التيارات الإسلامية في اليمن وتحدي البقاء في بيئة مضطربة
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
تمر التيارات الإسلامية في اليمن بتحولات عميقة منذ اندلاع ثورة 2011، تضافرت عوامل محلية وإقليمية في تشكلها، سواء مؤسساتيا أو مجتمعيا أو سياسيا.
وتنقسم الخريطة على الأرض بين جماعة أنصار اللهّ الحوثيين في العاصمة صنعاء، و"المجلس الانتقالي الجنوبي" في عدن وبعض المحافظات الجنوبية، في حين تحتفظ الحكومة المعترف بها دوليا بوجود رمزي في عدن، مع قوات موالية لها في تعز ومأرب وشبوة وحضرموت، مع حضور متناثر للحركات الإسلامية بجميع تنوعاتها في أنحاء اليمن.
وللوقوف على الوضع الراهن للحركات الإسلامية الرئيسية في اليمن، يقدم الباحث في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر فوزي الغويدي ورقة بحثية نشرها مركز الجزيرة للدراسات بعنوان "التيارات الإسلامية في اليمن: تحدي البقاء في بيئة مضطربة"، حلل فيها التحولات الجوهرية التي طرأت على البنية التنظيمية للحركات الإسلامية وأطرها الفكرية وممارساتها السياسية خلال آخر 10 سنوات، باستثناء جماعة الحوثي، لاختلاف المرجعيات العقدية والفكرية وظروف النشأة والتكوين.
إخوان اليمن.. التجمع اليمني للإصلاحتعود جذور حزب التجمع اليمني للإصلاح إلى حركة الإخوان المسلمين، التي شهدت مرحلتين في اليمن، الأولى عندما تأسست النواة الأساسية في القاهرة على يد عبده محمد المخلافي عام 1963، والثانية عندما تأسس فرع التجمع اليمني للإصلاح في سبتمبر/أيلول 1990، بعد تحقيق الوحدة اليمنية، حينها حقق الحزب حضورا فعالا في البرلمان والحكومة.
إعلانوتمكن الحزب في فترة الانفتاح السياسي من إبراز رؤيته للعمل السياسي الجامع بين المرجعية الإسلامية ومفهوم الدولة المدنية. يقول محمد قحطان، وهو أحد قيادات الحزب، إن "ّالاعتقاد بالديمقراطية يعد مبدأ لا يمكن التنازل عليه"، مشيرا إلى أن الإصلاحيين يطمحون لإقامة دولة العدالة والمساواة.
وشهد الوضع التنظيمي والسياسي للتجمع اليمني للإصلاح تحولات عميقة بعد وصول الرئيس عبد ربه منصور هادي للسلطة في عام 2012، حينها حاول إعادة ترتيب علاقته مع النظام الجديد والانخراط الفاعل فيه، لكن سيطرة أنصار الله الحوثيين على العاصمة صنعاء في 2014 حال دون مواصلة الحزب نشاطه، لا سيما بعد اعتقال أكثر من 100 من قياداته.
وعاش الحزب مرحلة علاقات مضطربة مع القوى السياسية الأخرى في اليمن، سواء المختلفة عنه أو المشتركة معه في المرجعية ذاتها. فقد عرفت علاقاته مع المجلس الانتقالي الجنوبي فترة توتر هدأت بعد الجهود الدبلوماسية التي بذلها الحزب في الفترة من 2022 إلى 2024. وأما علاقاته مع "قوات المقاومة الوطنية" بقيادة طارق علي صالح، فقد شهدت تحولا ملحوظا في المسار والتوجهات، من التنافس الحاد إلى التقارب فالعلاقة التكاملية. وبالمجيء إلى علاقاته مع الجماعات الإسلامية الأخرى، فهي تتسم بالتنافسية الحادة في الأحوال العادية، لكن صعود الحوثيين إلى السلطة حوّلها إلى علاقة تعاونية تكاملية مرنة.
ويتأرجح مستقبل حزب الإصلاح في اليمن بين البقاء والتعافي، أو التراجع والانحسار، فتاريخ الحزب يظهر تمتعه بقدرة على التكيف مع المتغيرات، ومرونة مميزة بين الحركات الإخوانية الأخرى، لكنه في الوقت ذاته يشهد تراجعا متزايدا لدوره وتأثيره في المشهد السياسي اليمني، إلى جانب التحولات العميقة في المشهد السياسي اليمني جراء الحرب.
إعلان سلفية واحدة وعدة توجهاتتحول التيار السلفي في اليمن منذ مطلع الألفية الثالثة من العمل المؤسسي المنظم تحت قيادة مؤسسه مقبل بن هادي الوادعي، إلى التعددية التنظيمية والفكرية، سواء في الساحة السياسية أو في العمل المسلح.
وتنقسم السلفية في اليمن إلى عدة اتجاهات، أولها اتجاه السلفية العلمية الذي يمثله الوادعي، وهو اتجاه لا يتصادم مع السلطة ولا يقر بشرعيتها، والثاني هو الجامي أو المدخلي الذي يمثله الشيخ يحيى الحجوري، وأما الثالث فهو السروري نسبة إلى محمد بن سرور، في حين يضاف إلى هذه الاتجاهات السلفية الجهادية.
بدأت السلفية العلمية في اليمن مع "مركز دار الحديث في دماج"، الذي كان يركز على دراسة علوم الحديث والعقيدة واللغة العربية دون أي انخراط في العمل الحزبي والسياسي، وذلك بناء على قناعة مؤسسيه بأولوية الإصلاح العقدي والتربوي على العمل السياسي المباشر.
وانقسم التيار السلفي العلمي بعد سيطرة الحوثيين على المنطقة عام 2014 وتهجير نحو 15 ألفا من أتباع التيار السلفي، فآثر فريق منهم الالتزام بالحياد وتجنب المواجهة، في حين فضل آخرون الانخراط في التشكيلات العسكرية الجهادية.
أما الجماعات الجهادية التقليدية في اليمن فهي تتمثل في "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" و"تنظيم الدولة الإسلامية"، وهما تياران نشآ وسط ما تتسم به البيئة الأمنية اليمنية من الانقسامات السياسية والصراعات المسلحة. فظهور تنظيم القاعدة كان بناء على مجموعة تحالفات قبلية جعلته متجذرا في النسيج الاجتماعي اليمني، وأما تنظيم الدولة فقد بدأ بالطريقة ذاتها بوصفه منافسا أيديولوجيا وعملياتيا يحاول إيجاد موطئ قدم في الساحة اليمنية، مما خلق ديناميكية من التنافس والصراع بين التنظيمين.
ويبقى وسط هذين التيارين السلفيين، الجهادي والعلمي، تيار آخر يعرف بالحركي، أو السروري، وهو تيار سلفي علمي لكنه يؤمن بالتغيير والتنظّم في حركات سياسية أو مجتمعية متنوعة، على رأسها "جمعية الحكمة"، و"جمعية الإحسان"، و"حركة النهضة" وغيرها، وقد مثلت التغيرات السياسية التي شهدها اليمن منذ الوحدة وإعلان التعددية السياسية السبب الرئيسي وراء ظهور هذه المنظمات.
إعلانويبقى المشهد المستقبلي للتيارات الإسلامية في اليمن مشتتا بين العمل السياسي الذي يمثله حزب الإصلاح، ذو التماسك التنظيمي والقاعدة الاجتماعية الواسعة والقدرة على التكيف والبقاء، والسلفية المنظمة التي تملك رصيدا مؤسسيا وتنظيميا يمتد لعقود في المجالات الخيرية والإغاثية والتعليمية، إلى جانب السلفية الجامية/المدخلية التي تحتفظ بدورها العسكري والأمني وعلاقاتها الإقليمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات التجمع الیمنی للإصلاح الإسلامیة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
مجلس التعاون الخليجي يكشف عن تحركات سعودية وعمانية لإحياء العملية السياسية في اليمن ويشدد على انخراط الحوثيين .. عاجل
كشفت مجلس التعاون الخليجي عن تحركات سعوديه عمانية لإحياء العملية السياسية في اليمن وتواصل مع كافة الجهات والاطراف اليمنية، حيث رحب اليوم بيان مجلس التعاون الخليجي " باستمرار الجهود المخلصة التي تبذلها السعودية، وسلطنة عُمان، والاتصالات القائمة مع كافة الأطراف اليمنية، لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق حل سياسي شامل ومُستدام في اليمن، وأهمية انخراط الحوثيين بإيجابية مع الجهود الدولية والأممية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، والتعاطي بجدية مع مبادرات وجهود السلام لتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب اليمني.
كما شدد مجلس التعاون الخليجي، على ضرورة انخراط الحوثيين بإيجابية مع الجهود الدولية والأممية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، في الوقت الذي أدان استمرار التدخلات الأجنبية في الشؤون اليمنية وتهريب الأسلحة والخبراء إلى جماعة الحوثي.
جاء ذلك في بيان صادر عن إجتماع للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية دورته الرابعة والستين بعد المائة في دولة الكويت، برئاسة عبدالله علي عبدالله اليحيا وزير الخارجية الكويتي، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري.
وأدان بيان مجلس التعاون، استمرار التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية لليمن، وتهريب الخبراء العسكريين والأسلحة إلى جماعة الحوثي، في مخالفة صريحة لقرارات مجلس الأمن 2216 و2231 و2624، مجددا دعمه لكافة الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، بما يحقق الأمن والاستقرار لليمن والمنطقة.
وأكد المجلس الوزاري لمجلس التعاون في بيانه، على دعمه الكامل لمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد محمد العليمي، والكيانات المساندة له لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، والتوصل إلى حل سياسي شامل، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، بما يحفظ لليمن الشقيق سيادته ووحدته وسلامة أراضيه واستقلاله.
وجدد المجلس الوزاري دعمه لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن هانز جروندبرج، للتوصل إلى الحل السياسي الشامل وفقاً للمرجعيات الثلاث، مشيدا بتمسك الحكومة اليمنية بتجديد الهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة في اليمن.
كما رحب المجلس الوزاري بإعلان سلطنة عُمان، التوصل إلى وقف إطلاق النار في اليمن، بهدف حماية الملاحة والتجارة الدولية، مشددا على أهمية خفض التصعيد للمحافظة على أمن واستقرار المنطقة، واحترام حق الملاحة البحرية فيها، وفقاً لأحكام القانون الدولي، واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م