الغذائية، وصعوبات كبيرة في الوصول إلى المستشفيات، مع تزايد سقوط الضحايا المدنيين من جراء القصف المستمر اليي يطال الأحياء السكنية.

ورسمت 5 منظمات دولية ومحلية مختصة بالشأن الطبي، صورة قاتمة عن أوضاع القطاع الصحي في السودان، وسط مخاوف من انهيار كامل للنظام الصحي، مع تفشي الوبائيات وانعدام الأدوية والمعينات الطبية، وخروج أكثر من 70 بالمئة من المستشفيات عن الخدمة.

اللاجئون السودانيون في تشاد يعانون أوضاع إنسانية صعبة اللاجئون السودانيون في تشاد يعانون أوضاع إنسانية صعبة ووفقا للمعلومات وبيانات صادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" ونقابة أطباء السودان المركزية ورابطة الأطباء الاشتراكيين "راش" ووزارة الصحة السودانية، رصد تفش لإصابات بأمراض الملاريا والتايفويد والحصبة والدرن في عدد من مناطق البلاد.

ومع اتساع رقعة الحرب تتزايد المخاوف من حرب شاملة في البلاد، فبالإضافة إلى ولايات دارفور الخمس، دخلت مناطق جديدة في كردفان والنيل الأزرق والجزيرة دائرة القتال خلال اليومين الماضيين.

ويعتبر إقليم كردفان من أكثر المناطق التي تأثرت بالقتال، فمنذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب ظلت مدينة الأبيض، أكبر مدن الإقليم، تشهد معارك عنيفة، ولا تزال تشهد كرا وفرا وتبادلا في السيطرة بين الطرفين.

وشهدت الأيام الماضية اضطرابات كبيرة في عدد من مدن إقليم كردفان، خصوصا مدينتا النهود وكادوقلي.

وأشارت تقارير إلى استيلاء قوات الدعم السريع على رئاسة الشرطة ومعسكر الاحتياطي المركزي في ولاية غرب كردفان، بعد اشتباكات استمرت أكثر من ساعة، وحتى الآن لم يصدر أي بيان من الجيش أو الحكومة السودانية ينفي أو يؤكد تلك التقارير.

وفي الأثناء استمر القصف المدفعي من قبل الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، على مدينة كادقلي مما أحدث موجة هلع ونزوح وسط المواطنين.

وتدور شكوك كبيرة أيضا حول الوضع الميداني في ولاية النيل الأزرق، التي تشهد مناطقها الجنوبية معارك بين الجيش والحركة الشعبية بقيادة الحلو.

وفي تطور خطير، شهدت بعض المدن الواقعة في ولاية الجزيرة العديد من الهجمات المسلحة، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من المدنيين

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

غرامة إنتل تعود للواجهة.. فصل جديد في أطول معارك الاحتكار الأوروبية

بعد أكثر من 15 عامًا من الجدل القانوني، عادت قضية الاحتكار التي تلاحق شركة إنتل منذ عام 2009 إلى دائرة الضوء من جديد، بعدما أفادت وكالة رويترز بأن الشركة الأميركية العملاقة ستضطر لدفع غرامة كبيرة مرتبطة بممارسات منافية للمنافسة تعود إلى أوائل الألفية. 

وبرغم أن إنتل نجحت في تقليص جزء من المبلغ، فإن الحكم الأخير يؤكد أن الصراع القانوني بين الشركة والمفوضية الأوروبية لم ينتهِ بعد.

بداية القصة: سوق مشتعل وحرب معالجات

في عام 2009، كانت سوق الحوسبة المحمولة تمر بنمو سريع، وكانت أجهزة الكمبيوتر المحمولة الصغيرة، أو ما كان يُعرف حينها بـ"النتبوك"، تسيطر على اهتمام المستهلكين.

 وسط تلك المنافسة المحمومة بين الشركات المصنعة للمعالجات، اتهم الاتحاد الأوروبي شركة إنتل بارتكاب انتهاكات واضحة لقوانين مكافحة الاحتكار.

التحقيقات أثبتت في ذلك الوقت أن إنتل مارست ضغطًا غير قانوني على المصنعين، عبر خصومات سرية تهدف إلى تهميش منافستها الأبرز AMD. 

ولم تتوقف المخالفات عند هذا الحد؛ فقد قدمت الشركة مدفوعات مباشرة لشركات مثل إتش بي وأيسر ولينوفو بين عامي 2002 و2006 بهدف إبطاء أو إيقاف إنتاج أجهزة تعمل بمعالجات AMD، وهي ممارسات صُنفت ضمن "القيود الصريحة" التي تضرب المنافسة في صميمها.

غرامة أولى تُلغى.. وغرامة ثانية تصمد

عندما فرض الاتحاد الأوروبي الغرامة الأولى في 2009، بلغ حجمها 1.06 مليار يورو، وهي واحدة من أكبر الغرامات في تاريخ قضايا الاحتكار الأوروبية، لكن رحلة القضية داخل أروقة القضاء الأوروبي كانت طويلة ومعقدة. ففي عام 2017، طالبت أعلى محكمة أوروبية بإعادة تقييم القضية، معتبرة أن التحليل الاقتصادي للضرر الذي لحق بالمنافسين لم يكن كافيًا.

وفي تطور مهم عام 2022، ألغت ثاني أعلى محكمة في أوروبا الحكم المتعلق بالخصومات الخفية، وهو ما أيدته محكمة العدل الأوروبية العام الماضي، ليتم إسقاط هذه الغرامة الضخمة بالكامل.

لكن الغرامة الثانية المتعلقة بالقيود الصريحة كانت أكثر صلابة من الأولى. فقد ثبتت المحاكم الأوروبية هذا الجزء من القضية في عام 2023، ما دفع المفوضية إلى فرض غرامة جديدة قيمتها 376 مليون يورو. إنتل لم تستسلم وقدمت طعنًا جديدًا، لكنها لم تنجح سوى في تقليص المبلغ إلى 237 مليون يورو فقط.

لماذا استمرت القضية كل هذه السنوات؟

السبب بسيط ومعقد في آنٍ واحد: قضايا الاحتكار في أوروبا تخضع لمراجعات دقيقة للغاية، وتشمل تقييمات اقتصادية وتحقيقات فنية وشكاوى من المنافسين ومرافعات قانونية طويلة. كما أن الشركات العملاقة مثل إنتل تمتلك القدرة على الطعن في كل قرار تقريبًا، ما يطيل مدة النزاع لسنوات قد تمتد لأكثر من عقد كما يحدث الآن.

هذه القضية تحديدًا كانت فريدة بسبب طبيعتها، إذ تضمنت شقين مختلفين:
الأول يتعلق بمنح خصومات سرية للمصنعين بشرط عدم استخدام معالجات AMD، والثاني يتعلق بمدفوعات مباشرة لإيقاف خطوط كاملة من الأجهزة. الأول سقط لعدم كفاية الأدلة الاقتصادية، أما الثاني فظل قائمًا باعتباره ممارسة واضحة تخالف قوانين المنافسة.

بالرغم من أن الحكم الأخير يلزم إنتل بدفع غرامة جديدة، إلا أن الطريق لم يُغلق تمامًا. فلا تزال أمام الشركة والمفوضية الأوروبية فرصة للجوء إلى محكمة العدل الأوروبية، ولكن فقط للطعن في الجوانب القانونية، وليس في تقييم الوقائع نفسها.

بمعنى آخر، القضية تبدو وكأنها وصلت إلى محطتها قبل الأخيرة، لكنها ليست النهاية الكاملة بعد. فإنتل لم تحصل على البراءة الكاملة، والمفوضية لم تحقق انتصارًا مطلقًا. وبين هذا وذاك، تستمر واحدة من أطول معارك الاحتكار في تاريخ التكنولوجيا.

معركة تتجاوز الغرامات

هذه القضية ليست مجرد أرقام وغرامات، بل درس مهم في كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي مع عمالقة التكنولوجيا. فالاتحاد يسعى دائمًا إلى ضمان سوق تنافسية عادلة، خصوصًا في القطاعات التي تحدد مستقبل الاقتصاد الرقمي.

واليوم، ورغم مرور أكثر من 20 عامًا على بداية الأحداث، ما زالت آثار تلك الممارسات تُذكر الجميع بأن القرارات التي تتخذها الشركات الكبرى قد تظل تطاردها لعقود.

إنتل ربحت بعض الجولات وخسرت أخرى، والغرامة انخفضت لكنها لم تُلغَ. القضية التي بدأت بممارسات تعود إلى 2002 انتهت الآن بحكم جديد، ربما يكتب الفصل قبل الأخير في هذه الملحمة القانونية.

مقالات مشابهة

  •  أجواء الأبرد منذ شهور في مناطق عديدة من المملكة منتصف هذا الأسبوع (تفاصيل)
  • تصعيد ميداني في شمال كردفان وتوسع للجيش السوداني نحو الجنوب
  • ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في إندونيسيا إلى أكثر من ألف قتيل
  • مؤسسة بحثية: اليمن في المرتبة التاسعة في قائمة أكثر 10 مناطق للصراع حول العالم مرشحة لتكون الأكثر دموية خلال العام 2026
  • مسيّرات الموت فوق الأبيض: قتلى وجرحى وتصعيد خطير في كردفان
  • مصرع مواطن سوداني بنيران الدعم السريع في كردفان
  • غرامة إنتل تعود للواجهة.. فصل جديد في أطول معارك الاحتكار الأوروبية
  • الأمم المتحدة: المدنيين في دارفور وكردفان ما زالوا يواجهون عنفا متصاعدا وعشوائيا
  • جيش جنوب السودان يحمي حقل هجليج واشتباكات في كردفان
  • جنوب السودان يسيطر على حقل هجليج النفطي وسط تحشيدات عسكرية في كردفان