على غرار الموقف الرسمي للإليزيه والحكومة الفرنسية وأبرز السياسيين والمحللين، شدّدت الصحف الفرنسية من كافة التوجّهات والتيارات، على أنّ التهجير القسري للسكان الفلسطينيين في غزة، جريمة حرب وجريمة مُحتملة ضدّ الإنسانية، واصفة إيّاها بأنّها تطهير عرقي.

وأكدت "ليبراسيون" في افتتاحيتها على أنّ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنقل سكان غزة إلى أماكن "أكثر أمانا" في مصر والأردن تُشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وقوانين الحرب.

وأشارت إلى أنّ عدم شرعية هذا الفعل واضحة جداً من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

Donald Trump a annoncé mardi 4 février que les États-Unis allaient «prendre le contrôle de la bande de Gaza» lors d’une conférence de presse au côté du premier ministre israélien Benyamin Netanyahou. pic.twitter.com/AIJ7TmdlvJ

— Le Figaro (@Le_Figaro) February 5, 2025

ودعت اليومية الفرنسية إلى أن يتذكر الجميع أنّ الشعب الفلسطيني لديه الحق في تقرير المصير في أراضيه، وهذا مبدأ أساسي ذكّرت به محكمة العدل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة، مُشيرة إلى أنّ ترامب لم ينجح في الحصول على أيّ دعم لخطته غير القانونية والغامضة.

اعتبارات إنسانية غامضة

من جهته تساءل المحرر السياسي في "لوموند": ما الذي ينبغي لنا أن نفكر فيه بعد الرغبة في سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة بشكل دائم بعد طرد الفلسطينيين منه، وذلك باسم إعادة الإعمار التي تحوّلت إلى عملية نهب عقاري موجهة بروح الربح، التي سيتم استبعاد الفلسطينيين منها؟
وجاء في افتتاحية الصحيفة أنّه ومن خلال الدعوة، تحت غطاء اعتبارات إنسانية غامضة للغاية، إلى جريمة الحرب التي تُشكّل النقل القسري للفلسطينيين من غزة إلى خارج الجيب الذي دمّره القصف الإسرائيلي بعد مجازر 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 التي ارتكبتها حركة حماس، يتخذ دونالد ترامب خطوة أخرى في هذا الاتجاه.

Le projet de Donald Trump pour Gaza est un projet de nettoyage ethnique https://t.co/yAtECM1E4R

— EFHEIJ (@EFeij) February 5, 2025

وأكدت "لو موند" أنّه لا يُمكن تحقيق السلام الدائم إلا من خلال التسوية، وليس من خلال سحق شعب، مهما كان ضعيفاً. ومن الواضح أنّ مثل هذا المشروع، الذي سيكون كارثياً بالنسبة للفلسطينيين، من شأنه أن يُطلق العنان لنزعة إسرائيلية خطيرة، ولن يستفيد أيّ من الطرفين مما سيحصل.
وحذّرت من أنّ دونالد ترامب وبعد أن دخل عالم السياسة قبل عقد من الزمان من خلال التنديد بأخطاء من سبقه، يُدافع الآن عن الإمبريالية الجديدة والاستعمار الجديد. وبدلاً من استعادة "عظمة" أميركا كما يدّعي، فإنه يُخاطر بإعادتها إلى روتين الماضي الدموي.

ماذا يقول القانون الدولي؟

"لو فيغارو" اعتبرت من جهتها أنّ دونالد ترامب يُحب المفاجآت، مُتسائلة عن موقف القانون الدولي، وموضحة أنّ "الإبعاد أو النقل القسري للسكان" يُشكّل جريمة ضدّ الإنسانية، وفقاً للمادة السابعة من نظام روما الأساسي الذي أسس المحكمة الجنائية الدولية. إلا أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل قد وقعتا على الاتفاقية دون التصديق عليها، الأمر الذي يُعفيهما من أيّ قيود قانونية.

«La France réitère son opposition à tout déplacement forcé de la population palestinienne de Gaza, qui constituerait une violation grave du droit international (...) mais aussi une entrave majeure à la solution à deux États», déclare le Quai d'Orsay.
→ https://t.co/kgMSFobqIY pic.twitter.com/2g377K5l1q

— Le Figaro (@Le_Figaro) February 5, 2025

أما بالنسبة للسيطرة الأمريكية على قطاع غزة فهي مُخالفة لمبدأ وحدة الأراضي، وهو مبدأ أساسي في القانون الدولي، وكذلك لمبدأ حرمة الحدود. كما أن المادة الثانية من الفقرة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة تضمن "المساواة في السيادة" بين الدول فيما بينها. وبناءً على ذلك، لا تستطيع الدولة أن "تستولي" على جزء من دولة أخرى.

فكرة مجنونة بلا أمل

مجلة "لو بوان"، ورغم توجّهاتها المعروفة الأقرب إلى إسرائيل، ذكرت أنّ اقتراح الرئيس الأميركي سيطرة بلاده على قطاع غزة، أثار الدهشة في العالم العربي وكذلك على الصعيد الدولي، وهو اقتراح مُستحيل التطبيق عملياً. ونقلت عن عالم الجيوسياسية برونو تيرترايس، قوله "يبدو لي واضحاً أنّ فكرة استحواذ الولايات المتحدة على قطاع غزة فكرة مجنونة تماماً أو ليس لها أيّ فرصة للتنفيذ".

Gérard Araud analyse la proposition choc de Donald Trump concernant Gaza et revient sur les questions essentielles qu’elle soulève pour l’avenir de la région.

????️ Une chronique de @GerardAraud

➡️ https://t.co/45zWiz6Snn #ARelire pic.twitter.com/vR3kBGDOp5

— Le Point (@LePoint) February 6, 2025

ورأى أنّ هناك مصلحة ثلاثية لترامب من وراء اقتراحه، المصلحة الأولى وبشكل حرفي احتمال ممارسة الأعمال التجارية. أما مصلحته الثانية فهي إظهار نفسه أكثر ملكية من الملك، وفي هذه الحالة أكثر إسرائيلية من نتنياهو.

Trump assure que les Palestiniens «adoreraient» quitter la bande de Gaza

Par ailleurs, il a prolongé par décret la suspension du financement américain de l’Unrwa et retiré les Etats-Unis du Conseil des droits de l’Homme de l’ONU

➡️ https://t.co/6pn4fHGGjI pic.twitter.com/bhSu8yP9oS

— Le Parisien (@le_Parisien) February 4, 2025

والمصلحة الثالثة من وجهة نظر ترامب هي إمكانية التوصل إلى خطة سلام في الشرق الأوسط من خلال قلب الطاولة، لكنّ الطرد المؤقت على الأقل للسكان الفلسطينيين من قطاع غزة، سيكون أسوأ طريقة لبدء المناقشات حول خطة سلام محتملة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية فرنسا ترامب غزة وإسرائيل اتفاق غزة دونالد ترامب على قطاع غزة pic twitter com من خلال

إقرأ أيضاً:

هل تلجأ القاهرة للتحكيم الدولي بشأن قطع الاحتلال لإمدادات الغاز؟

أثار وقف الاحتلال الإسرائيلي توريد الغاز الطبيعي عن مصر وفقا لاتفاقية موقعة بينهما عام 2018، الجدل حول احتمالات لجوء حكومة القاهرة إلى التحكيم الدولي وطلب التعويض، نظرا لما تعرض له الاقتصاد المصري من خسائر.

وأوقف الاحتلال الإسرائيلي إمدادات الغاز الطبيعي إلى مصر مجددا السبت الماضي، وذلك بعد أن استأنفت تل أبيب صادرات الغاز الخميس الماضي إلى القاهرة، بعد توقف دام 6 أيام، على خلفية المواجهات العسكرية الإسرائيلية الإيرانية التي بدأت الجمعة 13 حزيران/ يونيو الجاري.

يرتبط الحكومتان باتفاق رسمي موقع في 18 شباط/ فبراير 2018، بين مجموعة "دلك" الإسرائيلية وشركة "دولفينوس" المصرية، بقيمة 15 مليار دولار لبيع 7.2 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، لمدة 15 عاما، وهو الاتفاق الذي وصفه حينها، رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، بقوله: "إحنا جيبنا جول يامصريين بموضوع الغاز".



ورغم إعلان حكومي في أيلول/ سبتمبر 2018، بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز خاصة بعد اكتشاف حقل ظُهر عام 2015، ودخوله مرحلة الإنتاج؛ بدأ التصدير الفعلي للغاز من حقل تمارا إلى مصر عام 2020 بمتوسط نحو 800 مليون قدم مكعب يوميا.


منذ ذلك الحين تعتمد مصر على الغاز المستخرج من الأراضي الفلسطينية المحتلة لتلبية ما بين 15 إلى 20 بالمئة من استهلاكها.

"4 انقطاعات متتابعة"
لكنه منذ بدء حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية على 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، شهدت الإمدادات الإسرائيلية من الغاز لمصر 4 انقطاعات متتابعة، بعضها مبرر والأخرى غير مبررة، وفق مراقبين رأوا أن "في بعضها ضغوطا سياسية واقتصادية إسرائيلية على مصر".

ومع عملية "طوفان الأقصى" التي قادتها المقاومة الفلسطينية، أغلقت إسرائيل حقل غاز "تمارا" لأسباب أمنية، لتنخفض واردات مصر بنسبة 51 بالمئة إلى 357 مليون قدم مكعب يوميا، من نحو 850 مليون قدم مكعب يوميا.

وفي أيار/ مايو الماضي، أوقف الاحتلال الإسرائيلي ضخ الغاز من حقل "ليفياثان" مدة 10 أيام بدعوى أعمال الصيانة مما أدى إلى تفاقم عجز الغاز الطبيعي في مصر، واضطرت حكومتها إلى قطع إمدادات الغاز عن بعض الأنشطة الصناعية كثيفة الاستهلاك.

ومع بدء الضربات العسكرية الإسرائيلية على إيران في 13 حزيران/ يونيو الجاري، أوقفت إسرائيل ضخ الغاز من حقلي "ليفياثان" و"كاريش"، ما فاقم النقص الحاد في إمدادات الغاز لدى مصر، التي واصلت قطع إمدادات الغاز عن مصانع الأسمدة وتحويل محطات الكهرباء للعمل بالديزل.

بعد 5 أيام من هذا التوقف وتحديدا في 18 حزيران/ يونيو الجاري، أعادت إسرائيل ضخ كميات محدودة من الغاز من حقل (تمارا) فقط، الأمر الذي استمر نحو 4 أيام فقط لتعاود تل أبيب منع إمدادات الغاز.


والأحد، أوقف الاحتلال الإسرائيلي ضخ الغاز للمرة الرابعة إلى مصر، دون إخطار مسبق، بالتزامن مع الضربة العسكرية الأمريكية ضد إيران، زاعمة أن حقل "ليفياثان" لم يُعاد تشغيله بالكامل.

"التأثيرات السلبية"
هذه الانقطاعات المتكررة لها تأثيرات سلبية مباشرة على الاقتصاد المصري، وتزيد من تأزم ثاني أكبر اقتصاد إفريقي وثاني أكبر اقتصاد عربي، وتفاقم الضغوط على الموازنة العامة للدولة، وتدفع مصر إلى خطط الطوارئ في استخدام الغاز والطاقة، ومنها تقليص توريد الغاز لمصانع كثيفة الاستهلاك، إلى جانب خسائر أخرى عديدة.

ويؤدي نقص الغاز الطبيعي وهو الوقود الأساسي لمحطات توليد الكهرباء إلى زيادة ساعات تخفيف الأحمال في الصيف الجاري وانقطاع التيار الكهربائي عن المنازل والمصانع ما يسبب خسائر جمة ويفاقم نسب التضخم بحسب مراقبين، في أزمة عانى منها المصريون في صيف 2023 و2024، وزادت حدة الغضب الشعبي.

في المقابل، تضطر وزارة الكهرباء لتشغيل محطات الكهرباء بوقود بديل مثل المازوت والديزل، وهما أكثر تكلفة وأقل كفاءة ويساهمان في تلوث البيئة.

وبالفعل خفضت الحكومة المصرية إمدادات الغاز المخصصة لبعض الصناعات الكبرى، مثل الأسمدة والبتروكيماويات، مما يجبرها على تقليص الإنتاج أو التوقف التام، ما يؤدي إلى خسائر اقتصادية مباشرة للمصانع ويقلل الإنتاج والصادرات.

ويتطلب استهلاك توليد الكهرباء، 3.9 مليار قدم مكعب يوميا، فيما يبلغ الاستهلاك الصناعي، نحو 1.6 مليار قدم مكعب يوميا، إلى جانب 170 مليون قدم مكعب يوميا لاستهلاك البتروكيماويات، و1.1 مليار قدم مكعب يوميا لاستهلاك السيارات والمنازل.

أثر سلبي ثالث نتيجة لوقف إمدادات الغاز من الاحتلال الإسرائيلي، هو زيادة تكلفة توفير الغاز والضغط على العملة الصعبة، حيث تضطر القاهرة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من الأسواق العالمية بأسعار أعلى، أو زيادة واردات المازوت والديزل.


كما أن تلك الضغوط دفعت بمصر إلى اللجوء إلى تأجير 6 وحدات تغويز عملاقة من ألمانيا وأمريكا وتركيا وقبرص لاستقبال الغاز المستور وإعادة ضخه إلى الشبكة القومية للغاز، ما يتطلب دفع مبالغ مالية ضخمة.

وهي الإجراءات التي تضغط على احتياطيات مصر من العملة الصعبة وتزيد من فاتورة الواردات، وتؤثر سلبا على سعر صرف الجنيه المصري الذي يشهد انخفاضا مع بداية المواجهات العسكرية الإسرائيلية الإيرانية.

"جوانب أخرى للأزمة"

تلك الأوضاع والضغوط على العملة الصعبة والاحتياطي النقدي للبلاد تؤدي إلى تفاقم أزمة مصر مع تأخر مستحقات شركات النفط العالمية العاملة في البلاد.

وهي المستحقات التي قدرتها دراسة صادرة عن مركز الدراسات السياسية لحزب "العدل"، في نيسان/ أبريل الماضي، ما بين 5 و7 مليارات دولار، وأكدت أنها "كانت عاملا أساسيا في تراجع إنتاج الغاز المحلي لعدم ضخ استثمارات جديدة في التنقيب والإنتاج".

ووفق الدراسة، فإن إجمالى الاستهلاك المتوقع خلال فصل الصيف الحالي يصل إلى 7.55 مليار قدم مكعب يوميا، في حين أن إجمالي الشحنات التي تم الاتفاق عليها بالإضافة إلى إنتاج الحقول يصل إلى نفس الرقم تقريبا، مبينة أن الإنتاج المحلى سيكون عند 4.1 مليار قدم مكعب يوميا، بدلا من 4.4 مليار قدم مكعب تتوقعها الحكومة.

وهو ما يتسبب إلى جانب توقف إمدادات الغاز من الاحتلال الإسرائيلي أو ضخها بأقل من المعدل المتفق عليه أو ضخها كاملة مع عدم انتظامها في أحسن الأحوال، في وجود عجز يتطلب معه استيراد 3 شحنات غاز مسال إضافية شهريا، وعندها ستضطر الحكومة للحصول عليها من السوق الفورية بسعر أعلى.

وبينما شهد إنتاج الغاز المصري انخفاضا كبيرا ليصل إلى 4.22 مليار قدم مكعب في شباط/ فبراير الماضي، مقارنة بـ5.22 مليار في نفس الشهر من 2024، مسجلا أقل مستوى منذ 2016، كان من المقرر أن يغطي بالغاز الإسرائيلي نصف العجز في الإنتاج المحلي في 2025، بضخ نحو مليار قدم مكعب يوميا بحسب "ستاندرد آند بورز".

وفي تعليقها قالت نشرة "إنتربرايز" الاقتصادية المحلية: "لا يعني انخفاض تدفقات الغاز من إسرائيل زيادة الاعتماد على واردات الغاز الطبيعي المسال أو المازوت الأكثر تكلفة فحسب، بل يفرض أيضا ضغطا كبيرا على جهود مصر للحفاظ على إمدادات الكهرباء قبل أشهر الصيف التي تشهد ارتفاعا في الطلب".

ووجه مراقبون ومعارضون انتقادات واسعة للسلطات المصرية لاعتمادها المتزايد على الغاز الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، والذي بلغ ذروة حجم الواردات منه حوالي مليار قدم مكعب يوميا، داعين السلطات إلى تنويع مصادر الطاقة وتسريع تطوير الحقول المحلية وتجنب تهديد أمن مصر من الطاقة.

هل تشكو مصر إسرائيل؟
ذلك الوضع يدعو للتساؤل حول رد الفعل المصري تجاه خرق إسرائيل اتفاقية تصدير الغاز الموقعة بينهما عام 2018، والإجراء القانوني الذي يجب أن تتبعه الحكومة المصرية.

وهل ستقدم حكومة القاهرة على تقديم شكوى ضد حكومة تل أبيب في "غرفة التجارة الدولية" بالعاصمة الفرنسية باريس، كما فعلت إسرائيل مع مصر عقب تفجير خط الغاز بينهما المار في سيناء وتوقف الإمدادات المصرية إلى الاحتلال والحكم للأخيرة بتعويضات 1.76 مليار دولار.

في عام 2005، وقعت مصر والاحتلال الإسرائيلي اتفاقية تقضي بتصدير القاهرة 1.7 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي مدة 20 عاما، لتل أبيب، بثمن يتراوح بين 70 سنتا و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية بينما كان سعر التكلفة يصل 2.65 دولار، ما كلف ميزانية البلاد مبالغ طائلة وسط اعتراضات المعارضة المصرية ومطالبات بإلغاء الاتفاقية.


بعد 6 سنوات من العمل بالاتفاقية المثيرة للجدل، توقفت إمدادات الطاقة من مصر للاحتلال الإسرائيلي في شباط/ فبراير 2011، على خلفية تفجيرات وقعت 15 مرة حتى نيسان/ أبريل 2012، طالت خط أنابيب نقل الغاز بين "عسقلان" والعريش، والذي تم إنشاؤه عام 2008.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2011، طالبت شركة "إمبال أمريكان إسرائيل كورب" بالتحكيم ضد "الهيئة المصرية العامة للبترول" و"الشركة القابضة للغازات الطبيعية" (إيجاس) من خلال "غرفة التجارة الدولية" في أعقاب تكرار انقطاع إمدادات الغاز الطبيعي من مصر مطالبة بتعويض قدره 8 مليارات دولار.

الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يعتمد على مصر للحصول على أكثر من 40 بالمئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء، طالبت القاهرة في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، بـ4.7 مليار دولار تعويضا عن توقف تصدير الغاز لها ما تسبب في رفع أسعار الكهرباء لديها لأكثر من 32 بالمئة.

وفي كانون الأول/ ديسمبر 2015، ألزمت هيئة التحكيم الدولية مصر بدفع 1.76 مليار دولار لشركة "كهرباء إسرائيل"، من أصل 3.8 مليارات دولار طالبت بها الشركة كتعويض بسبب توقف إمدادات الغاز، ولجوئها إلى زيت الوقود والديزل الأغلى ثمنا لتشغيل مولداتها.

وفي نيسان/ أبريل 2017، أكدت "كهرباء إسرائيل" أن المحكمة العليا السويسرية رفضت طعنا تقدمت به مصر على حكم هيئة التحكيم الدولية، لتنهي الأزمة في حزيران/ يونيو 2019، بتسوية تدفع بموجبها القاهرة تعويضا قيمته نصف مليار دولار على أقساط ولمدة 8.5 أعوام.

وفي ذات السياق، وفي أيلول/ سبتمبر 2018، أصدرت هيئة تحكيم تابعة للبنك الدولي قرارا بإلزام مصر بدفع 2 مليار دولار كتعويض عن توقف إمداد الغاز عام 2012، لمحطة إسالة الغاز في دمياط التي تديرها شركة "يونيون فينوسا" الإسبانية.

"قرار سياسي"
"عربي21"، تحدثت إلى السياسي والمعارض المصري الدكتور أيمن نور، عن احتمالات أن يدفع تتابع وقف إسرائيل ضخ الغاز إلى مصر القاهرة للجوء إلى التحكيم الدولي، في إجراء مماثل لما اتخذته إسرائيل ضد مصر.

المرشح الرئاسي السابق المقيم خارج مصر، قال إن "الموضوع ليس مجرد تحرك قانوني ولكنه يتعلق بالإرادة السياسية"، موضحا أنه "إذا كانت هناك إرادة سياسية لاتخاذ هذا الموقف سيتخذونه، ولو أنه ليست هناك إرادة سياسية -أظن أنها لا توجد- سيتفادوا هذا الصدام القانوني رغم أن لهم سابقة معنا في هذا الموضوع".

نور، دعا لـ"الحديث عن هذا الجانب القانوني إعلاميا وصحفيا، لكي يتم أخذ القرار بالتحرك القانوني، والذي هو قرار سياسي بامتياز وليس بقرار من وزير البترول ولا من جهاز المخابرات، ولا أي أحد، لأنه قرارا يؤخذ من أعلى أو لا يؤخذ من أعلى"، وفق قوله.

وأضاف: "من هنا يمكن الضغط بدافع بحثنا عن مصلحة بلدنا"، لكنه في المقابل يرى أنه "ليس هناك مؤشرات تقول إنه يمكن أخذ تلك الخطوة الآن، وهي رؤية طبعا لا تتعارض مع معلومة يقينية بأن علاقتهم سيئة في هذه الفترة، لكن يبدو أنه ليس هناك رغبة في تصعيد قد يتجاوز سقف آمن بالنسبة لهم".

وختم بالقول: "ولنقوم نحن كإعلام بدورنا وليقوموا هم بدورهم".

"خيار مستبعد"
وفي توقعه لاحتمالات تحرك الحكومة المصرية وإقامة شكوى ضد إسرائيل دوليا مع تكرار أزمة انقطاع الغاز، قال السياسي المصري سمير عليش، لـ"عربي21"، إنه "من الواضح أن هناك مشاكل حالية بين النظامين المصري والإسرائيلي".

وأوضح أن "تلك الحالة تكشف عنها مكالمة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي السبت، مع رئيس إيران مسعود بزكشيان، وتأكيده رفض مصر التصعيد الإسرائيلي ضد طهران، وتصريحات اللواء سمير فرج، لفضائية الجزيرة، وقوله إن إيران ليست عدوا لمصر، وإن عدو مصر الحقيقي هي إسرائيل، وتأكيده على وقوف الشعب المصري خلف طهران".

وأكد عليش، أن "الموقف بشكل عام متأزم جدا"، ولذا توقع "ألا يذهب النظام المصري إلى خيار التحكيم الدولي لأسباب متعددة"، لم يذكرها.

مقالات مشابهة

  • "جريمة حرب".. الأمم المتحدة تدين استخدام الغذاء كسلاح في غزة
  • تقرير: الأمم المتحدة تدين استخدام الغذاء كسلاح في غزة وتعتبره جريمة حرب
  • الأمم المتحدة: استخدام الغذاء كسلاح في غزة جريمة حرب
  • مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: استخدام الغذاء كسلاح ضد المدنيين في غزة جريمة حرب
  • الأمم المتحدة تدين استخدام الغذاء كسلاح في غزة وتعتبره “جريمة حرب”
  • لافروف يتهم إسرائيل بارتكاب جريمة الاغتيال السياسي في إيران
  • بيان ملتقى مشايخ ووجهاء اليمن بشأن القصف الإيراني الذي طال دولة قطر
  • هل تلجأ القاهرة للتحكيم الدولي بشأن قطع الاحتلال لإمدادات الغاز؟
  • اتحاد الكتّاب: التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس جريمة نكراء تمسّ الضمير الإنساني
  • WP: ترامب ضلل العالم بشأن إيران ويقود حربا دون تصور واضح للسلام