أيام و يبدأ شهر رمضان الكريم. و كالعادة ازدحمت الأسواق قبل رمضان بزمن. أصبح من عادتنا أن نقوم بغزو السوبر ماركت و الخروج منه محملين بعربات محمَّلة بكل مالذّ و طاب، وكأننا مقبلون على نهاية العالم.
و رغم كل ذلك الشراء، فإن نفس المشترين يزدحمون في المحلات والشراء منها بكميات كبيرة في رمضان.
رمضان أصبح منذ سنوات شهراً للأكل، وإعداد الحلويات المخصصة لرمضان، وليس شهراً للصوم والعبادة.
وبطبيعة الحال، تقوم المحلات، وحتى المواقع، بتقديم العروض و الخصومات، لتشجيع الناس على الشراء أكثر. وقد تذهب لشراء قطعة من الملابس تحتاجها، و تخرج بقطعتين، أو أكثر، حسب العرض المقدم.
ناهيك عن أن المولات، أصبحت في رمضان تعمل من بعد صلاة الفجر، وتفتح أبواب المحلات لمن يرغب في أن يبدأ يومه بالشراء.
لقد أصبحت لرمضان ميزانية تفوق باقي الشهور للأكل، وبالطبع لشراء ملابس العيد. بل أنه اصبح من تقاليد رمضان، شراء كل شئ جديد للمنزل من أواني جديدة وأطباق وفناجين للقهوة وغير ذلك من الأدوات.
ومن المشاهد المؤسفه في رمضان، وقوف الناس جماعات أمام محلات الفول قبل الإفطار بقليل. و كأن الصيام لن يقبل إلا إذا اشترينا الفول قبل الآذان مباشرة. ناهيك عن المشاجرات التي تحدث بين المشترين بسبب التدافع والزحام غير المبرر. و هنا يحضرني موقف لأحد أشهر محلات الفول في جدة، عندما لاحظ صاحب المحل الفوضى، وتدافع الناس أمام المحل، فما كان منه إلا أن هدّد بأنه إذا لم يقف الناس في طابور واحد، و نظَّموا أنفسهم، فإنه سيغلق المحل، ولن يبيع لأحد. و يبدو أن أغلب الحاضرين لم يصدق التهديد، واستمروا في التدافع، فما كان من صاحب المحل إلا وأن أمر العاملين باغلاق أبواب المحل، وقال: “اليوم مفيش فول”.
و كما أصبح رمضان شهر الأكل المفضَّل، فإنه أيضا شهر المسلسلات التي تعد خصيصا لشهر رمضان وبإعداد كبيرة، حتى أن بعض الناس، يقوم بعمل جدول بين القنوات لمتابعة بعض المسلسلات، و نظراً لقلة عدد ساعات اليوم، مقارنة بعدد المسلسلات، فإنه “يضطر” إلى اختيار ما يشاهده في رمضان، على أن يقوم بتأجيل مشاهدة باقي المسلسلات في المواقع بعد نهاية الشهر.
قبل أكثر من عشرين عاماً، عندما بدأت المسلسلات تغزو شاشات التلفزيون في رمضان، كان أغلبها مسلسلات إسلامية و تاريخيه تتناسب مع الشهر الفضيل. أما الآن فأغلب المسلسلات، لا يصلح لا في رمضان و لا في غيره من باقي شهور السنة. و منها ما تخاف أن يراه أبناؤك ولو بالخطأ. فهناك من يتجنَّب أن يفتح التلفزيون إلا لسبب معين معروف وقته كانتظار آذان المغرب، ومشاهدة الصلاة في الحرمين الشريفين.
كان رمضان زمان فرصة لختم القرآن، والتجمع لأداء الصلوات في المسجد. وإذا فتح التلفزيون، كنا نجتمع لمشاهدة برنامج للشيخ على الطنطاوي يجيب فيه عن أسئلة المشاهدين بطريقه لطيفة، ويعرض فيه لبعض قصص الصحابة، أو مشاهدة حلقات الشيخ الشعراوي وهو يقوم بشرح آيات القران بطريقه بسيطة و محببه.
وكان البعض يلعب الكرة بعد صلاة التراويح، إذا كانت أيام إجازة مدرسية.
ولا أنسى كيف كان الجيران يتسابقون في تبادل أطباق الحلوى فيما بينهم.
الشئ الوحيد المشترك بين رمضان الأمس ورمضان اليوم، هو اجتماع أفراد الأُسرة على مائدة الإفطار.
كما أنه الشهر الوحيد الذي تحس فيه أن الأيام فيه تمر بصورة سريعة، فما أن ينقضي الأسبوع الأول منه، إلا وتصل إلى آخر يوم فجأة،
وكل عام وانتم بخير.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: فی رمضان
إقرأ أيضاً:
مجوّعو غزة يبثون شكواهم.. رمضان أكرم عزام
"جيلنا تربّى على أن النازية كانت الشر الأعظم.. واليوم هناك دولة تتعمد تجويع الملايين وتطلق النار على الأطفال".
هذا ما علقت به قبل أيام قلائل الإيطالية فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الأممية الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي تعلق على ما يجري في قطاع غزة من تجويع انضاف لمعاناة عامين سابقين من القتل والتدمير الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي.
وضمن سلسلة شهادات مصورة حصلت عليها الجزيرة نت هذا الأسبوع من قلب القطاع، يتحدث رمضان أكرم عزام بكلمات قليلة لكنها تؤكد أن ألبانيزي لم تذهب بعيدا بهذا الوصف.
ويقول رمضان إنه لم يتناول طعاما منذ أكثر من أسبوعين إلا النذر القليل، ويضيف في أسى أن كل ما يأملون فيه هو أن يعيشوا مثل بقية الناس.
ويلفت الشاب الفلسطيني إلى أن معاناته لم تبدأ مع الجوع بل سبقت ذلك بإصابة وكسور تعرض لها جراء القصف الإسرائيلي للقطاع، موضحا وجود شرائح معدنية داخل قدمه لتثبيتها، مما يجعله بحاجة إلى تغذية خاصة، لكنه في الواقع الأليم لا يجد شيئا.