أوجلان..لقد حان الوقت لإلقاء السلاح
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
لو سلمنا بأن عبدالله أوجلان يتمتع بكامل قواه العقلية بعد طول الفترة التي قضاها ويقضيها تحت الضغط التركي في سجنه، فليس سهلا أن يتخلى حزب العمال الكردستاني عن السلاح بعد هذه المراحل الطويلة التي قاوم فيها وسقط فيها الآلاف ممن ضحوا بحياتهم في سبيل تحقيق تلك الأهداف التي من أجلها تأسس هذا الحزب ولاسيما أنه لم يتم تحقيق الأهداف المطلوبة، وكذلك لم تتخذ تركيا أيّ خطوة تتطلب توجه الحزب إلى الإعلان عن حلّ نفسه وإلقاء السلاح، والدعوة التي جاءت من دولت بهتشلي إنّما هي دعوة غير رسمية ولا تمثل الرأي الحكومي أو الشعبي بدليل أن تركيا تقوم بتصعيد التوتر في المنطقة بصورة مستمرة ولا يدل هذا على أنها ماضية في عملية السلام التي يقنع الكرد أنفسهم بالتوصل إلى اتفاق مع أولئك الأتراك.
تمثل القوة أحد الوسائل المستخدمة لانتزاع الحقوق وهي التي نجحت في الكثير من الثورات التي حصلت فيها الشعوب على حرياتها، وهنا مع حزب العمال الكردستاني كانت هي السبب في إعادة القضية الكردية في تركيا إلى الوجود بعد أن اعتقد الأتراك بأنهم تمكنوا من القضاء على القومية الكردية بالتمام والكمال، وعلى الرغم من صفة الإرهاب التي التصقت بالحزب، نتيجة موقع تركيا وقوتها التي تتمتع بها في حلف الناتو. إلا أن الحزب استطاع إقناع العالم بان هناك شعبا آخر يعيش إلى جانب الأتراك وهو يتطلع إلى الحرية التي هي غائبة عنه بسبب أن هذا العالم نفسه يغلق عينيه إرضاء لتركيا التي يحتاجون إليها في مجابهة القوى الأخرى وكانت في وقتها المعسكر الشرقي.
إذن كيف سيقنع الحزب عوائل أولئك الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا لبقاء السلاح بيد الحزب، وهل يدرك مسؤولو الحزب بأنه في حالة إلقاء السلاح فسوف لن يكون بمقدورهم لملمة صفوفهم والعودة إلى النضال المسلح. ثم ما هي الضمانات التركية بأنها لن تحاكم أعضاء الحزب، وأين سيتجه هؤلاء في حالة أن تركيا هددت بالقبض عليهم ومحاكمتهم، وهي التي لم تبد أيّ علامة أنها ستدخل في عملية السلام.
من جانب آخر، بقاء الحزب على قمم الجبال في إقليم كردستان بعيداً عن الأراضي التي يقاتل من أجلها، هل سيجني ثمار هذا القتال؟ هل سيحقق ولو أقل الأهداف التي يسعى إليها؟ وماذا بعد أن سمح الغرب لتركيا بالوصول إلى هذا التطور في صناعة السلاح وامتلاكه وبلوغها مراتب متقدمة في تسلسل الجيوش القوية، هل يجدي القتال معها بأتباع أسلوب حرب العصابات؟ ثم ألم يعلمنا التاريخ أن امتلاك الأحزاب الكردية للسلاح كان سببا رئيسيا للاقتتال الكردي – الكردي؟
إذن ما هو المطلوب بعد دعوة أوجلان؟
إن اتباع هذه الدعوة أفضل من الامتناع عن تلبيتها ولاسيما أن كل الوقائع تسير بهذا الاتجاه سواء كان الأمر برضى الكرد أم مغايراً لتمنياتهم، فالالتزام بها سيحقق للحزب الاحتفاظ بوحدته مع قادته ومع حركات الظل التي تعمل تحت مسميات أخرى في الساحة السياسية الداخلية، كما سيثبت للعالم أجمع أن الكرد قد اختاروا طريق السلام في الحصول على حقوقهم ولاسيما أن العالم اجمع قد ترقبوا هذه الدعوة وهم يتابعون ردود الأفعال الناتجة عنها من الطرفين الكردي والتركي.
وبهذا يتم التخلص من الصفة الإرهابية التي دمغت بنضال هذا الحزب حيث كانت من الأسباب الرئيسية لعدم حصول النضال الكردي في تركيا على التعاطف الدولي.
ويتمّ سحب البساط من تحت إقدام الآلة العسكرية التركية التي لطالما تذرعت بمحاربة الإرهاب وكانت سببا في بقاء المناطق الكردية في شرقي تركيا بعيدة عن الحصول على نصيبها من الاستقرار والتطور. وهو سبب رئيسي أيضا لعدم اتجاه المواطنين الكرد في ممارسة عاداتهم وتقاليدهم القومية والتحدث بلغتهم الأم.
ثم إن الواقع يشير إلى عدم قدرة الحزب على تحقيق أيّ تقدم وأيّ انتصار على الجيش التركي، بل إن العكس بدأ يترك آثاره السلبية على استمرارية الحزب وبدأ الحزب يخسر كوادره وقوّته البشرية بصورة يومية وبأقل الخسائر بالنسبة إلى تركيا، كما أن الحزب وباستمراره على هذا النحو لن يتمكن من الإجابة على أسئلة الثكالى من أمهات المقاتلين، ترى ماذا حقق هؤلاء المقاتلون بعد كل هذه الخسائر؟
إذن كل الوقائع وكل الدلائل المرتبطة بوجود هذا الحزب تشير أن إلقاء السلاح في الوقت الحاضر لهو الخيار الأمثل بالنسبة إلى النضال الكردي في ساحة نضالهم الداخلية ولكن مع الحصول على ضمانات بعدم ملاحقة كوادرهم وأعضائهم.
نعتقد بأنه ليس من صالح تركيا عدم وجود ذريعة مثل وجود ذريعة حزب العمال الكردستاني للدخول في قتال مع كرد العراق أو كرد سوريا، حيث أن الفائدة قد تعم جميع الكرد في بقية أجزاء كردستان وتجرد تركيا من حججها القديمة في مهاجمة إقليم كردستان العراق أو شمال شرقي سوريا، وهكذا يمكن للحركات السياسية في هذه البقع من التفرغ لنيل المكاسب القومية من الحكومات المحلية بعد التخلص من الضغوط الهائلة التي كانت تركيا تسلطها عليهم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية تركيا
إقرأ أيضاً:
أوجلان يدعو من سجنه إلى عقد اجتماع جديد بين الأكراد والأتراك
دعا زعيم حزب العمال الكردستاني المنحل، عبد الله أوجلان، إلى صياغة ميثاق جديد يقوم على "حق الأخوّة"، بهدف إصلاح العلاقات الكردية-التركية، وذلك في رسالة جديدة وجّهها من داخل سجنه في جزيرة إمرالي.
وقال أوجلان، وفق ما نقلته وسائل إعلام كردية، إن "ما نقوم به هو تغيير كبير في النموذج الفكري"، مشددًا على أن جوهر العلاقة بين الأكراد والأتراك يختلف تمامًا عمّا يُصوَّر، معتبراً أن ما يُدمَّر اليوم هو صلة الأخوّة بين الطرفين.
وأضاف: "الأشقاء يتقاتلون، ولا يمكن لأحدهم الاستمرار دون الآخر. لذلك، علينا إزالة الفخاخ والركام الذي دمّر هذه العلاقة، واحدًا تلو الآخر، والعمل على إصلاح الطرق المتضررة والجسور المنهارة".
وكُشف عن رسالة أوجلان بعد زيارة أجراها وفد من حزب المساواة والديمقراطية للشعوب الكردي إلى سجنه، وهي الزيارة الخامسة من نوعها، والأولى بعد إعلان حزب العمال الكردستاني تفكيك صفوفه وتسليم سلاحه.
وضمّ الوفد البرلمانية بروين بولدان والمحامي فائق أوزغور أورال، وجاءت هذه الزيارة امتدادًا لسلسلة لقاءات بدأت في 28 كانون الأول/ديسمبر 2024، تلتها زيارة ثانية في 22 كانون الثاني/يناير الماضي، ثم ثالثة في 27 شباط/فبراير الماضي، كشف خلالها الوفد عن رسالة من أوجلان دعا فيها الحزب إلى إنهاء العمل المسلح وتحمل مسؤولية هذا التحول التاريخي. أما الزيارة الرابعة فقد جرت في 21 نيسان/أبريل الماضي.
بهتشلي يدعو لتشكيل مجموعة الوحدة الوطنية
في سياق متصل، دعا زعيم حزب الحركة القومية التركي، دولت بهتشلي، الذي كان من أبرز المبادرين إلى إطلاق المرحلة الجديدة بعد إعلان حزب العمال الكردستاني تفكيك صفوفه، إلى تشكيل مجموعة عمل برلمانية تُعنى بالوحدة الوطنية، مؤكداً ضرورة التعامل مع المرحلة المقبلة بحذر ومسؤولية عالية.
Bölücü terör örgütü PKK’nın 12 Mayıs 2025 tarihinde silahları bırakma ve örgütsel fesih kararını ilan etmesiyle hassas, nazik, kırılgan ve bir o kadar da sabır gerektiren yeni bir aşamaya geçilmiştir.
Provokasyon ortamının tahrik ve tahkimine, sudan sebeplerden dolayı yeşerecek… pic.twitter.com/8NLuH9Pi4f — Ülkü Ocakları (@Ulku_Ocaklari) May 18, 2025
وفي بيان مطول قدّمه كخارطة طريق للمرحلة القادمة، قال بهتشلي،: "مع إعلان حزب العمال الكردستاني قراره بإلقاء السلاح وحلّ نفسه في 12 أيار/مايو الجاري، دخلت تركيا مرحلة جديدة بالغة الحساسية والدقة، وهي مرحلة هشة تتطلب صبراً وحكمة في التعاطي".
وأضاف أن "من الضروري عدم السماح لأي جهة بإثارة أجواء الاستفزاز أو تأجيج مشاعر الاستياء وسوء الفهم الناجم عن أسباب ثانوية"، مشدداً على أهمية اعتماد لغة مسؤولة من جميع الأطراف، وتجنّب السقوط في النقاشات العقيمة أو الانجرار خلف الحسابات السياسية والأيديولوجية الضيقة.
وأوضح بهتشلي، أن "الشعب التركي تلقى بارتياح كبير الخطوات المتخذة نحو هدف تركيا خالية من الإرهاب، ولم يعد مقبولاً أن تكون البلاد مرتبطة بالإرهاب أو مثقلة بذكريات حزينة".
ورأى أن نجاح هذه المرحلة يتطلب آلية مؤسساتية شاملة، داعياً إلى تشكيل لجنة وطنية للوحدة والتضامن تحت سقف البرلمان، تضم كافة الأحزاب السياسية الممثلة في المجلس.
وكشف بهتشلي أن اقتراحه يتضمن دعوة رئيس البرلمان إلى تأسيس لجنة برلمانية خاصة من مئة عضو، تمثل مختلف التوجهات السياسية والمجتمعية، تكون مهمتها وضع خريطة طريق تشريعية للمرحلة المقبلة.
كما اقترح تعيين خبراء متخصصين لدعم اللجنة، على أن تترأسها رئاسة البرلمان وتتخذ قراراتها بالأغلبية البسيطة، ومن ثم تحويل توصياتها إلى مشاريع قوانين تُحال إلى اللجان المختصة قبل عرضها للتصويت العام.
وتشير مواقف بهتشلي إلى رغبة واضحة في إدارة الانتقال نحو "تركيا من دون إرهاب" عبر المسار التشريعي، بما يضمن استيعاب المطالب الكردية ضمن الأطر الدستورية، ويحصّن البلاد من العودة إلى دوامة العنف، في وقت يُنتظر فيه موقف الحكومة والأحزاب الكردية من هذه المبادرة.
يذكر أن حزب العمال الكردستاني أعلن خلال الأيام الماضية حلّ نفسه، وإنهاء العمل المسلح الذي استمر 47 عامًا، استجابة لدعوة أوجلان.
وتأتي هذه الخطوة تتويجًا لمسار طويل بدأ مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تخللته مشاورات داخلية وزيارات متعددة لأوجلان، وصولًا إلى الإعلان الرسمي عن إسدال الستار على الصراع المسلح، الذي كان من أبرز ملفات التوتر في الداخل التركي لعقود.