تحليل كتاب د. عبد الله الفكي البشير عن محمود محمد طه وربطه بالسياق الفكري والسياسي الحالي
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
السياق الفكري لطرح محمود محمد طه
مثّل المفكر السوداني محمود محمد طه (1909-1985) أحد أهم الشخصيات الإصلاحية في الفكر الإسلامي الحديث، حيث قدّم رؤية تجديدية تعتمد على مفهوم "الرسالة الثانية من الإسلام"، التي دعا فيها إلى تجاوز الأحكام الفقهية التقليدية نحو فهم روحاني وأخلاقي أكثر تحرراً، متماشياً مع مبادئ الحرية والعدالة والمساواة.
قراءة تحليلية لكتاب د. عبد الله الفكي البشير
يتناول د. عبد الله الفكي البشير في كتابه فكر محمود محمد طه من زاوية تاريخية وفكرية معمّقة، حيث يسلّط الضوء على الجوانب التالية:
السياق السياسي والاجتماعي الذي نشأ فيه طه، بما في ذلك تأثير الاستعمار البريطاني والاستقطاب بين التيارات الدينية والحداثية.
التحليل النقدي لتجربة الجمهوريين في السودان ودورهم في معارضة الأنظمة العسكرية والدينية.
إعادة قراءة مفهوم "الرسالة الثانية" في ضوء التحولات الفكرية الحديثة، خاصة ما يتعلق بمسائل الديمقراطية، حقوق الإنسان، والعلمانية.
الطرح في السياق السياسي الحالي
اليوم، وبعد أكثر من ثلاثة عقود على إعدام محمود محمد طه، نجد أن السودان لا يزال يعاني من الاستقطاب بين التيارات الإسلامية والعلمانية، مع فشل متكرر في تحقيق انتقال ديمقراطي مستدام. في هذا السياق، يمكن ربط أفكاره بعدة محاور مهمة:
الإصلاح الديني ومواجهة التطرف
في ظل صعود تيارات الإسلام السياسي، سواء في السودان أو في المنطقة عموماً، يبقى طرح طه حول تطوير الفقه الإسلامي باتجاه حقوق الإنسان والمساواة بالغ الأهمية.
نقده للجمود الفقهي والتقليد الأعمى لا يزال موضوعاً راهناً، خاصة في ظل استمرار الصراعات بين التيارات السلفية والإصلاحية.
العلمانية والسياسة
فكرة "التطور التدريجي" التي طرحها طه حول الشريعة الإسلامية يمكن أن تشكل جسراً بين دعاة الدولة المدنية والتيارات المحافظة، بدلاً من المواجهة الصفرية بين الإسلاميين والعلمانيين.
تجربة الحكم العسكري في السودان (سواء عبر نظام البشير أو غيره) أثبتت فشل استغلال الدين في السياسة، وهو ما كان طه يحذّر منه.
المرأة والحقوق المدنية
كان محمود محمد طه من بين أوائل المفكرين السودانيين الذين نادوا بمساواة المرأة بالرجل في الحقوق، وهو ما لا يزال نقطة خلاف رئيسية بين القوى المحافظة والتقدمية.
اليوم، مع بروز الحركات النسوية في السودان والمطالبة بحقوق أوسع، يمكن الاستفادة من قراءته لحقوق المرأة من منظور ديني غير تقليدي.
هل يمكن إحياء مشروع محمود محمد طه؟
إن استعادة مشروع محمود محمد طه اليوم تتطلب إعادة قراءة نقدية، بحيث لا يكون مجرد استدعاء تاريخي، بل إعادة بناء لمقولاته الفكرية ضمن سياقات حديثة، مثل:
استخدامه في تفكيك الخطابات المتطرفة التي تبرر العنف السياسي باسم الدين.
توظيف رؤيته عن "الإسلام الروحي" كبديل للصراعات الأيديولوجية بين التيارات الإسلامية والعلمانية.
تجديد الفكر الديني السوداني بحيث يتماشى مع التحديات المعاصرة، خاصة في ظل التحولات السياسية العميقة بعد ثورة ديسمبر.
يقدم كتاب د. عبد الله الفكي البشير إطاراً تحليلياً مهماً لفكر محمود محمد طه، لكنه يظل بحاجة إلى تفعيل داخل الحراك السياسي والثقافي السوداني. ففي ظل الأزمات الحالية، قد يكون استلهام طه – ليس كشخصية تاريخية، بل كمفكر نقدي – مفتاحاً لفهم العلاقة بين الدين والسياسة في السودان، وتجنيب البلاد ويلات الاستقطاب المتكرر.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: محمود محمد طه بین التیارات فی السودان
إقرأ أيضاً:
25 شهيدًا وعشرات المصابين بقصف إسرائيلي على القطاع
غزة - صفا استشهد 25 مواطنًا، وأصيب آخرون، منذ فجر يوم الاثنين، في غارات إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة في اليوم الـ661 للعدوان. وأفاد مراسل وكالة "صفا" باستشهاد مواطنين وإصابة آخرين، في استهداف طائرات الاحتلال مبنى كلية نماء في أرض الشنطي شمال غرب مدينة غزة. وقال إن تسعة مواطنين ارتقوا وأصيب العشرات، جراء قصف منزل وسط مجموعة كبيرة من خيام النازحين في مواصي خانيونس جنوبي القطاع. وأوضح أن الشهداء هم: محمد محمود سالم عبد العال، مها شوقي جميل النحال، ميرا محمد محمود عبد العال، مصعب محمد محمود عبد العال، اعتماد محمد عيد زعرب، محمد عيد حسين زعرب، نصر الله معين فتحي المباشر، نور محمد محمود عبد العال، وطلعت محمد ديب بركات. وأشار إلى استشهاد تسنيم أبو السبح وعدد من الإصابات جراء قصف إسرائيلي على منزل في منطقة البصة بمدينة دير البلح وسط القطاع. بدوره، أفاد مستشفى العودة بوصول 5 شهداء و20 إصابة، جراء استهداف الاحتلال تجمعات للمواطنين بالقرب من نقطة توزيع المساعدات على شارع صلاح الدين جنوب منطقة وادي غزة وسط القطاع. وفجر اليوم، استشهد ثلاثة مواطنين، جراء غارة إسرائيلية على منزل في مخيم المغازي وسط القطاع. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن "إسرائيل" حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 203 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.