مع انقضاء 50 يوما منذ سقوط نظام بشار الأسد، تبدلت جذريا ملامح خريطة المشهد السياسي في سوريا، ضمن جملة من التغيرات التي شملت منظومة الحكم داخليا والعلاقات مع المنطقة والعالم خارجيا.

ففي حين تم الإعلان عن تجميد العمل بالدستور الحالي، وتجميد البرلمان، لم تصدر الإدارة السورية الجديدة وعلى رأسها أحمد الشرع، إعلانا دستوريا لملء الفراغ التشريعي، وعمدت إلى تكليف محمد البشير برئاسة حكومة تصريف أعمال، لتحل محل حكومة محمد غازي الجلالي آخر رئيس وزراء سوري في عهد النظام المخلوع.

وأعلنت الإدارة الجديدة لاحقا أن المؤتمر الوطني الجامع الذي لم يحدد موعده بعد، سيكون من مهامه إصدار إعلان دستوري مؤقت، فضلا عن تشكيل لجنة لكتابة دستور جديد، بالإضافة إلى إقرار حكومة انتقالية تتسلم السلطة من حكومة البشير.

وفي فترة الخمسين يوما التي مضت من عمر الإدارة السورية الجديدة، شهدت المؤسسات الحكومية سلسلة من التعيينات، شملت -بالإضافة إلى الوزراء- معظم المحافظين ومديري الهيئات والإدارات الحكومية الرئيسية التي تحمل بعدا سياديا، مثل جهاز الاستخبارات والمصرف المركزي ومحكمة النقض.

رئيس الحكومة المؤقتة محمد البشير يخطب الجمعة في مسجد بني أمية وسط العاصمة دمشق (الفرنسية) هيكلية الحكومة الجديدة

منذ اليوم الأول لتكليف الإدارة السورية لمحمد البشير بتشكيل حكومة وطنية، بعدما كان يدير حكومة الإنقاذ في منطقة إدلب قبل سقوط النظام، برز أمامه تحد يكمن في أن عدد وزراء حكومة الإنقاذ وطبيعة المهام التي كانوا يشغلونها لا يغطي جميع الوزارات على المستوى الوطني.

إعلان

وبعيد استلام وزراء حكومة البشير مهامهم الجديدة في دمشق، أعلنت الإدارة السورية تدريجيا عن سلسلة من التعيينات تشمل الوزارات السيادية، حيث تم تعيين أسعد الشيباني وزيرا للخارجية، وهو مسؤول إدارة الشؤون السياسية في إدارة العمليات التي قادت الحرب الأخيرة، ومرهف أبو قصرة وزيرا للدفاع، وهو قائد الجناح العسكري لهيئة تحرير الشام وأبرز قادة معركة ردع العدوان.

وعلى صعيد باقي الوزرات السيادية، واصل القاضي شادي الويسي مهمته وزيرا للعدل، ومحمد عبد الرحمن وزيرا للداخلية، قبل إعادة تكليفه بمنصب محافظ إدلب، وتعيين علي كدة -وهو أحد أكبر معاوني الشرع- مكانه، وبرز محمد أبو زيد وزيرا للمالية، وهو منصب لم يكن قائما في حكومة الإنقاذ.

كما كان لافتا تسمية غياث دياب وزيرا للنفط والثروة والمعدنية، وهو أول سوري من أصل فلسطيني يشغل منصبا وزاريا في تاريخ سوريا.

ولا تزال بعض الحقائب الوزارية شاغرة، مثل السياحة والثقافة والصناعة والتنمية الإدارية، بحسب التشكيلة الحكومية السابقة.

وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير، منذ اليوم الأول لتكليفه، بأن أولويات حكومته تتمثل في: تحقيق الأمن، وتوفير الخدمات، والحفاظ على مؤسسات الدولة، مؤكدا أن حكومته مؤقتة وستدير البلاد حتى الأول من مارس/آذار المقبل.

مناصب حساسة

وعلى صعيد المناصب المهمة الأخرى في البلاد، تم تعيين ماهر مروان محافظا للعاصمة السورية دمشق، وهو شخصية شغلت عددا من المناصب الإدارية في حكومة الإنقاذ سابقا، وعزام غريب محافظا لحلب، وهو قائد فصيل الجبهة الشامية.

وبينما ظلت بعض المحافظات دون تعيين محافظين جددا، شهدت محافظة السويداء لغطا بشأن اسم المحافظ.

فبعدما طالبت القيادة الروحية للدروز في المحافظة بتسمية محسنة المحيثاوي -وهي خبيرة اقتصادية مستقلة- في المنصب، وتداولت وسائل إعلام صدور قرار تعيينها، نفت المحيثاوي لاحقا ذلك، حيث اكتفت الإدارة السورية بتعيين أحمد مصطفى بكور بتسيير أعمال منصب المحافظ حتى إشعار آخر.

إعلان

وشملت التعيينات الجديدة معظم ما كان في مستوى الإدارات الحكومية والهيئات والمؤسسات، إلا أن أبرزها على الإطلاق يتمثل في رئيس الاستخبارات أنس خطاب، والذي كان رئيس الجهاز الأمني في إدلب قبل سقوط الأسد.

وجاء تعيين ميساء صابرين في منصب حاكم المصرف المركزي بالإنابة كأحد التعيينات القليلة البارزة التي جاءت من طبقة البيروقراطيين من داخل المؤسسة.

كما جرى تعيين أنس منصور سليمان رئيسا لمحكمة النقض، وكان يشغل منصب وزير العدل في حكومة الإنقاذ لعدة دورات سابقة، كما شغل منصب رئيس محكمة الاستئناف في وزارة العدل ضمن حكومة الإنقاذ.

مؤتمر صحفي لأحمد الشرع (يمين) مع هاكان فيدان وزير الخارجية التركي خلال زيارة الأخير إلى دمشق (الجزيرة) المؤتمر الوطني

وعلى صعيد المؤتمر الوطني الذي من المفترض -بحسب تصريحات رسمية- أن ينعقد قبل انتهاء مدة تكليف حكومة تصريف الأعمال في 1 مارس/آذار المقبل، كان آخر ما ورد بشأنه على لسان مسؤول في الإدارة الجديدة ما قاله وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قبل أسبوعين من أن الإدارة تتريث في عقده؛ حرصا منها على تشكيل لجنة تحضيرية موسعة له تستوعب كافة شرائح ومناطق البلاد.

وأضاف أن هذه اللجنة التحضيرية "ستكون حجر أساس في إنشاء الهوية السياسية لسوريا المستقبل".

وبينما نقلت وكالة الأناضول في وقت سابق عن مصادر في حكومة تصريف الأعمال السورية أن الحكومة كانت تخطط لعقد المؤتمر منتصف يناير/كانون الثاني الجاري، لم يحدد الشيباني في تصريحاته موعدا جديدا له.

وكان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع قد أوضح أن الحكومة ستترك القرارات المهمة والحساسة في الفترة الانتقالية لتصويت المشاركين في المؤتمر.

وذكرت مصادر من الحكومة السورية لمراسل الجزيرة نت أن الهدف المركزي للمؤتمر الوطني هو تشكيل مجلس استشاري ذي صفة تشريعية، يقوم بصياغة إعلان دستوري وإقراره، بالإضافة لمنح الثقة للإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع.

إعلان

انفتاح إقليمي ودولي

وينظر على نطاق واسع إلى العلاقات الخارجية لسوريا ما بعد الأسد على أنها من أبرز إنجازات الإدارة الجديدة، حيث شهدت انفتاحا عربيا ودوليا، وإن كان الانفتاح الغربي ما زال يتسم بشيء من الحذر.

ففي الأيام الأولى لتولي الإدارة الجديدة، أرسلت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقطر والأردن وفودا رفيعة المستوى إلى دمشق، قبل أن تتوالى الوفود على مستوى وزراء الخارجية من عدد من الدول الأوروبية والعربية.

وبعدما غاب ممثلو سوريا عن اجتماع العقبة الذي ضمّ وزراء خارجية الدول العربية إلى جانب دول غربية معنية بالشأن السوري، كأول منبر إقليمي ودولي للتباحث بشأن سوريا ما بعد الأسد، شارك وزير الخارجية السوري في سلسلة اجتماعات، وأجرى عدة زيارات إقليمية صبت في تعزيز الانفتاح الإقليمي والدولي وتخفيف العقوبات على البلاد.

فقد زار الشيباني كلا من الرياض والدوحة وأبو ظبي وعمّان ثم أنقرة، وشارك في مؤتمر الرياض الذي عقدته المملكة العربية السعودية بشأن سوريا، وبرزت مشاركته في مؤتمر دافوس في سويسرا باعتبارها الأولى من نوعها لوزير خارجية سوري في تاريخ المؤتمر.

وتقود السعودية وقطر وتركيا جهود الانفتاح العربي والدولي على حكام دمشق الجدد، بالتزامن مع توجه أوروبي وأميركي لتخفيف العقوبات التي شهدت قرارين أميركيين في هذا الصدد، بينما تتحضر بروكسل من جهتها لقرار مماثل.

وشمل الإعفاء الأميركي الأول، والذي صدر تحت اسم الرخصة رقم 24، قطاعات الكهرباء والماء والطاقة والصرف الصحي، كما شمل التحويلات الشخصية إلى سوريا حتى 7 يوليو/تموز القادم.

تبعه إعفاء آخر يسمح لعدد من الدول الإقليمية بتقديم مساعدات اقتصادية للدولة السورية، دون تعرضها لتداعيات قد تواجهها بسبب تصنيف سوريا كـ"دولة راعية للإرهاب"، وتشمل قائمة الدول المعنية كلا من البحرين والعراق والأردن والكويت ولبنان وعُمان وقطر والسعودية وتركيا والإمارات بالإضافة إلى أوكرانيا.

إعلان

وفي أحدث المساعي لتخفيف العقوبات، أفاد دبلوماسيون بأن الاتحاد الأوروبي يعتزم تعليق العقوبات المفروضة على سوريا المتعلقة بالطاقة والنقل، وذلك في ضوء نقاش يجريه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع في بروكسل اليوم الاثنين.

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو "سنقرر اليوم رفع أو تعليق بعض العقوبات المحددة التي فُرضت على قطاعي الطاقة والنقل وعلى مؤسسات مالية مهمة لاستقرار البلاد المالي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الإدارة السوریة الإدارة الجدیدة حکومة الإنقاذ وزیر الخارجیة محمد البشیر حکومة تصریف أحمد الشرع فی حکومة

إقرأ أيضاً:

الوزير الشيباني: تدخلات إسرائيل تعقد المشهد على الساحة السورية وهناك جهات لا تريد لسوريا أن تكون آمنة

2025-07-31najwaسابق الوزير الشيباني: أي سلاح خارج إطار الدولة سيؤدي إلى أحداث تزعزع الاستقرار كما حصل مؤخراً في السويداء، والحل يكمن بأن تأخذ الدولة دورها فهي الضامن الوحيد لحماية المدنيين انظر ايضاًالوزير الشيباني: أي سلاح خارج إطار الدولة سيؤدي إلى أحداث تزعزع الاستقرار كما حصل مؤخراً في السويداء، والحل يكمن بأن تأخذ الدولة دورها فهي الضامن الوحيد لحماية المدنيين

آخر الأخبار 2025-07-31الوزير الشيباني: تدخلات إسرائيل تعقد المشهد على الساحة السورية وهناك جهات لا تريد لسوريا أن تكون آمنة 2025-07-31الوزير الشيباني: أي سلاح خارج إطار الدولة سيؤدي إلى أحداث تزعزع الاستقرار كما حصل مؤخراً في السويداء، والحل يكمن بأن تأخذ الدولة دورها فهي الضامن الوحيد لحماية المدنيين 2025-07-31لافروف: ندعم جهود الحكومة السورية لتحقيق الاستقرار بما في ذلك انتخابات مجلس الشعب المزمع إجراؤها في أيلول القادم، لتمثل جميع فئات الشعب السوري 2025-07-31بدء المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف بموسكو 2025-07-31سوريا الجديدة.. عهد الدبلوماسية السيادية 2025-07-31وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني يصل قصر الضيافة في موسكو 2025-07-31الوزير الشيباني: سوريا تتطلع إلى إقامة علاقات صحيحة وسليمة مع روسيا قائمة على التعاون والاحترام 2025-07-31وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مستهل لقائه وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني في موسكو: نتمنى أن يتجاوز الشعب السوري التحديات، ونتطلع لزيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى روسيا 2025-07-31مراسل سانا: وصول وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني والوفد المرافق له إلى قصر الضيافة التابع لوزارة الخارجية الروسية بموسكو لإجراء مباحثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف 2025-07-31وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني والوفد المرافق له يصل إلى العاصمة الروسية موسكو في زيارة رسمية

صور من سورية منوعات إطلاق قمر صناعي أميركي – هندي لمراقبة الأرض 2025-07-30 دب يتسبب بإغلاق مطار باليابان وإلغاء رحلات جوية 2025-07-30
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • المفاوضات السورية-الإسرائيلية: تاريخ من الأخطاء والدروس
  • الخارجية السورية: اللقاء التاريخي بين بوتين والشيباني أكد انطلاق مرحلة جديدة من التفاهم السياسي والعسكري بين سوريا وروسيا
  • روسيا تنفض يدها من الدم السوري وتصافح الإدارة الجديدة.. نخبرك ما نعرفه
  • روسيا تنفض يدها من الدم السوري وتصافح الإدارة الجديدة.. نخبرك مع نعرفه
  • الوزير الشيباني: تدخلات إسرائيل تعقد المشهد على الساحة السورية وهناك جهات لا تريد لسوريا أن تكون آمنة
  • أنباء عن ظهور إعلامي قريب لرئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد
  • حليف الأسد الدولي يستقبل مسؤولا في حكومة الشرع
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع تعمل بشكل متواصل لحل جميع المشكلات التي تواجه الشعب السوري، وخاصة الاقتصادية منها، بهدف دفع عجلة التنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين
  • القافلة الرابعة من المساعدات المصرية تعبر إلى غزة.. وخبير يوضح المشهد السياسي والإنساني
  • توجه أوروبي نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية| ضغط شعبي ومواقف تعيد رسم المشهد السياسي.. خبير يعلق