المفتي: غياب الدين يسبب سيولة أخلاقية وانتشار للفواحش
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن تحقيق المقاصد الشرعية للأمن المجتمعي للمجتمع، يتعلق بالأهداف التي أرادها الشارع الحكيم من هذه المقاصد الشرعية، ولعل من أبرزها ما يتعلق بتحقيق العبودية لله تبارك وتعالى، ثم مراعاة أحوال العباد، ثم تحقيق الصالح للناس في الأولى والآخرة.
وقال مفتي الديار المصرية، خلال حوار مع الدكتور عاصم عبد القادر، ببرنامج "مع المفتي"، المذاع على قناة الناس اليوم الجمعة: "الإمام الشاطبي وهو يتحدث عن قضية الأمن المجتمعي عندما يتوقف أمام العلاقة بين هذه المقاصد وما يمكن أن تحدثه في الواقع سلبًا أو إيجابًا، فيتحدث مثلًا عن الدين إذا غاب، فماذا يحدث إذا لم يوجد هناك من يبحث عن ثواب أو لا فائدة من الثواب المنتظر أو الأجر المنتظر؟ وإذا لم يكن هناك غاية، وإذا غابت النفس، فما داعي للتدين؟ وإذا غاب العقل، فلا يوجد أصلاً سبيل للتكليف، وإذا غاب النسل، فما بقي للنوع الإنساني؟ وإذا غاب المال، فتنعدم كل هذه الأمور".
وأوضح: "أمام هذه الأقوال التي تحكي لنا العلاقة القوية بين الدين والمكلف وبين النفس والعقل والنسل والمال بهذه الصورة التكميلية، وكأنك أمام سلسلة منتظمة من الحلقات، لابد أن نتوقف أمام قضية المقاصد الشرعية والأمن القومي. الدين له مزايا كبيرة، إذ أنه وحي إلهي يعصم الإنسان من الانحراف ويدفعه إلى الالتزام بالفضائل والخيرات ويجنبه الشرور وفعل ما يغضب الله، وإذا غاب الدين، قد يتم الاعتداء على النفس الإنسانية، قد يتجاوز حد التكليف الشرعي بتعطيل هذه النعمة، قد يُنتهك العرض أو يُسلب المال، وبالنظر إلى الواقع الذي نعيشه كم من المحرمات ارتُكِبت باسم الدين عندما تم تحميل هذا الدين أو قراءة نصوصه بعيدًا عن منهجيته وبعيدًا عن مراد الله، فصدرت أحكام جائرة تقوم على القسوة والعنف والاضطراب، بل وأحكام أخرى مقابلة تقوم على التمييع والتجرد والتحرر.
وتابع: "هذه السيولة الأخلاقية فيما يسمى بالمثلية وفيما يسمى بالإلحاد وفيما يسمى بالحرية المنفلتة أو اللامنضبطة، لا يمكن القول إنها وجدت هكذا، بل وجدت نتيجة غياب هذا الجانب المهم: عدم مراعاة الواقع وعدم مراعاة مقصد الشارع الحكيم من هذه المقاصد التي شرعها، وقل مثل ذلك: كم من الأنفس قُتلت بدون وجه حق، تم سلبها أو العمل على إزهاقها، سواء تنفيذاً لرؤية معينة أو لخلاف شخصي بسيط، وهذا يتم بسبب انعدام الباعث الديني أو الضابط الديني الذي يجعل الإنسان، مع غيابه، يستبيح الأخضر واليابس".
وأضاف مفتي الديار المصرية: ثم هذه الأعراض التي انتهكت برضا أو بدون رضا، ما مرض ذلك إلا لأن الفاعل خلا قلبه من التجرؤ على دين الله تبارك وتعالى، وقل مثل ذلك في بقية الأمور، إن المقاصد الشرعية يمكن أن أقول عنها بأنها الضابط أو الباعث الذي يمكن أن يهيج النفس على مراعاة الحدود الشرعية والضوابط الأخلاقية والقوانين الإنسانية.
وذكر المفتي أن غياب الضوابط الشرعية عن واقع المجتمع يجعل الأفراد عرضة للتعدي على حقوق الآخرين، مؤكدا أن المقاصد الشرعية تضمن للإنسان أمنه واستقراره، وهي الضمان الأساسي لسلامة المجتمع من الانزلاق إلى الفوضى والاضطراب.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مفتي الديار المصرية الدكتور نظير عياد المقاصد الشرعیة
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: 5 مقاصد و3 مصالح لتحديد الحكم الصحيح في الفتوى
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الإفتاء ليس مجرد رأي يُقال، بل هو علم متراكم عبر الأجيال منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يدرسه المتخصصون بدقة وفهم واسع للقرآن والسنة والتفسير والحديث واللغة، إضافة إلى إدراك أحوال المستفتي والمفتي والفتوى ذاتها.
الشيخ خالد الجندي: 5 قواعد أساسية لإصدار الفتوىوأوضح الشيخ خالد الجندي، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن المفتي حين يتلقى السؤال، يعرضه أولًا على خمس قواعد أساسية تُعرف بـ"المقاصد الشرعية"، وهي: حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال، وحفظ النفس، مؤكدًا أن هذه المقاصد بمثابة دستور لا يجوز المساس بها أو الإضرار بها.
وتابع الشيخ خالد الجندي "بعد النظر في المقاصد، ينتقل المفتي إلى تقييم المسألة من خلال ما يُعرف بـ"المصالح"، وهي ثلاثة أنواع: مصالح ضرورية، وحاجية، وتحسينية، وتختلف حسب ظروف السائل".
وأشار الشيخ خالد الجندي إلى أن اختلاف الأشخاص يؤدي إلى اختلاف الحكم، ضاربًا مثالًا بثلاثة سائلين يطلبون قرضًا لأسباب مختلفة: أحدهم لعلاج ابنته المريضة (مصلحة ضرورية)، والثاني لتحديث سيارته (مصلحة تحسينية)، والثالث لشراء شقة أوسع (مصلحة حاجية)، لافتًا إلى أن "الحكم لا يمكن أن يكون واحدًا للجميع".
وأكد الشيخ خالد الجندي على أن المفتي يُجري خمسة عشر تصورًا ذهنيًا في كل فتوى (نتيجة المزج بين المقاصد الخمسة والمصالح الثلاثة)، يتم هذا التقدير في لحظة خاطفة، بفضل التدريب والعلم، تمامًا كما يتخذ الطبيب قراره في جزء من الثانية.
هل تفسير الأحلام علم شرعي؟قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن العلوم الشرعية لا تُعد علمًا شرعيًا معتبرًا إلا إذا توفرت فيها "المبادئ العشرة"، وهي القواعد التي وضعها الإمام محمد بن علي الصبان الشافعي، المتوفى سنة 1206 هـ، مؤكدًا أن هذه المبادئ تحدد ما إذا كان الأمر يُعد علمًا يُؤخذ به أو لا.
وأوضح الشيخ خالد الجندي، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأحد، أن من بين هذه المبادئ الحد، والموضوع، والثمرة، وفضله، ونسبته، والواضع، واسم الاستمداد، وحكم الشارع، ومسائله، وبعضها بالبعض يُكتفى.
وأشار الشيخ خالد الجندي إلى أن تفسير المنامات، على سبيل المثال، لا يُعد علمًا شرعيًا لأنه لا يملك هذه الأركان أو المبادئ، قائلًا: "أي حد يقولك ده علم، قوله: ما عندوش المبادئ العشرة، يبقى مش علم بالمعنى الشرعي".