السباق السلطاني للفروسية.. السياق التاريخي واللحظة الإنسانية
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
إذا كانت كل المشاهد التي تصنعها عُمان مهيبة ومليئة بالدلالات الناطقة دون كلام فإن المهرجان السلطاني لسباقات الخيل الذي أقيم اليوم بمدينة العاديات وشرّفه المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- كان أحد ذروات المهابة العمانية التي تحتفي بجماليات التراث الإنساني، حيث تناغمت اللوحات الفنية التي قدمت في المهرجان بجمال الخيل وشموخها سواء وهي تعدو ضباحا نحو خط النهاية في سباق يعيد إلى الأذهان سباق الحياة مع الزمن أو وهي تختال بدلالها وجمالها في اللوحات الاستعراضية التي بدت تليق بالسلطان المعظم الذي شرّف المكان والمهرجان وأعطى للمناسبة هيبتها ودلالتها في الوجدان العمانية بشكل عام وفي الوجدان السلطاني بشكل خاص، وأكد على عنايته الشخصية بالفروسية باعتبارها رمزا متجذرا في الثقافة العمانية، وركنا من أركان الهوية الوطنية.
وقد نجح المهرجان السلطاني في رسم صورة باهرة استطاعت أن تصنع مهابة للحدث تليق براعي المناسبة ومكانته وتليق بتاريخ عُمان وتليق بمكانة الخيل في الوجدان الإنساني التي ارتبطت على الدوام بمفردات الجمال والقوة والعنفوان والشموخ والإرادة الحرة.
واحتلت الخيل في الأدب الإنساني مكانة مرموقة منذ الملحمات الإغريقية إلى الشعر العربي الذي احتفى بالخيل احتفاء لا يعادله احتفاء آخر حيث ارتبط حضورها بالقيم النبيلة كالشجاعة، والوفاء، والحرية.. وبكل ما يمكن أن يكون مصدر فخر للإنسان العربي.
ورغم الرمزية الكبرى للخيل في الثقافة العربية فإنها في الثقافة العمانية تتحوّل إلى ما يمكن أن نعتبره رمزا حضاريا مرتبطا ارتباطا وثيقا بمسيرة الإنسان وجزءا أساسيا من ملامح تاريخه.
واستطاع المهرجان السلطاني للفروسية اليوم أن يجسد كل هذه المفردات وأن يناغم بين كل هذه الفنون وما تحمله من دلالات تاريخية وثقافية الأمر الذي جعل المهرجان يوصف بالفخامة والثراء ويجعل المهرجان بين أكثر المهرجانات العالمية التي تعنى بالفروسية حضورا وتميزا. وهذا ليس جديدا على عُمان وليس جديدا على الجهة المنظمة له؛ فالأمر له سياقه التاريخي وله تراكمه المعرفي الراسخ. ويمكن أن نفهم تفضُّل حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم بحضوره الشخصي لرعاية المهرجان يأتي في سياق ترسيخ القيم الثقافية وإبراز الهوية العمانية بمختلف جوانبها، بما في ذلك تلك البطولات التي حققها العمانيون على ظهور الصافنات في مسيرتهم التاريخية.. وكم هو العالم في حاجة ماسّة، في غمرة طفرة الحياة المادية، أن يعود إلى مثل هذه القيم الأصيلة التي تعيد تكريس إنسانية الإنسان ونبله.. وليس في هذا أي عائق أمام حركة التقدم المجتمعي بل دليل توازن بين الأصالة والمعاصرة.
وإذا كان المهرجان قد أعاد توهج شعلة الإرث العماني المرتبط بالفروسية سباقا واستعراضات ومهارات وفنونا مغناة وحضورا شعريّا فإن مثل هذا الوهج سيبقى في ظل الاهتمام السامي نابضا بالحياة وملهما لأجيال عمانية صاعدة وقادرا على صناعة النموذج الحضاري الفريد الذي يمزج بين الماضي العريق والحاضر المزدهر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الثقافة
إقرأ أيضاً:
الفيصل الزبير يحصد المركز الثالث في حلبة زاندفورت الهولندية
"عُمان": صعد المتسابق الدولي الفيصل بن خالد الزبير مجددًا على منصات تتويج السباقات العالمية بعد تحقيق المركز الثالث في الجولة الثانية من سباقات السرعة (السبرينت) ضمن بطولة تحدي جي تي العالمية 2025 على حلبة زاندفورت الهولندية، وهي ثالث محطاته للموسم الحالي، حيث حل الفيصل في المركز الثالث في السباق الأول وفي المركز نفسه في السباق الثاني في فئة الكأس الذهبية مع زميله في فريق المنار للسباقات ينز كلينجمان، على متن سيارة بي أم دبليو "أم 4 جي تي 3 إيفو"، وبالتعاون الفني مع فريق (دبليو أر تي)، ليحصد الفريق مزيدًا من النقاط التي تسهم في المنافسة على الترتيب العام مع نهاية البطولة، وشهدت هذه الجولة مشاركة أكثر من 40 سيارة من مختلف المصانع، حملت معها الكثير من الإثارة والتحدي.
وكان الفريق قد تمكن من الحصول على كأس المركز الأول في فئة الكأس الذهبية في الجولة الماضية، التي أُقيمت على حلبة براندز هاتش البريطانية، وهو العربي الوحيد الموجود في هذه الفئة، ومع تلك النتائج الجيدة للفريق حل الفيصل وزميله ينز كلينجمان بالمركز الثاني في الترتيب العام لبطولة السائقين بفارق 23.5 نقطة عن تيري فيرميولن وكريس لولهام في الصدارة، وأيضًا بالمركز الثاني في ترتيب بطولة السائقين للسباقات القصيرة بفارق 18.5 نقطة عن فيرميولن ولولهام أيضًا، بينما حل الثنائي، مع بن تاك، بالمركز الثالث في ترتيب بطولة السائقين لسباقات التحمل بفارق 14 نقطة عن ثلاثي الصدارة: سيمون جويشه، وجايمس كيل، وآرتور روجييه، وجميعها في فئة الكأس الذهبية.
وبالنسبة لفريق المنار للسباقات من دبليو أر تي، فهو موجود في صدارة الترتيب فئة الكأس الذهبية لتحدي جي تي العالمي 2025، وبالمركز الثالث في ترتيب بطولة الفرق لسباقات التحمل لفئة الكأس الذهبية، بفارق 14 نقطة عن فريق "سي أس أيه للسباقات" الذي يتصدر الترتيب، وبالمركز الثاني في ترتيب بطولة الفرق للسباقات القصيرة في فئة الكأس الذهبية، بفارق 18.5 نقطة عن فريق إميل فري للسباقات في الصدارة، وتتجه الأنظار الآن إلى حلبة مونزا الإيطالية، التي تستضيف جولة سباقات التحمل المقبلة من تحدي جي تي العالمي 2025 من "أيه دبليو أس"، بين 30 مايو الجاري و1 يونيو القادم.
وكان فريق ساينتلوك للسباقات قد فاز بالسباق الأول على متن سيارة آودي، فيما تفوق فريق إميل فري للسباقات مع سيارة فيراري على فريق المنار للسباقات من فريق دبليو أر تي ليحقق المركز الثاني، وكان بإمكان كلينجمان تحقيق مركز الانطلاق الثالث في السباق الثاني يوم الأحد، إذ إن توقيته الأفضل كان 1:34.508 دقيقة، بينما حقق سائق فريق إميل فري للسباقات مع فيراري كريس لولهام قطب الانطلاق الأول.
وتمكن سائق فريق إميل فري للسباقات تيري فيرميولن من اجتياز خط النهاية بالمركز الأول ليفوز بالسباق الثاني، بينما أنهى فريق تريسور أتيمبتو آودي السباق بالمركز الثاني، وضمن الفيصل الزبير رفع علم سلطنة عُمان على منصة التتويج مع اجتياز خط النهاية بالمركز الثالث على متن سيارة بي أم دبليو، بفارق بسيط خلف سيارة آودي الخاصة بليوناردو مونشيني.
وكانت التجارب الحرة قد أُقيمت بشكل مثالي لفريق المنار للسباقات، الذي تصدر تلك الفترة، حيث أكمل الثنائي 50 لفة خلف مقود السيارة التي قام فريق دبليو أر تي بتجهيزها، مع تسجيل أفضل توقيت، وهو 1:34.232 دقيقة في اللفة 17، بينما كان المنافس الأقرب هو فريق تريسور أتيمبتو للسباقات على متن سيارة أودي "أر 8 أل أم أس جي تي 3"، وبتوقيت بلغ 1:34.550 دقيقة، وتصدر سائق فريق ساينتلوك للسباقات جيل ماجنوس الفترة التأهيلية الأولى، بتوقيت 1:33.033 دقيقة، بينما اكتفى فريق المنار للسباقات بالمركز الخامس وبتوقيت قدره 1:33.930 دقيقة، وهذا الأمر أدى إلى انطلاق الفريق من القسم الخلفي لفئة الكأس الذهبية في السباق الافتتاحي.
وكانت جولة زاندفورت مثالية لتسليط الضوء على قدرة فريق المنار للسباقات من فريق دبليو أر تي، مع سائقيه الفيصل الزبير وينز كلينجمان، على التمتع بثبات واستقرار في الأداء، بالترافق مع القدرة على الدفاع عن المراكز بنجاح، حيث يعكس ذلك التزام السائقين والفريق بالنجاح، مع السعي لتنمية الخبرة، والمحافظة على السرعة العالية، وتحقيق المزيد من النتائج القوية في الجولات المقبلة.
وبعد حصوله على المركز الثالث، قال المتسابق الدولي الفيصل الزبير: أنا سعيد بهذه النتيجة، إذ إن إنهاء السباقين بالمركز الثالث في مشاركتي الأولى في حلبة زاندفورت، إضافة إلى المشاركة مع الفريق الجديد وللمرة الأولى في بطولة السباقات القصيرة، تُعد جيدة، وهذا يضعنا في مركز جيد في الترتيب العام.
وأضاف: كانت المنافسة متقاربة لتحقيق المركز الثاني في السباق الأول، لكن في السباق الثاني، كان بإمكاننا تحقيق المركز الثالث بجدارة بعد منافسة شرسة ضد فريق ساينتلوك، ما جعل السباق ممتعًا جدًا.
وأشار قائلًا: الأولوية بالنسبة لنا كفريق هي الاستمرار بحصد نقاط جيدة في كل جولة، وبالتالي نحن نسير في الاتجاه الصحيح سعيًا لإنهاء الموسم بالمركز الأول في الترتيب العام للبطولة.