أهالي مخيم جنين يشتكون من عقوبات جماعية مع استمرار حملة السلطة الأمنية
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
هذا يوم مشمس في مخيم جنين (شمال الضفة الغربية) يستغلّه الأطفال للهو واللعب، حيث الشمس المصدر الوحيد المتوفر للحرارة هنا منذ أكثر من 30 يوماً.
مع اقتراب الغروب، كان الجو يزداد برودة والظلمة تمتد إلى داخل المنازل، فلا كهرباء في بيوت المخيم وشوارعه، ولا مصادر للإنارة، وحتى من يمتلك مولدات كهربائية منزلية لا يتمكن من تشغليها لعدم توفر الوقود.
وبحسب الأهالي، فإن قوات أمن السلطة الوطنية الفلسطينية أصدرت تعليمات لمحطات التعبئة في المنطقة بعدم تزويد مخيم جنين بأية كمية من الوقود.
وتقول رحيل حنون (22 عاماً) "الجو بارد جداً خاصة في الليل ومع ساعات الصباح الأولى. هذه الأيام مشمسة، لكن مع أي منخفض جوي سيكون الوضع كارثيا في المخيم، كيف يمكننا الاستمرار بالعيش بدون كهرباء ولا تدفئة؟".
عرض هذا المنشور على Instagramتمت مشاركة منشور بواسطة Shatha Hanaysha (@shathahanaysha)
شهر بدون كهرباءتقول المواطنة "اليوم ندخل في اليوم 33 لحصار المخيم، وخلال هذه الأيام وصلتنا الكهرباء لمدة ساعتين فقط، وذلك بعد تنسيق كبير لدخول الطواقم الفنية من أجل إصلاح المحوّلات المعطلة، بعدها قطعت مرة جديدة وعاد الظلام والبرد إلى البيوت".
إعلانويتهم أهالي المخيم أفراد أمن السلطة بإطلاق النار على المحولات الرئيسية المزودة للكهرباء، مما تسبب في احتراقها. ورغم محاولات شركة الكهرباء إصلاحها مرات عدة فإن حالات إطلاق النار عليها تكررت بشكل مستمر.
وبحسب "كهرباء جنين" فإنه خلال 14 ساعة تعرضت شبكة الكهرباء بالمخيم إلى 3 اعتداءات متتالية. وتقدر الشركة كلفة إصلاح أصغر المحولات الكهربائية هناك بنحو 70 ألف شيكل (قرابة 19 ألف دولار) بينما يوجد في المخيم ومحيطه قرابة 14 محولا تتعرض للاعتداءات وإطلاق النار خلال الحملة المستمرة.
بلا دراسةتدرس رحيل فصلها الأخير في الجامعة، لكنها منذ بدء الحصار الأمني الفلسطيني على المخيم لم تستطع اللحاق بمحاضراتها ومتابعة دروسها. وتقول إنها واحدة من مئات الطلاب في المدارس والجامعات الذين حكم عليهم بضياع فصل دراسي من دون ذنب، بسبب حصار المخيم.
وتضيف "الفصل الدراسي في مدارس محافظة جنين مستمر على حاله، ولا يعطله شيء، لكن طلاب المخيم فقدوا حقهم في الوصول إلى المدارس داخل وفي محيط المخيم. وإن كان باستطاعة طلاب المراحل المتقدمة تجاوز الوقت الضائع، فكيف يمكن لطلبة المرحلة التأسيسية تجاوزه".
ورغم اقتراب الفصل الدراسي الأول في المدارس الفلسطينية من نهايته وبدء الامتحانات الفصلية، فإن طلبة المخيم لن يستطيعوا تقديمها.
وفي حين أن بعض العائلات أرسلت أبناءها بالمرحلة الثانوية إلى أقربائهم في المدينة والقرى القريبة لمتابعة حصصهم وامتحاناتهم، إلا أن قرابة 1640 طالبا وطالبة -يدرسون في 4 مدارس داخل المخيم وحده- بات مصير سنتهم الدراسية مهددا بالضياع.
وقد اعتبر رولاند فريديتش مدير شؤون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) بالضفة الغربية، في تصريح نشره مع بداية حملة السلطة الأمنية في ديسمبر/كانون الأول الماضي أن "مخيم جنين يعيش حلقة مفرغة من العنف يجعله غير صالح للسكن أصلا، وأن أكثر القطاعات تضرراً هو التعليم حيث أغلقت المدارس وتعطلت العملية التعليمية مما يهدد مستقبل الطلبة في المنطقة".
إعلان تكدّس النفاياتفي شوارع المخيم المدمرة والمجرّفة أصلاً بفعل الاقتحامات الإسرائيلية السابقة، تكدست أكوام النفايات وأكياس القمامة، بعد منع مركبات نقلها من دخول المخيم، مما ينذر بوضع صحي خطر في التجمع ذي المساحة الصغيرة والذي يسكنه قرابة 14 ألف نسمة.
ويصف سكان المخيم ما يحدث بـ"العقوبات الجماعية" التي تفرضها عليهم السلطة الفلسطينية، في حين أن المطلوبين في حملتها الأمنية فئة محددة وصغيرة تسميهم "خارجين عن القانون".
وتعود رحيل لتقول "بهذه الطريقة نعتبر كلنا خارجين عن القانون، أنا وعائلتي وجيراني وكل نساء وأطفال ورجال المخيم، نُعاقب بالحصار والحرمان من مقومات الحياة الاساسية لأن الأمن الفلسطيني يلاحق مجموعة من الخارجين عن القانون كما يقولون، أين العدل في هذا الادعاء؟ وكيف نقتنع بهذه الرواية؟".
وتضيف "الكثير من المرضى لا يجدون العلاج، بعضهم يحتاج إلى أدوية بشكل مستمر أو نقل للمشافي، أو حتى أجهزة أكسجين وتنفس، عدا الأمان المنعدم في كل المخيم، فالاشتباكات لا تتوقف والرصاص يصل لكل زاوية".
وعلى مدى الأيام الماضية بدأت الروائح الكريهة تخرج من أكوام النفايات، بينما اشتكى عدد من أصحاب المحال التجارية -التي تبيع اللحوم والدواجن المجمدة- من تلفها بعد قطع الكهرباء، وصعوبة نقلها.
ويقول المواطن "ع ك" إنه يبيع الدواجن في دكانه الواقع بساحة المخيم "وبعد قطع الكهرباء فسدت كل البضاعة، الناس يتصلون بي بشكل مستمر لأن الرائحة في المحل قوية جداً، هذا وضع كارثي، البضائع المجمدة تلفت وستخرج منها الديدان إن لم استطع نقلها".
ومع بداية الأسبوع الحالي، خرجت دعوات من داخل المخيم وقرى غرب جنين لأصحاب الشاحنات للقيام بحملة تنظيف وإفراغ النفايات ونقلها من المخيم، لكن الحواجز الأمنية للسلطة الوطنية الموجودة على مداخل المخيم منعت المركبات والشاحنات من دخوله.
فاقم الحصار المفروض على مخيم جنين أزمة نقص المياه فيه، والتي لم تُحل أصلاً، بعد اقتحام قوات الاحتلال الأخير للمخيم قبل أكثر من شهرين.
إعلانويقول ابن المخيم محمد أبو كامل إن الطواقم الفنية كانت تعمل على إعادة خطوط المياه التي جرفها الاحتلال للمنازل هنا، لكن الحملة الأمنية للسلطة الفلسطينية أوقفت عملية إصلاحها. واليوم يقضي السكان أيامهم بانتظار خزانات المياه المتنقلة والتي لا يُسمح بدخولها إلا بعد عمليات تنسيق معقدة، ناهيك عن إصابة خزانات المياه الموجودة على أسطح المنازل بالرصاص خلال الاشتباكات المسلحة "وبصورة متعمدة أحيانا لإفراغها".
وفي الليل يجتمع شبان المخيم لإيقاد النار بين حارات المخيم الضيقة، ويقولون إنها الطريقة الوحيدة للتدفئة وإنارة الطرقات حيث يستأنس الأهالي بها أيضا، ويمضون وقتهم مجتمعين. لكن أصوات الرصاص المستمرة تقطع هدوء تلك الجلسات. وتقول سيدة مسنة "عليهم حل هذه الأزمة، لقد تعِبنا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات عن القانون مخیم جنین
إقرأ أيضاً:
واشنطن تفرض عقوبات على مسؤولين فلسطينيين
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم الخميس، فرض عقوبات على مسؤولين في السلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، بدعوى انتهاك التزامات السلام من خلال السعي لتدويل الصراع مع إسرائيل.
وقالت الوزارة، في بيان، إن "السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير انتهكتا التزاماتهما من خلال دعم إجراءات في المنظمات الدولية التي تتعارض مع قراري مجلس الأمن 242 و338، وعدم امتثالهما لالتزاماتهما بموجب قانون الامتثال لتعهدات منظمة التحرير لعام 1989، وقانون التزامات السلام في الشرق الأوسط لعام 2002″.
وتابعت الخارجية الأميركية أن الجهات التي فرضت عقوبات عليها "تسعى لتدويل الصراع مع إسرائيل عبر محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية"، واتهمتها بالاستمرار بدعم ما وصفته بالإرهاب، بما في ذلك التحريض على العنف وتمجيده في المناهج الدراسية، وتقديم مدفوعات ومزايا لمن وصفتهم بالإرهابيين الفلسطينيين وأُسَرهم، وفق تعبيراتها.
وأضاف البيان أن هذه الخطوة تمنع المستهدفين بالعقوبات من الحصول على تأشيرات سفر إلى الولايات المتحدة، وفقاً للمادة 604 (أ-1) من قانون التزامات السلام في الشرق الأوسط، دون تحديد هوية الأفراد.
واعتبرت أن "هذه الإجراءات تأتي في إطار المصالح الأمنية القومية الأميركية لمحاسبة السلطة ومنظمة التحرير على تقويض فرص السلام".
وتعليقا على البيان الأميركي، اعتبر مسؤول رفيع في منظمة التحرير الفلسطينية، الخميس، أن القرار الأميركي يمثل "دعما وانحيازا فاضحا للاحتلال الإسرائيلي" ولحرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة.
وقال عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة واصل أبو يوسف، إن "قرار الخارجية الأميركية يأتي في ظل شراكتها في حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة والمتواصلة منذ أكثر من 660 يوما"، واتهم الولايات المتحدة "بدعم جرائم إسرائيل ومستوطنيها".
إعلانوأضاف أن تلك العقوبات "تأتي لدعم الاحتلال وحرب الإبادة، ومحاولة لطمس القضية الفلسطينية بعد مؤتمر نيويورك، واعتزام مجموعة من الدول الاعتراف بفلسطين والتي باتت على سلم الأولويات الدولية".
وأشار إلى أن العقوبات تستهدف أيضا "محاولة ضرب التمثيل الفلسطيني"، مضيفا أن "القرار مجرد دعم للاحتلال ليس أكثر".
وفي المقابل، رحب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الخميس، بفرض واشنطن عقوبات على مسؤولين بالسلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير.
وشكر ساعر، في منشور عبر حسابه على منصة إكس، وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ووزارته على ما وصفه بوضوحهم الأخلاقي في فرض العقوبات.
وشدد ساعر على أن السلطة الفلسطينية يجب أن تدفع ثمنا لسياستها المستمرة، مشيرا إلى أن "هذه الخطوة من إدارة الرئيس دونالد ترامب تكشف الانحراف الأخلاقي لبعض الدول التي سارعت إلى الاعتراف بدولة فلسطينية افتراضية، بينما تغض الطرف عن دعم السلطة الفلسطينية للتحريض".
تأتي هذه العقوبات في وقت تعهدت فيه كندا وعدد متزايد من الدول الأوروبية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول المقبل، وسط تحذيرات من قادة عالميين من أن الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر يواجهون خطر المجاعة الجماعية نتيجة الحصار الإسرائيلي.
ورغم أن العديد من حلفاء واشنطن يتخذون خطوات لرفع مكانة المسؤولين الفلسطينيين في المجتمع الدولي، فإن الخطوة الأميركية تهدف إلى عزلهم.
ولم يتضح ما إذا كانت العقوبات ستمنع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو مسؤولين كبارا آخرين من السفر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أعلنت فرنسا أنها ستعترف خلالها بدولة فلسطينية. وقد سُمح في السابق لبعض القادة المعاقَبين بالسفر إلى الولايات المتحدة للمشاركة في الاجتماع الدولي.
وقال آرون ديفيد ميلر، الباحث البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والمستشار السابق لعدد من وزراء الخارجية الأميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري: "إنها خطوة استعراضية، لكن توقيتها ليس مصادفة".
من جهته، قال جوناثان بانيكوف، المسؤول السابق في أجهزة الاستخبارات الأميركية، ويعمل حاليا في "المجلس الأطلسي"، إن إجراءات وزارة الخارجية كانت بالتأكيد قيد الدراسة والتجهيز منذ فترة، لكن توقيت الإعلان عنها قد يكون مواتيا لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأضاف "قرار الإعلان عنها اليوم سيكون خبرا سارا لأكثر أعضاء حكومة نتنياهو تطرفا، لكنه يهدد بجعل التوصل إلى توافق بشأن إدارة مرحلة ما بعد الحرب في غزة أكثر صعوبة".