ما الذي يدل عليه لون الدخان الناتج من الاحتراق بالسيارات ؟
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
خروج دخان عادم السيارة باللون غير الطبيعي للدخان المنبعث من أنبوب العادم يتسبب في القلق بالنسبة لمالك السيارات، وبالتالي يجب معرفة ما يشير إليه لون غازات العادم، وذلك لأن لون العادم يستدل من خلاله عن حالة المحرك.
السيارة التي ينبعث منها دخان أبيض بعد ليلة باردة ولا ينبغي أن يكون ركن السيارة مصدر قلق، يخرج نتيجة تكثف بخار الماء في نظام العادم الساخن عندما يبرد، ويتبخر مرة أخرى مع ارتفاع حرارة العادم، وتظهر هذه الظاهرة بشكل أكبر في السيارات التي تعمل بغاز البترول المسال، حيث تتكون غازات العادم بشكل رئيسي من بخار الماء.
ومع ذلك فإن سحب الدخان الأبيض المتراكمة خلف السيارة، بالإضافة إلى الزيادة السريعة في درجة حرارة سائل التبريد، وفقدان سائل التبريد وزيادة الضغط في نظام التبريد، يجب أن تكون هذه الأسباب مثيرة للقلق، وفي مثل هذه الحالة يمكنك بالفعل التأكد من وجود تسرب في المحرك عند تقاطع نظام التبريد داخل الأسطوانة.
حيث يتكون المحرك الحديث من عنصرين أساسيين الأولي هي كتلة تسمى العمود تعمل فيها المكابس، والثانية رأس به صمامات، ويتم تأمين الاتصال بين العمود والرأس بحشية خاصة متعددة الطبقات تفصل بين نظام التشحيم والتبريد والأسطوانات، وتخلق هذه البيئة درجات حرارة وضغوط عالية يمكن أن تؤدي في النهاية إلى فشل الختم، وقد يتآكل أيضًا بسبب ارتفاع درجة حرارة المحرك عندما يصبح الرأس نفسه ملتويًا.
- دخان لونه أسوددخان أسود اللون يخرج من أنبوب العادم السيارات التي تعمل بوقود قد يشير إلى وجود مشكلة في نظام الوقود، ويجب أن يقع الشك الأول على الحقن إذا كانت السيارة تدخن بشدة عندما تدوس على البنزين .
كما ان الحاقنات هي المسؤولة عن الانحلال الموحد للوقود في غرفة الاحتراق، وعندما يعمل الحاقن بشكل صحيح، يصبح الوقود رذاذًا ويمتزج بالهواء.
وإذا كان الحاقن معيبًا فبدلاً من الضباب، فإنه يرسل تيارًا إلى الأسطوانة، مثل المحقنة وهذه ظاهرة خطيرة للغاية، لأن جرعة الوقود هذه ليست مرتفعة للغاية فقط وبالتالي لون الدخان يحول إلي الأسود، مما يدل على احتراق غير كامل للوقود في المحرك، ولكنه يزيد أيضًا من درجة الحرارة في غرفة الاحتراق، وإذا أهمل ذلك قد يؤدي إلى احتراق المكبس، مما يؤدي إلى ذوبان بطانات الأسطوانة والرأس، مما يعني تدمير وحدة الطاقة.
في السيارات المجهزة بفلتر DPF تؤدي الحاقنات المعطلة إلى انسداد نظام العادم، وهو أمر مكلف للغاية لإصلاحه .
- دخان لونه رماديفي محركات البنزين عادة ما يعني لون الدخان الرمادي جرعة وقود غنية جدًا وفي السيارات القديمة، ولكن في الوقت الحاضر أصبح جهاز التحكم هو المسؤول عن ذلك، لأن كمبيوتر المحرك يضبط جرعة الوقود حسب ظروف التشغيل ويتعرف عليها من قراءات أجهزة الاستشعار المختلفة .
وتتأثر جرعة البنزين بدرجة الحرارة الخارجية، ودرجة حرارة سائل التبريد، وكمية الهواء الموردة للمحرك، وتكوين غاز العادم، والعديد من العوامل الأخرى.
- دخان لونه أزرق
في حالة خروج دخان أزرق من نظام العادم قد يشير هذا إلى أن المحرك يحرق الزيت من نظام التشحيم، وقد يكون هناك عدة أسباب لذلك ولكنها عادة ما تكون مرتبطة بتآكل الأختام داخل وحدة القيادة، وبالتالي يدخل الزيت أيضًا إلى غرفة الاحتراق من خلال شاحن توربيني مكسور أو أنبوب عادم معيب.
ويجب أن يبدأ التحقق من المشكلة بأختام الصمامات وهي مصممة لمنع تدفق الزيت من الرأس إلى الأسفل، ومن فوق الصمامات إلى غرفة الاحتراق، بالاضافة إلي ان الطريقة الوحيدة لإصلاح هذا العطل هي استبدال هذه الأختام .
وقد تكون حلقات المكبس البالية أيضًا هي المسؤولة عن ارتفاع استهلاك زيت المحرك، وتتمثل مهمتهم في توزيع الزيت على جدران الأسطوانة وتوفير التشحيم، وإذا لم يحدث هذا يبقى الزيت على بطانة الأسطوانة ويدخل غرفة الاحتراق، وقد يكون سبب سوء تشغيل الحلقات هو رواسب الكربون مما يحد من حرية حركتها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: محركات البنزين نظام التبريد عادم السيارة الدخان الأبيض نظام العادم المزيد
إقرأ أيضاً:
ما الذي يُمكن تعلّمه من أحداث السويداء؟
الأحداث التي وقعت مؤخرًا في السويداء بسوريا لم تكن استثناء من العالم العربي، بل مرآة له. وعلى الرغم من أن جذور هذه الأزمة الطائفية لم تبدأ في الأحداث الأخيرة؛ إلا أن صدامات يمكن وصفها بالطائفية وقعت في شهر أبريل في جرمانا، وأشرفية صحنايا، ثم امتدت للسويداء، وتصاعدت الأحداث بعد ذلك إلى ما شاهده الجميع على الشاشات، ولا يعنينا هنا تسلسل الأحداث ذاتها بقدر ما يعنينا أن الحالة والخطاب الطائفي الذي وقع في السويداء ليس نشازًا في المنطقة العربية -كما هو معلوم-، بل نمط مأزوم من التسلسل التاريخي ليس حتميًّا بالطبع، لكنه متكرر بشكل كبير جدًّا، لا سيما مع سقوط دولة أو استبدالها بأخرى، ومثال عليه ما حدث عقب الإطاحة بنظام صدام حسين من حروب وقتالات طائفية، ما يصفه ستيفن سيدمان أنه «إرث استعماري بريطاني».
يتضح لنا أن المجتمعات العربية -أو كثير منها على الأقل- لا تزال حتى اليوم عاجزة عن تجاوز الطائفية، وكثير منها يعيش في الماضي على الرغم من تفاقم المشكلات التي نعانيها في هذه المنطقة، وتزايدها يوما بعد يوم، إلا أن كثيرًا من مجتمعاتنا لا تزال تستدعي الطائفة بل وتعيش في تاريخها محاولة أن تدافع عنها في كثير من الأحيان على أنها الحق الأوحد، «وكلٌّ يدّعي وصلًا بليلى/ وليلى لا تقرّ لهم بذاكا»؛ إذ الجميع يحاول باسم الحق والعدل والتوحيد والغيرة والتدين وغيرها أن يدافع عن الطائفة التي ينتمي إليها ناسيًا بذلك أن يعيش في عصره، ويطرح تساؤلات حول الوضع الذي يعيش فيه، أو عملية الإبادة الجماعية والتجويع التي يتعرض لها إخوته.
تبدأ الطائفية من الذات؛ لأن الحالة الجماعية للعيش داخل «الحظيرة» لا تتم إلا بإقناع الذات أولا بالتماهي مع الجماعة وإلا فلا قيمة لها؛ ولذلك تكثر عند الطائفيين الخطابات والشعارات التي تستدعي الماضي ورموزه دون باقي السياقات وتعقيداتها. لذلك فالذات هي المركز الأول للطائفية، وكلما كان الأمر منطلقا من الداخل أصبح أكثر استدامة؛ فالإرهابي الذي ينطلق إرهابه من الداخل لاعتقاده أنه بذلك يخدم فكرته أو دينه أو وطنه وغيره يكون أكثر تحمُّسًا وإقداما من الآخر الانتهازي؛ ولذلك يستغل هذا الصنف الأول لينفذ العمليات الانغماسية والانتحارية مقتنعين بذلك سيرهم إلى الجنة، أو خطوة في تحقيق الجنة على الأرض من خلال قتل المدنيين والأبرياء. والطائفيون كذلك؛ فكلما كان هذا الذي ينطلق في طائفيته مقتنعا من الداخل بالصحة المطلقة لفكرته والخطأ المطلق لأفكار الآخرين -وليتها بقيت عند الاعتقاد الداخلي فقط!-؛ فإن خطابه يتسم بالتشدد أكثر.
وهكذا يصنع منطق الانغلاق المذهبي دون محاولة النظر إلى الصورة الأكبر التي يُمكن للجميع العيش فيها في وطن واحد يكفيهم جميعًا. هذه الخطابات تصنع هويات طائفية لا هويات وطنية أو إنسانية -بعد أكثر من ربع قرن على كتاب أمين معلوف-، وهي المسيطرة على العقل، وليس أدل على ذلك من الأحداث المتكررة والمستمرة التي نراها؛ فالمشكلة أعمق من الخطاب الطائفي وحده، أو من عدم القدرة على الـ «عيش مع الآخر، لكنها تتعدى ذلك لتكون مشكلة عدم القدرة على بناء دولة، وعدم القدرة على بناء مجتمع من الأساس، ثم تصدير هذه الخطابات للأجيال التالية، وهكذا في دوامة مستمرة منذ ما قبل الحرب الأهلية اللبنانية حتى ما بعد أحداث السويداء.
تعاني كثير من الدول العربية من غياب واضح للعقد الاجتماعي بين السلطة السياسية والمجتمع، وبالتالي؛ فإن الأمر يتطور من عدم الاستقرار السياسي والقانوني حتى يصبح الوطن وما يتعلق به من مفاهيم أو ألفاظ لا يشكّل ملاذًا آمنًا للأفراد، فيضطرون حينها للبحث عن ملاجئ مختلفة، وهنا تظهر الطائفة باعتبارها الملجأ والملاذ لأفرادها؛ لأنها تشكلهم في مجتمعات مغلقة -غيتوهات- الكلمة العليا فيها للقيادات الدينية أو العرقية، حتى يتماهى الفرد مع الجماعة في حماية المفهوم الوهمي أو الذهني المسمى بالطائفة. ولذلك؛ فغياب هذا العقد الاجتماعي الواضح الذي يُمكّن الدولة والمجتمع من معرفة حقوق كل طرف وواجباته يقود لمثل هذا، وفي كثير من الأحيان يقود إلى الطغيان الذي يحاول أن يفرض عقدًا بالإجبار لا بالتشارك والرضى.
إن عدم تجاوز الطائفية حتى اليوم في المجتمعات العربية يشكّل فشلًا ذريعًا للنخب، سواء النخب السياسية أو الثقافية أو غيرها؛ لأنها لم تستطع حتى اليوم إيجاد مشروع حقيقي ينهي هذه الماضوية والسكن في التاريخ، بل ربما زاد بعضهم من حدتها والقطبية التي تحدث من خلالها. ويجب أن تتحمل هذه النخب مسؤوليتها في الوصول بالوعي الذاتي إلى الواقع -إذ سؤال المستقبل حتى اليوم مبكر للأسف-؛ لأن الوعي يجب أن يكون حاضرًا في الواقع اليومي، لا في مشكلات من مضى، فـ«تلك أمة قد خلت» وما على أهل هذا العصر من مشكلات أولئك أو صراعاتهم أو غيرها، وفي أحسن الأحوال يمكن فقط أخذ العبرة منهم، ودراستهم لإصلاح الواقع المعاصر، لا العيش معهم حتى يصبح الفرد أو المجتمع في زمنين لا يصلح لأي منهما، فلا هو القادر على العودة بالزمن للماضي، ولا هو قادر على العيش مع أهل هذا العصر.
والمتتبع لجميع حالات الانقسام الطائفي في المنطقة يجد أنها استغلت من قِبل طرف خارجي لتنفيذ أجندته السياسية أو العسكرية. فالطائفية فرصة المتربص الخارجي الذي يستغلها ليطبق المقولة القديمة «فرّق تسد»، وكثيرًا ما استغلت الصراعات الطائفية وضخمت الخلافات التفصيلية العلمية التي كان ينبغي أن تناقش في أروقة العلم، ثم يغلق عليها الباب ولا تخرج للشارع، فجُعلت قضايا ذات أهمية كبرى ينهدم بها الدين أو المذهب أو الطائفة.
وقد استعملت هذه الطريقة القوى الاستعمارية لقرون، بل حاولت صنع خلافات جديدة لم تكن موجودة سواء طبقية أو فكرية أو غيرها، وبقيت جميع هذه الخلافات حتى اليوم، فانظر إلى مقولة سيدمان التي جاءت في بداية المقال «إرث استعماري بريطاني» تشَكّل وظهر واضحًا في ما بعد 2003، فقد كان يتراكم تحت التجربة التاريخية والسياسية، ولما تسنّت له الفرصة ظهر على شكل صراعات أهلية. وهكذا اليوم تستغل إسرائيل هذه الصراعات الطائفية لتتغلغل في الداخل العربي، ليس سرّا كما كان في السابق، بل أمام شاشات الإعلام والهواتف التي تُصوّر. فقد استغلت الصراع في السويداء لتضرب القصر الرئاسي في دمشق؛ إذ أعطت الصراعات الطائفية الدافع لإسرائيل من أجل الدخول، ولا أود أن أقول «الشرعية» بالطبع؛ فوجود إسرائيل بأكمله ليس شرعيًّا، لكن ما الشرعية في عالم الغابات الذي نعيش فيه اليوم؟
لا بد أن يبدأ الإصلاح المجتمعي في الوطن العربي من الذات الفردية أولًا أن ينشأ الفرد متصالحًا مع ذاته ومتقبّلا للآخر، فلا يشعر منه بالخوف، بل بالألفة، وأن ينظر إلى ما هو أبعد من طائفته أو مذهبه، وأن تكون هويته الأولى هي الهوية الوطنية أو المدنية التي يتشاركها مع غيره في إطار الدولة، لا هوية الطائفة والمذهب؛ لأن الهوية كلما ضاقت وأصبحت أكثر حدية أبرزت السمات المتطرفة والسلوكيات العنيفة في الإنسان على عكس إذا ما اتسعت؛ فإنها تتقبل الآخر المختلف ليس بالضرورة أن تؤمن بما يؤمن به، لكنها تؤمن بأن له الحق في الحياة بحرية أيضًا دون اعتداء عليه أو الإضرار به لمجرد مذهبه أو طائفته. ولذا فالتغيير يبدأ من مراجعة الذات والخطاب الموجّه إليها سواء من الداخل أو من الخارج، خطاب الأسرة والمدرسة والمجتمع، وأن تحاول الذات طرح أسئلة متعلقة بمدى تعددية الخطاب الموجه إليها في المقام الأول.
إذا بقينا على هذا الحال دون تجاوز الطائفية وخطاباتها المقيتة فإن كل حديث حول النهضة أو الديمقراطية أو الحرية هو ترف؛ فالمجتمع يقتل بعضه بعضا، لكن -ولأن الكتابة وسيلة مقاومة وإصلاح- أقول: إن علينا أن نعي أن عدونا واحد، وسبله في قتلنا واحدة، وأننا في مقتلة واحدة، ومصير واحد، فإن بقينا نقتل بعضنا بعضا لم نخدم إلا هذا العدو بأن أرحناه من عمله، فإن لم نستطع الآن في هذه اللحظة التي ربما لم ولن نمر بحالة أكثر انحطاطا منها أن نفكر في مصيرنا المشترك بدل التفكير في الانقسامات الصغيرة فمتى نقدر على ذلك؟