"آراء وقضايا من الأدب الألماني" يناقش الترجمة
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
يقع كتاب "آراء وقضايا من الأدب الألماني" في (111 ص) وهو صادر عن ألفا دوك بالجزائر، للباحث الدكتور مؤنس محمد مفتاح، ويناقش خلاله موضوع الترجمة، بوصفها جسراً من جسور التلاقح الثقافي بين مختلف الحضارات العالمية، والتي يزداد الاهتمام بها في العالم العربي بشكل مطرد، وذلك راجع بالأساس للإحساس القوي بضرورة الانفتاح، أكثر فأكثر، على الآخر، مجتمعاً، وثقافة، وفكراً.
يؤكد مؤلف الكتاب أن تاريخ اللغة العربية والترجمة لم يعرف منذ أن خلق الله تعالى الإنسان، تطوراً كما حصل في الأعوام الخمسين الأخيرة، فيقول الباحث: "هناك ديناميكية وحركية في مجال الترجمة حالياً، وذلك من خلال إصدارات ترجمية عديدة تنهل من الثقافات الأوروبية، على اختلاف مشاربها، كالإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، وغيرها، ما يعكس هذا التوهج غير المسبوق في عالم الترجمة عند العرب.
ولفت المؤلف إلى أن التقدم في نشاط الترجمة ذاته، باعتباره نشاطاً ثقافياً، "يعد مجالا حديثاً نسبياً، حيث أسهم مترجمو الوطن العربي، بشكل فعال، في دراسة ونقل أهم وأبرز ما ورد عند الغرب من نظريات، ومفاهيم، في شتى المجالات الفكرية، ومناحي الحياة الإنسانية، وقد تعدى هذا التطور المسترسل في ميدان الترجمة هذا المستوى لينتقل إلى مستوى آخر، بمعنى أن نشاط الترجمة لم يعد مقتصراً على الترجمة من اللغات الأجنبية ودراساتها فقط، بل ذهب أبعد من ذلك ليصبح متضمناً الترجمة من العربية إلى تلك اللغات، وهذا إضافة نوعية ستعرف بالحضارة في مجتمعات ظلت تجهل عنا الشيء الكثير إلا من خلال ما يصلها من ترجمات موضوعية أو بعيدة عن ذلك".
ويحتوي الكتاب على مجموعة من المقالات المترجمة من اللغة الألمانية، حاول المؤلف وضعها بين يدي القارئ العربي ليسد بها ثغرة ما زالت موجودة، إضافة إلى مد جسور التواصل بين هذا المتلقي وبعض القضايا من الأدب الألماني.
وقد اختار المؤلف شخصيات ومفكرين من الأدب الأوروبي والعربي أُجريت معهم حوارات باللغة الألمانية، فعبّروا من خلالها عن رؤى وأفكار في مواضيع عدة، لفتح المجال للتعرف عليها، بكل موضوعية، والاستفادة منها قدر المستطاع، وذلك بالاعتماد على ثقافة التأثير والتأثر.
كما يركز الكتاب على الآفاق الجديدة التي فتحها، ويبتعد عن الطريقة التقليدية في عرض الموضوعات، إذ سيلاحظ القارئ تنوع المواضيع التي تطرق لها الكتاب بهدف تقريبه من قضايا وردت في ثقافة، قلما نجد ترجمات منها إلى اللغة العربية، بما يسمح للقارئ العربي سبر أغوار فكر الآخر بكل تجلياته، والتفكير ملياً فيما ورد في كل موضوع.
ومن أهم فصول الكتاب "الأثر العربي في التنوير الغربي"، و"غوتة وشيلر.. لقد كانا صديقين بالفعل"، و"رحلات الألمان إلى المغرب.. الأوراق المنسية"، و"الملك فريديريك الثاني والإسلام".
يذكر أن مؤلف الكتاب الدكتور مؤنس محمد مفتاح، مترجم وأستاذ باحث متخصص في أدب الرحلة والترجمة من اللغات الأجنبية، والألمانية، والفرنسية خاصة، وحاصل على شهادة الدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية، من جامعة عبد المالك السعدي كلية الآداب والعلوم الإنسانية (2019)، وحاصل أيضاً على دكتوراه فخرية من مجلة فن الفنون العراقية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الأدب الألماني الترجمة من الأدب
إقرأ أيضاً:
وداعاً نغوجي واثيونغو
وداعاً نغوجي واثيونغو
عمر الدقيرعمر الدقير
أعلنت عائلة الأديب الكيني نغوجي واثيونغو وفاته، أول أمس الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠٢٥، بعد معاناة مع مشاكل صحية في الكلى.
لم يكن نغوجي واثيونغو مجرد روائي بارع ظل اسمه يتردد خلال مواسم الترشيح لجائزة نوبل للأدب، بل كان صوتاً قوياً في بريّة الهيمنة الثقافية واللغوية، مُشهِراً قلمه سيفاً في مواجهة هذه الهيمنة، ومعتصماً بالمسرح خندقاً لمقاومتها.
هو الذي أعلن المقاومة من رحم الأدب، معتبراً اللغة ساحة المعركة الأولى للتحرر ومؤكداً أن “اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل وسيلة تفكير وتصوّر للعالم. حين نُقصَى عن لغتنا، نُقصَى عن ذواتنا”، فكان أنْ هجر الكتابة باللغة الإنجليزية وكتب بلغته الأم “الكيكويو” معتزاً بها، ومبرهناً على قدرتها على حمل الأفكار والرؤى، ومُصرّاً على أن تُترجم أعماله منها لا إليها.. كما ألّف العديد من المسرحيات وأنشأ مسرح “كمريثو” وسط القرى الكينية النائية ليشعل شموع الوعي في مناطق التهميش والنسيان، لكن ذلك لم يكن بلا ثمن؛ ففي عام ١٩٧٧ اعتُقِل على إثر مشاركته، مع عمالٍ ومزارعين من قريته، في عرض مسرحية “سأتزوج عندما أريد” التي كانت دفاعاً عن حقوق المزارعين والعمال والنساء في مواجهة السلطة والكنيسة.. وفي داخل المعتقل – حيث ينعدم الورق – استخدم لفافات مناديل الحمّام لكتابة رواية “الشيطان على الصليب” بلغة “الكيكويو”.
لم تكن قضية نغوجي محلية كينية، بل كان من أنصار الأفروعمومية (Pan-Africanism)، داعياً إلى إحياء اللغات والثقافات الإفريقية وربطها برؤية مشتركة، وموقناً بأن نهضة أفريقيا يجب أن تكون على أساس قاري جماعي.
منذ أن نشر روايته الأولى “لا تبكِ أيها الطفل”، مروراً بـ “حبة قمح” و”بتلات الدم” وكتاب “تصفية استعمار العقل” – الذي يمثل زبدة مشروعه الثقافي، والذي ترجمه للعربية الشاعر العراقي سعدي يوسف – سَخّر نغوجي قلمه لمقاومة “الاستعمار الجديد” بكل تجلياته. جسّد بأعماله العديدة والمتنوعة النسخة الأكثر نضجاً من أدب الهوية الأفريقية، متخذاً من اللغة أداةً للتحرر، ومن الأدب منصةً للكرامة.
رغم أن نغوجي لم يقتفِ آثار تيار “الزنوجة” في الأدب الفرنكفوني الذي أطلقه ليوبولد سنغور وإيمي سيزير وليون داماس في ثلاثينيات القرن الماضي، إلا أن مشروعه الأدبي والثقافي تلاقى مع هذا التيار في صرخة الاعتراف بالذات والاعتزاز بالهوية الأفريقية. لكنه سرعان ما تجاوز ذلك، مؤمناً بأن التحرر لا يكتمل بمجرد الاعتزاز بالذات، بل أيضاً بلغة الذات ومعارفها وثقافتها وبيئتها، دون أن يعني ذلك الانغلاق والقطيعة مع المعارف والثقافات الإنسانية الأخرى.. لم يتحمّس نغوجي لميل تيار “الزنوجة” للرمزية، وانحاز إلى أدب شعبي ثوري مباشر يخاطب الناس بلغتهم ويحرض على التحرر.
برحيل نغوجي واثيونغو تفقد أفريقيا أحد أعظم المدافعين عن ذاتها الثقافية وحقها المشروع في التقدّم من موقع الندية لا التبعية.. سيحتضن الأسلاف ابنهم التحرري ويحتفون به؛ أما الأحياء، فقد ترك لهم إرثه المعرفي والأدبي مساهمةً منه في السعي من أجل كرامة ونهضة أفريقيا الأم.
لروحه السلام.
الوسومأفريقيا الأديب الكيني نغوجي واثيونغو الأفروعمومية الكيكويو اللغة الإنجليزية جائزة نوبل للأدب عمر الدقير ليوبولد سنغور ليون داماس