اليمين المتطرف بألمانيا.. تهديد لمستقبل المهاجرين أم دافع للانخراط السياسي؟
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
برلين ـ أثار صعود اليمين المتطرف في ألمانيا قلق المهاجرين بشأن مستقبلهم في البلاد، فقد حقق حزب البديل من أجل ألمانيا تقدما كبيرا في الانتخابات، مما أثار مخاوف ليس فقط بين المهاجرين ولكن أيضا بين المواطنين الألمان من أصول مهاجرة.
فحصول الحزب على أكثر من 20% من أصوات الناخبين يعد مؤشرا خطيرا على توجهات السياسة الداخلية في البلاد، ومع ذلك، يرى البعض في هذا التحول فرصة للمهاجرين للتغيير والانخراط الفاعل في المشهد السياسي ومحاولة تغييره.
ارتكزت نجاحات حزب البديل في الانتخابات البرلمانية الأخيرة على سياسة التخويف من الأجانب، من خلال الدعوات إلى فرض مزيد من التشديدات على قوانين اللجوء، والمطالبة بترحيل جماعي لكل المخالفين ومرتكبي الجرائم.
وقد أثارت هذه التصريحات قلق المهاجرين حول مستقبلهم في ألمانيا، كما عززت المخاوف من احتمالية تفاقم التوترات المجتمعية، وساهمت في زيادة القلق بين الأوساط المهاجرة، خاصة مع تصاعد الخطاب السياسي المناهض للهجرة في الأوساط اليمينية.
واللافت أيضا هو تبني حزب الاتحاد المسيحي، الذي حقق انتصارا كبيرا في الانتخابات، لمطالب الترحيل وتشديد سياسة الهجرة، رغم رفضه تشكيل ائتلاف حكومي مع حزب البديل الشعبوي.
إعلان مخاوف المهاجرينكاوا عيسى، الذي وصل إلى ألمانيا عام 2016 وحصل لاحقا على الجنسية الألمانية، تمكن لأول مرة من المشاركة في الانتخابات البرلمانية العامة، وأعرب عن شعوره بالفخر لهذه المشاركة التي منحته إحساسا بأهمية صوته ودوره السياسي، لكنه عبر أيضا عن قلقه إزاء مستقبل المهاجرين والمواطنين الألمان من أصول مهاجرة، خصوصا بعد صعود اليمين المتطرف وتبني الاتحاد المسيحي سياسات مشابهة فيما يتعلق بالهجرة واللجوء.
وبدوره، قال المرشد الاجتماعي ومدير مركز سلام للتعايش والاندماج الدكتور إبراهيم السيد، في تصريح للجزيرة نت، إن الهجمات الأخيرة التي ارتكبها بعض المهاجرين وطالبي اللجوء وأسفرت عن مقتل وإصابة العديد من الأشخاص، لعبت دورا كبيرا في دعم موقف اليمين المتطرف، الذي استغلها للترويج لشعاراته المناهضة للهجرة.
وأضاف السيد أن هذه الأحداث "ألقت بظلالها على الحملة الانتخابية وأثارت جدلا واسعًا على المستويين الشعبي والسياسي، مما ساهم في تعزيز مكانة حزب البديل المتطرف، الذي حصل على نسبة 20% في انتخابات فبراير/شباط 2025".
صعود اليمين.. فرصة للتغييرويوضح مدير مركز سلام للتعايش والاندماج أنه منذ انطلاق الحملات الانتخابية، التي ركزت على "تشديد سياسة اللجوء والهجرة ووضع قضية السلم المجتمعي والأمن الداخلي في الواجهة"، بدأت تتشكل مجموعات عمل بين الجاليات العربية والمسلمة لحث المواطنين الألمان من أصول مهاجرة على المشاركة في الانتخابات.
وأضاف أن البعض بدأ يدعو إلى الانضمام للأحزاب السياسية، خصوصا الأحزاب اليسارية، في محاولة لتغيير السياسات من الداخل والتصدي لأي توجهات مجحفة بحق المهاجرين.
أما المواطن الألماني من أصول فلسطينية، فادي المصري فيرى أن الجيل الثاني من المهاجرين، ونتيجة للصدمة التي أصيب بها بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إضافة إلى موقف الأحزاب التقليدية من القضايا العربية، بدأ يدرك انتماءه لهويتين مختلفتين: الهوية العربية والهوية الألمانية.
إعلانهذا الإدراك عزز وعيه السياسي، مما دفعه إلى المشاركة في العمل السياسي داخل ألمانيا، وبحثه عن بدائل سياسية جديدة، ومن أبرز مظاهر هذا التحول، التفاعل القوي لهذا الجيل مع تحالف سارة فاغنكينشت (BSW)، حيث لعب الشباب من أصول عربية دورا كبيرا في تشجيع أبناء الجالية على المشاركة في الانتخابات، وهو أمر لم يكن شائعا من قبل، حسب المصري.
ويضيف "اعتدت على التصويت لصالح حزب اليسار، لكن بسبب ابنتي التي نشأت في ألمانيا وتأثرت بالمشهد السياسي، قررت في الانتخابات الأخيرة التصويت لتحالف BSW".
الاقتصاد والمواطنةشهدت ألمانيا في السنوات الأخيرة ارتفاعا في الأسعار، إلى جانب ركود اقتصادي متزايد، ما أدى إلى شعور واسع بالقلق بين المواطنين، خصوصا بشأن الوضع الاقتصادي وانعدام الأمن، كان لهذه العوامل دور كبير في تراجع تأييد الأحزاب المعتدلة، مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، ودفع الكثيرين للتصويت لصالح حزب البديل الشعبوي، الذي يطالب بزيادة الإنفاق الداخلي بدلا من إنفاق المليارات على دعم أوكرانيا وشراء الأسلحة.
اللافت أن حوالي 6% من المواطنين المسلمين في ألمانيا صوّتوا لصالح حزب البديل، رغم توجهاته المعروفة ضد المهاجرين، وتعد الجالية التركية من أكبر الجاليات المسلمة في البلاد، حيث يبلغ تعدادها حوالي 3 ملايين مواطن.
يقول سيدات آيدن، وهو مواطن ألماني من أصول تركية، رفض ذكر اسمه الحقيقي، إنه صوت لصالح حزب البديل، معتبرا أن سياسات الحزب المعادية للأجانب "لا تستهدف أشخاصا مثلي، فأنا أعمل وأدفع الضرائب، بل تستهدف العاطلين عن العمل عمدا، والمتهربين من الضرائب، وأصحاب الأفكار المناهضة للديمقراطية".
ويضيف أنه يعتبر نفسه جزءا من النسيج المجتمعي الألماني، حيث وُلِد في البلاد قبل 35 عاما، مما منحه إحساساً قويا بالانتماء إلى ألمانيا.
إعلانيشكل صعود اليمين المتطرف في ألمانيا منعطفا خطيرا بالنسبة للمهاجرين والمواطنين من أصول أجنبية، حيث يثير المخاوف بشأن مستقبل سياسات الهجرة والاندماج في البلاد.
في المقابل، يرى البعض أن هذا الصعود يمكن أن يكون حافزا للمشاركة السياسية والعمل على تغيير الواقع من الداخل، خاصة مع تزايد وعي الجيل الثاني والثالث من المهاجرين بأهمية المشاركة السياسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الیمین المتطرف فی الانتخابات صعود الیمین المشارکة فی فی ألمانیا حزب البدیل فی البلاد لصالح حزب کبیرا فی من أصول
إقرأ أيضاً:
عاجل|مدبولي: التوجيه بحصر أصول هيئة الأوقاف لتعظيم العائدات لا لبيعها
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن توجيهاته لوزير الأوقاف بحصر أصول هيئة الأوقاف تأتي في إطار تعظيم العائد الاقتصادي منها وليس بغرض بيعها، مشددًا على أن أموال الوقف تعتبر مالًا خاصًا، له أحكامه الشرعية الخاصة، ولا يجوز التصرف فيها إلا بما يحقق مقاصد الوقف الشرعية في خدمة المجتمع.
أزمة البنزين الأخيرة وإجراءات المساءلة القانونية
وتطرق رئيس الوزراء إلى أزمة البنزين التي شهدتها بعض المناطق مؤخرًا، موضحًا أن سبب الأزمة يرجع إلى مشكلة وقعت بين إحدى الشركات والمعمل، وأكد أن رئيس الجمهورية قد وجه باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد المسؤولين عن هذه الأزمة لضمان عدم تكرارها والحفاظ على استقرار سوق الطاقة المحلي.
ملف الغاز الطبيعي
وأعلن الدكتور مصطفى مدبولي أن مصر ستستقبل هذا العام أربع سفن محملة بالغاز الطبيعي، في خطوة مهمة لدعم احتياجات السوق المحلية وضمان استقرار الإمدادات. كما أشار إلى أن حجم إنتاج الغاز من الحقول المصرية سيكون أقل خلال العام الحالي، مع توقعات بزيادة الإنتاج بحلول شهر سبتمبر المقبل، مما يعزز جهود الدولة في تحقيق الاكتفاء الذاتي ودعم الاقتصاد الوطني.
الرقابة على اللحوم المستوردة وضمان ذبحها وفق الشريعة الإسلامية
وأكد رئيس الوزراء أنه لا يتم السماح بدخول أي شحنة لحوم إلى مصر إلا بعد مراجعتها والتأكد من طريقة الذبح وفق الشريعة الإسلامية، لضمان سلامة المنتجات واحترام الثوابت الدينية. كما أوضح أن مصر تستورد نحو 50% من احتياجاتها من اللحوم، مما يستدعي تشديد الرقابة على الواردات الغذائية لضمان جودتها.
الرد على شائعات "شهادة الحلال" ومنتجات الألبان
وعلق الدكتور مصطفى مدبولي على ما أثير مؤخرًا حول "شهادة الحلال" ومزاعم خلط الألبان بمواد أخرى، مؤكدًا أن هذا الكلام غير منطقي وغير صحيح، مشددًا على أن كل ما يدخل مصر من منتجات الألبان يخضع لمواصفات قياسية صارمة، ويتم التأكد من نوع الحيوان الذي يُستخرج منه المنتج لضمان جودته وسلامته للمستهلكين.
المنتدى المصري الأمريكي
وتوجه رئيس الوزراء بالتهنئة للشعب المصري بمناسبة بداية شهر ذي الحجة وقرب حلول عيد الأضحى المبارك، متطرقًا إلى أهمية المنتدى المصري الأمريكي الذي انعقد مؤخرًا، وأشار إلى أن هذه الفعالية تحمل أهمية خاصة كونها أول زيارة لرئيسة غرفة التجارة الأمريكية لمصر، التي أكدت خلال المنتدى قائلة: "سأكون سفيرة لمصر في الولايات المتحدة الأمريكية". كما أشار إلى اهتمام الشركات الأمريكية الكبير بالاستثمار في السوق المصري، مما يعكس الثقة الدولية في الاقتصاد المصري.