منذ أن خرجت حكومة الرئيس نواف سلام ببيان وزاريّ "خالٍ" من عبارة "المقاومة"، بخلاف الحكومات المتعاقبة طيلة سنوات، بما فيها تلك التي تخلّت عن ذكر "المعادلة الثلاثية" بالحرف، اتجهت الأنظار نحو الموقف الذي يمكن أن يتّخذه الحزب إزاء ذلك، ولو أنّ المؤشّرات أوحت بأنّه لن يعترض، فالبيان أقِرّ من دون "تحفّظ" أيّ من الوزراء المحسوبين على "الثنائي الشيعي"، وبينهم من هو محسوب على "حزب الله" نفسه.


 
زادت التساؤلات عندما خرج بعض خصوم "حزب الله" الممثَّلين في الحكومة، ليوحوا بأنّ مهمّتها الأساسية ستكون بعنوان "نزع السلاح"، باعتبار أنّ "مهمّته انتهت"، وهو ما ردّده العديد من النواب في الأيام الأخيرة، وقد جاء للمفارقة، منسجمًا مع "حملة" قادها بعض المحسوبين على الحزب، ولو غير المنتمين إليه، أو التابعين له، ممّن تحدّثوا عن تدخّلات خارجية، وتحديدًا أميركيّة، في تفاصيل التفاصيل الحكوميّة.
 
إلا أنّ "حزب الله" اختار أن يحسم الجدل منذ اللحظة الأولى لجلسة مناقشة البيان الوزاري، إذ لم يكتفِ رئيس كتلته النيابية محمد رعد بمنح الثقة للحكومة، بل أعلن "التعاون معها"، حتى إنّه وصف عناوين البيان الوزاري بـ"الجميلة"، معتبرًا أنّ "المشكلة ليست في النوايا، بل في منهجية العمل والانقسام الوطنيّ"، فهل يمكن القول إنّ الحزب "يناقض" نفسه، طالما أنّه "يثق" بحكومةٍ يقول المقرّبون منه إنّ هدف من يقف وراءها "نزع سلاحه"؟!
 
هل من تناقض؟
 
يقول العارفون إن موقف "حزب الله" من الحكومة، يمكن أن يُفهَم في السياق العام، الذي دلّ عليه الأداء السياسي منذ اليوم الأول من انخراط الحزب في "التسوية الرئاسية" التي أوصلت مرشحًا رئاسيًا لم يكن "مفضّلاً" لدى الحزب، ولكن بأصوات نوابه، ومن ثمّ "غضّ الطرف" عمّا اعتبره "خديعة" تعرّض لها في الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة، حين خرج النائب رعد نفسه بخطاب "صادم" خُلّد في الذاكرة.
 
مع ذلك، فقد غضّ "حزب الله" سريعًا النظر عن هذه "الخديعة"، مكتفيًا بتسجيل موقف لم يتجاوز مقاطعة الاستشارات النيابية "غير الملزمة أساسًا"، في مجلس النواب، لينفتح بعدها مباشرة على رئيس الحكومة، وفق مبدأ "لا حول ولا قوة" ربما، متلقّفًا بذلك الكلام الإيجابي الذي خرج به رئيس الحكومة عن أنه ليس من أهل الإقصاء والإلغاء، وهو ما اعتُبِر إشارة "حسن نيّة"، استند إليها الحزب، ليعلن بعد ذلك "تفاهمه" مع الرجل على الحصّة الشيعيّة.
 
ويبدو أنّ الأمر نفسه تكرّر مع البيان الوزاري، حيث تجاوز "حزب الله" الملاحظات التي ساقها المقرّبون منه والمحسوبون عليه على هذا البيان، خصوصًا لجهة خلوّه من عبارة "المقاومة"، علمًا أنّ النائب رعد حاول أن "يقلّل من شأن" هذه النقطة التي أثارت البيئة الحاضنة للحزب، حين قال إنّ عناوين البيان الوزاري "جميلة ورد الكثير منها في بيانات سابقة"، ملمّحًا بذلك إلى أنّ الصياغة هي التي تغيّرت، وليس الجوهر، وهذا هو الأمر الأساسيّ.
 
موقف "حزب الله"
 
إزاء ذلك، يقول العارفون بأدبيّات الحزب إنّ الأخير لا يرى "تناقضًا" بين منحه الثقة للحكومة، وثابتة المقاومة التي يتمسّك بها، فهو يعتبر أنّ روحية المقاومة موجودة في البيان الوزاري، بل هو يعتبر أنّ "قمّة التناقض" تتمثّل في عدم إعطاء الحكومة الثقة، فكيف يمكن أن يكون ممثَّلاً في الحكومة، ومشاركًا فيه، ولو بصفة غير مباشرة، ومن ثمّ يتحفّظ عليها، أو يحجب الثقة عنها، علمًا أنّ موقفًا من هذا النوع سيفتح "مواجهة" ليست في مصلحته في الوقت الحالي.
 
 بهذا المعنى، ثمّة من يعتبر أنّ الحزب قد يكون متحفّظًا على بعض الإشكاليّات المرتبطة بالحكومة، منها مثلاً ما يُحكى عن إملاءات خارجية تخضع لها، ويندرج في هذا السياق قرار منع هبوط الطائرات الإيرانية، إلا أنّه يعتبر أنّ الموقف الصحيح يفترض أن يكون "استيعابيًا"، لأنّ اعتراضه، وربما خروجه من الحكومة، سيسمح لبعض الأطراف الممثلة بها، أن "تنقضّ عليه"، وبعضها لا يخفي رغبته في "القضاء عليه"، بصورة أو بأخرى.
 
وأبعد من ذلك، وربما انطلاقًا منه، يقول العارفون إنّ "كلمة السرّ" في أداء "حزب الله"، وغضّه النظر عن الكثير من التفاصيل، تكمن في أنه "بحاجة" للحكومة، أكثر ممّا هي بحاجة إليه ربما، بل إنّه قد يكون اليوم في أكثر المحطات "حاجة" إلى وجوده في السلطة والحكومة، لمواكبة الكثير من الاستحقاقات الأساسية بالنسبة إليه، ما بعد الحرب الأخيرة على لبنان، بما في ذلك معالجة الخروقات الإسرائيلية المتواصلة، ولكن أيضًا ورشة إعادة الإعمار.
 
يقول مؤيّدو "حزب الله" إنّ الحكومة الحاليّة ليست "الأفضل" بالتأكيد، في ظلّ الكثير من "الملاحظات" على تركيبتها ورئيسها، إلا أنّهم يؤكّدون في الوقت نفسه، أنّ "التعاون" معها قد يكون "الخيار الوحيد" المطروح في الوقت الحالي، أقلّه بموجب دراسة مقارنة بين المكاسب والخسائر، وهو "تعاون" يبدو منسجمًا شديد الانسجام مع قرار "حزب الله" الركون إلى الدولة، أقلّه ريثما ينهي "ورشته الداخلية" لأخذ دروس الحرب الأخيرة!
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: البیان الوزاری الکثیر من یعتبر أن حزب الله

إقرأ أيضاً:

قطيعة بين حزب الله وفرنسا؟

كتب ابراهيم بيرم في" النهار": بادر "حزب الله" إلى فتح النار على الدور الفرنسي في لبنان والمنطقة عموما، وكان لافتا أن الحزب الذي كان يبدي دوما حرصا على الإيحاء بأن ثمة علاقة إيجابية تربطه بالجانب الفرنسي، سارع إلى القول بلسان مصادره إن المبادرة الفرنسية "ستكون محدودة الإطار والأثر، ومنتهى الآمال عند واضعيها، قد يقتصر على تنظيم مؤتمر لدعم الجيش والمشاركة في قوة دولية يعمل على تشكيلها لتنتشر في الجنوب وتكون بديلا من قوة "اليونيفيل".
ويبقى السؤال: ما الذي دفع الحزب في هذه المرحلة بالذات إلى الإضاءة على نقطة "محدودية الدور الفرنسي" الذي لم يكن يوما خارجا عن المشيئة الأميركية؟
يوحي الأمر ضمنا بأزمة علاقة ثقة بين الجانبين، شاءت الظروف والمستجدات أن تنفجر الآن، وفرضت على الحزب أن يبادر إلى الإفصاح عن تراكمات يضمرها من الأداء السياسي الفرنسي.
ومع ذلك، فإن المصادر عينها في الحزب تحرص على التأكيد أن التطورات لن تفسد تماما علاقة الحزب بالجانب الفرنسي، ولن تكون مقدمة لقطيعة نهائية، خصوصا أن التنسيق مستمر مع السفارة في بيروت.
والحزب لا يخفي أنه يكنّ احتراما للدور الفرنسي في اللجنة الخماسية كما أنه رحب بوجودها في لجنة "الميكانيزم"، لكنه يجد أن الموقف الفرنسي الحالي يتماهى مع الموقف الدولي الذي يبدي شكليا حرصه على إنجاز سلام في المنطقة، علما أنه يخدم في المضمون المشروع الإسرائيلي الهادف إلى توسيع نطاق هيمنته عبر إقامة ما سمي "المناطق العازلة" على الحدود الجنوبية وفي غزة أيضا، لتكون تحت سلطة إسرائيلية غير مباشرة.
وبناء على هذه الوقائع، لا يتعامل الحزب بجدية مع القول إن لودريان أتى هذه المرة حاملا عرضا فرنسيا جديدا، أو على الأقل يختلف عن جوهر ما تسعى واشنطن إلى فرضه على بيروت.  
  مواضيع ذات صلة قائد الجيش في باريس وتباين فرنسي –إيراني حاد بشأن سلاح "حزب الله" Lebanon 24 قائد الجيش في باريس وتباين فرنسي –إيراني حاد بشأن سلاح "حزب الله" 11/12/2025 06:15:44 11/12/2025 06:15:44 Lebanon 24 Lebanon 24 قلق فرنسي من التصعيد الإسرائيلي وخطاب "حزب الله" ومستشارة ماكرون في لبنان ليومين Lebanon 24 قلق فرنسي من التصعيد الإسرائيلي وخطاب "حزب الله" ومستشارة ماكرون في لبنان ليومين 11/12/2025 06:15:44 11/12/2025 06:15:44 Lebanon 24 Lebanon 24 تشدد ايراني بشأن سلاح حزب الله وفرنسا تحذر وغارات تدميرية متلازمة على الجنوب Lebanon 24 تشدد ايراني بشأن سلاح حزب الله وفرنسا تحذر وغارات تدميرية متلازمة على الجنوب 11/12/2025 06:15:44 11/12/2025 06:15:44 Lebanon 24 Lebanon 24 خيارات "حزب الله" بين مسار الدولة وتحولات المنطقة! Lebanon 24 خيارات "حزب الله" بين مسار الدولة وتحولات المنطقة! 11/12/2025 06:15:44 11/12/2025 06:15:44 Lebanon 24 Lebanon 24 المبادرة الفرنسية الإسرائيلي الفرنسية حزب الله الخماسية إسرائيل ابراهيم واشنطن قد يعجبك أيضاً مؤشرات التصعيد مستمرّة ومساع ديبلوماسية لاطالة التهدئة Lebanon 24 مؤشرات التصعيد مستمرّة ومساع ديبلوماسية لاطالة التهدئة 22:06 | 2025-12-10 10/12/2025 10:06:00 Lebanon 24 Lebanon 24 وساطة عُمانية ثلاثية الأبعاد لإنقاذ لبنان.. السفير الأميركي: المفاوضات لا تعني توقف إسرائيل Lebanon 24 وساطة عُمانية ثلاثية الأبعاد لإنقاذ لبنان.. السفير الأميركي: المفاوضات لا تعني توقف إسرائيل 22:08 | 2025-12-10 10/12/2025 10:08:00 Lebanon 24 Lebanon 24 لودريان يطالب بتسريع الاصلاحات وحصرية السلاح و "مؤتمر باريس" معلّق على السلاح Lebanon 24 لودريان يطالب بتسريع الاصلاحات وحصرية السلاح و "مؤتمر باريس" معلّق على السلاح 22:09 | 2025-12-10 10/12/2025 10:09:00 Lebanon 24 Lebanon 24 ترقّب للاجتماع المقبل لـ"الميكانيزم".. 32 بنداً على جدول مجلس الوزراء غداً Lebanon 24 ترقّب للاجتماع المقبل لـ"الميكانيزم".. 32 بنداً على جدول مجلس الوزراء غداً 22:25 | 2025-12-10 10/12/2025 10:25:00 Lebanon 24 Lebanon 24 لا ضمانات اميركية للبنان Lebanon 24 لا ضمانات اميركية للبنان 23:11 | 2025-12-10 10/12/2025 11:11:15 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة المنخفض الجويّ يصل الليلة إلى لبنان... أمطارٌ طوفانيّة وثلوج كثيفة Lebanon 24 المنخفض الجويّ يصل الليلة إلى لبنان... أمطارٌ طوفانيّة وثلوج كثيفة 07:59 | 2025-12-10 10/12/2025 07:59:48 Lebanon 24 Lebanon 24 رحلة متّجهة إلى تل أبيب غيّرت مسارها... ما الذي جرى فوق بيروت؟ Lebanon 24 رحلة متّجهة إلى تل أبيب غيّرت مسارها... ما الذي جرى فوق بيروت؟ 06:09 | 2025-12-10 10/12/2025 06:09:50 Lebanon 24 Lebanon 24 تقرير استرالي: مع اقتراب الموعد .. هل سينجو لبنان من حرب إسرائيلية جديدة؟ Lebanon 24 تقرير استرالي: مع اقتراب الموعد .. هل سينجو لبنان من حرب إسرائيلية جديدة؟ 10:30 | 2025-12-10 10/12/2025 10:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تعقيدات شمال الليطاني واحتمالات الحرب Lebanon 24 تعقيدات شمال الليطاني واحتمالات الحرب 10:00 | 2025-12-10 10/12/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تحذير عاجل من الأمن العام للبنانيين: هذا الموقع تابع للعدوّ الإسرائيليّ Lebanon 24 تحذير عاجل من الأمن العام للبنانيين: هذا الموقع تابع للعدوّ الإسرائيليّ 05:27 | 2025-12-10 10/12/2025 05:27:55 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 22:06 | 2025-12-10 مؤشرات التصعيد مستمرّة ومساع ديبلوماسية لاطالة التهدئة 22:08 | 2025-12-10 وساطة عُمانية ثلاثية الأبعاد لإنقاذ لبنان.. السفير الأميركي: المفاوضات لا تعني توقف إسرائيل 22:09 | 2025-12-10 لودريان يطالب بتسريع الاصلاحات وحصرية السلاح و "مؤتمر باريس" معلّق على السلاح 22:25 | 2025-12-10 ترقّب للاجتماع المقبل لـ"الميكانيزم".. 32 بنداً على جدول مجلس الوزراء غداً 23:11 | 2025-12-10 لا ضمانات اميركية للبنان 23:08 | 2025-12-10 لبنانيون أميركيون يدعون لصياغة اتفاقية دفاعية أميركية لبنانية فيديو محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! Lebanon 24 محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! 05:09 | 2025-12-06 11/12/2025 06:15:44 Lebanon 24 Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) 04:00 | 2025-12-06 11/12/2025 06:15:44 Lebanon 24 Lebanon 24 بث مباشر.. البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء Lebanon 24 بث مباشر.. البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء 09:14 | 2025-12-01 11/12/2025 06:15:44 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • هل يحل البارزاني برلمان كردستان لكسر جمود تشكيل الحكومة؟
  • إسرائيل: التطورات على الحدود مع حزب الله تتجه نحو التصعيد
  • قطيعة بين حزب الله وفرنسا؟
  • الرقب: السلطة الفلسطينية الخيار الوحيد.. وحماية غزة ضرورة وطنية
  • عاجل | الظهراوي لمنتقديه: كأنني “متصوّر مع سموترتش” لا سمح الله!
  • قائد الثورة يهنئ الأمة الإسلامية بمناسبة ميلاد الزهراء - نص البيان
  • النائب محمد المرايات يهدد الحكومة بمذكرة طرح الثقة
  • الوزير الأول يترأس اجتماعا للحكومة.. وهذه الملفات التي تم دراستها
  • مستشار السوداني: القانون يمنع الحكومة من الاقتراض الداخلي والخارجي حالياً
  • مدير مركز تغير المناخ يوضح أسباب التقلبات الجوية التي تشهدها البلاد حاليا