تأييد فلسطيني.. الدول العربية مطالبة بالاصطفاف خلف قرارات مصر والأردن
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
ثمَّن سياسيون ومحللون فلسطينيون الموقف الرسمى المصرى والأردنى فى رفض المخططات الأمريكية والإسرائيلية، التى أعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لتهجير أهالى قطاع غزة، بعد 15 شهراً من حرب الإبادة الجماعية على أبناء الشعب الفلسطينى، وأكد السياسيون الفلسطينيون أن الدول العربية مطالبة بالاصطفاف خلف مصر والأردن فى رفض مخططات التهجير، والوقوف صفاً واحداً لعدم المساس بحقوق الشعب الفلسطينى.
وأكد الدكتور نزار نزال، محلل سياسى فلسطينى، أن الموقف المصرى فاجأ الجميع، مشيداً بتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى الواضحة تجاه رفض التهجير، والتى أكد فيها أن موضوع التهجير «خط أحمر» بالنسبة لمصر، واعتبر «نزال» أن الموقف المصرى متقدم بشكل كبير ومتطور فى هذا السياق، مشيراً إلى أن مصر تسير بخطى واثقة فى مواجهة كافة التحديات، وأضاف أن تصريحات المسئولين المصريين فى رفض التهجير فيها نوع من الندية والحدة والتحدى، مشدداً على أن تمسك مصر بهذا الموقف المتقدم سيقود إلى إجهاض مخطط التهجير.
وأوضح المحلل السياسى الفلسطينى أن السماح بدخول وتهجير الفلسطينيين إلى الأراضى المصرية سينقل الصراع من الأراضى المحتلة إلى مصر، وهذا لن تقبله مصر، كما أنها لن تقبل المساس بأمنها القومى، واستبعد «نزال» أن يكون هناك أى تهاون فى الموقف المصرى الرافض للتهجير، مشيراً إلى أن «الدولة العميقة فى إسرائيل تخشى من مصر وتخافها، خاصةً أن مصر دولة ثقيلة لها وزنها، ولديها قيادة حكيمة، ودبلوماسية ناعمة، وأحياناً خشنة، وهذا كله ليس من ضعف، ولكن من قلب القوة»، وأضاف أن مصر لن تسمح بأن يكون هناك تهجير للفلسطينيين، مشيراً إلى أن هذا الموقف سيلقى بظلاله على الموقف العربى المنتظر فى القمة العربية المقرر عقدها يوم 27 فبراير الجارى.
وشدد السياسى الفلسطينى على أن مصر تتحرك بطريقة مدروسة لإحباط هذه المخططات، مطالباً الدول العربية بدعم المصريين، وخاصةً المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر والبحرين والعراق، وأضاف أنه يجب على كل الدول العربية الوقوف إلى جانب مصر، اقتصادياً وعسكرياً، مؤكداً أن مصر هى «رأس الحربة» فى هذه المواجهة، معرباً عن اعتقاده بأنه فى حالة إذا ما أقدمت دولة الاحتلال الإسرائيلى على اتخاذ خطوة واحدة تجاه تنفيذ ذلك المخطط، فإن مصر ستتقدم 3 خطوات.
من جانبه، أكد الشيخ وضاح درعان الوحيدى، منسق العشائر الفلسطينية فى قطاع غزة والضفة الغربية والشتات، تأييده لما وصفه بـ«الموقف المصرى الأصيل»، الذى عبَّرت عنه القيادة المصرية، وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسى، برفض أى محاولات لتهجير أبناء الشعب الفلسطينى من أرضهم فى قطاع غزة، واعتبار أن ذلك يشكل «خطاً أحمر» لا يمكن تجاوزه، وأضاف أن «هذا الموقف المشرف يعكس عمق العلاقة التاريخية بين الشعبين الفلسطينى والمصرى، ويثبت مجدداً أن مصر كانت وستظل السند الداعم لقضيتنا العادلة، والحامى لحقوق الشعب الفلسطينى، فى وجه كل المخططات التى تهدف إلى اقتلاعه من أرضه، وتقدم الشيخ «الوحيدى» بالشكر والتقدير لجمهورية مصر العربية، قيادةً وشعباً، على هذا الموقف المبدئى، الذى يرسّخ وحدة المصير بين الشعبين المصرى والفلسطينى، داعياً كافة الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولى إلى اتخاذ خطوات مماثلة، للتصدى لكافة المخططات التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
كذلك أشاد جميل سرحان، رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بقطاع غزة، بالموقف المصرى، الذى وصفه بأنه «موقف عروبى بامتياز»، يعبر عن المصلحة الفلسطينية والمصرية والعربية، وأضاف «سرحان» أن «الموقف المصرى يؤكد أن الشعب الفلسطينى له حقه فى أرضه، ولا يجوز لأى شخص أن ينتزعه من أرضه، وأنه لا توجد جهة قادرة على إجبار الشعب المصرى على قبول تهجير الفلسطينيين، وأضاف أن الموقف العربى «واضح وحازم» بهذا الشأن، وهو ما سيتم التأكيد عليه خلال القمة العربية المقبلة.
وقال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن الموقف المصرى ثابت تجاه دعم القضية الفلسطينية، وتجاه التهجير القسرى أو الطوعى للشعب الفلسطينى، واعتبر أنه «موقف واضح منذ سنوات طويلة، وليس وليداً للأحداث الحالية»، وأكد «الرقب» أن مشاريع تهجير الشعب الفلسطينى من غزة يجرى طرحها منذ خمسينات القرن الماضى، كان أبرزها مشروع «روجرز»، مشيراً إلى أن مصر رفضت مخطط التهجير بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، وأوقفت مخطط إسرائيل لإزاحة سكان قطاع غزة تجاه سيناء، كما أن مصر تقف ضد مخططات التهجير إلى أى مكان، لأن «التهجير معناه شطب القضية الفلسطينية»، التى تعتبرها مصر قضيتها، وتعمل للحفاظ على المشروع الوطنى الفلسطينى.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن القاهرة تحركت مبكراً قبل تصريحات «ترامب»، وتدرك ذلك جيداً، وطالبت بأن يكون هناك موقف دولى وعربى لرفض التهجير، وصدرت بيانات عديدة ترفض تهجير سكان قطاع غزة، وأكد أن مصر تعد خطة لإعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير الفلسطينيين، معرباً عن توقعه بأن تشمل خطة الإعمار بناء مدن جديدة بشكل تدريجى، دون الحاجة إلى تهجير السكان، مشيداً بالموقف المصرى الثابت والواضح والصريح، معتبراً أنه أسهم فى تثبيت الموقف الفلسطينى الرافض للتهجير.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: القضية الفلسطينية غزة تصفية القضية الفلسطينية وزارة الخارجية الشعب الفلسطینى الدول العربیة الموقف المصرى هذا الموقف قطاع غزة وأضاف أن إلى أن أن مصر
إقرأ أيضاً:
تجسيد "روح باندونغ" في العلاقات الصينية العربية
ووي وي يانغ **
قبل سبعين عامًا، عقدت دول آسيا وإفريقيا مؤتمرًا تاريخيًا في باندونغ بإندونيسيا؛ حيث طُرحت "المبادئ العشرة لباندونغ" الشهيرة، التي أكدت على المساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعايش السلمي، والتعاون المتبادل المنفعة. وقد شكلت هذه المبادئ راية روحية للدول النامية من أجل التضامن والتقوية الذاتية، والسعي من أجل الاستقلال الوطني والتنمية.
إن روح باندونغ، التي تتمحور حول " التضامن، التعاون، التنمية"، لم تقتصر على توحيد إرادة دول آسيا وإفريقيا خلال فترة الحرب الباردة، بل لا تزال تتجلى بأشكال جديدة في التفاعلات والتعاون بين الصين والدول العربية في هذا العصر الجديد الذي يشهد تغيرات متسارعة على الساحة الدولية.
عند انعقاد مؤتمر باندونغ، كانت غالبية الدول العربية في المرحلة المفصلية من كفاحها للتخلص من الاستعمار وتحقيق الاستقلال. وقد كانت الصين من أوائل الدول الكبرى التي دعمت نضال الشعوب العربية ضد الاستعمار، ووقفت بثبات في الجانب الصحيح من التاريخ، مما شكل نقطة انطلاق للصداقة الصينية العربية على أساس التجربة المشتركة في مقاومة الاستعمار والرغبة في التنمية.
حتى اليوم، ما زالت المبادئ التي نادت بها روح باندونغ، مثل الاستقلال الذاتي، والاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والمساواة والمنفعة المتبادلة، متجذرة بعمق في العلاقات الصينية العربية. سواء كان ذلك في ظل الاضطرابات الإقليمية أو في ظل تباطؤ الانتعاش الاقتصادي العالمي، فإن الجانبين الصيني والعربي يلتزمان دائمًا بالحوار أولًا، والتعاون أساسًا، والتنمية أولوية، ويدافعان معًا عن الحقوق المشروعة للدول النامية، ويصونان التعددية والعدالة الدولية.
بالنسبة إلى الدول العربية، فإن الالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ورفض الهيمنة يشكل ضمانة مهمة لاستقلالية القرار الدبلوماسي. أما بالنسبة إلى الصين، فإن تعزيز التضامن والتعاون مع العالم العربي في هذه المرحلة الحرجة من إعادة تشكيل النظام الدولي، يشكل مسارًا واقعيًا للمساهمة في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
في السنوات الأخيرة، تعمقت الثقة السياسية المتبادلة بين الصين والدول العربية. في مواجهة القضايا الساخنة في المنطقة والاهتمامات المتعلقة بالسيادة والأمن، تلتزم الصين دائمًا بالموقف العادل، وتدافع عن الدول العربية في المحافل المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، وتعارض التدخلات الخارجية، وتدعو إلى حل النزاعات من خلال الحوار والمفاوضات. وفي ظل تصاعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتطور أزمة السودان، وتدهور الأوضاع في اليمن وليبيا، لعبت الصين دور الوسيط النشط، وطرحت "الحلول الصينية"، التي حظيت بالإشادة الواسعة من العالم العربي.
إن قوة التضامن لا تظهر فقط في المجال الدبلوماسي، بل تتجلى أيضًا في بناء الآليات المتعددة الأطراف. فمنذ انعقاد القمة الصينية العربية الأولى في الرياض عام 2022، تم إدراج مفهوم "مجتمع المصير المشترك الصيني العربي" في الوثائق السياسية المشتركة، مما منح التضامن الصيني العربي بُعدًا استراتيجيًا أوضح.
وفي الوقت الراهن، دخل التعاون الصيني العربي فترة "الازدهار الذهبي". ومع التوافق العميق بين مبادرة "الحزام والطريق" الصينية ورؤى التنمية مثل رؤية "عُمان 2040" في سلطنة عُمان، توسعت مجالات التعاون في البنية الأساسية والطاقة والاقتصاد الرقمي والطاقة الجديدة، لتصبح محركًا جديدًا لتنمية المنطقة.
تشير الإحصاءات إلى أن الصين ظلت لأعوام عديدة الشريك التجاري الأكبر للدول العربية. وفي عام 2024، تجاوز حجم التجارة الثنائية 400 مليار دولار أمريكي. وتشارك الشركات الصينية بنشاط في مشاريع كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، ومدينة نيوم في السعودية، وشبكات الطرق السريعة في الجزائر، مما يساهم في خلق فرص العمل ونقل التكنولوجيا محليًا.
وفي الوقت نفسه، يشهد التعاون الرقمي والأخضر بين الصين والدول العربية نموًا قويًا. فشركات مثل هواوي وعلي بابا تتعاون مع العديد من الدول في الدول العربية لبناء مدن ذكية وتطوير تقنيات الحوسبة السحابية. وفي مجالات الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية في الصحراء وطاقة الرياح، تتعاون الإمارات والسعودية والمغرب مع الصين لتقاسم ثمار التكنولوجيا، ودفع عجلة التنمية المستدامة.
ومن الجدير بالذكر أن الجانبين الصيني والعربي يُوليان أهمية كبيرة للتعاون في مجالات معيشة الشعوب، مثل الصحة والتعليم والزراعة. حيث ترسل الصين فرقًا طبية وخبراء زراعيين إلى العديد من الدول العربية، للمساعدة في تحسين المحاصيل الزراعية وبناء منصات التعليم عن بُعد. ويجسد هذا المفهوم التنموي المرتكز على الشعب جوهر روح باندونغ في العصر الحديث.
رغم مرور سبعين عامًا وتغير العالم جذريًا، فإن روح باندونغ لا تزال حية ونابضة. فهي ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل قوة تمهد الطريق نحو المستقبل.
وأمام حالة التوتر في الوضع الدولي وتعقيد التحديات الإقليمية، يجب على الصين والدول العربية أن تتمسك بروح باندونغ بثبات أكبر، وتمارس زمام المبادرة الاستراتيجية، وتعزز التعاون المتعدد الأطراف، وتوسيع آفاق التنمية، لتقديم دفعة جديدة نحو نظام دولي أكثر عدالة وإنصافًا.
وقد طرحتْ الصين مبادرات التنمية العالمية، والأمن العالمي، والحضارة العالمية، ولقيت هذه المبادرات استجابة واسعة ومشاركة نشطة من الدول العربية، مما يشكل تقاطعًا حيًا بين روح باندونغ ومتطلبات العصر. وعلى طريق الازدهار المشترك، تسير الصين والدول العربية يدًا بيد نحو مستقبل واعد.
"الصديق وقت الضيق." ومهما تغيرت الظروف الدولية، فإن تمسكنا بروح الوحدة والتعاون والتنمية، كفيل بأن يجعل روح باندونغ تتألق من جديد في العصر الحديث، ويكتب فصلًا جديدًا في سجل الصداقة والتعاون الصيني العربي.
** باحث في قسم دراسات الدراسات الإقليمية والدولية بجامعة "صون يات سين" الصينية