حي الشيخ جرّاح بالقدس.. الاستيطان يتعمق بمشاريع جديدة
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
القدس المحتلة- بينما تعتبر بلدة سلوان الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى بمدينة القدس المحتلة فإن حي الشيخ جراح يعتبر الحامية الشمالية له، ولذلك تسعى سلطات الاحتلال لتطويقه والتغلغل الاستيطاني فيه.
وضمن المحاولات المستمرة لإحكام القبضة على الحي، ينشط العمل حاليا على تنفيذ مشروعين ضخمين، أولهما مدرسة دينية يهودية "يشيفا" تضم سكنا للطلبة المتدينين وستنشأ في الشطر الشرقي من الحي، المعروف بكرم الجاعوني.
أما المشروع الثاني فهو حي سكني استيطاني سيقام في الشطر الغربي من الحي المعروف فلسطينيا بـ"أرض النقاع" وإسرائيليا بـ"كبّانية أم هارون".
وحول المدرسة الدينية تحدث خبير الخرائط والاستيطان خليل التفكجي للجزيرة نت قائلا إن مجموعة من اليهود المتدينين تقدموا للجنة المحلية في بلدية الاحتلال من أجل إقامة معهد ديني يتكون من 9 طوابق فوق الأرض و3 أسفلها بادعاء أن ملكية الأرض تعود لدائرة "أراضي إسرائيل"، وهي دائرة تشرف على الأراضي التي صودرت عام 1968 ضمن أكبر عملية مصادرة تمت في تلك الفترة وشملت 3345 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع).
وستبلغ مساحة البناء -وفقا للتفكجي- 9615 مترا مربعا على أرض تبلغ مساحتها 4 دونمات، كما سيتم إخلاء عدة عائلات فلسطينية إلى الشمال من هذا المشروع من أجل إقامة بناية مكونة من 5 طوابق تضم 10 وحدات سكنية للمستوطنين، وإلى الشرق من هذه المدرسة سيتم إقامة بناية مكونة من 6 طوابق لإقامة مكاتب خاصة بهذا المجمع.
وفي الشطر الغربي من الحي المعروف بـ"أرض النقاع" طُرح على الطاولة مشروع حي استيطاني ضخم على مساحة 17 دونما يضم 316 وحدة سكنية، وتسعى سلطات الاحتلال -وفقا للخبير المقدسي- لربط هذا المشروع بالبؤر الاستيطانية في الشطر الشرقي مرورا بمنطقة كرم المفتي وصولا إلى منطقة جبل المشارف التي تضم الجامعة العبرية.
إعلانوهكذا يتحقق هدف تقسيم الحي إلى شمالي وجنوبي لتسهيل السيطرة عليه، وربط شطري القدس الشرقي والغربي ببعضهما عبر إقامة البؤر الاستيطانية ضمن الأحياء الفلسطينية حتى لا تقسم مدينة القدس مرة أخرى، لأن هذه المشاريع يقع جزء منها ضمن المنطقة الحرام (الفاصلة بين حدود إسرائيل والأردن بين عامي 1948 و1967).
ووفق الباحث المتخصص في شؤون الاستيطان أحمد صب لبن فإن حي الشيخ جرّاح يعاني بشطريه من زحف استيطاني واستهداف له بـ9 مشاريع استيطانية.
وتتضمن هذه المشاريع بناء وحدات استيطانية وكنس يهودية ومبان عامة تتبع للحكومة الإسرائيلية، وفقا لصب لبن في حديث سابق للجزيرة نت.
وأضاف أن حي الشيخ جراح كبقية الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة التي تقع في نطاق الأطماع الإسرائيلية الرامية لطرد السكان وتهجيرهم قسريا للسيطرة على أكبر مساحة جغرافية لضمان السيطرة على ما يدعى "الحوض المقدس" الذي يحيط بالبلدة القديمة.
وأضاف أن معاناة سكان الشطر الغربي من الحي بدأت عام 1967 حين وضعت المباني التي يقطنها السكان هناك تحت وصاية "حارس الأملاك العامة الإسرائيلي"، في هذا القسم الذي يقع في الحد الأقصى من حي الشيخ جراح على خط التماس الفاصل بين حدود عامي 1948 و1967.
وتعود ملكية هذا الشطر لعائلتي حجازي ومعو اللتين خاضتا نزاعا طويلا في المحاكم الإسرائيلية لمحاولة إثبات ملكيتهما لهذه الأرض حسب الباحث صب لبن.
"هناك العديد من الدلائل التي تثبت ملكية العائلتين للأرض، وتدعي إسرائيل أن اليهود يملكونها قبل عام 1948 لكن عائلات يهودية استأجرت منازل في الحي قديما وكانوا يدفعون الإيجار في المحاكم الشرعية بالقدس وهذا مثبت، إلا أن إسرائيل ضربت بعرض الحائط كل ذلك ووضعت كافة السكان تحت خطر الإخلاء لصالح المستوطنين"، وفق الباحث المقدسي.
خطير| مخططان استيطانيان مُقبلان، سيُقامان في قلب حي الشيخ جراح المقدسيّ؛ لقلب الكفة الديموغرافية!
التفاصيل مع "القدس البوصلة".https://t.co/z7IO27otJy#القدس_البوصلة pic.twitter.com/IADx0CPevD
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) February 5, 2025
تسجيل خطيروأشار صب لبن إلى المحاولات المستمرة لتسجيل الأراضي باسم يهود، وهو ما تم فعليا لجزء منها وسجلت بمسميات إسرائيلية مما يزيد القضية تعقيدا.
وبالإضافة لخطورة المشاريع الاستيطانية التي ستنفذ بقوة الاحتلال في الحي فإن سكانه يعانون منذ سنوات من تغلغل المستوطنين بينهم، بعد استيلائهم على بعض العقارات في الشطرين الشرقي والغربي.
إعلانويعتبر مشروع "تسجيل وتسوية الأراضي" الكابوس الذي يلاحق المقدسيين الذين تعتبر أوراقهم الثبوتية غير مقنعة من وجهة النظر الإسرائيلية، وبالتالي تسهل السيطرة على ما تبقى من أراضيهم وعقاراتهم، وفق مختصين مقدسيين.
ولوحظ منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تسارع في إطلاق أو تنفيذ مشاريع استيطانية في القدس استغلالا لانشغال العالم ووسائل الإعلام بما يحدث في القطاع.
وكثفت الدوائر الإسرائيلية عملها في عدة اتجاهات انتقاما من المقدسيين عبر تكثيف وسائل الضغط الرامية لتهجيرهم من القدس وحسم كفّة الديمغرافيا في العاصمة المحتلة لصالح اليهود.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حی الشیخ جراح فی الشطر من الحی
إقرأ أيضاً:
"القضية 137": فيلم فرنسي يعيد فتح جراح السترات الصفراء ويواجه عنف الدولة
يعود المخرج الفرنسي دومينيك مول في فيلمه الجديد "القضية 137"، المعروض ضمن المسابقة الرسمية للدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كان السينمائي، إلى واحدة من أكثر اللحظات توترًا في تاريخ فرنسا الحديث: صدامات "السترات الصفراء" مع الشرطة في شوارع باريس عام 2018.
يتنافس الفيلم على جائزة السعفة الذهبية، متناولًا ملفًا شائكًا عن عنف الشرطة، والارتباك المؤسسي في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، في سعي المتظاهرين نحو العدالة وتحسين أوضاعهم الاجتماعية.
تدور الأحداث حول ضابطة الشرطة ستيفاني برتراند، التي تؤدي دورها الممثلة ليا دراكر، وهي موظفة ملتزمة تسعى لأداء واجبها بمهنية. خلال تحقيقها في إصابة خطيرة لمتظاهر يُدعى غيوم – أصيب بكسر في الجمجمة جراء إطلاق نار مباشر من الشرطة – تواجه ستيفاني صعوبات في الوصول إلى الحقيقة وسط ضغوط إدارية وطبية معقدة.
غيوم، الشاب الذي يشارك للمرة الأولى في التظاهرات، جاء إلى باريس برفقة والدته وأصدقائه من قريته الصغيرة "سان ديزييه"، بدافع الاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية وليس بدافع سياسي. لكنه يتعرض برفقة صديقه ريمي لهجوم مفاجئ من الشرطة، ما يؤدي إلى إصابته الخطيرة ودخوله في سلسلة عمليات جراحية معقدة.
خلال التحقيق، تنجح ستيفاني في تحديد هوية الضباط المتورطين وتستجوبهم، لتكتشف عقليات مملوءة بالشعور بالتفوق والاستعلاء، ينظرون إلى المتظاهرين كأعداء بطبيعتهم. وتُضيف الشاهدة أليسيا مادي – وهي امرأة سوداء تؤدي دورها غوسلاجي مالاندا – بعدًا جديدًا للحقيقة، مما يدفع ستيفاني إلى مراجعة قيمها وأفكارها حول العدالة.
يتناول الفيلم أيضًا البنية القمعية لمؤسسات الدولة كما وصفها الفيلسوف الفرنسي لوي ألتوسير، مركّزًا على الجهازين الأكثر تعقيدًا وتأثيرًا: الشرطة والقضاء. ويشير في النهاية إلى مفارقة صادمة، وهي أن التاريخ القضائي الفرنسي لا يسجل حالة واحدة فقد فيها ضابط شرطة وظيفته نتيجة سلوك عنيف.
"القضية 137" ليس مجرد عمل سينمائي، بل شهادة فنية مؤلمة على صراع لا يزال مستمرًا بين السلطة والمواطن، بين الحقيقة والمسكوت عنه.