مقاطعة الثنائي.. بين الخطأ الدستوري وتسجيل الموقف سياسيا
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
بعد تحديد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام موعد الاستشارات النيابية غير الملزمة، التي سيجريها على مدى يومين متتالين، الأربعاء الخميس، في مبنى مجلس النواب، أعلن الثنائي الشيعي( حزب الله وحركة أمل) عدم مشاركتهما في هذه الاستشارات في خطوة وصفتها مصادر الثنائي بأنها لا تتعدى تسجيل الموقف، وأن هناك مشاورات جانبية من هذا الثنائي ستجري والرئيس المكلف بعيداً عن الاعلام من أجل البحث في التشكيلة الحكومية المرتقبة، مع الإشارة إلى ان الرئيس سلام أكد من قصر بعبدا بعد الاجتماع الثلاثي الذي جمعه ورئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه "ليس من أهل الإقصاء بل من أهل الوحدة ولا من أهل الإستبعاد بل من أهل الشراكة الوطنيّة، ويداه ممدودتان للجميع من أجل البدء بالإصلاح كي لا يشعر أي مواطن بالتهميش"، ويأتي هذا الموقف رداً على ما قاله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد من بعبدا الاثنين ومفاده أنه "مرة جديدة يكمن البعض من اجل الالغاء والإقصاء والآن نقول من حقنا ان نطالب بحكومة ميثاقية".
فماذا يقول الدستور حيال عدم مشاركة الثنائي الشيعي في الاستشارات النيابية غير الملزمة وعن احتمال عدم مشاركتهما في الحكومة ومنحها الثقة؟
الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك يقول لـ"لبنان 24"من الثابت والأكيد أن الميثاقية هي من المرتكزات الجوهرية للنظام اللبناني فالفقرة "ي" من "مقدمة الدستور نصت صراحة أن "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك" لكن الميثاقية لا يجب أن يصار إلى التذرع بها والاحتجاج بخرقها كل مرة أراد فريق محدد توجيه رسالة سياسية، فالميثاقية يجب احترامها لكن ليس باستطاعة أي فئة أن تتحجج بخرق الميثاقية إذا كان الهدف الحقيقي من هذا التحجج هو منع باقي المكونات من بناء الدولة وممارسة حقوقها، فالثنائي الشيعي صحيح أنه يمثل نيابياً الطائفة الشيعية لكن لا يمثل كامل الشيعة وانتشارهم فلدى الشيعة قامات وشخصيات تغني هذه الطائفة، وبالتالي يمكن تشكيل حكومة مع هؤلاء الشيعة لكن ليس بالامكان تشكيل حكومة من دون الشيعة بالكامل كون ذلك عندها يناقض العيش المشترك وأحكام الفقرة "ي" من مقدمة الدستور والمادة 95 منه والتي تنص" في المرحلة الانتقالية:أ - تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة· ب - تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها وفي ما يعادل الفئة الأولى فيها ،وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة·
أما بالنسبة إلى نيل الثقة، فالدستور، كما يقول مالك، لم ينص انه يجب أن تمنح الثقة من كافة الاطياف والاطراف انما نص انه يقتضي على الحكومة نيل الثقة من البرلمان لا غير لا سيما وان كل نائب يمثل الامة اللبنانية عملا من أحكام المادة 27 من الدستور والتي تشير إلى أن "عضو مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء ولا يجوز أن تربط وكالته بالنيابة بقيد أو شرط سواء من منتخبيه أو من قبل السلطة التي تعينه".وبالخلاصة فإن الميثاقية أساس وحق لكن استعمال هذا الحق في غير موقعه بغرض تعطيل المؤسسات والحؤؤل دون تشكيل الحكومة ونيلها الثقة، يتحول، بحسب مالك، إلى تعسف في استعمال هذا الحق وحاجزاً امام باقي المكونات في استعمال حقهم في السلطة والمشاركة.
وفي السياق نفسه يرى الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين أنه استنادا إلى الفقرة "ي" من مقدمة الدستور، والمادة 95 منه في المرحلة الانتقالية قبل الغاء الطائفية تمثل الطوائف بصورة عادلة في تأليف الوزارة، وعدالة تمثيل الطوائف في تشكيلة الحكومية لا تعني فقط بطبيعة الحال العدالة من حيث العدد إنما أيضاً من حيث القوة التمثيلية، وبالتالي يجب أن يحظى الوزير بتغطية برلمانية طائفية من الطائفة التي ينتمي إليها، ولكن إذا رفضت كتلة برلمانية ذات بعد طائفي المشاركة في الاستشارات فتتحمل هي بالذات المسؤولية، أما إذا رغبت بالمشاركة ولم يقدم لها عرض متوازن وعادل للمشاركة فساعتئذ، تكون الحكومة مصابة بعطب ميثاقي في تشكيلتها. ولذلك يعتقد يمين، أنه من الخطأ أن يقاطع الثنائي الشيعي الاستشارات النيابية غير الملزمة بل كان عليه المشاركة في هذه الاستشارات التي سيجريها الرئيس المكلف في إطار مساعيه لتأليف الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية وأن يرفع طلباته ورؤاه إلى الرئيس المكلف وإذا لاقى إجحافا في التشكيلة عندها يتخد القرار المناسب.
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الثنائی الشیعی الرئیس المکلف من أهل
إقرأ أيضاً:
لا ينسب لساكت قول.. علي جمعة يكشف عن أحد أصول الفقه الإسلامي
كشف الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن أصول من أصول الفقه الإسلامي والقضاء، وهو (لا ينسب لساكت قول).
وقال علي جمعة، في منشور له عن أحد أصول الفقه (لا ينسب لساكت قول) أنه كذلك من أصول العدالة والإنصاف، وهذا قول الإمام الشافعي بعد تأمل الشريعة من ناحية والحياة من ناحية أخرى.
وتابع علي جمعة: وللأسف فإن كثيرا من الناس خرجت عن هذه القاعدة فحادت عن مقتضى العدالة وأخذ الساكت بجريرة غيره، وطالبوا المفترى عليه أن يتكلم وإلا صح الافتراء وثبت الاتهام، ولابد أن نعود في تأصيل ثقافتنا إلى مقتضيات العدل قال تعالى : (إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
وأشار إلى أن الإنسان إما أن يصدر منه قول أو فعل يحكي عنه، أو لا يصدر عنه لا قول ولا فعل فينسب إليه، أما الحكاية عنه فتعتريها العوارض البشرية؛ ولذلك فقد تكون حقاً وقد تكون باطلة، فإذا كانت دقيقة وصادقة فلا إشكال. وعلى هذا تكون الشهادة لله قال تعالى : (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاًّ) وإقامة الشهادة تستلزم الصدق فيها ومحاولة عدم الوقوع في العوارض البشرية، والعوارض البشرية هي، السهو : وهو إذا ذَكّره أحد تذكر، والنسيان : وهو إذا ذكره أحد لا يتذكر. والغفلة : وهي حالة يخلط فيها الناقل بين الأحداث.
وأوضح أن الخطأ يتمثل في الفهم غير الصحيح للقول أو الفعل، وقد يأتي هذا الخطأ من التحمل، أو من الحمل، أو من الأداء، وأخطاء التحمل تتعلق بسماع جزء من الكلام، أو بالخطأ في دلالة الألفاظ على معانيها أو نحو ذلك.
وذكر علي جمعة، أن أخطاء الحمل تأتي من الجهل بالحقيقة والمجاز، أو بحمل المشترك على معنى غير مراد للمتكلم، أو عدم فهم النقل في اللغة، أو التفريق بين المترادفات، أو الجمع بين المتفرقات، أو نزع الكلام من سياقه وسباقه ولحاقه، أو الخطأ في التعميم وعدم مراعاة الشروط المقيدة للإطلاق، وأخطاء الأداء تتمثل في العبارة التي يؤديها الناقل حيث لا تكون منطبقة على ما تحمل أو ما يريد لعجز في القدرة اللغوية أو الاستهانة بها.