موقع 24:
2025-08-12@13:57:58 GMT

دبلوماسية الردع عن بُعد

تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT

دبلوماسية الردع عن بُعد

السياسة الخارجية الأمريكية في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية تعتمد على أسلوب الردع المحتمل عن بُعد. الرئيس ترامب، بهذه الدبلوماسية الغامضة يريد أن تمارس إدارته سياسة خارجية، بأقل التكاليف الممكنة، مع أجزل عائد ممكن. نهج رأسمالي لإدارة سياسة خارجية للدولة الأعظم في العالم.

الرئيس ترامب يظن أنه لا يحتاج في تطبيق نهج مثل هذا على السياسة الخارجية لبلده، لا إلى القوة الصلبة، بكل إمكاناتها الردعية الهائلة، ولا أيضاً قوتها الناعمة متعددة الإمكانات اللينة.

بعبارة أخرى: لا يريد الرئيس ترامب في إدارة السياسة الخارجية لبلده لا أن يستخدم لا العصا ولا الجزرة. هو لا يريد أن يبعث بجنوده إلى الخارج، حتى ولو تلويحاً بالعصا، لتحقيق أهداف السياسة الخارجية لبلده في الساحة الدولية، كما لا يرغب في إنفاق ولا حتى سنت واحد لدفع تكلفة تحقيق أهداف سياسته الخارجية، حتى ولو كان الأمر متعلقاً بفرض الهيمنة الكونية الحصرية لواشنطن، على النظام الدولي.
يبدو أن الرئيس ترامب عنده مفهوم مختلف لحالة الهيمنة الكونية، التي حكمت من خلالها واشنطن النظام الدولي، عقب الحرب الكونية الثانية، وحتى بداية فترة ولايته الثانية، منذ العشرين من يناير الماضي. من أهم شروط الهيمنة الكونية لأي قوة عالمية تنافس على هذه المكانة الرفيعة (دفع تكلفة التزاماتها، بقدر ما هو الأمر في توقع جني عوائدها). لا هيمنة كونية لأي قوة عظمى دون دفع تكلفتها.. ولا توقع التمتع بعوائد امتيازاتها، دون الالتزام بالقيام بمسؤولياتها الأممية.
كل الدول العظمى، التي نافست على مكانة الهيمنة الكونية، في عصور الأنظمة الدولية الحديثة المتتالية، منذ نهاية القرن الخامس عشر، الذي شهد موجة الاكتشافات الجغرافية غرب الأطلسي، من الإسبان والبرتغاليين والفرنسيين، وحتى البريطانيين، وصولاً إلى نظام الأمم المتحدة الحالي، كان تبوؤ هذه المكانة الدولية الرفيعة والحفاظ عليها، يعتمد أكثر على «الكرم»، لا «البخل»، في دفع تكلفتها.
الولايات المتحدة، رغم الدعوات الصاخبة للعودة للعزلة، بعد الحرب العالمية الثانية، وعت حقيقة خطأها الجسيم في عدم دفع تكلفة مكانة الهيمنة الكونية، التي وجدت نفسها فيها بعد الحرب العظمى (1914-1919)، الذي تَمَثل في عدم انضمامها لعصبة الأمم (1919-1939)، رغم أنها من وضع ميثاقها، في ما عرف بمبادئ ويلسون الأربعة عشر. وكانت أن نشبت الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، بعد عقدين فقط من عمر نظام عصبة الأمم، غير المستقر.
خطأ لم ترد واشنطن أن تكرره، بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بقيادتها، عندما تكفلت بإعمار أوروبا.. وكتبت ميثاق نظام الأمم المتحدة الحديث، ووضعت أسس ومؤسسات نظامه الاقتصادي، بموجب اتفاقية برتون وود (يوليو 1944)، التي اتخذت من الدولار عملة التبادل التجاري الوحيدة المقبولة في العالم، بعد أن كان الجنيه الإسترليني، الذي كان يعتمد على نظام الذهب، وحكم اقتصاد العالم لمائة عام (1815-1914)، بل وحتى اندلاع الحرب العالمية الثانية، في ما عرف بالعهد البريطاني (Pax Brittanica).
نفس الخطأ (الاستراتيجي)، الذي وقعت فيه الولايات المتحدة، بعد الحرب العظمى، يتكرر اليوم بعد ما يقرب من ثمانين سنة، من عهد نظام الأمم المتحدة الحالي. الولايات المتحدة، تريد اليوم أن تتحلل من التزاماتها تجاه حلفائها التقليديين في أوروبا، بل وتطالبهم بتكلفة حمايتهم تحت المظلة النووية الأمريكية، وبأثر رجعي، بما في ذلك المطالبة بتكاليف إعادة إعمار أوروبا، بعد الحرب، وبأثر رجعي أيضاً! بل حتى أنها تعمل على الانسحاب من عضوية الأمم المتحدة!
ليس هذا، فحسب؛ بل إن واشنطن تزمع التوسع شمالاً وشرقاً، على حساب حلفائها التقليديين، في أوروبا وجيرانها القاريين، في كندا والمكسيك وحِمَى حديقتها الخلفية، كما هو التهديد باستعادة قناة بنما... بل وتتطلع إلى ثروات حلفائها، في أوروبا، مثل ما هي عينها على ثروات أوكرانيا المعدنية، كثمن لوقف حرب روسيا عليها، دون أية التزامات أمنية لكييف.. بالإضافة: لدفع ثمن المساعدات العسكرية، التي قدمتها واشنطن لكييف، منذ نشوب الحرب، ولما لم تتضع الحرب أوزارها، بعد.
باختصار: واشنطن في ولاية الرئيس ترامب الحالية (الثانية)، تتبع سياسة خارجية تعتمد على عائدات استثماراتها الأمنية الممتدة، بحسابها (نقداً).. وإمكاناتها التكنولوجية المتقدمة، مع غناها الاقتصادي المتعدد، في فرض هيمنتها الكونية على العالم، بأدوات ردع تراها فعّالة، لا تعتمد بالضرورة على احتمال استخدام قوتها الصلبة ولا الناعمة، لفرض هيمنة كونية (منفردة) على العالم، دون تكلفة تذكر، لا دفاعية ولا اقتصادية، ولا حتى تكنولوجية. ردع يبدو لواشنطن فعّالاً، دون ما حاجة لأن تكون له مخالب وأنياب صلبة، ولا حتى قفازات مخملية ناعمة.
في عدم وجود قوة كونية حقيقية وفاعلة، على الساحة الدولية، تدخل مضمار المنافسة على مكانة الهيمنة الكونية الرفيعة، فإن الرئيس ترامب يبدو أنه سيواصل استراتيجية جديدة لمؤسسات النظام الدولي، كما هو منهجه في تغيير استراتيجية مؤسسات نظام بلاده الديمقراطي، وفي مقدمتها الدستور، بحجة تطهيرها من الفساد.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب الحرب العالمیة الثانیة السیاسة الخارجیة الأمم المتحدة الرئیس ترامب بعد الحرب

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الأوروبي: الحرب لا يمكن أن تحل مشكلة قطاع غزة

أكد الاتحاد الأوروبي أن الحرب على غزة تزداد خطورة يومًا بعد آخر، مؤكدًا أن الحل العسكري لا يمكن أن يحل مشكلة القطاع.
وقالت مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس في تصريحات مساء الاثنين، إن الحل العسكري في قطاع غزة لو كان ممكنًا لكانت الحرب قد انتهت بالفعل.
وأضافت أن أولويات الاتحاد الأوروبي لا تزال في تقديم الدعم الإنساني، عبر أشكال منها تمكين المنظمات غير الحكومية من الوصول إلى غزة، والوقف الفوري لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.فرنسا تندد بمخطط الاحتلال

ندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم بخطة إسرائيل بشأن السيطرة على مدينة غزة، واصفًا إياها بالكارثة وبالاندفاع نحو حرب دائمة، مجددًا اقتراحه بإنشاء بعثة استقرار بتفويض من الأمم المتحدة لتأمين قطاع غزة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس - الأناضول

وعدّ ماكرون، إعلان إسرائيل توسيع عملياتها في مدينة غزة، وسعيها لإعادة احتلالها، كارثةً غير مسبوقة في خطورتها، ويكرّس مسارًا يقود إلى حرب لا نهاية لها.

أخبار متعلقة الاتحاد الأوروبي: الاحتلال لا يفي باتفاق زيادة المساعدات لغزةتطورات العدوان.. استشهاد 39 فلسطينيًا في إطلاق نار وقصف على غزةالعطش يفتك بسكان غزة وسط تلوث المياه الجوفية وانهيار البنية التحتيةواقترح الرئيس الفرنسي في هذا الصدد تشكيل تحالف دولي بتفويض من الأمم المتحدة.
ويهدف إلى تحقيق الاستقرار في قطاع غزة ودعم سكانه، مؤكدًا أن على مجلس الأمن الآن العمل على إنشاء هذه البعثة.

مقالات مشابهة

  • قرار الحكومة اللبنانية سحب السلاح بين سيادة الدولة ومعادلة الردع
  • الاتحاد الأوروبي: الحرب لا يمكن أن تحل مشكلة قطاع غزة
  • مع انتهاء هدنة الحرب التجارية.. ترامب يشكر الرئيس الصيني!
  • الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا
  • هل الرئيس ترامب صانع سلام؟!
  • الصين تكسب الحرب التجارية
  • قادة أوروبا يؤكدون: دبلوماسية فعالة ودعم عسكري فقط لإنهاء حرب أوكرانيا وروسيا
  • تحركات دبلوماسية مصرية نشطة.. نواب: زيارة وزير خارجية تركيا تحول استراتيجي.. وموقفنا من غزة يعبر عن صوت كل العرب
  • تحييد قنبلة بريطانية تزن 500 كيلوغرام في بلغراد.. تعود إلى الحرب العالمية الثانية
  • نهاية الحرب بين روسيا وأوكرانيا.. هل تكون بـ"تبادل الأراضي"؟