الرؤية- ريم الحامدية

انطلقت فعاليات مهرجان ليالي مسقط هذا العام لتقدم لوحة ثقافية متكاملة تسلط الضوء على جماليات الفنون الشعبية العمانية، والتي تمثل جزءا لا يتجزأ من تراث البلاد وهويتها الثقافية.

وشهد المهرجان الذي يحتضن عروضا مميزة لفرق الفنون الشعبية المحلية حضورا جماهيريا واسعا، حيث امتلأت الساحات والمواقع المخصصة للفعاليات بالزوار الذين توافدوا للاستمتاع بالعروض الموسيقية والرقصات التقليدية التي تنقل عبق الماضي بروح عصرية.

تنوع في العروض وحضور لافت

وتتسم الفنون الشعبية العمانية بتنوعها الكبير الذي يعكس ثراء التراث الثقافي في السلطنة، حيث تختلف الألوان الفنية والإيقاعات من محافظة إلى أخرى، مما يجعل كل عرض بمثابة رحلة فريدة إلى جزء مُعين من عُمان.

وفي مهرجان ليالي مسقط، تألقت الفرق الشعبية بتقديم فنون كالرزحة، والعيالة، والبرعة، التي نالت إعجاب الجمهور، كما أبدعت الفرق في إظهار الأزياء التقليدية والمعدات المستخدمة في الأداء، مثل الطبول والدفوف، ما أضفى جوا من الأصالة والتميز على العروض.

تراث غني يعكس الهوية الوطنية

وتعتبر الفنون الشعبية جزءا أساسيا من الثقافة العمانية، فهي تعكس الحياة اليومية للإنسان العماني وارتباطه ببيئته ومجتمعه سواء في المناسبات الاجتماعية أو الاحتفالات الوطنية، حيث تعد الفنون الشعبية بمثابة لغة مشتركة تجمع بين مختلف شرائح المجتمع.

وتشكل المهرجانات الثقافية مثل ليالي مسقط منصة حيوية للحفاظ على الفنون الشعبية ونقلها للأجيال القادمة، وقد أكد عدد من الزوار أنَّ مثل هذه الفعاليات تسهم في تعزيز التفاهم الثقافي وتعريف الزوار من مختلف الجنسيات بجماليات التراث العماني.

ويؤكد مهرجان ليالي مسقط من جديد أنَّ الفنون الشعبية ليست مجرد إرث ثقافي، بل هي جسر يصل بين الماضي والحاضر، ويجمع الناس حول قيم وتقاليد تعزز الانتماء والهوية الوطنية، مع استمرار مثل هذه الفعاليات، يبقى التراث العماني نابضاً بالحياة، قادراً على التكيف مع العصر مع الاحتفاظ بجوهره وأصالته.

وأبدى الحضور إعجابهم بالتنظيم العالي للمهرجان وتنوع الفقرات المقدمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أعرب أحمد الشعيلي أحد زوار المهرجان  عن فخره برؤية الفنون الشعبية تُعرض بهذه الاحترافية، قائلاً: "الفنون الشعبية ليست مجرد ترفيه، بل هي رسالة من الماضي تحكي قصص الأجداد وتنقل عاداتهم وتقاليدهم للأجيال الجديدة، والمهرجان أتاح لنا فرصة التعرف على تراثنا بطريقة ممتعة ومليئة بالحياة".

وأوضح أحد العارضين في المهرجان، أن المشاركة في مثل هذه الفعاليات فرصة ثمينة لتسليط الضوء على أهمية التراث الثقافي العماني، مشيراً إلى أن الجمهور أصبح أكثر اهتماماً بالفنون الشعبية والتعرف على معانيها ودلالاتها. وبيّن: "نحن كأفراد فرق الفنون الشعبية نشعر بمسؤولية كبيرة تجاه الحفاظ على هذه الفنون وتقديمها بأفضل صورة، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الفنون التقليدية مع تطور الحياة العصرية".

ووسط الأجواء التفاعلية في المهرجان، أتيحت للزوار فرصة المشاركة في بعض العروض وتجربة العزف على الأدوات الموسيقية التقليدية، وهذه التجربة جعلت الزائرين يشعرون بالقرب من التراث ويعيشون لحظات من الانسجام مع الفن الأصيل.

ويستمر مهرجان ليالي مسقط حتى الأول من فبراير 2025، مما يمنح الزوار فرصة لزيارة حديقة الزهور والاستمتاع بأجوائها الفريدة، كما أنه من المتوقع أن يشهد المهرجان مزيدًا من الإقبال خلال الأيام القادمة، مع استمرار الفعاليات والعروض الفنية المصاحبة، حيث استقبل مهرجان ليالي مسقط ما يقارب مليون زائر من مختلف الأعمار والجنسيات الذين توافدوا للاستمتاع بفعالياته المتنوعة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حكايات من مآسي الجوع والنزوح في خان يونس جنوب قطاع غزة

غزة- تُمسك النازحة آمنة الصرفندي بهاتف محمول في يديها، وتشير إلى صورة يعود تاريخها لبضعة أيام سبقت اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتختصر من خلال ملامحها التي تبدلت كليا وجسدها الهزيل، أثر النزوح والجوع عليها.

وعلى كرسي بلاستيكي صغير داخل صف مدرسي تقيم فيه وعائلتها (9 أفراد)، جلست الصرفندي (62 عاما)، وروت للجزيرة نت بقهر شديد كيف بدّلت الحرب أحوالها. وتقول "مات زوجي، ومنذ إجبارنا على مغادرة مدينة رفح، نزحنا 5 مرات. نهرب من مكان إلى آخر بحثا عن الأمان والطعام، ولا نجدهما".

على إثر العملية العسكرية الواسعة في رفح التي بدأت في 6 مايو/أيار من العام الماضي، نزحت الصرفندي مع أهالي المدينة والنازحين فيها، وقد سوّت قوات الاحتلال منزلها في "مخيم يبنا" المحاذي للحدود مع مصر، بالأرض، كما هو حال أغلبية المنازل في هذه المدينة الصغيرة.

النازحة آمنة الصرفندي خسرت 26 كيلوغراما من وزنها وتغيرت ملامحها وفتكت بها الأمراض (الجزيرة) حياة بائسة

عايشت الصرفندي الكثير من الأحداث خلال 6 عقود مضت من حياتها، غير أنها تحسم بأنه "لم يمر بنا أسوأ من هذه الحرب"، ومن بين شهورها الطويلة تقول إن "الأيام الحالية هي الأكثر قسوة ومرارة، ولا نعرف من أين سيأتينا الموت، بالجوع أو بصاروخ وقذيفة".

حال هذه المرأة ينسحب على زهاء مليونين و200 ألف فلسطيني، يعصف بهم الجوع نتيجة الحصار المشدد وإغلاق الاحتلال المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية منذ 2 مارس/آذار الماضي، وتبع ذلك استئنافه للحرب في 18 من الشهر ذاته، على نحو أشد فتكا وعنفا.

إعلان

وأدخل الاحتلال، مساء أمس الأربعاء، نحو 90 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية، هي الأولى منذ أكثر من شهرين، وتقول هيئات محلية ودولية إنها لا تفي باحتياجات السكان الهائلة.

"والله لو كان بيد إسرائيل لقطعت عنا الهواء"، تضيف الصرفندي التي انخفض وزنها من 76 إلى 50 كيلوغراما وباتت لا تقوى على الحركة والمشي إلا بالاتكاء على عكاز.

وهي تعاني من مرض الضغط، وقبل بضعة أيام سقطت على الأرض وخارت قواها وأصيبت بشرخ في قدمها، من قلة الطعام. ولم تكن قد تناولت في ذلك اليوم سوى بضع معالق صغيرة من الأرز، حصلت على صحن صغير منه من تكية خيرية، تناولته مع عائلتها الكبيرة ولم يشبع منه أحد.

وحتى هذه التكية أغلقت أبوابها منذ يومين لعدم توفر المواد الغذائية، وللسبب ذاته اضطرت الكثير من التكايا إلى الإغلاق على مستوى القطاع في الآونة الأخيرة.

أمنيات البسطاء

هذه التكية كانت بالنسبة للصرفندي وعائلتها، وأُسر كثيرة نازحة، الملاذ الوحيد للحصول على وجبة طعام، في ظل توقف الهيئات المحلية والدولية عن توزيع المساعدات الإنسانية، والارتفاع الهائل في أسعار الخضراوات والمواد الغذائية الشحيحة في الأسواق.

لا يتوفر الطحين لدى عائلة الصرفندي منذ أسابيع، واضطرت إلى صناعة الخبز باستخدام العدس والمعكرونة حتى نفدت ولم تعد تعلم كيف تتدبر شؤونها. وتتساءل المرأة الأرملة بحرقة والدموع تحتبس في مقلتيها "من وين نجيب 100 شيكل (نحو 28 دولارا) ثمن كيلو الطحين؟".

ويصنع كيلو الطحين نحو 10 أرغفة من الخبز، بالكاد تكفي وجبة واحدة لأسرتها، وكان سعره قبل تشديد الحصار لا يزيد عن 3 شواكل (أقل من دولار).

ونظرت الصرفندي نحو زاوية الغرفة وأشارت إلى قاعدة حديدية صغيرة وآثار رماد ونار، وإلى جانبها أواني قديمة وبضع أكواب زجاحية، وقالت "حتى كاسة الشاي بطلنا قادرين نعملها ونشربها، ومين بيقدر يشتري كيلو السكر بـ120 شيكل (نحو 33 دولارا)".

إعلان

وتراكمت الديون على هذه النازحة التي اضطرت لشراء دواء والقليل من الطعام، وتخشى أن تموت قبل أن تتمكن من سدادها، ووضعت رأسها بين كفيها وهي تتمتم بصوت منخفض "هذه ليست حياة.. والله الموت أرحم لنا من هذه العيشة".

النازح باسل البريم لا يجد طعاما مناسبا لطفله حمزة المصاب بإعاقة ذهنية (الجزيرة) نازحون بالشوارع

وفي الشارع الملاصق لجدار المدرسة ذاتها، افترشت عائلات نازحة من بلدات شرق خان يونس الأرض والتحفت السماء بعدما أجبرها الاحتلال على النزوح القسري من مناطق بني سهيلا، والقرارة، وعبسان الكبيرة، وعبسان الجديدة، ولم تجد لها مأوى في المدارس المكتظة ومنطقة المواصي التي تعج بآلاف الخيام.

منذ الاثنين الماضي، يعيش باسل البريم وأسرته (5 أفراد) في هذا الشارع، وقد نزحوا من بلدة بني سهيلا بالقليل من الأمتعة حملوها على أكتافهم، وقطعوا مسافة تزيد عن 5 كيلومترات سيرا، لندرة وسائل المواصلات وارتفاع أجرة النقل.

لدى البريم (52 عاما) ابن يعاني من إعاقة ذهنية، ويقول للجزيرة نت "ابني حمزة عمره 10 أعوام ولا يمكنه المشي بشكل طبيعي، واضطررت للتبديل بينه وبين الأمتعة، أضعها جانبا وأسير به لـ200 متر، وأضعه وأعود لجلب الأمتعة، وهكذا طوال الطريق". ويؤكد أن هذه هي تجربة النزوح الأصعب من بين مرات كثيرة لم يعد يحصيها، لأنها تتقاطع مع مجاعة شديدة وعدم توفر الطعام.

وفقد البريم عمله مع اندلاع الحرب وليس له دخل يعتاش وأسرته منه، ويشعر بعجز يعتصر قلبه وهو مكبل اليدين أمام أطفاله الذين يتضورون جوعا، ولا يمتلك ثمن رغيف خبز يشتريه لهم، وقد ارتفع سعره من شيكل إلى 5 شواكل (دولار ونصف الدولار).

ولحمزة حكاية معاناة مختلفة، فهو يحتاج إلى أطعمة خاصة غير متوفرة في الأسواق جراء الحصار، ويضطر والده إلى إطعامه ما يتوفر حتى تدهورت حالته الصحية، وفقد نحو 10 كيلوغرامات من وزنه.

شوقية البريم نازحة مع عائلتها من بلدة بني سهيلا وتواجه الموت والجوع في الشارع (الجزيرة)

وعلى مقربة منا، كانت النازحة شوقية البريم تستمع إلى حوارنا، وطلبت أن تشارك الجزيرة نت حكايتها، وأصرت وكأنها وجدت من تلقي بثقلها عليه، وتقول "عمري (66 عاما) وأعاني من أمراض مزمنة، فشل كلوي وسكري وضغط، ومنذ ليلتين أنام وعائلتي (10 أفراد) هنا في الشارع، بلا فرشة أو غطاء أو طعام".

إعلان

قطعت البريم وعائلتها أكثر من 5 كيلومترات سيرا على الأقدام من بلدة بني سهيلا حتى مجمع ناصر الطبي في غرب خان يونس، وانهارت عدة مرات خلال الطريق وسقطت أرضا.

هذه هي تجربتها العاشرة في النزوح، وتتفق مع غيرها أنها "الأصعب والأشد قسوة"، وتبكي على حال أحفادها الصغار وهم يصرخون من الجوع، ووالدهم العاطل عن العمل يقف عاجزا لا يملك من أمره شيئا.

مقالات مشابهة

  • افتتاح ناجح للنسخة الثانية من مهرجان التبوريدة بتمصلوحت وسط تنظيم محكم وحضور رسمي مميز.
  • من فعاليات الدورات الصيفية:مهرجان للموهوبين في صنعاء ومعرض للاكتفاء الذاتي والتصنيع الغذائي بذمار
  • أول مصري ينضم للجنة .. المخرج داني جمال عضو تحكيم المهرجان العالمي ITFFA
  • فعاليات مميزة في الأسبوع الثاني لمهرجان سباق دلما التاريخي
  • بنسخته السابعة.. انطلاق مهرجان الرياضات التقليدية في إسطنبول
  • بخلاف القوانين..نجمات ارتدين فساتين جريئة في مهرجان كان السينمائي
  • حكايات من مآسي الجوع والنزوح في خان يونس جنوب قطاع غزة
  • المرأة تُسيطر على لجان تحكيم الدورة 25 من مهرجان روتردام للفيلم العربي
  • المرأة تُسيطر علي لجان تحكيم الدورة 25 من مهرجان روتردام للفيلم العربي
  • الدكتورة فاطمة النسور تشارك كمحكم في مهرجان سوس كاسترو أغادير العالمي في المغرب