فشل التعليم في اليمن يُنذر بكارثة إقليمية وضياع جيل كامل
تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT
حذَّرت مؤسسات دولية ومحلية مهتمة بالتعليم من ضياع جيل كامل بسبب فشل المنظومة التعليمية في اليمن، ووجَّه مؤتمر "شركاء لأجل اليمن"، الذي عقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور، نداء عاجلا لكل الهيئات والمؤسسات الدولية والمحلية لإنقاذ التعليم في اليمن باعتباره مسؤولية إنسانية وأخلاقية، وإعادة الأمل لملايين الأطفال الذين أخرجتهم الأزمات المركبة من المنظومة التعليمية.
وشارك في المؤتمر، الذي عقد يومي السبت والأحد الماضيين، عشرات المؤسسات اليمنية والدولية وبالتنسيق مع وزارة التعليم.
وهو المؤتمر الدولي الثاني للتعليم في اليمن، بعد مؤتمر إسطنبول الذي عقد العام الماضي، وقال منظمو المؤتمر إن اختيارهم لكوالالمبور يهدف لاستثمار العلاقات التاريخية مع شعوب وحكومات دول جنوب شرق آسيا، وذوي الأصول اليمنية من سكان هذه المنطقة للمساعدة في إخراج اليمن من أزمتها التعليمية.
أخطار محدقة
ووصف رئيس الوكالة الدولية اليمنية للتنمية، الدكتور عبد الرقيب عبّاد، واقع التعليم المدرسي والجامعي في اليمن بقنبلة موقوتة تنذر بعواقب وخيمة على مستقبل اليمن والمنطقة بأسرها ما لم تتضافر الجهود لتغيير الواقع، وحذَّر من تحول الجهل إلى مشكلة أمنية.
وكشف عبّاد -في حديثه للجزيرة نت- عن خروج أكثر من 4.5 ملايين طالب وطالبة من المنظومة التعليمية حاليا، والذين يشكلون بين 60 إلى 70% من مجموع طلاب اليمن في سن الدراسة المدرسية.
ورأى أن أزمة التعليم مركبة ومتعددة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية، لا سيما أن الدولة عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية، وتقدم الهيئات والمنظمات الدولية والمحلية الإغاثة العاجلة على التعليم في ظل فقر مدقع وحاجة ملحة لأساسيات الحياة والعلاج.
وأشار إلى أن الأزمة تعدت الطالب إلى المُدِّرس، حيث تحدثت تقارير رسمية وغير رسمية، نوقشت في مؤتمر "شركاء لأجل اليمن"، عن خروج نحو 200 ألف مُعلِّم من المنظومة التعليمية بسبب عدم تسلمهم رواتبهم منذ أكثر من 10 سنوات.
وهو ما يعزوه عبَّاد إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تُخلِّفها الحرب، وتضطر المُدرسين للهجرة خارج البلاد أو البحث عن عمل آخر داخلها.
واعتبر عبَّاد أن السبب الأول وراء تسرب المُدِّرس هو بحثه عن توفير لقمة العيش، فالراتب الذي يقدر بنحو 50 دولارا شهريا لا يفي بأدنى احتياجاته الأساسية، حيث لا يتلقى المدرسون رواتبهم بانتظام في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، ولا تصل إليهم أي رواتب في المناطق الخاضعة لحكومة جماعة أنصار الله (الحوثي)، معربا عن أسفه في أن يكون أمام المدرس خياران: توفير الغذاء أو تقديم التعليم.
من جانبه، كرر رئيس مجلس تنسيق المؤسسات الإسلامية الماليزية (مابيم) عزمي عبد الحميد التحذير "من مستقبل أمني مظلم" لليمن وجيرانه بسبب خسارة جيل كامل حقه في التعليم. وقال إن التجربة تؤكد "أن طفلا لا يحمل قلما لا يقل خطرا عن طفل يحمل بندقية".
"ثنائية المناهج"
واعتبر مشاركون في الندوة الختامية لمؤتمر شركاء اليمن أن ثنائية المناهج في بلد واحد تشكل خطرا على الأمن القومي لليمن، يضاف إلى ضعفها وغير مناسبتها للعصر، كما أشار علي العباب نائب وزير التعليم.
وقال إن المنهج الحالي الذي اعتمد عام 2014 مقتبس من مناهج دول أخرى لا تناسب اليمن وإمكاناته، وأعطى مثلا بالافتقار إلى معامل ومختبرات يستند إليها المنهج.
وانتقد العباب المناهج التي تطبقها جماعة أنصار الله اليمنية، والتي قال إنها لا تتناسب مع عقيدة المجتمع وثقافته، داعيا أولياء الأمور للتحقق من المادة التي تُدَّرس في المناطق الخاضعة لنفوذ الجماعة، وعدم الزج بأولادهم في ما وصفه بـ"أدوات غسيل دماغ".
وأشار خبراء التعليم إلى تراجع دور القطاع الخاص على مستوى المدارس والجامعات، وعزو هذا التراجع لضعف الجدوى بالنسبة للمؤسسات التعليمية الخاصة، وتبدل الأولويات للمؤسسات الخيرية الأهلية، حيث يغيب البعد التنموي الإستراتيجي مع ضغط الاحتياجات الآنية الملحة.
كما دعا آخرون المؤسسات الخيرية للتحول من المساندة للمؤسسات الحكومية إلى الاضطلاع بالمسؤولية نيابة عنها، باعتبار أن التعليم حق إنساني، ويتطلب تغيير هذه المؤسسات لأولوياتها.
من جهته، انتقد الملحق الثقافي اليمني في كوالالمبور، أحمد القضمي، "تلكؤ" دول بتوفير منح دراسية مناسبة للطلاب لا سيما المتميزين والمتفوقين، واستغرب عدم تقديم دول اعتبرها صديقة لليمن أي منحة جامعية، في حين استعدت جامعات خاصة لتقديم عشرات المنح لطلاب يمنيين.
حلول وتوصيات
وقدم مؤتمر شركاء من أجل اليمن توصيات رأى فيها محاولة لإنقاذ التعليم في اليمن، باعتباره ضرورة إنسانية وأخلاقية ودينية، أبرزها:
دعوة الحكومة اليمنية لاعتبار التعليم أولوية قصوى وتسهيل عمل المؤسسات الأهلية بعيدا عن البيروقراطية.
إنشاء صندوق لداعمي التعليم يضمن استدامة التمويل بضوابط شفافة.
معالجة أسباب تسرب الطلاب والمعلمين وتوفير احتياجاتهم من قبل وزراء التعليم والشركاء.
تبني الحلول الرقمية والتعليم عن بعد، عبر إنشاء منصة تعليمية معتمدة لدى الوزارة، ويمكن الاستفادة منها داخل البلاد وخارجها
دعوة جميع الهيئات والمؤسسات الخيرية لاعتبار التعليم أولوية، ووضع أهداف إستراتيجية لإقامة مؤسسات تعليمية وتعزيز القائمة منها.
ويبقى البحث عن الأمن الاستقرار برأي خبراء التعليم المشاركين في المؤتمر مفتاحا لإحداث التغيير، لا سيما أن عملية السلام متوقفة، حيث تعهَّد علي العباب نائب وزير التعليم، بالعمل على انتظام صرف رواتب المدرسين، وتحفيزهم بما يساهم بتحسين جودة التعليم.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن التعليم الأزمة اليمنية حقوق المنظومة التعلیمیة التعلیم فی فی الیمن
إقرأ أيضاً:
خطة إعادة احتلال غزة.. تصعيد إسرائيلي يهدد بكارثة إنسانية وتحرك عربي لإفشال المخطط
في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر ضد قطاع غزة، فجرت موافقة المجلس الوزاري المصغر في تل أبيب على خطة لإعادة احتلال ما تبقى من القطاع موجة غضب دولية وعربية واسعة، وسط تحذيرات من تداعيات كارثية على الأمن الإقليمي والوضع الإنساني.
الخطة، التي تعد إعادة تدوير لمحاولات سابقة فشلت في تحقيق أهدافها، توضح مسعى إسرائيل للتصعيد وفرض وقائع جديدة على الأرض، رغم ما تحمله من مخاطر إنسانية وأمنية ، واحتمال اندلاع مواجهات طويلة الأمد.
في المقابل، تتحرك الدول العربية على عدة مسارات لاحتواء الموقف ومنع تنفيذ المخطط، بالتوازي مع جهود أممية وإقليمية لفرض التهدئة وضمان وصول المساعدات إلى السكان.
أحمد فؤاد أنور: خطة الاحتلال الإسرائيلية لغزة إعادة تدوير لأفكار فاشلة.. والدول العربية تتصدى للمخططأكد الدكتور أحمد فؤاد أنور الخبير في الشأن الإسرائيلي أن الخطة الإسرائيلية الرامية لاحتلال ما تبقى من قطاع غزة أي نحو 25% من مساحته ليست إلا إعادة تدوير لأفكار قديمة فشلت سابقًا، مضيفًا أن حكومة بنيامين نتنياهو، التي وصفها بـ”حكومة الخراب”، لا تقدم جديدًا سوى “التخريب والدمار والتجويع” تحت مسمى “الضغط العسكري”.
وأوضح أن هذا “الضغط العسكري” لم يحقق أي من أهداف الحرب المعلنة أو غير المعلنة، وفي مقدمتها التهجير، الذي أصبح بعيد المنال بفضل تصدي الدول العربية، وعلى رأسها مصر، لهذا المخطط، من خلال رفض التهجير والإصرار على إدخال المساعدات الإنسانية لتثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه.
وأشار إلى وجود تنسيق مصري قطري، ومواقف داعمة من المملكة العربية السعودية، إلى جانب تحركات سياسية على مستوى الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية للحد من العدوان الإسرائيلي، معتبرًا أن هذه الجهود قادرة على تقويض المخطط الإسرائيلي.
وأضاف أن هذه الخطوة ستلقى مصير محاولات إسرائيلية فاشلة سابقة، مشيرًا إلى أن رئيس الأركان الجديد سيواجه نفس مصير سلفه، خاصة في ظل الانقسام الداخلي بإسرائيل والتباين بين القيادة العسكرية والسياسية، وهو ما يهدد استقرار الحكومة الإسرائيلية.
وحذر أحمد فؤاد أنور من أن نتنياهو يقود إسرائيل نحو مصير مشابه لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، لافتًا إلى أن دولًا صديقة لإسرائيل مثل بريطانيا وفرنسا والبرتغال وكندا من المتوقع أن تدعم لأول مرة إعلان دولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر المقبل.
وختم بالتأكيد على أن استمرار هذه السياسات يضر باستقرار المنطقة ككل، وبالمصالح الإسرائيلية ذاتها، داعيًا الداخل الإسرائيلي إلى اليقظة وممارسة ضغط حقيقي لوقف هذه “المخططات الوهمية”.
سعيد الزغبي: الخطة الإسرائيلية لاحتلال غزة ستخلق أزمات إنسانية وأمنية.. والدول العربية قادرة على إفشالها إذا تحركت سريعًا وبصوت موحدوقال أستاذ العلوم السياسية سعيد الزغبي، في تصريحات خاصة لصدى البلد، إن موافقة القيادة الإسرائيلية على خطة للسيطرة العسكرية على مدينة غزة أثارت رفضًا دوليًا واسعًا، إلى جانب توتر داخلي بين الحكومة والجيش الإسرائيلي، بسبب المخاطر الكبيرة التي تهدد الرهائن والعبء العسكري والإنساني المترتب على تنفيذ الخطة.
وأضاف أن التقارير الدولية حذرت من تفاقم كارثة إنسانية حال تنفيذ الخطة، مشيرًا إلى أن هذه العملية، التي هندس لها جيش الاحتلال، ستؤدي إلى تصعيد إنساني هائل، وتعزيز عزلة إسرائيل دبلوماسيًا، وقد تحقق مكاسب أمنية قصيرة المدى عبر ضرب قدرات حركة حماس، لكنها في المقابل ستخلق بيئة خصبة لصراعات مقاومة طويلة الأمد.
وأوضح الزغبي أن الدول العربية تمتلك أدوات ضغط متعددة يمكن توظيفها للتأثير على مجريات الأحداث، منها النفوذ الدبلوماسي والاقتصادي والإعلامي، وقدرة توجيه المعونات، مشددًا على أن فعالية هذه الأدوات تعتمد على سرعة التحرك والتوافق الإقليمي والتنسيق مع الشركاء الدوليين.
وأشار إلى أن أبرز هذه الأدوات تشمل الضغوط الدبلوماسية الفورية والمنسقة، والوساطة من خلال دول مثل مصر وقطر التي تحتفظ بعلاقات مع طرفي النزاع، لفتح قنوات تفاوض وتأمين الإفراج عن رهائن، إضافة إلى الضغط الاقتصادي وربط العلاقات التجارية بالمواقف السياسية، والعمل الإنساني المتمثل في بناء تحالفات إقليمية دولية لتأمين ممرات إنسانية ومخيمات طوارئ ودعم منظومات الغذاء والدواء، فضلًا عن تفعيل القنوات القانونية الدولية لدعم التحقيقات ومساءلة إسرائيل.
واستعرض الزغبي أربعة سيناريوهات محتملة للخطة الإسرائيلية ودور الدول العربية في كل منها:
• الانسحاب أو وقف التنفيذ: بفعل ضغوط دولية وداخلية، وعلى الدول العربية دعم المفاوضات وتأمين هدنة إنسانية وحوار حول تسوية طويلة الأمد.
• الاحتلال الجزئي: عبر عملية عسكرية كبيرة ونزوح واسع، مع ضرورة فتح ممرات إنسانية تحت رقابة دولية، وتفعيل مفاوضات لتبادل الأسرى.
• التصعيد الإقليمي: بامتداد المواجهات للضفة أو حدود دول الجوار، ما يستدعي تحركًا دبلوماسيًا عاجلًا وتنبيهًا اقتصاديًا ودبلوماسيًا ضد التصعيد.
• الاحتلال طويل الأمد: بإدارة مدنية إسرائيلية وتغيير ديموغرافي وقانوني، ما يتطلب دعمًا قانونيًا وحقوقيًا للفلسطينيين، وإجراءات تحد من الآثار الاجتماعية والإنسانية.
وشدد الزغبي على ضرورة إطلاق مبادرة عربية فورية تشمل بيانًا موحدًا، وطلب جلسة طارئة لمجلس الأمن، ووساطة مصرية قطرية لوقف العمليات في المناطق المدنية، مع تشكيل خلية تنسيق إقليمي دولي بين مصر وقطر والأردن والسعودية والأمم المتحدة لإدارة المساعدات وحماية المدنيين.
واختتم الزغبي تصريحه بالتأكيد على أن نجاح الدول العربية في مواجهة هذه الخطة مرهون بالتحرك السريع والموحد، وبالمزج بين الضغط الدبلوماسي والوساطة الإنسانية والاستعداد العملي لاحتواء تداعياتها.
«ريان»: خطة إعادة احتلال غزة تحدٍ صارخ للشرعية الدولية ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية
قال كمال ريان، مسؤول الشؤون البرلمانية والرئاسية، في تصريحات خاصة لموقع "صدى البلد"، إن موافقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر على خطة إعادة احتلال قطاع غزة تمثل تحديًا صارخًا وخطيرًا للشرعية الدولية ولقرارات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وهي خطوة تكشف بوضوح سعي حكومة نتنياهو للتصعيد وجرّ المنطقة إلى دوامة لا تنتهي من العنف.
نتنياهو يهرب من أزماته الداخلية
وأضاف أن نتنياهو يحاول الهروب من أزماته الداخلية مستغلًا دعم حكومته المتطرفة، رغم المعارضة الواسعة داخل إسرائيل، سواء من الرأي العام أو القيادات العسكرية، بما في ذلك رئيس الأركان الإسرائيلي الذي رفض هذه الخطة.
الاحتلال لن يكون نزهة
وأشار ريان إلى أن الاحتلال لن يكون نزهة، بل ستواجه إسرائيل حرب عصابات ستكبدها خسائر بشرية واقتصادية فادحة، خاصة مع تطبيق خطة "هانيبال" التي تعني التضحية بجنودها لتحقيق انتصارات وهمية.
وأوضح أن هذا الموقف المتعنت يزيد من عزلة إسرائيل الدولية، في وقت تتصاعد فيه ردود الأفعال الغاضبة من عائلات الأسرى والمختطفين الإسرائيليين، ومن المجتمع الدولي الذي بدأ يفرض عقوبات اقتصادية ويوقف تصدير الأسلحة.
وأكد ريان أن الموقف المصري والعربي كان واضحًا وحاسمًا في رفض هذه الخطة والتحذير من عواقبها، مع استمرار التنسيق بين مصر والدول العربية والإسلامية ودول العالم لردع إسرائيل عن هذه الجريمة، التي تمثل إعادة احتلال وجريمة حرب ضد الشعب الفلسطيني.
واختتم قائلًا: هناك تحرك دبلوماسي واسع، من دعوة لاجتماع مجلس الأمن، إلى لقاءات رفيعة المستوى بين وزراء الخارجية العرب، وإعلان أن أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية خط أحمر لن يُسمح بتجاوزه.