دبلوماسي بريطاني مستقيل يكشف عن صفقات الموت والتواطؤ في جرائم الحرب بغزة
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
قال مارك سميث وهو دبلوماسي ومستشار سياسي سابق لوزارة الخارجية البريطانية إن وزراء ومسؤولين كبارا أيدوا صفقات أسلحة أسهمت في الموت والرعب في غزة وغيرها وحث زملاءه السابقين على التصدي لمثل تلك الصفقات.
وذكر سميث في مقال له بصحيفة غارديان البريطانية أنه أمضى مسيرته المهنية في العمل في إدارة الشرق الأوسط وفي خدمة العالم العربي، وأنه بوصفه ضابطًا رئيسيا في سياسة مبيعات الأسلحة كان مسؤولا عن تقييم ما إذا كانت مبيعات الأسلحة التي تقوم بها الحكومة البريطانية ملتزمة بالمعايير القانونية والأخلاقية بموجب القانون المحلي والدولي أم لا.
ولفت إلى أنه استقال -كما هو معلوم- في أغسطس/آب 2024 بسبب رفض الحكومة البريطانية وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل رغم قصفها المستمر لغزة، مشيرا إلى أنه اتخذ قراره بعد أكثر من عام من الضغط الداخلي والتبليغ عن المخالفات.
وشجب تأخر الحكومة البريطانية الشديد في تعليق مبيعات الأسلحة لإسرائيل إذ ظلت أسابيع بعد تقديمه لاستقالته تتلكأ في اتخاذ ذلك القرار بينما استمرت إسرائيل في ارتكاب الفظائع في غزة والمملكة المتحدة واقفة مكتوفة الأيدي غير راغبة في التصرف، على حد تعبيره.
وقال "لقد كشفت الفترة التي قضيتها في وزارة الخارجية والتنمية البريطانية كيف يمكن للوزراء التلاعب بالأطر القانونية لحماية الدول "الصديقة" من المساءلة، فهم يعطلون ويشوهون ويحجبون العمليات الرسمية لخلق واجهة من الشرعية، في حين يسمحون بارتكاب أبشع الجرائم ضد الإنسانية. والآن، بينما تقترح الولايات المتحدة -أحد أقرب حلفائنا- التطهير العرقي الكامل لغزة، فما الذي ينبغي أن نرد به؟".
إعلانووصف ما شهده بأنه "لم يكن مجرد فشل أخلاقي، بل كان سلوكًا أعتقد أنه تجاوز عتبة ما هو قانوني إلى التواطؤ في جرائم الحرب"، موضحا أن الجمهور البريطاني يستحق أن يعرف كيف تُتخذ مثل هذه القرارات خلف الأبواب المغلقة.
"ما شهدته لم يكن مجرد فشل أخلاقي، بل كان سلوكًا أعتقد أنه تجاوز عتبة ما هو قانوني إلى التواطؤ في جرائم الحرب، والجمهور البريطاني يستحق أن يعرف كيف تُتخذ مثل هذه القرارات خلف الأبواب المغلقة".
وباعتباره مستشارًا رئيسيا في مجال سياسة بيع الأسلحة، يقول سميث إن دوره كان جمع المعلومات عن سلوك الحكومات الأجنبية المشاركة في الحملات العسكرية، وخاصة في ما يتصل بالخسائر المدنية والالتزام بالقانون الإنساني الدولي، وإن المعلومات التي جمعها شكلت الأساس للتقارير التي جعلته يقدم النصح للوزراء بشأن ما إذا كان استمرار بيع الأسلحة قانونيا.
وخلال الحملة العسكرية الإسرائيلية الحالية في غزة، التي اتسمت بتدمير غير مسبوق واستهداف متعمد للمناطق المدنية، يقول سميث إن مخاوفه تزايدت.
لكن أسئلته لوزارتي الخارجية والدفاع في بريطانيا حول الأساس القانوني لمبيعات لندن من الأسلحة إلى إسرائيل قوبلت بالعداء والرفض، حسب قوله، مشيرا إلى أنه لم يتلق أي رد على رسائل البريد الإلكتروني، بل حُذر من التعبير عن مخاوفه كتابة، وحاصره المحامون وكبار المسؤولين بتعليمات دفاعية بضرورة "الالتزام بخط الحكومة" وحذف المراسلات.
وأصبح من الواضح، وفقا لكاتب، أن لا أحد كان على استعداد لمعالجة السؤال الأساسي: كيف يمكن أن تكون مبيعات الأسلحة المستمرة إلى إسرائيل قانونية؟
وهذا ما رد عليه سميث بقوله إن تعامل وزارة الخارجية مع هذه القضايا لا يقل عن فضيحة، إذ يرغم المسؤولون على الصمت، ويتم التلاعب بالعمليات لإنتاج نتائج مناسبة سياسيا، كما يتم الوقوف في وجه المبلغين عن المخالفات وعزلهم وتجاهلهم، وفي الوقت نفسه تواصل حكومة المملكة المتحدة تسليح الأنظمة التي ترتكب الفظائع والاختباء وراء الثغرات القانونية والدعاية العامة، وفقا لسميث.
إعلانوشدد الدبلوماسي السابق على أن تواطؤ المملكة المتحدة في جرائم الحرب لا يمكن أن يستمر، "ويتعين علينا أن نطالب بالشفافية والمساءلة في سياساتنا المتعلقة بتصدير الأسلحة. كما يتعين على الوزراء أن يخضعوا للمعايير القانونية والأخلاقية ذاتها التي يزعمون أنهم يلتزمون بها.. كما يجب حماية المبلغين عن المخالفات، وليس معاقبتهم، لقولهم الحقيقة".
"ما يحدث في غزة عقاب جماعي، إنه إبادة جماعية. حان الوقت لوضع حد للصمت، لا تسمحوا للوزراء بمقايضة الأرواح البشرية بالمصالح السياسية، لقد حان وقت المساءلة".
ووصف سميث الوضع الحالي في غزة بأنه لا يمكن أن يكون أكثر سوءا، إذ يقترح أقرب حليف لبريطانيا طردا جماعيا لـ2.1 مليون شخص من غزة و"هدم واحدة من أكثر المناطق المدنية كثافة سكانية على وجه الأرض، وهذا تطهير عرقي"، حسب تعبيره.
وختم سميث بدعوة زملائه السابقين "أولئك الذين ما زالوا يؤمنون بقيم النزاهة والعدالة إلى رفض التواطؤ" مع هذه الخطة وعدم تصديق التقارير التي تبرئ من الجرائم ضد الإنسانية، إذ إن ما يحدث "ليس دفاعا عن النفس بل عقاب جماعي، إنه إبادة جماعية. حان الوقت لوضع حد للصمت، لا تسمحوا للوزراء بمقايضة الأرواح البشرية بالمصالح السياسية، لقد حان وقت المساءلة"، على حد تعبير سميث.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات مبیعات الأسلحة فی جرائم الحرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
عاجل|رئيس تشيلي يشعل الجدل: حظر واردات الأراضي المحتلة ووقف تصدير الأسلحة لإسرائيل
أعلن الرئيس التشيلي غابرييل بوريتش في خطابه السنوي الأخير عن خطوات تصعيدية ضد إسرائيل بسبب الحرب في غزة، مؤكدًا على أنه سيقدّم مشروع قانون لحظر استيراد المنتجات القادمة من "الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني"، في خطوة تعكس موقفًا سياسيًا متقدمًا ضد الاحتلال الإسرائيلي.
كما أبدى بوريتش دعمه لمبادرة إسبانيا بفرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، داعيًا إلى تكثيف الضغط الدولي لوقف العدوان على غزة.
يُعرف الرئيس التشيلي بمواقفه الحادة ضد السياسات الإسرائيلية، حيث استدعى السفير الإسرائيلي للتشاور وسحب عددًا من العسكريين من سفارة بلاده في تل أبيب، في رسالة دبلوماسية قوية تعبّر عن رفض بلاده للانتهاكات المستمرة في الأراضي الفلسطينية.
وتأتي هذه التحركات وسط حالة من الغضب الشعبي والتضامن الواسع في تشيلي مع القضية الفلسطينية، إذ تحتضن البلاد واحدة من أكبر الجاليات الفلسطينية خارج العالم العربي.
في المقابل، صعّد الجيش الإسرائيلي عملياته في غزة، بتوجيهات من رئيس الأركان إيال زامير، الذي أمر بتوسيع نطاق الهجوم ليشمل مناطق جديدة في جنوب وشمال القطاع، بحجة "توفير الظروف الملائمة لإعادة المختطفين وهزيمة حماس".
وتترافق هذه العمليات مع هجمات جوية مكثفة وإنشاء مراكز لتوزيع المساعدات، وسط ظروف إنسانية كارثية تعاني منها غزة بفعل الحرب المستمرة والحصار.
تتوالى الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، إلا أن التعثر في المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس ألقى بظلاله الثقيلة على المشهد.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر تعليمات باتخاذ إجراءات "قوية" ضد حماس، متهمًا الحركة برفض إطلاق سراح الرهائن.
في المقابل، حمّلت حماس حكومة نتنياهو المسؤولية الكاملة عن "الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار وتعريض الأسرى لمصير مجهول".
يثير موقف بوريتش تساؤلات واسعة حول قدرة الدول اللاتينية ودورها في التأثير على الساحة الدولية، وهل يمكن لمثل هذه القرارات أن تشكّل ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة؟
في ظل استمرار التصعيد، تبقى غزة في قلب العاصفة، وسط جهود دولية متباينة لإنهاء الحرب ووضع حد للمأساة الإنسانية المتفاقمة.