طه العامري
مليونيات أسبوعية متتالية تشهدها الساحات اليمنية في أكثر من 14 محافظة منذ بداية معركة طوفان الأقصى.. مليونيات تعكس حقيقة الموقف اليمني وتعبر عن رؤية صنعاء الاستراتيجية لمسار الصراع العربي _الصهيوني، وتجسد ثبات الموقف الأصيل الذي تقفه صنعاء إلى جانب القضية المركزية الأولى للأمة..
لم يقف موقف صنعاء في حدود المليونيات الأسبوعية التي تؤكد رؤية ومواقف الشعب اليمني من قضية فلسطين ومن مجمل قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وهي مواقف لا تحتاج لأدلة على صدقيتها ولا تستدعي شهادة إثبات النوايا، لأن مواقف صنعاء الثابتة والمبدئية تعبر عن نفسها ميدانيا، ليس من خلال الحشود المليونية فحسب بل ومن خلال خوض صنعاء معركة إسناد غزة وفلسطين ومحور المقاومة، بغض النظر عما طرأت من تداعيات مؤخرا طالت أطرافاً في المحور، وخاصة ما حدث في لبنان وسوريا من تداعيات ألقت بظلالها على أداء المحور، لكن صنعاء ظلت ثابتة على موقفها، مصرة على تأدية دورها القومي تجاه مناصرة شعبنا العربي في فلسطين، ومناصرة قضايا الأمة الوجودية، لأن ما يجري في فلسطين، وكما سبق وأكدنا سابقا في أكثر من تناوله، أن المخطط الصهيوني لن يقف عند نطاق فلسطين في ظل تنامي الصراع الدولي ووجود فراغ جيوسياسي عربي، أظهر عجز وخنوع الأنظمة العربية الرسمية لأعداء الأمة وانهماك الجماهير العربية في معترك الهم اليومي وتأمين ( رغيف الخبز) الذي أصبح بنظر الجماهير العربية غاية وهدفاً، إلا أن اليمن قيادة وشعبا تفرد بموقفه وشذ عن قاعدة الارتهان وتبنت صنعاء مواقف صادمة بالنسبة لأنظمة الارتهان والنخب العربية التي تتساقط تباعا في شباك الارتهان وخيانة الذات والهوية.
صنعاء ومنذ انطلاق معركة الطوفان، كان لها طوفانها البشري الأسبوعي وطوفانها العسكري، الذي يضرب عمق الكيان الصهيوني ويقطع الإمدادات البحرية لسفنه وسفن من يصطفون إلى جانبه داعمين لمجازره الوحشية بحق شعبنا العربي في فلسطين.
بيد أن العدوان الصهيوني الذي يحاول أن يخفت صوت اليمن ومواقفها الإسنادية، يندرج في سياق الأفعال الصهيونية الطائشة التي تعبر عن ضعف وهوان العدو وارتباكه بعد الارتباك الذي أصاب داعميه في تحالف ما يسمى حماية الملاحة في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن ومضيق باب المندب، الذي كرست صنعاء حضورها العسكري والجيوسياسي على مياهها متصدية لخطوط إمدادات العدو، وقد استطاعت صنعاء أن تشل حركة الموانئ الصهيونية وإرباك الاقتصاد الصهيوني، في سابقة غير معهودة لدى الصهاينة، ناهيكم عن ضربات الصواريخ الفرط صوتية والطيران المسيَّر التي تدك كيان العدو، وفيما استطاع العدو بطريقة أو بأخرى تحييد بعض أطراف محور المقاومة ليعوض هزائمه في قطاع غزة، فإنه أمام اليمن وجد نفسه أكثر عجزا وإخفاقا في التعبير عن انتصارات مزعومة، بعد أن أيقن العدو أن عقدة اليمن من الصعب تجاوزها، لعوامل ذاتية وموضوعية، منها ما يتصل بالجغرافية وتعقيداتها ومنها ما يتصل بكلفة المواجهة المباشرة مع صنعاء بالنسبة للعدو، ناهيكم عن إفلاس العدو استخباريا في اليمن واعتماده على معلومات تقدمها له أمريكا وبعض الأطراف العربية الرسمية والنخبوية العربية، غير أن يقظة، صنعاء كانت ولاتزال وسوف تستمر بإذن الله في حالة تطور وجاهزية ويقظة تسقط كل إمكانيات الاختراق، أضف لكل هذا أن تجارب صنعاء مع العدوان منذ عقد ونيف منحتها حصانة وقدرة على التعاطي مع هجمات الأعداء الذين فشلوا رغم تحالفهم الدولي بقيادة أمريكا وبريطانيا والعرب، وهذا ما دفع رئيس العصابة الصهيونية وأركان كيانه العنصري الاستيطاني إلى الحديث عن أهمية وجود تحالف دولي ضد صنعاء، وكأن التحالف الذي تقوده أمريكا وبريطانيا ودول الغرب والعرب لا يكفي ولم يبق ليلتحق بتحالفهم غير الهند والصين ودول جنوب آسيا..!
بل إن الكيان ذهب ولأول مرة إلى مجلس الأمن ليقدم شكوى ضد اليمن وقيادة صنعاء، وهي سابقة غير معهودة من قبل الكيان الذي أجبر تعبيرا عن عجزه وهزائمه أمام اليمن، وهو الذي عودنا أن يطبق قوانينه على طريقته، كما حدث مؤخرا في لبنان وسوريا وكما يحدث في فلسطين، متجاوزا في أفعاله الإجرامية كل القوانين والتشريعات الدولية، داعسا على كل أنظمة القانون الدولي، لكنه أمام اليمن اضطر للذهاب لمجلس الأمن شاكيا وباكيا وباحثا عن حل ينجيه من مواجهة اليمن التي تكلفه الكثير من القدرات المادية والمعنوية، ناهيكم عن أن اليمن تقف اليوم سدا منيعا أمام ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذي حلم به الكيان وأمريكا، غير أن اليمن ومن حيث لا يتوقعون تقف اليوم أمام هذا المخطط الصهيوني الأمريكي الذي أصبح تحقيقه هدفاً بعيد المنال..!
إن صنعاء تقف اليوم أمام قطار التغيير الصهيوني وأمام المخطط الأمريكي بكل ثبات وشموخ وكبرياء، ناسفة كل الأهداف الاستعمارية وبدون تطويع الموقف اليمني الذي يستحيل تطويعه فإن كل ما يحدث في المنطقة من قبل الصهاينة والأمريكان ليس أكثر من مشروع استئنزافي في لقدراتهم، لن يحصدوا منه سوى العار والهزيمة، إن صنعاء قادرة على مواجهة العدو ومنازلته وعلى مختلف المستويات الاقتصادية والعسكرية والأمنية والجيوسياسية، غير أن ثمة تداعيات إن حدثت فإنها كفيلة بتصعيد شرارة الصراع وتحويل المنطقة برمتها إلى أرض محروقة وصنعاء قادرة على تحقيق النصر إن تدخلت بعض الأطراف العربية بضغط أمريكي بريطاني غربي لصالح العدو، فإن صنعاء حينها سوف تتنفس الصعداء وستمنح شرعية مطلقة للدفاع عن سيادتها وقرارها ومواقفها الوطنية والقومية، لأن الفرصة تكون قد منحت لها في التعبير عن هذا الحق، حق الدفاع عن النفس والمتمثل في استهداف مصالح وقواعد أمريكا وبريطانيا والغرب الاستعماري في المنطقة وهي الأقرب والأسهل لصنعاء والأكثر فعالية وتأثيراً من المواجهة المباشرة مع العدو الذي تصطف لحمايته كل إمكانيات دول العالم والمنطقة..!
إن العربدة الصهيونية الحالية لا يمكن عزلها عن مواقف هذه الدول سواءً العربية منها أو الدولية التي تصطف إلى جانبه وتسخر كل قدراتها لحمايته في مواجهة أبناء فلسطين ومن يساعدهم، وما حدث في لبنان وسوريا هو فعل يندرج في تأمين أمن الكيان وحمايته واستهداف اليمن يأتي في هذا الإطار، غير أن لدى صنعاء الكثير من الأوراق الضاغطة التي يمكن استخدامها عند الضرورة، خاصة إذا تمادى الكيان الصهيوني بعدوانه واصطف آخرون في المنطقة إلى جانبه، وهذا ما سوف تكشف عنه تداعيات الأيام والأسابيع القادمة.. إن صنعاء ستقف إلى جانب فلسطين والأمة حتى النصر على الأعداء وإحباط مخططهم التآمري على القضية الفلسطينية والأمتين العربية والإسلامية.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی فلسطین إن صنعاء غیر أن
إقرأ أيضاً:
علي ناصر محمد يكشف: كيف أوقفت مكالمة هاتفية حرب 1972 بين شطري اليمن؟
استعاد علي ناصر محمد، رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الأسبق، تفاصيل حرب عام 1972 التي اندلعت بين جنوب وشمال اليمن حين كان رئيسًا للوزراء ووزيرًا للدفاع، قائلًا إن الجامعة العربية تدخلت عبر أمينها العام آنذاك محمود رياض، الذي أرسل وفدًا إلى صنعاء وعدن للوساطة، وبعد زيارة الوفد لصنعاء تلقى تأكيدًا منهم بأن الشمال مستعد لوقف الحرب إذا وافق الجنوب، وعند وصول الوفد إلى عدن في أكتوبر 1972، أعلن موافقته على وقف إطلاق النار.
وأضاف خلال لقاء مع الإعلامي سمير عمر، في برنامج «الجلسة سرية»، المذاع عبر قناة «القاهرة الإخبارية»: «طلبوا مني الاتصال برئيس وزراء صنعاء محسن العيني، فاتصلت ووصلوني بالرئاسة، قلت له إن وفد الجامعة يقول إنكم موافقون على وقف إطلاق النار، فإذا كنتم موافقين نحن موافقين من الغد، واقترحت أن يكون اللقاء في صنعاء أو عدن، سألتُهم إن كان الوفد سيغادر أم ينتظر فقالوا ينتظر، ثم عادوا بعد ساعة ليبلغونا بالموافقة، وأن اللقاء سيكون في القاهرة، أوقفنا الحرب بالتليفون.. كنا أصحاب قرار».
وتابع أن الحرب توقفت بالفعل، ثم سافرت الوفود إلى القاهرة حيث تم توقيع اتفاقية القاهرة، أول اتفاقية للوحدة بين الشطرين، لكن الاتفاق لم يلقَ قبولًا لدى بعض الأطراف، ما أدى إلى خلافات واستقالة محسن العيني، كما واجه هو نفسه معارضة من داخل الجنوب، وقال: «كان هناك من يهتف ضدي، والجماهير تحمل البنادق، ولهذا لم تتحقق الوحدة في 1972».
اقرأ أيضاًعلي ناصر رئيس اليمن الديمقراطية الشعبية الأسبق يكشف تفاصيل جديدة بـ«الجلسة سرية»
علي ناصر يكشف عن إهدار الفرص السياسية وتفاصيل إجبار «ربيع» على الاستقالة
رئيس الجمهورية اليمنية الأسبق يكشف تفاصيل وتداعيات اغتيال «الغشمي»