مشاهير سودانيون فاتهم قطار الزواج!
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
مشاهير سودانيون فاتهم قطار الزواج!
بقلم: د. عثمان أبوزيد
يقول مثل سوداني: “أول كعوبية العزوبية”!
زارني في الأسبوع الماضي الباحث والمؤرخ الأردني أحمد العلاونة، وأهداني كتابه الجديد (أعلام العُزاب في العصر الحديث). الأستاذ أحمد يؤلف على طريقة الجاحظ صاحب كتاب: (البُرصان والعُرجان والعميان والحولان)، وهو من نوادر كتب الجاحظ، أحصى فيه ذوي العاهات من الأعلام والشعراء والمشاهير.
أداعب الأستاذ أحمد: وهل في النية تأليف كتاب عن البرصان والعرجان والعميان في العصر الحديث؟ فيجيبني بكل جدية: ربما لا يكون ذلك مقبولا الآن.
عندما كتب أحمد العلاونة كتابًا سابقًا في هذا السياق وربما هو كتاب المئة في تراجم من بلغ المئة أو كتابه آباء وبناتهم في الثقافة والعلم، قلت له: إنك لم تذكر شخصًا واحدًا من السودان، فوعد بأنه في كتبه اللاحقة سوف يهتم بذلك.
وقد أوفى بالوعد في كتابه عن أعلام العزاب، إذ جاءت صورة الشاعر إدريس جماع تتصدَّر صور مشاهير العزاب. قال المؤلف في مقدمة الكتاب إنه رجع إلى المصادر الموثوقة من خلال علاقاته الشخصية والتواصل مع بعض العلماء، وأورد أسماء طائفة؛ ذكر منهم شخصي.
وكنت بالفعل زودته بمجموعة من أسماء مشاهير السودانيين الذين فاتهم قطار الزواج، غير أن الكاتب اجتهد واستقصى آخرين.
ويورد الكاتب نبذة قصيرة عن الشخصية. لما تناول الشاعر إدريس جماع اعتمد على معلومة خاطئة انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي، واجتهدنا في تصحيحها دون جدوى، وهي أن أبيات: إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه، هي لإدريس جماع. والأبيات في الحقيقة للشاعر المصري عبد الحميد الديب، ونقل عن جماع أيضًا أنه سافر إلى لندن ولم يُعرف عن جماع سفر إلى لندن.
وجاء اسم التجاني يوسف بشير الشاعر المعروف الذي توفي صغيرًا، والذي عاش سنواته الأخيرة مريضًا.
والأسماء مرتبة حسب الأبجدية، فالتالي هو اسم حسين بازرعة الشاعر الغنائي، وبعده السياسي المعروف الشريف حسين الهندي. وقد ذكر البعض أن الشريف حسين تزوج. وقد يكون تزوج لفترة محدودة لذا لم يُحسب في عداد المتزوجين. أذكر أن البروفيسور عبد الله الطيب عندما شرح قصيدة الزمخشري: قامت لتمنعني المسير تماضر، قال بأن الزمخشري لم يتزوج، وتماضر المذكورة هنا ليست بزوجة له وإنما هي كناية عن الدنيا. أستاذنا الطيب نقل المشهور عن الزمخشري، والحقيقة أنني وقفت على قصة زواج الزمخشري، فقد تزوج لوقت قصير وندم على زواجه وأوصى غيره بتجنب الزواج، وجاء في ديوانه:
تزوجتُ لم أعلم وأخطأت لم أصب
فيا ليتني قد مِتُّ قبل التزوّج
فوالله ما أبكي على ساكني الثرى
ولكنني أبكي على المتزوج
وبالترتيب نفسه يأتي ذكر صلاح أحمد إبراهيم الشاعر والدبلوماسي المعروف. وددت لو أن الكتاب يتسع لمزيد من البوح عن أمثال صلاح، وهو من هو، ونقل بعض روائعه الشعرية التي منها ملحمته عن الموت:
يا زكي العود بالمطرقة الصماء والفأس تشظى
وبنيران لها ألف لسان قد تلظى
ضُع على ضوئك في الناس اصطبارا ومآثر
مثلما ضوَّع في الأهوال صبرًا آل ياسر
فلئن كنت كما أنت عبق
فاحترق…
نعاه د. ضياء الدين يوسف جميل في صحيفة السوداني بكلام جميل:
يا حزن أهل صلاح على الأرض الجدباء متى تورق، ومهما يكبر في العين جمال الكون وتتعاظم أفراح الناس، تبقي ثغرة حزن تنفذ منها كل الأوجاع المخبوءة!
وفي كتاب (العزاب) يحمل الناقد والقاص والصحفي السوداني معاوية محمد نور رقم (128)، أما آخرهم ذكرًا فهو منصور خالد السياسي والكاتب ذائع الصيت.
ويحفل الكتاب بأسماء كثيرة، منهم من عرفناه لشهرته في العزوبية مثل عباس العقاد وعبد الحليم حافظ ورشيد كرامي، لكن لم أعرف أن إجلال خليفة وف عبد الرحيم منهم، وكلاهما درّس في جامعة أم درمان الإسلامية.
وعرض الكاتب للأسباب التي دفعت هؤلاء للعزوف عن الزواج، وفيهم خمسة من الرهبان لم يتزوجوا لسبب ديني. وبعضهم تفرغ للعلم تفرغًا تامًا حتى أنساه الانشغال بالعلم إكمال نصف الدين، من أمثال جمال حمدان المصري صاحب الكتاب الشهير شخصية مصر، ومحمد حميد الدين الهندي.
وكان الشيخ عبد الفتاح أبو غدة قد ألف في الثمانينيات كتابًا سماه: (العلماء العُزاب الذين آثروا العلم على الزواج).
بقلم: د. عثمان أبوزيد
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: کتاب ا
إقرأ أيضاً:
محمد شردي يسرد «حكايات بورسعيدية» في معرض الكتاب
في أمسية ثقافية ثرية احتضنتها فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض بورسعيد الثامن للكتاب، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، وتحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، استضافت قاعة الندوات الكاتب الصحفي والإعلامي الكبير محمد مصطفى شردي في ندوة حملت عنوان "حكايات بورسعيدية"، استعرض خلالها محطات من مسيرته الشخصية والمهنية، وحكايات من الذاكرة الوطنية لمدينته بورسعيد.
يمثل محمد مصطفى شردي نموذجًا فريدًا في الصحافة والإعلام والسياسة، وقد تقلد العديد من المناصب البارزة، منها رئاسة مجلس إدارة وتحرير جريدة "الوفد"، إلى جانب مشاركاته بمقالاته في صحف محلية وعربية، مثل "العلم اليوم" و"الشرق الأوسط".
كما شغل منصب المتحدث الرسمي ومساعد رئيس حزب الوفد، وحصل على درجات علمية من جامعات مصرية وأمريكية، منها إنديانا وبوسطن.
استهل شردي حديثه بسرد حكائي عن نشأته في بورسعيد، مؤكدًا أن البيئة البورسعيدية شكّلت وعيه ورسخت لديه قيم التعدد والتسامح، مستشهدًا بعلاقته الوطيدة مع الأب بطرس الجبلاوي، الذي دعمه في بداياته. واعتبر أن "الحدوتة" تلعب دورًا مهمًا في تعزيز التواصل الاجتماعي وترسيخ مفاهيم السلام.
وسرد شردي موقفًا بطوليًا لوالده خلال العدوان الثلاثي على بورسعيد، حيث التقط صورًا فوتوغرافية وثّقت جرائم الاحتلال، وأُرسلت إلى الأمم المتحدة، ما ساهم في صدور قرار بوقف إطلاق النار. وناشد في هذا السياق مؤسسة "أخبار اليوم" بتجميع هذه الصور وتوثيقها حفاظًا على الذاكرة الوطنية.
تحولت الندوة إلى مساحة تفاعلية نابضة بالحياة، حيث شارك الحضور بمداخلات حملت إشادات واسعة، أبرزها من الكاتب الصحفي سيد تاج الدين، الذي دعا شردي إلى تصوير برنامجه من أرض بورسعيد دعمًا لهويتها وتاريخها، فيما وصفه الكاتب مجدي النقيب بـ"الصوت المصري الأصيل" الحريص على ترسيخ الهوية.
النائب الحسيني أبو قمر أشاد بجرأة شردي في انتقاد الانتخابات الأمريكية أثناء مشاركته كمراقب دولي، واعتبر ذلك تعبيرًا عن مواقفه الوطنية الثابتة، فيما شدد السعيد شحطور على ضرورة التمسك بأخلاقيات وشهامة أبناء بورسعيد.
وأكدت الدكتورة وئام عثمان أهمية غرس القيم المصرية في نفوس الأطفال، محذّرة من التغريب الثقافي، بينما استعاد اللواء طارق عمران لحظات إنسانية جمعت بينه وبين شردي، تعكس عمق العلاقة التي تربطهما.
من جانبه، نوّه الشاعر والكاتب محمد رؤوف بدعم شردي لمسيرته الأدبية، مستعرضًا دواوينه الصادرة عن الهيئة، منها "لعله خير" و"تاريخ ما قبل الثورة"، كما ثمّن دور الهيئة في نشر الكتب بأسعار رمزية تتيح القراءة لكل فئات المجتمع.
واختتم محمد شردي الندوة بتأكيده على أن التمسك بالهوية المصرية، وتجذير التراث الشعبي، هو أحد أقوى أسلحة الدفاع عن الوطن، في مواجهة محاولات زعزعة استقراره، كما أشاد بالجهود المصرية في دعم القضية الفلسطينية والتصدي لمخططات تهجير أهالي غزة.
تفاعل الجمهور الكبير مع الندوة، وأشاد بمهارة شردي الإعلامية وسرده الحيّ، ما جعل من اللقاء لحظة استثنائية جمعت بين عبق الحكاية وصدق الانتماء.