العراق وعدائية ترامب
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
بقلم: أ.م.د. حامد العلي .. باحث متخصص في الشأن
الإسرائيلي ..
وسط ترقب حذر كان تطلّع الحكومة العراقية لقرارات الإدارة الأمريكية الجديدة وخطواتها تجاه بغداد, معلنة تمسكها بالعلاقات الاستراتيجية الجديدة مع واشنطن, لاسيما وأن هناك إرث ثقيل من نقاط اللاعودة التي خلفتها إدارة ترامب السابقة, ولعل ابرزها زيارته السرية لقاعدة عين الأسد دون تنسيق مسبق مع الحكومة العراقية, ناهيك عن تصريحاته المتكررة حول العراق ووصفه قرار الحرب الأمريكية عليه بالخطأ وأنه أصبح تحت سيطرة إيران, وآخرها اصدار أوامره بتنفيذ حادثة المطار التي عدّت من أكثر المواقف حراجة للعلاقات العراقية الأمريكية, لاسيما بعد لجوء القضاء العراقي الى إصدار مذكرة قبض بحق الرئيس ترامب, ثم قيام مجلس النواب بالتصويت على قرار إخراج القوات الأمريكية من البلاد, والتي القت بظلالها سلباً على العلاقات بين البلدين.
يرى أغلب الباحثين أن تقدم العلاقات العراقية الإيرانية قد أسهم في تراجع جودة العلاقات بين بغداد وواشنطن, وما ذكره النائب الجمهوري جو ويلسون بوصفه ان إيران تسيطر على الحكم في العراق, موصياً إدارة ترامب بضرورة إصلاح ذلك الوضع, يرسم ملامح الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه العراق, بعد أن أصبحت المطالب الأمريكية واضحة ومنصبّة حول فك الارتباط السياسي والاقتصادي مع ايران. وهذا ما يتطلب التفكير الجدي بشأن ما سيؤول اليه من مخاطر.
ومع الاعتراف بصعوبة تحقيق التوازن بعلاقات بغداد بين طهران وواشنطن, إلّا أن العراق يحتاج الى فريق عمل خاص لوضع استراتيجية قادرة على رسم ملامح السياسة الخارجية التي تحفظ للعراق مكانته وهيبته. ومع القناعة بأننا نمتلك خبراء وسياسيين في ما كان سابقاً, إلا أن طبيعة الأخطار والتحديات الجديدة تتطلب تشكيل فريق من المفاوضين والخبراء المختصين في ما سيكون مستقبلاً, والعمل على زجهم في مصادر صنع القرار, خصوصاً وأن دور العراق يحظى بأهمية بالغة في الحسابات الأمريكية, بدءاً من ثرواته وصولاً الى موقعه الجيوسياسي المهم لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تطمح إدارة ترامب في إقامته, بعد ان تم تحديده بأنه واحد من أهم مفاتيح الأبواب المغلقة للشرق الأوسط حسب تقرير مركز السياسات الأمنية في واشنطن.
مما لا شك فيه أن شهية ترامب ستتسع للاستثمارات في البلاد بعد اكتشافات حقول نفط وغاز جديدة فيه, فضلاً عن دوره المحوري بإنجاح مشروع الشرق الأوسط الجديد ومحاولات إنشاء إسرائيل العظمى اقتصادياً, والذي سيعطي العراق حسب فلسفتهم أهمية قصوى في تلك المرحلة التي ربما تقود الى التفكير في إنشاء قواعد أمريكية جديدة فيه, وهذا ما يتطلب أن يكون لاعباً قوياً خلال المرحلة المقبلة ورقماً صعباً في هذه المعادلة للوقوف بوجه تلك المخططات. user
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
زيارة مستشار ترامب.. جديد السياسة الأمريكية تجاه ليبيا
حل مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط وأفريقيا، ضيفا على طرابلس وبنغازي، ومع زياراته تعدد التكهنات حول أسباب الزيارة، ونوايا البيت الأبيض حيال الأزمة الليبية، وظلت تلك التكهنات رهينة القبول والرفض، ذلك أن تصريحات بولس أثناء الزيارة لم تتعد المتعارف عليه من المسائل التي تتقدم أجندة معالجة النزاع الليبي من منع الانزلاق للعنف ودعم المسار السياسي وتوحيد الميزانية...ألخ.
في ظل عدم الإفصاح عن أسباب الزيارة والتعتيم حول ما نقله بولس للساسة الليبيين في الغرب والشرق، فإن تلمس ملامح الموقف الأمريكي تجاه الأزمة الليبية في العهد الثاني من حكم ترامب يمكن أن يستجلى من خلال الرؤية والسياسات والخيارات التي تحكم سلوك ومواقف البيت الأبيض من مختلف القضايا خارج الحدود الامريكية، والتي يمكن أن تستنطق من تصريحات المسؤولين الأمريكين بداية من الرئيس ثم وزارئه ومستشاريه.
عاد بولس إلى واشنطن محملا بتقييمه النهائي واستشاراته إلى ترامب والمسؤولين الأمريكيين حيال النزاع، وإذا كانت مواقف ترامب ومساعديه على ما هي عليه فإن البصمة الأمريكية ستظهر بشكل جلي في خارطة الطريق التي ستعلن عنها المبعوثة الخاصة للأمين العام لليبيا الشهر القادم، وهذا يعني أن تطورات مهمة في الأزمة الليبية قد تطفوا على السطح قريبا.في تصريح للرئيس الأمريكي حول زياره بولس لليبيا ذكر بشكل صريح أنه لا يقبل بالوضع الراهن في البلاد، وأن هناك ضرورة للتقدم في المسار السياسي باتجاه التغيير على أسس ديمقراطية، وأن قادة جدد ينبغي أن يكونوا في مقدمة هذا التغيير.
بولس نفسه في كلام له عن تقييم الحالة الليبية سبق الزيارة بفترة أشار بوضوح إلى الحاجة لتغيير شامل يقلب المشهد الراهن رأسا على عقب، بداية من عدم قبول الطبقة السياسية الراهنة، مرورا بألية فعالة لدفع المسار السياسي إلى الامام، وصولا إلى تصدر قيادات مستقلة ليست متورطة في عبث السنوات الماضية للمشهد.
وتبدوا تصريحات الساسة الأمريكان جانحة لمصلحة ليبيا والليبية، غير أن هذا لا يلغي حقيقة دامغة وهي أن أي مقاربة لواشنطن لتسوية أزمة أو تفكيك نزاع تحركها أولا المصالح الأمريكية، والساسة الأمريكيون لا يسوسون بدافع إنساني بحت، فالولايات المتحدة متورطة في الكارثة التي تواجهها غزة، وتجويع سكان غزة هو ضمن خطة تقرها واشنطن.
في لقاء متلفز عقب زيارة مسعد بولس لخمس دول في القارة الأفريقية، وبالتركيز على النزاع بين الكنغو وروندا، والدور الذي لعبته الإدارة الأمريكية في التوصل إلى إعلان مبادئ بين الطرفين والدفع باتجاه اتفاقية سلام شامل، عرج بولس على المعادن التي تمتلك منها الكونغو مخزونا كبيرا، وحاجة الولايات المتحدة لهذه الثروة المعدنية، وكيف أنها تنافس الصين المستفيد الأكبر من خيرات القارة السمراء.
بولس في حديثه الحماسي حول ما تمتلكه أفريقيا من ثروات هائلة، إنما يعكس المنطق والتفكير الذي يؤطر عقل ترامب ونزوعاته، الرجل الذي يندفع في اختياراته بدافع مصلحي اقتصادي بحت، ولا يجد حرجا في التصريح بذلك، وبالتالي فإن الاقتراب من ليبيا لن يخلو من مصالح لا تخرج عن البعدين الاقتصادي والأمني.
بولس أشار في أكثر من مناسبة إلى ثنائية القوة والشراكات الاقتصادية لمعالجة الأزمات في المناطق التي تعتبرها الولايات المتحدة حيوية بالنسبة لها، فالقوة تفرض الحل وتبعد كل العراقيل أمامه، والشراكات تعززه وتكون أداة قطف الثمار بالنسبة لواشنطن، وهذا سيكون المسار ذاته في حال استمرت الولايات المتحدة في الدفع باتجاه تحريك المسار السياسي في ليبيا الذي أصابه الموات، واتجهت إلى تنفيذ خطتها للتغيير في البلاد، ذلك أن أي تطورات خطيرة تتعلق بقضايا كبرى كالحرب الروسية الأوكرانية والمواجهة المبطنة مع الصين والحرب على غزة قد تدفع البيت الأبيض إلى صرف النظر عن المسألة الليبية.
عاد بولس إلى واشنطن محملا بتقييمه النهائي واستشاراته إلى ترامب والمسؤولين الأمريكيين حيال النزاع، وإذا كانت مواقف ترامب ومساعديه على ما هي عليه فإن البصمة الأمريكية ستظهر بشكل جلي في خارطة الطريق التي ستعلن عنها المبعوثة الخاصة للأمين العام لليبيا الشهر القادم، وهذا يعني أن تطورات مهمة في الأزمة الليبية قد تطفوا على السطح قريبا.