#تخوين_الغزيين استباقا للتهجير _ ماهر_أبو طير
هناك اتجاهات سيئة تتجلى كل يوم في وسائل التواصل الاجتماعي، وهي كلها تصب نحو تصنيع الكراهية والفتن بين ابناء #الاردن و #فلسطين ومصر ودول عربية ثانية في توقيت مريب.
تخرج علينا عشرات الحسابات عبر فيس بوك وتويتر، وتقول بشكل محدد وواضح ان قبول الغزيين للتهجير أو تجاوبهم معه سيكون دليلا على أنهم خونة، ولديهم الاستعداد لبيع الأرض والخيانة، وهذا الكلام يؤشر على استبدال الجرأة على الجاني الأصلي، أي إسرائيل، بالتجرؤ على الضحية خلال النقاشات، وكلنا نعرف ان اهل غزة برغم الذبح والقتل والتجويع وتدمير بنى الحياة، لم يقفزوا في القوارب نحو البحر، ولم يحاولوا تسلق الجدار الفاصل بين القطاع ومصر، وأغلبهم لديه أرض وعقار قائم أو مهدوم، والذين تحملوا كل هذا لن يخرجوا لمجرد إرسال سفينة الى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ولا استئناف الحرب، والذين قدموا كل هذا العدد من الشهداء، والجرحى، لا يمكن طرقهم بالكلام في سياق تخوين مبكر إذا فكروا بالهجرة، مع الإدراك هنا أن هناك بضعة آلاف خرجوا خلال الحرب بشكل طبيعي، وبقيت الأغلبية، لتواجه مصيرا صعبا وظرفا قاسيا.
القصة هنا ليس التحسس بشأن سمعة أهل غزة، لكننا نتحدث عن لوم الضحية، او تجريمه مسبقا، فأين المنطق، في هكذا اتجاهات تريد تثبيت الغزيين عبر تخويفهم بتهمة الخيانة مسبقا، او تتقصد بسوء نية تجريح سمعتهم، اذا خرجوا، في الوقت الذي تم تركهم فرادى من جانب ملياري عربي ومسلم، عدا بعض الشعوب العربية التي وقفت الى جانبهم، فيما تفرج البقية ولم يساندوا غزة برصاصة، وتم تصنيع صورة أن إيران استأجرت حماس، وتم استدراج القطاع نحو هذا المصير، وهذا رأي سطحي لأن الاحتلال يقتل أصلا منذ اكثر من ثمانين سنة قبل ايران الحالية، ولم يأت سلوكه اليوم فقط.
مقالات ذات صلةخطة #التهجير نحو الاردن ومصر ودول ثانية، مجرد أوهام يتم بيعها لارباك الغزيين، وبث الاضطراب في دول جوار فلسطين، وهكذا خطط يجب ان تجابه بكل الوسائل، لان التهجير هنا اعلان حرب على الفلسطينيين ذاتهم، وعلى دول الجوار، ليس كرها بالفلسطينيين لكن لأن اخلاء غزة يعني بدء مخطط تهجير اوسع، سيشمل الضفة الغربية، وقد يصل في مرحلة ما الى الفلسطينيين في فلسطين المحتلة عام 1948، كما ان هذا الفن السياسي الجديد، اي تخوين الغزيين بشكل استباقي كدليل على وطنية الذي يقوم بالتخوين، فن تافه وسطحي ومكشوف، لان تثبيت الغزيين بحاجة الى جهد فلسطيني وعربي وإسلامي، بدلا من التنظير عليهم من بعد، والاكتفاء بإظهار الشفقة وتوزيع شهادات الوطنية، والاستعداد لتشويه سمعتهم اذا فكروا بالانتقال من موقع الى موقع داخل غزة.
الانسان العربي يدرك الوطنية الحقة، وهي التي تقول له إن أصل المشكلة هي الاحتلال فقط، ورد الفعل يتوجب ان يركز على الاحتلال، فيما مواصلة عملقة الغزيين من جهة ثانية، إفراط غير عاقل، لان بعضنا يعملق الغزيين، وكأنهم لا يشقون ولا يتعبون ولا يتألمون، وهذا نزع لانسانية الغزيين، فنحن امام بشر قد يضعفون في لحظة أمام مقتلة الآباء والأبناء، وهذا يفرض التوسط في صياغتنا لشخصية الغزيين الاجتماعية، فهم بشر يقاومون الاحتلال، ويدفعون الثمن، نيابة عن أمة كاملة، وليس دفاعا عن قطعة ارض، وهذا كلام قيل مرارا، إن إسناد الفلسطينيين يبعد الخطر عن بقية المنطقة، ودولها وشعوبها، وتركهم لهذا المصير، سيفتح تدريجيا بقية البوابات.
الرؤية النقدية لما جرى في قطاع غزة، مختلفة من شخص الى آخر، لان الدوافع هنا، متعددة، ولا نجد رؤية نقدية معتدلة ومنطقية، فالكل يلون رؤيته بتوجهه السياسي، والذي من حركة فتح، تتبدى نقديته بطريقة محددة، والذي يؤيد الإخوان المسلمين تتبدى أيضا نقديته بطريقة ثانية ايضا، وهكذا اندفعنا من الصراع مع العدو، الى التراشق ما بيننا، داخل فلسطين ذاتها وعلى المستوى العربي.
توزيع شهادات الوطنية والخيانة، آخر ما يتوقعه أهل غزة، لأن الذي فيهم يكفيهم، ولا تنقصهم هذه الاختام التي تصدق على هذه الشهادات، والواقع الميداني أصعب بكثير مما يظن البعض، والذي يحتاجه أبناء غزة اليوم لإفشال هذه الخطط، ليس الشعارات، ولا تبادل الاتهامات، هم يريدون مساندة فلسطينية، وعربية، واسلامية، تنهي سيناريو التهجير، دون اتهام الضحية.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الاردن فلسطين التهجير
إقرأ أيضاً:
محمد كركوتي يكتب: التعريفات بين الحل والتوتر
الاهتمام الأكبر في الوقت الراهن في ساحة «معارك» التعريفات، ينصب على المفاوضات التي تجري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
واشنطن لم تحسم كل الملفات بهذا الخصوص، بما فيها تلك المتعلقة بالجارتين كندا والمكسيك وغيرهما، إلى جانب غموض المشهد تماماً بشأن العلاقات التجارية المستقبلية مع الصين.
أوروبا ترغب بالفعل في الوصول إلى حلٍّ في غضون الأيام القليلة المقبلة، وهذا الكلام لم يصدر عن الأوروبيين، بل عن الأميركيين أنفسهم، الذين قرروا في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب، بأن لا مكان في هذا الميدان لـ«العلاقة» التحالفية الخاصة مع القارة العجوز، بصرف النظر عن عمقها التاريخي، ومراحل التطور المحورية التي مرّت بها.
اليوم المسألة باتت، منحصرة بحجم الرسوم المفروضة على السلع الأميركية، التي يعتقد البيت الأبيض، أنها ظالمة، وينبغي «تصحيح» الميزان التجاري، من جميع الدول.
لا غنى عن اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، وهذا الأخير مستعد بالفعل، طالما أن الرسوم المقبلة ستكون ضمن النطاق المقبول أي 15% على معظم الواردات من دوله، وهذا يشمل قطاع السيارات، لكن الرسوم الأعلى ستكون من نصيب الحديد والصلب التي قد تصل إلى 50%. لكن هذا ليس نهاية المطاف فالمسألة ستحسم على مكتب الرئيس الأميركي، ولأن الأمر ليس واضحاً تماماً، وضع الأوروبيون خطة تبلغ قيمتها 100 مليار يورو، إذا ما فشلت المفاوضات ففي حال الفشل، ستفرض واشنطن رسوماً تصل إلى 30% على كل الواردات الأوروبية.
ويبدو واضحاً، أن الجانب الأميركي بات أكثر ميلاً للاتفاق، إلا إذا حدثت مفاجآت قد تصدر غالباً من البيت الأبيض فالأوروبيون لن يستسلموا بسهولة، ولديهم «أسلحتهم» القوية كما يعتقدون.
الاتفاق التجاري الأوروبي الأميركي، سيعطي إشارات إيجابية مهمة «إذا ما تم»، للمفاوضات الأخرى بين الولايات المتحدة وبقية الدول الصناعية المحورية، وبعض هذه الدول يقترح حلاً مقبولاً جداً، يستند إلى رفع مستوى استثماراتها في البر الأميركي، وهذا ما يسعى دونالد ترامب إلى تحقيقه منذ عودته للحكم، الأمر الذي سيُهدأ بالضرورة توتر العلاقات على الجانب التجاري، فيما يختص بالرسوم، الأيام المقبلة ستكون حاسمة بالفعل بالنسبة لـ«حرب» التعريفات التي لم تندلع بصورة مفتوحة بعد.
والواضح أن أياً من الأطراف لا يريدها أن تصل إلى هذه المرحلة، لأنها ستنال من الجميع.