أستاذ اجتماع: «المواطنة الرقمية» أصبحت جزءًا من تربية الأطفال
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
أكدت الدكتورة أمل شمس، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن مفهوم «المواطنة الرقمية» أصبح جزءًا أساسيًا من التربية في العصر الحالي، حيث يتعين على الأفراد، بما فيهم الأطفال، أن يتعلموا حقوقهم وواجباتهم في العالم الرقمي، كما يتعلمون ذلك في حياتهم اليومية في العالم الواقعي.
وقالت أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، خلال حوار مع الإعلامية مروة شتلة، ببرنامج «البيت»، المذاع على قناة «الناس»، اليوم الثلاثاء: «المواطنة التقليدية تعني أنك مواطن في بلد معين، ولديك حقوق وواجبات ومسؤوليات، أما المواطنة الرقمية فهي نفس الشيء، ولكن في السياق الرقمي، حيث يكون لدينا حقوق وواجبات في عالم الإنترنت، مثل حماية الخصوصية والابتعاد عن السلوكيات السلبية على منصات التواصل الاجتماعي».
وأضافت أن الأطفال يحتاجون إلى تعليم هذه القيم الرقمية منذ الصغر، وبالتالي يجب أن نعلم الأطفال أن الأجهزة الرقمية التي يستخدمونها ليست جزءًا من عالمهم الحقيقي، بل هي جزء من عالم افتراضي يمكن أن يؤثر على حياتهم إذا لم يفهموا كيفية التعامل معها بشكل صحيح.
وأشارت إلى أن الأطفال قد يتعرضون للمقارنات الاجتماعية من خلال الصور والمحتويات التي يشاهدونها على الإنترنت، حيث قد يعتقدون أن تلك الصور تمثل الواقع بشكل كامل، مما قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية إذا لم يفهموا أن هذه الصور لا تعكس الصورة الشاملة للواقع.
كما تناولت قضية تأثير السوشيال ميديا على الأطفال، حيث قالت: «السوشيال ميديا قد تسرق وقت الأطفال وتدفعهم إلى السلبية، حيث يمضون وقتهم في مشاهدة الصور أو اللعب بالألعاب بدلاً من تطوير مهاراتهم الإبداعية والابتكارية، هذا يؤثر على تحصيلهم العلمي ويجعلهم غير قادرين على التفاعل بشكل إيجابي مع العالم من حولهم».
وأوضحت أن على الأمهات والآباء أن يكونوا حذرين في كيفية استخدام أطفالهم للتكنولوجيا، مشيرة إلى أنه يجب تعليمهم كيفية التعامل مع المحتوى الرقمي بشكل آمن ومسؤول، ويجب أن نعلمهم أن حقوقهم وواجباتهم في الفضاء الرقمي هي نفسها في العالم الحقيقي، وأنهم مسؤولون عن تصرفاتهم على الإنترنت مثلما هم مسؤولون عن تصرفاتهم في الحياة اليومية.
وأوضحت: «من خلال التربية الصحيحة، يجب أن نعلم أطفالنا احترام القانون، والحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا، وأن يكون لديهم شعور بالفخر تجاه مكانهم وبلدهم، حتى وإن تعرضوا لثقافات مختلفة من خلال الإنترنت».
وشددت على ضرورة أن يكون المنزل هو المكان الأول الذي يتعلم فيه الأطفال هذه القيم، وأن الأباء والأمهات لديهم دور كبير في تشكيل وعي أطفالهم بالمسؤولية والقدرة على التفاعل الإيجابي مع العالم الرقمي، مما يسهم في إعدادهم ليكونوا مواطنين رقميين مسؤولين.
اقرأ أيضاًافتتاح وحدتي «التغذية العلاجية» و«أورام الأطفال» بمستشفى جامعة أسيوط
مؤسسة آخيت الهولندية تدعم مستشفى «شفا الأطفال» بأجهزة طبية للأطفال ذوي الإعاقة
«محلل سياسي»: قطاع غزة أصبح أكثر مكان في العالم به أطفال مبتوري الأطراف وكل أسرة بها معاق «فيديو»
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: تربية الأطفال المواطنة الرقمية أستخدام الأطفال للتكنولوجيا وقت الأطفال فی العالم
إقرأ أيضاً:
لماذا أشعر بالحنين إلى عصر ما قبل الإنترنت رغم أنني لم أعشه؟
قبل أشهر انتشر على منصة «إكس» (تويتر سابقًا) مقطع فيديو لا أستطيع التوقف عن مشاهدته. المشهد يعود إلى عام 2003: فرقة موسيقية ستصبح لاحقًا معروفة باسم MGMT، تؤدي أغنيتها «Kids» أمام زملائهم في باحة ترابية بجامعة ويسليان في ولاية كونيتيكت الأمريكية. لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي قد وُجدت بعد. شيء ما في طريقة تصرف الناس، في حضورهم للمكان، في نظراتهم غير المصطنعة، يلمس وتراً داخلياً في قلبي ويملأني بشعور غريب من الحنين. لا أحد يبدو أنيقًا. الكاميرا تهتز أثناء محاولتها التقاط الجمهور بارتباكهم، بأكتافهم المنحنية وحركاتهم غير المتناغمة. وخلف عدسة هذا التسجيل لا يبدو أن أحدا كان يصور شيئا آخر.
كنت في الرابعة من عمري فقط حين تصوير ذلك الفيديو؛ فلماذا أشعر عند مشاهدته وكأنني فقدت عالما كاملا؟ استطلاع حديث يشير إلى أنني لست وحدي في هذا الشعور؛ فقرابة نصف الشباب يفضلون العيش في عالم بلا إنترنت. في الواقع؛ توقعت أن تكون النسبة أعلى. لا يعني ذلك أن جيلي يرغب فعلا في التراجع عن كل التحولات التي شهدتها العقود الأخيرة، لكن من الواضح أننا نشعر بأن هناك شيئا ما نفتقده، شيئا كان لدى الأجيال السابقة، ونعزو غيابه إلى الإنترنت، أو على الأقل إلى شكله الحالي الذي تهيمن عليه وسائل التواصل الاجتماعي.
ما الذي نظن أننا نفتقده؟ بالنسبة لي؛ أعتقد أن الناس في زمن ما قبل الإنترنت كانوا يتصرفون بطريقة أكثر أصالة وفرادة. لقد جعلتنا وسائل التواصل الاجتماعي أسرى دورات سريعة من الصيحات والموضات، ما خلق تشابها مخيفا في أنماطنا وسلوكياتنا: نشتري المنتجات ذاتها، نرتدي الملابس ذاتها، نتصرف بالطريقة ذاتها، نردد النكات ذاتها، وحتى «الغرابة» أو «التميّز» صارتا جزءا من موضة.
أتخيل أيضا أنه لو لم نكن معروضين أمام الآخرين طوال الوقت، لكانت صداقاتنا وعلاقاتنا أقل تسليعا. اليوم أصبح قضاء الوقت مع الأصدقاء مادة قابلة للتوثيق والنشر لجمهور مجهول الهوية.
أدرك أن هذه تصورات رومانسية إلى حد ما. وأنا مدركة أيضا لكل ما أستفيد منه من عصر الاتصال الرقمي. البحث في عدد قليل من الكتب والموسوعات للحصول على معلومة واحدة، أو النمو في منطقة نائية منعزلة عن العالم، لا بد أنه كان شعورا خانقا ومحبطا.
لكن ربما هذه «السلبيات» نفسها هي ما يتوق إليه الشباب اليوم. لدينا إحساس بأن الجهد العملي - الذي كان يُبذل في تكوين الصداقات، أو في اكتشاف الموسيقى الجيدة، أو في الانتماء إلى تيار ثقافي معين - كان يحمل قيمة فُقدت الآن. فالحياة اليوم تبدو أكثر سلاسة، أكثر كفاءة، وأكثر «تلوينًا» بتعبير الكاتب مايكل هاريس، الذي وصف هذا التحول بـ«فقدان النقص».
مؤخرا عرض عليّ مدير المكتب جهازا قديما كان هو وأصدقاؤه يستخدمونه لمتابعة مباريات كرة القدم: جهاز «سيفاكس» (Ceefax). كان يظهر لهم نتيجة المباراة عبر تغيّر رقم واحد على شاشة التلفاز. كانوا يقضون فترة ما بعد الظهر جالسين على الأريكة منتظرين تغيّر ذلك الرقم. شعرت بالغيرة منهم؛ لماذا؟ رغم أن التجربة الآن تحسنت بلا شك؛ فإنني مأخوذة بذلك الغموض: إذا لم يكونوا يشاهدون المباراة، ولا يقرأون تحديثاتها، فبماذا كانوا منشغلين؟ بمَ كانوا يملأون أفكارهم؟
الحقيقة أن الملل ذاته قد يكون هو الجواب، وهذه تجربة أصبحت نادرة في عصر الاتصال الدائم. على الأقل؛ لو شعروا بالملل كانوا سيضطرون إلى تحفيز أنفسهم من الداخل، لا من خلال شاشات خارجية. وقد لا يكون هذا ما حدث فعلا، لكن هذا الغموض بالذات هو ما يجعله مغريا ومؤثرا بالنسبة لي. يطاردني شعور بأن قضاء هذا الكم الهائل من الوقت على هواتفنا قد سرق منا شيئا إنسانيا وحيويا.
صحيح أن كل عصر كان يشهد نوبات من الذعر من التكنولوجيا الجديدة و«تهديدها للروح البشرية» ـ من الإذاعة إلى التلفاز، إلى الصحف، وصولا إلى الإنترنت ـ والحنين للماضي مشترك بين جميع الأجيال. لكني لا أظن أن أي جيل سابق احتقر عصره بهذا الشكل الجماعي، إلى حد الرغبة في محو السمة الأساسية لعصره. نحن نشعر بالحنين إلى عالم لا يمكن إعادته. كما قال دونالد ترامب ذات مرة: «الآن كل شيء على الكمبيوتر».
والأكثر سخرية أن هذا الحنين إلى زمن ما قبل الإنترنت تغذيه الإنترنت ذاتها؛ إنها الماكينة التي تُغذينا بلا توقف بمقاطع من الماضي، بلقطات لشباب عاشوا منذ عقود في عالم يبدو عفويًّا وغير مراقب.
وهكذا؛ فإن المحرك الأساسي لهذا الحنين هو الشيء ذاته الذي يتمنى نصفنا التخلّص منه رغم أنه مورد مذهل وفّر لنا إمكانية الوصول غير المسبوق إلى الموسيقى القديمة، والمعرفة، وأنماط حياة مختلفة، بل إن طبيعته نفسها ديمقراطية؛ فهو يتيح مساءلة الإعلام التقليدي حول القضايا العالمية، ويكسر القوالب الجاهزة.
إذا ما كان هذا الاستطلاع بمثابة جرس إنذار فماذا عسانا نفعل؟ رغم ما في الحنين من لذة؛ فإنني لا أعتقد أن الحل يكمن في اجترار الماضي بعين دامعة، ولا في تمجيد أصالة مزعومة لماض مثالي. «الأصالة» ـ في ظني ـ هي القدرة على الاختيار: أن تكون حرا في أن تشارك أو لا، أن تظهر أو تختفي، أن تتفاعل أو تنسحب ـ باختصار: الحرية.
فإذا لم يعد بالإمكان «إيقاف تشغيل» الإنترنت بالكامل؛ فإن كلمات فرقة MGMT قد تكون ملهمة: «اضبط نفسك، وخذ فقط ما تحتاجه منه».
إيزابيل بروكس كاتبة مستقلة
عن الجارديان
تمة الترجمة باستخدام الذكاء الاصطناعي