حكم التأمين على الحياة.. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة: "ما حكم الشرع في التأمين على الحياة؟ وما مدى توافقه مع أحكام الشريعة الإسلامية الغَرَّاء؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: ان التأمين على الحياة أمرٌ جائزٌ شرعًا، وهو في جملته تكاتُفٌ وتكافُلٌ وتعاوُنٌ على البِر والإيثار، وجارٍ على أصول مكارم الأخلاق التي تتلاقى معانيها ومقاصدها معَ ما وردت به الشريعة الإسلامية من مواقف وتوجيهات تَجلَّى فيها روح التعاون والمواساة عند توقع الخطر والتماس طرق الوقاية منه.
حث الشرع الشريف المسلمين على التعاون والترابط
حثَّ الشرعُ الشريفُ المسلمين على التراحمِ والترابطِ والتعاون فيما بينهم، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» متفق عليه مِن حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، إلى غير ذلك مِن النصوص الواردة في هذا الباب، و"فائدة التعاون: تيسير العمل، وتوفير المصالح، وإظهار الاتحاد والتَّنَاصُر حتى يُصبح ذلك خُلُقًا للأُمَّة"، كما قال شيخ الإسلام الطاهر بن عَاشُور في "التحرير والتنوير" (6/ 88، ط. الدار التونسية).
وقد وضعَ الشرعُ للناسِ نظامًا اجتماعيًّا قويمًا، يُسهِمُ في سدِّ حوائجِ المحتاجين وتفريجِ كرباتهم، فأوجبَ الزكاة مثلًا وجعلَهَا مِن أركانِ الدِّين، وحثَّ على الصدقات وبيَّن أنها مِن أعظمِ أبوابِ الخيرِ وأفضل صور التكافل والتعاون.
بيان المراد بالتأمين
من صور التكافل والتعاون في عصرنا الحاضر: ما يُعرف بـ"التأمين"، وهو عبارةٌ عن "عقد يلتزم المؤمِّن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمَّن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغًا من المال، أو إيرادًا مرتبًا، أو أي عِوَضٍ ماليٍّ آخر، في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المُبَيَّن بالعقد، وذلك في نظير قسطٍ أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمَّن له للمؤمِّن"، كما عَرَّفَتْهُ المادة (747) من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948م.
حكم التأمين على الحياة والأدلة على ذلك
من جملة أنواع التأمين: ما يُعرف بـ"التأمين على الحياة"، والتكييف الفقهي المختار لهذا النوع أنه عقدُ تبرُّعٍ قائمٌ على التكافل الاجتماعي والتعاون على البِرِّ، وليس بعقدِ معاوَضة، حيث يتبرع المُؤَمَّن له بالقسط المدفوع، في مقابل تبرع المؤمِّن بقيمة التأمين.
والتأمين على الحياة بهذا الوصف عقدٌ جائزٌ شرعًا بعموم الأدلة الشرعية من الكتاب والسُّنة:
أمَّا الكتاب فقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، وكلمة "العقود" عامةٌ تشمل كلَّ عقد، ومنها عقد التأمين على الحياة وغيره، ومن المقرر أن الأصل في العقود والمعاملات الإباحةُ، ما لم يأتِ دليلٌ شرعيٌّ على التحريم، كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي (23/ 92، ط. دار المعرفة)، و"حاشية الإمام الدُّسُوقِي المالكي على الشرح الكبير" (2/ 217، ط. دار الفكر)، و"كفاية النبيه" للإمام ابن الرِّفْعَة الشافعي (9/ 311، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح منتهى الإرادات" للإمام أَبِي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (2/ 56، ط. عالم الكتب).
وهذا الأصل هو ما يتوافق مع مقاصد الشرع الشريف مِن تحقيق مصالح العباد والتيسير عليهم ورفع الحرج عنهم، ولا فرق بين كون هذه العقود موروثةً منصوصًا عليها، كالبيع والشراء والإجارة وغيرها، أو كونها مستحدَثَةً لم تتناولها النصوص بالذكر والتفصيل على جهة الخصوص كما في عقد التأمين، ما دامت تلك العقود خالية من الضرر والغرر، وتُحقق مصالح أطرافها.
وأمَّا السُّنة: فقد روي عن عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ الضَّمْرِيِّ قال: شهدتُ خُطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمِنًى، وكان فيما خَطَب: «وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والدارقطني والبيهقي في "السنن".
فجَعَل سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم طريقَ حِلِّ المال أن تسمح به نفسُ باذِلِهِ من خلال التراضي، والتأمين يتراضى فيه الطرفان على أخذ مالٍ بطريقٍ مخصوصٍ لا غرر فيه ولا ضرر، فيكون حلالًا.
وقد جرى العرف على التعامل بهذا النوع من العقود، وكما هو مقرر أن العرف معتبرٌ شرعًا ومصدر من مصادر التشريع، قال تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199]، ولما ورد في الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، والحاكم في "المستدرك".
كما أن عقد التأمين ليس من عقود الغرر المُحرَّمة؛ لأنَّ مبناه على التبرع ابتداءً وانتهاءً، فالمؤمَّن له يتبرع ابتداءً بالأقساط التي يدفعها، والمؤمِّن يتبرع انتهاءً بقيمة مبلغ التأمين الذي ارتضاه بالعقد ابتداءً، ويترتب على ذلك ثبوت حقِّ الوفاء بالالتزام على المؤمِّن تجاه المؤمَّن له، والمُؤَمَّن له تجاه المُؤَمِّن؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» أخرجه الأئمة: الحاكم في "المستدرك"، والدارقطني والبيهقي في "السنن" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومِن المقرر شرعًا أن عقود التبرعات يُتهاوَن فيها عن الغرر الكثير، بخلاف عقود المعاوضات فإنه لا يقبل فيها إلا الغرر اليسير، كما في "الفروق" للإمام شهاب الدين القَرَافِي (1/ 151، ط. دار إحياء الكتب)، و"القواعد" للإمام الحافظ ابن رَجَب (ص: 233، ط. دار الكتب العلمية، القاعدة الخامسة بعد المائة).
على أن الغرر يُتصوَّر حينما تكون الحقوق والالتزامات في العقد مُبهَمَةً، أما وقد صار كلُّ طرف في عقد التأمين يعرف مقدَّمًا مقدارَ ما سيدفعه ومقدارَ ما سيحصل عليه، فحينئذٍ لا يتصور وجود الغرر الفاحش المنهي عنه أصلًا.
كما لا يوجد في عقد التامين شُبهة القمار؛ لأن المقامَرَة تقوم على الحظ، في حين أن التأمين يقوم على أسسٍ وقواعد منضبطةٍ وحساباتٍ مدروسةٍ ومحسوبةٍ مِن جهة، وعلى عقدٍ مبرَمٍ من جهة أخرى.
يضاف إلى ذلك: أنَّ التأمين بصوره المتعددة قد صار ضرورةً اجتماعيةً تُحَتِّمُها ظروف الحياة، ويَتحقق به التكافُلُ والتضامُنُ والتعاوُنُ في رفع ما يصيب الأفراد من أضرار الحوادث والكوارث، فهو على هذا النحو ليس ضريبةً تُحَصَّل بالقوة، وإنما هو تكاتُفٌ وتعاوُنٌ على البِر والإيثار المأمور بهما في الإسلام.
وهو جارٍ بذلك على أصول مكارم الأخلاق التي تتلاقى معانيها ومقاصدها معَ ما وردت به السُّنَّة النبوية المطهرة من مواقف تَجلَّى فيها روح التعاون والمواساة عند توقع الخطر والتماس طرق الوقاية منه، كأن يُجمع ما لدى الرفقاء من مالٍ أو طعامٍ من أجل إباحة بعضهم بعضًا بموجوده، وإنفاقه بينهم شراكةً وقَسْمًا، كلٌّ بحسب حاجته وكفايته، على الرغم مِن أنَّ في هذه الرُّفقة مَن لم تكن له بقية طعام وليس لديه مالٌ، فيما يُعرف بالتَّنَاهُد، وهو تخارُجُ الطَّعَام وَالشرَاب على قَدْرٍ فِي الرُّفْقَة، كما أفاده العلامة ابن سِيدَه في "المحكم والمحيط الأعظم" (4/ 266، ط. دار الكتب العلمية).
قال العلامة محمد أنور الكَشْمِيرِي في "فيض الباري" (4/ 4، ط. دار الكتب العلمية): [النَّهدُ: أن يَنْثُرَ الرُّفقةُ زادَهم على سُفْرةٍ واحدةٍ ليأكلوا جميعًا بدون تقسيم، ففيه شَرِكةٌ أوَّلًا، وتقسيمٌ آخِرًا، ولا ريبَ أنه تقسيمٌ على المجازفةِ لا غير، مع التَّفاوُتِ في الأَكلِ.. وقد مَرَّ معنا الجواب أنها ليست من باب المعاوضات التي تجري فيها المُمَاكَسَةُ، أو تدخلُ تحت الحُكْم، وإنَّما هي من باب التسامح والتعامل] اهـ.
ومِن جملة ما جاءت به السُّنَّةُ النبوية المطهرة في ذلك: ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوا بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، وَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ» متفقٌ عليه.
قال الإمام شرف الدين النَّوَوِي في "شرحه على صحيح الإمام مسلم" (16/ 62، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي هذا الحديث: فضيلة الأشعريين، وفضيلة الإيثار والمواساة، وفضيلة خَلْط الأزواد في السَّفَر، وفضيلة جَمْعِهَا في شيءٍ عند قِلَّتِها في الحَضر ثم يُقسم، وليس المراد بهذا القسمة المعروفة في كتب الفقه بشروطها ومَنْعها في الرِّبويات، واشتراط المواساة وغيرها، وإنما المراد هنا: إباحة بعضهم بعضًا، ومواساتهم بالموجود] اهـ.
ومما يجدر التنبيه عليه: أن إقدام المكلَّف على أيِّ تصرفٍ حال حياته يفيد ورثتَه أو مَن هُم في نفقته بَعد وفاته يُعد من الأمور التي رغَّب الشرعُ الشريفُ فيها، بل قد يَفضُل الصدقةَ إذا قصد به أن يترك لهم من المال ما يُغنِيهم مِن بَعده عن تكفُّف الناس والاحتياج إلى صدقاتهم، ويَفضُل كذلك وصيَّتَه بشيءٍ من ماله لغيرهم إن كان ما يتركه من المال قليلًا، وهو مَلْمَحٌ شرعيٌّ أشار إليه سيدُنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله لسعد بن أبي وَقَّاص رضي الله عنه: «إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» متفق عليه.
وعن سيدنا عليٍّ أمير المؤمنين رضي الله عنه أنه دخل على رجل من بني هاشم يَعُودُهُ، فأراد أن يوصي، فنهاه، وقال: "إِنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: 180]، وَإِنَّكَ لَمْ تَدَعْ مَالًا، فَدَعْهُ لِعِيَالِكَ" أخرجه الإمام ابن أبي شيبة في "المصنف".
وعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال لها رجلٌ: إني أريد أن أوصي، قالت: "كَمْ مَالُكَ؟" قال: ثلاثة آلاف، قالت: "كَمْ عِيَالُكَ؟" قال: أربعة، فقالت: "قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: 180]، وَإِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يَسِيرٌ، فَاتْرُكْهُ لِعِيَالِكَ فَهُوَ أَفْضَلُ" أخرجه الإمامان: ابن أبي شيبة في "المصنف"، والبيهقي في "السنن الكبرى" واللفظ له.
قال الإمام أبو الحسن بن بَطَّال في "شرح صحيح الإمام البخاري" (8/ 144-145، ط. مكتبة الرشد): [ولم يكن لسَعْدٍ إلا ابنة واحدة كما ذكر في هذا الحديث، فدَلَّ هذا أنَّ تَرْكَ المال للورثة خيرٌ من الصدقة به، وأنَّ النفقة على الأهل من الأعمال الصالحة... قال ابن المُنْذِر: فدَلَّت هذه الآثارُ على أنَّ مَن تَرَك مالًا قليلًا، فالاختيار له تَرْكُ الوصية وإبقاؤه للورثة] اهـ.
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن التأمين على الحياة أمرٌ جائزٌ شرعًا، وهو في جملته تكاتُفٌ وتكافُلٌ وتعاوُنٌ على البِر والإيثار، وجارٍ على أصول مكارم الأخلاق التي تتلاقى معانيها ومقاصدها معَ ما وردت به الشريعة الإسلامية من مواقف وتوجيهات تَجلَّى فيها روح التعاون والمواساة عند توقع الخطر والتماس طرق الوقاية منه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التأمين على الحياة المزيد صلى الله علیه وآله وسلم التأمین على الحیاة دار الکتب العلمیة رضی الله عنه عقد التأمین على الب ر
إقرأ أيضاً:
ماذا يفعل الحجاج في يوم التروية؟.. الإفتاء توضح
ماذا يفعل الحجاج في يوم التروية.. يستعد الحجاج اليوم للذهاب الى مشعر منى لأداء اول مناسك الحج وهو يوم التروية.
وأوضحت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمى ما يفعله الحجاج فى يوم التروية.
وقالت: و اليوم الثامن من ذي الحجَّة وهو يوم التروية يذهب الحاجّ المُفْرِد والقارن إلى منى ضحى، وكذلك المُتَمَتِّع لكن بعد أن يُحْرِم؛ لأنَّه قد تحلَّل من إحرامه بعد أداء العمرة.
ويُسْتَحَبُّ للذاهب إلى منى الاغتسال، ثم يلبس ملابس الإحرام، فإن كان متمتعًا فليحرم بالحج كما ذكرنا، وليكثر الحاجّ من التلبية.
ويصلّي الحاجّ في منى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وله أن يقصر الرباعية، لكن بدون جمع، والذهاب إلى منى والمبيت بها في هذا اليوم سنة.
وأشارت إلى أنه يجري فى تنظيم بعض رحلات الحج، الخروج في يوم التروية إلى عرفة مباشرة دون المبيت بمنى، ولا شيء على الحاجّ في هذه الحالة؛ لأنَّ المبيت بمنى سنة، واتباع النظام مطلوب؛ حتى لا تختلّ أمور الحجيج.
التعريف بيوم الترويةبينت الإفتاء أن يوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجَّة؛ وسُمِّيَ بهذا الاسم لأنَّ الحجاج كانوا يروون فيه من الماء من أجل ما بعده من أيام؛ قال العلامة البابرتي في "العناية شرح الهداية" (2/ 467، ط. دار الفكر): [وَقِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ بِالْمَاءِ مِنْ الْعَطَشِ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَحْمِلُونَ الْمَاءَ بِالرَّوَايَا إلَى عَرَفَاتٍ وَمِنًى] اهـ.
وقيل: سمي بذلك لحصول التروي فيه من إبراهيم في ذبح ولده إسماعيل عليهما السلام؛ قال الإمام العيني في "البناية شرح الهداية" (4/ 211، ط. دار الكتب العلمية): [وإنما سمي يوم التروية بذلك؛ لأن إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ رأى ليلة الثامن كأنَّ قائلًا يقول له: "إن الله تعالى يأمرك بذبح ابنك"، فلما أصبح رؤي، أي: افتكر في ذلك من الصباح إلى الرواح؛ أمِنَ الله هذا، أم من الشيطان؟ فمِن ذلك سمي يوم التروية] اهـ.
أعمال يوم التروية للحاج
1- الاغتسال ولبس ملابس الإحرام.
2. ينوي أداي مناسك الحج ويهل بالحج قائلا: «لبيك حجا».
3. يتجه إلى منى ويصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر يوم عرفة قصرا بلا جمع، أما المغرب والفجر فلا يقصران.
4. يبيت في منى حتى طلوع شمس يوم عرفة، وإن ذهب إلى عرفة ولم يبت في منى فلا شيء عليه.
في هذا اليوم، يذهب الحاج إلى منى ضحى، بعد أن يحرم؛ لأنه قد تحلّل من إحرامه بعد أداء العمرة، ويكثر الحاج من التلبية وذكر الله والصلاة على سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
دعاء يوم التروية للحاج
لم يرد دعاء محددا لهذا اليوم ، ولكن سنذكر بعض الأدعية التى يمكنكم الاستعانة بها.
(اللهمَّ إني أسألكَ من الخيرِ ما سألك عبدُك ورسولُك محمدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلم وأعوذُ بك من شرِّ ما استعاذكَ منه عبدُك ورسولُك محمدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلم، وأسألكَ ما قضيتَ لي من أمرٍ أنْ تجعلَ عاقبتَه لي رشدًا).
اللهم في يوم التروية اروي ظمأنا يوم العطش الأكبر وارزقنا شربة من حوض نبيك لا نظمأ بعدها أبدا وارزقنا رؤية وجهك الكريم، اللّهم أسكنّا الفردوس بجوار نبيك الكريم، إلهي إن كنت لا ترحم إلّا الطائعين فمن للعاصين، وإن كنت لا تقبل إلّا العاملين فمنّ للمقصرين، «رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي».
اللهم في هذا اليوم المبارك امنن علينا بالرحمة والمغفرة.. اللهم في يوم التروية أكثر حسناتنا بالميزان وأورثنا جنة ذات أفنان وثبتنا بالتقوىٰ والإيمان وزين يومنا بالتوبة والغفران، وأصلح حالنا وأحوالنا يا رحمٰن، واحفظنا من شر الإنس والجان، واغفر لنا ولوالدينا ونجنا من النيران، واجعل أيامنا مباركة في كل زمان ومكان، واجعل دارنا ودار والدينا جنة الفردوس يا حنان يا منان يا عظيم الإحسان.
اللهم في هذا اليوم المبارك، يوم التروية، اروِ قلوبنا بفيض رحمتك وعظيم مغفرتك، وأنزل علينا السكينة والطمأنينة والرضا، وعافنا واعف عنا، وارفع اللهم عنا البلاء والغلاء برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ في يوم التروية منَ الخيرِ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ ما علمتُ منهُ وما لم أعلمْ وأعوذُ بكَ منَ الشَّرِّ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ ما علمتُ منهُ وما لم أعلمْ.