سوريا وإسرائيل بين المخاطر وفخاخ التطبيع
تاريخ النشر: 6th, July 2025 GMT
لم تقم أي دولة بتوقيع اتفاقية سلام مع دولة أو كيان آخر وهو يحتل أرضا لها، ناهيك عن أن تكون هذه الدولة أو الكيان متاخما لحدودها، لأن الاتفاق معناه ببساطة تسامحا مع جريمة المحتل وتشجيعا له على المضي قدما في احتلال مزيد من أراضي هذه الدولة. هذه المعادلة التي لا يريد أن يفهمها كثيرون وهم يلوكون بالألسنة احتمالية توقيع اتفاقية سلام بين سوريا في عهدها الجديد وإسرائيل.
إن الدول التي وقعت اتفاقات سلام أو تطبيع مع إسرائيل لا تحتل إسرائيل أرضِا لها بشكل مباشر، بدءا من مصر مرورا بالأردن وصولا لدول عربية أخرى، الأمر الذي يعني أنه نظريا على إسرائيل أن تعيد كافة أراضي الجولان السوري المحتل للسيادة السورية في مقابل السلام، وهذا أمر شبه مستحيل في الوضع الإقليمي الحالي.
تعرف تل أبيب أنها لا تستطيع فرض تطبيع على دمشق في الوقت الراهن، لهذا فهي تعتمد الاستفزازات العسكرية بين الفينة والأخرى والتدخل السافر في الشأن الداخلي السوري، خاصة على الحدود وفيما يخص العرقيات والأديان والمذاهب المختلفة، لتخفض سقف أي مطالب سورية
تعرف تل أبيب أنها لا تستطيع فرض تطبيع على دمشق في الوقت الراهن، لهذا فهي تعتمد الاستفزازات العسكرية بين الفينة والأخرى والتدخل السافر في الشأن الداخلي السوري، خاصة على الحدود وفيما يخص العرقيات والأديان والمذاهب المختلفة، لتخفض سقف أي مطالب سورية مقابل اتفاقيات تطبيعية في المستقبل بين سوريا وإسرائيل. فإسرائيل لا تقبل أن يكون على حدودها نظام مستقر غير خاضع بشكل كامل للإرادة الإسرائيلية بشكل علني أو سري، ناهيك عن أن يكون نظاما وليد ثورة شعبية وله صبغة إسلامية.
من وجهة نظر دمشق، فإن النظام الوليد يقع بين مطرقة الضغوط الدولية وسندان المبادئ والأخلاقيات المتعلقة بالتعامل مع إسرائيل، كعدو يحتل أراضي سورية ناهيك عن جرائمه في فلسطين، وخاصة أن النظام السوري البائد كان يرفع شعار مناصرة فلسطين حتى سقوطه. فليس منطقيا ولا مقبول شعبيا أن يأتي نظام بثورة شعبية في بلد مثل سوريا ليمد لتل أبيب أيادي السلام خاصة في هذا التوقيت. وفي الوقت ذاته فإن سوريا الجديدة في حاجة لكسب المجتمع الدولي كي تستعيد عافيتها، وهذا المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة محابِِ لإسرائيل.
ورغم هذا، فحسنا فعلت الحكومة السورية الجديدة بأن جددت مسألة اتفاقية فض الاشتباك القديمة الموقعة عام 1974 كإطار لعدم الصدام العسكري بين سوريا وإسرائيل، وحسنا فعلت أيضا أن جعلت المفاوضات بينها وبين إسرائيل غير مباشرة، فلا هي أنكرتها ولا هي هرولت إلى الجلوس مع شخصيات إسرائيلية في الغرف المغلقة طمعا في ذهبها وخوفا من سيفها كما فعل سياسيون عرب آخرون للأسف، وعلى رأسهم العسكريون في السودان، ستبقى سوريا في موقف قوة طالما أبقت التعامل مع الملف الإسرائيلي كملف أمني عسكري وليس كملف سياسي دبلوماسيفما جنوا من تلك اللقاءات سوى الفضيحة ودخل السودان بعدها في نفق مظلم ولم يربح شيئا من مثل هذه العلاقات.
هذا الموقف المتزن من سوريا قابلته إسرائيل بتصريحات غريبة عجيبة على لسان وزير خارجيتها جدعون ساعر، يعرب فيها عن رغبتها في تطبيع العلاقات مع دمشق، وداعيا في الوقت ذاته إلى إبرام اتفاق مشابه مع لبنان، وهي التصريحات التي تؤكد التحليل الذي ذهبنا إليه من أن تل أبيب تهدف من الاستفزازات في سوريا لدفع دمشق دفعا نحو تطبيع شبه مجاني منزوع الجولان.
ستبقى سوريا في موقف قوة طالما أبقت التعامل مع الملف الإسرائيلي كملف أمني عسكري وليس كملف سياسي دبلوماسي. وهذا يتطلب إبقاء خط المفاوضات غير المباشرة مفتوحا وفي الوقت نفسه الإصرار على دور للأمم المتحدة في المناطق المتاخمة للقوات الإسرائيلية، وعدم التفريط في أراضي الجولان تحت أية ذرائع ومغريات، فلا هي تقدر على غض الطرف عما يجري على حدودها الجنوبية ولا هي تقدر على خوض مواجهة مفتوحة مع إسرائيل.
x.com/HanyBeshr
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء سوريا تطبيع إسرائيل الجولان السلام سوريا إسرائيل تطبيع السلام الجولان قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة مقالات صحافة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الوقت
إقرأ أيضاً:
روسيا ترد على زيلينسكي بشأن أراضي دونباس
أكد مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف أن "كل أراضي دونباس هي جزء من روسيا"، رافضا بشدة الفكرة التي طرحها زيلينسكي لإجراء استفتاء إقليمي في المنطقة.
وشدد أوشاكوف في رد على سؤال من صحفي، ألكسندر يوناشيف على أن هذا الوضع مرسخ دستوريا في الدستور الروسي.
وفي سياق آخر، لفت أوشاكوف إلى أن الهدف الذي يسعى إليه زيلينسكي حاليا خلال جولته الأوروبية يتمثل في إدخال تعديلات غير مقبولة بالنسبة لروسيا على الوثائق التي تعدها الولايات المتحدة بشأن التسوية السياسية في أوكرانيا.
وأوضح أن واشنطن تعمل حاليا مع الجانب الأوكراني وعدد من الدول الأوروبية الرائدة على صياغة هذه الوثائق، مضيفا"نحن لم نطلع بعد على النسخ المعدلة، التي تضم ملاحظات أوروبية وأوكرانية، لكن من غير المرجح أن تكون هذه التعديلات ذات طابع إيجابي".