نهاية المهلة.. إيقاع ثقيل على الكيان
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
متابعات
حالة من الترقب والقلق تخيم على كيان العدو الإسرائيلي وقياداته الأمنية مع انتهاء المهلة التي منحها السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي للوسطاء لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة. وإعلان القوات المسلحة استئناف حظر عبور كافة السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب وخليج عدن.
وأعلنت القوات المسلحة في بيان لها، استئناف حظر عبور كافة السُّفُن الإسرائيلية في منطقة العمليات المحددة بـالبحرينِ الأحمرِ والعربيّ وكذلك باب المندب وخليج عدن.
موضحة أن سريان هذا الحظرِ يبدأ من ساعة إعلان هذا البيان. مضيفة أن أيَّ سفينة إسرائيلية تحاول كسر هذا الحظر سوف تتعرض للاستهداف في منطقة العمليات المعلن عنها.
مؤكدة أن هذا الحظر يستمر حتى إعادةِ فتح المعابر إلى قطاع غزة ودخول المساعدات والاحتياجات من الغذاء والدواء.
القوات المسلحة أوضحت أن هذه الخطوة تأتي في إطار الإسناد والانتصار لمظلومية الشعب الفلسطينيّ ومجاهديه الأعزاء وبعد انتهاء المدة المحددة للمهلة التي منحها السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي “يحفظه الله” للوسطاء لدفع العدوّ الإسرائيليّ والضغط عليه لإعادة فتح المعابر وإدخال المساعدات إلى قطاع غزةَ ونظرا لعدم تمكن الوسطاء من تحقيق ذلك.
ورغم الوساطات المستمرة، لم تحقق المحادثات بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي أي اختراق يذكر، حيث يصر العدو على فرض شروط تعجيزية، من بينها رفض الانسحاب من القطاع، واستمرار خروقاته في محاولة لفرض اتفاق يضمن الإفراج عن مزيد من الأسرى الصهاينة دون تحقيق أي مكاسب للفلسطينيين.
حركة المقاومة الإسلامية حماس أصدرت -مساء الثلاثاء- بيانا أكدت أن العدو الإسرائيلي يواصل ️إغلاق معابر قطاع غزة وقطع الكهرباء لليوم العاشر.
داعية الوسطاء إلى ممارسة كل الضغوط على نتنياهو و”حكومته” للالتزام بشروط وقف إطلاق النار. في الوقت نفسه، تتزايد المخاوف من تفاقم الوضع الإنساني في غزة،
حيث حذّرت الأمم المتحدة من كارثة وشيكة مع توقف إدخال الإمدادات الغذائية والطبية منذ أيام، ما يهدد حياة عشرات الآلاف من الجرحى والمرضى.
استنفار يعم الكيان
على إيقاع الساعات الثقيلة في “تل أبيب”، تجهز “إسرائيل” أنظمة دفاعها الجوي تحسبا لهجوم يمني وشيك.
صافرات الإنذار قد تنطلق في أي لحظة. هكذا تبدأ صحيفة “معاريف ” العبرية تقريرها بأن أصابع الجنرالات على الزناد، بينما منظومة “حيتس” في حالة تأهب.
العدو يدرك أن المشهد قد عاد إلى نقطة الصفر، حيث يعيد “الحوثيون” تذكير العالم بأنهم لاعب إقليمي لا يُستهان به، وأن معركة البحر الأحمر ليست سوى جزء من معادلة أكبر، تتجه مباشرة نحو قلب “إسرائيل”.
تقول صحيفة “معاريف” : “في صنعاء، لم يكن إعلان الحوثي مجرد خطاب استعراضي، بل إنذار جاد ومرتبط بمهلة محددة (أربعة أيام) لرفع الحصار عن غزة، وإلا فإن الأجواء فوق فلسطين المحتلة ستشهد صواريخ وطائرات مسيّرة قادمة من اليمن.
الرسالة واضحة، ولا تحتمل التأويل:
لا هدنة إنسانية، لا هدوء عسكري. “إسرائيل”، التي بالكاد استوعبت ضربات البحر الأحمر، تجد نفسها الآن أمام اختبار جديد. لقد راهنت على أن الحرب في غزة ستظل محصورة في نطاقها الجغرافي، لكن اليمنيين قرروا أن يجعلوا من القضية الفلسطينية ذراعًا تمتد إلى البحر المتوسط، حيث لم تعد “تل أبيب” وحدها في ميدان المواجهة، بل بات اليمن لاعبًا مباشرًا في صراعها”.
فتح المعابر أو فتح السماء للصواريخ
صحيفة “واشنطن بوست” من جهتها تطرقت إلى الخطوة التي أقدم عليها العدو الإسرائيلي بإغلاق معابر غزة، حيث وصفت الصحيفة هذه الخطوة بأنها قد تكون الشرارة التي ستشعل المعركة القادمة، فالسيطرة الكاملة على توزيع المساعدات الإنسانية في غزة، وفرض إجراءات أمنية مشددة عليها.
وفقًا للخطة الإسرائيلية الجديدة، فإن أي شحنة غذاء أو دواء لن تدخل غزة إلا عبر معبر واحد، تحت أعين الرقابة العسكرية الإسرائيلية، مع إشراك شركات أمنية خاصة في عمليات التوزيع.
وكأن “تل أبيب” لم تكتفِ بحصار القطاع، بل قررت أن تكون هي الوصي الوحيد على أرغفة خبزه وأكياس دقيقه.
ولكن كما تقول الصحيفة “بالنسبة للحوثيين، يبدو أن هذه الخطوة لم تترك مجالا للتردد. فالمهلة المحددة كانت واضحة، والمطلب بسيط: إما أن تُفتح المعابر أو تُفتح السماء للصواريخ.
إسرائيل، التي ظنت أنها تسيطر على حدود غزة، تجد نفسها الآن مضطرة إلى مراقبة الأجواء اليمنية أيضا”.
في ذات السياق أكد إعلام العدو الإسرائيلي أنه تم تعطيل نظام تحديد المواقع (GPS) وسط “إسرائيل” بسبب الخوف من إطلاق النار من اليمن في المستقبل القريب.
ولتأثير العمليات اليمنية فقد أكدت بيانات شركة Statista الألمانية للإحصاءات انخفاضا ملحوظا في حجم البضائع المُفرَّغة في ميناء “إيلات” منذ بدء هجمات الجيش اليمني في البحر الأحمر.
وحجم البضائع المُفرَّغة في ميناء “إيلات” انخفض وصولا إلى صفر طن متري منذ الربع الثاني وحتى الربع الرابع من العام الماضي، ففي الربع الرابع من 2023، لم يتم تفريغ أي بضائع في ميناء “إيلات” مقارنة بأكثر من 120 طنا متريا في نفس الربع من عام 2022 .
موقع “واي نت” العبري، الذي يعكس عادة هواجس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، نشر تقريرا يتحدث فيه عن “قلق متزايد” داخل الأوساط العسكرية من احتمال تصعيد جديد في البحر الأحمر، قد يضع “إسرائيل” وحلفاءها في مواجهة أكثر تعقيدًا مع الجيش اليمني.
مؤكدا أن “الجيش” الإسرائيلي يعمل بشكل وثيق مع القيادة المركزية الأمريكية تحسبًا لأي هجوم يمني. وبحسب تحليل “واي نت”، فإن السؤال الرئيسي في “إسرائيل” الآن ليس هل ستُستأنف الهجمات اليمنية؟ بل متى وأين؟ ورغم محاولات التهدئة من بعض الدوائر الأمنية الإسرائيلية، إلا أن واقع البحر الأحمر بات يتشكل وفقًا للمعادلة التي رسمها الجيش اليمني، لا تلك التي تحاول “إسرائيل” فرضها.
ترقب لأول ضربة بحربة
منصة Splash247 المتخصصة في أخبار الشحن البحري ذكرت أن حركة الشحن تراقب عن كثب تطورات المشهد في البحر الأحمر، مع ترقب عالمي لمعرفة ما إذا كان الجيش اليمني سيجدد عملياته ضد السفن التجارية في المنطقة.
ووفقًا لمنصة Splash247، فإن “الحوثيين”، الذين نفذوا أكثر من 100 هجوم على سفن تجارية منذ أواخر عام 2023، كانوا قد أوقفوا عملياتهم البحرية خلال الأسابيع الماضية، تماشيا مع المساعي الدولية للتهدئة والاتفاقات المؤقتة بين “إسرائيل” وحماس.
لكن التطورات الأخيرة، خاصة مع استمرار إغلاق المعابر المؤدية إلى غزة، تثير تساؤلات حول ما إذا كان الهدوء في البحر الأحمر سيستمر، أم أن “الحوثيين” سيعودون لاستهداف السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” وحلفائها.
من جانبها، أصدرت شركة “أمبري” البريطانية المتخصصة في الأمن البحري توصيات للسفن التجارية بضرورة التحقق مما إذا كانت مدرجة ضمن قائمة الأهداف اليمنية، وإعادة تقييم المخاطر المحتملة للمرور عبر البحر الأحمر وخليج عدن.
أوروبا تبحث عن التوازن
ومع انتهاء المهلة التي حددتها القوات المسلحة اليمنية لإدخال المساعدات الى غزة ودخول الإعلان اليمني حيز التنفيذ باستئناف العمليات البحرية ضد الكيان الإسرائيلي ومقابلة الحصار بالحصار، نشرت وسائل إعلام أوروبية أن الاتحاد الأوروبي سيتجه إلى تبني مقاربة أكثر توازنا بين التدابير الدفاعية والدبلوماسية، مع عودة الاضطرابات التي تؤثر على حركة الشحن الدولية.
وفقا لتقرير نشره موقع Decode39 الإيطالي، تعمل إيطاليا، التي تقود عملية “أسبيدس” الأوروبية، على الجمع بين الجهود الدفاعية والتواصل الدبلوماسي لضمان أمن الممرات المائية، مع تجنب الانخراط في تصعيد عسكري على غرار الضربات التي تشنها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على مواقع الجيش اليمني. حيث تشير التقديرات إلى أن اضطرابات البحر الأحمر تسببت في زيادة تأخير الشحن بنسبة 25%، ما أجبر الشركات على إعادة توجيه السفن عبر رأس الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل وأثار مخاوف اقتصادية متزايدة في أوروبا.
تراجع الثقة بالأسطول الأمريكي
معركة البحر الأحمر التي اندلعت في اكتوبر 2023 واستمرت حتى يناير 2025 كشفت عن تحولات عميقة في ديناميكيات الأمن البحري وثقة شركات الشحن العالمية بالبحرية الأمريكية، التي طالما اعتُبرت الضامن الأساسي لسلامة طرق التجارة البحرية.
في 15 ديسمبر 2024. كانت البحرية الأمريكية، قائدة تحالف “حارس الازدهار” الذي أُعلن عنه في ديسمبر 2023، مكلفة بتأمين الملاحة في هذه المنطقة الحيوية التي تمر عبرها 13% من التجارة العالمية، لكن النتائج كانت مخيبة للآمال، حيث أعرب العديد من قادة شركات الشحن عن استيائهم من عدم القدرة على ردع التهديدات.
على سبيل المثال، قال فنسيت كيليرك الرئيس التنفيذي لشركة “ميرسك”، في مقابلة مع “بلومبرغ” في يناير 2024م “لقد توقعنا أن توفر القوات البحرية الأمريكية الحماية الكافية لاستمرار العمليات في البحر الأحمر، لكن الواقع أجبرنا على تغيير مساراتنا بالكامل حول رأس الرجاء الصالح. لم يكن فينست وحده في هذا الرأي.
حيث أشار كوري رانسلم، الرئيس التنفيذي لشركة “Dryad Global” البريطانية للاستشارات الأمنية البحرية، في تصريح لـ”رويترز” في 20 ديسمبر 2023، إلى أن “عدم وضوح تفاصيل تحالف حارس الازدهار، مثل عدد السفن الحربية وقواعد الاشتباك، ترك شركات الشحن في حيرة من أمرها، ما أدى إلى فقدان الثقة في قدرة الولايات المتحدة على تقديم خطة حماية فعالة”.
تفاقم الوضع
مع استمرار الهجمات التي نفذها الجيش اليمني، التي شملت إغراق سفن مثل “روبيمار” في فبراير 2024 وفقًا لـ”رويترز”. فإن مثل هذه الحوادث أثارت قلقًا متزايدًا بين قادة الصناعة.
حيث قال رولف هابن يانسن، الرئيس التنفيذي لـ”هاباغ لويد”، في تصريح لـ”وول ستريت جورنال” في مارس 2024: “كنا نأمل أن تكون البحرية الأمريكية قادرة على استعادة السيطرة بسرعة، لكن استمرار الهجمات يظهر أن هناك حدودًا لما يمكن تحقيقه، ما يضعنا في موقف صعب للغاية”.
الأرقام تعكس هذا التراجع في الثقة بشكل ملموس فقد قال مسؤول دفاعي أمريكي كبير لموقع The War Zone في 7 مارس الجاري إن “الولايات المتحدة لا تزال في حيرة بشأن عدد الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون أو من أين يحصلون عليها جميعًا”، مضيفًا أن “المسلحين مبتكرين للغاية عندما يتعلق الأمر بتطوير ترسانتهم”.
وفي الوقت نفسه، قال المسؤول إن “الضربات الجوية العديدة التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على أهداف في اليمن لم توقف قدرة الجماعة على إنتاج الأسلحة واستخدامها حسب الرغبة”.
وقال المسؤول لموقع “ذا وور زون ” خلال لقاء إعلامي في ندوة الحرب الجوية لجمعية القوات الجوية والفضائية في أورورا بولاية كولورادو: “هناك بعض الجدل حول ما تحتويه مجلتهم. هناك الكثير مما لا نعرفه الآن عن الحوثيين”.
وأضاف: “بدأت هجمات الحوثيين على السفن في نوفمبر 2023 تضامناً مع الفلسطينيين بشأن الحرب الأخيرة بين إسرائيل وغزة لقد أجبروا السفن على تجنب قناة السويس لمسار أطول بكثير حول أفريقيا، ما أدى إلى زيادة تكاليف الشحن بنحو 200 مليار دولار، وأدت هجمات الحوثيين إلى غرق سفينتين وإلحاق أضرار بالعديد من السفن الأخرى، وتسببت في مقتل أربعة بحارة، وأدت إلى احتجاز العديد كرهائن بعد الاستيلاء على سفينة”.
انصارالله
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: البحریة الأمریکیة الولایات المتحدة العدو الإسرائیلی فی البحر الأحمر القوات المسلحة الجیش الیمنی فتح المعابر قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي
لم يعرف التاريخ الإنساني، وأعتقد لن يعرف حتى قيام الساعة، دولة تكذب وتتحرى الكذب في كل أقوالها وأفعالها مثل دولة الكيان الصهيوني الغاصب التي تكذب كما تتنفس، وتعيش على الكذب الذي قامت على أساسه وتحيا عليه.
الدولة التي قامت على كذبة في العام 1948، لا يمكن أن تستمر وتبقى سوى بمزيد من الأكاذيب التي تنتجها آلة الدعاية الصهيونية المدعومة بوسائل الإعلام العالمية، بشكل يومي لكي تستدر عطف العالم الغربي وتبرر احتلالها البغيض للأراضي الفلسطينية وعدوانها الدائم والهمجي على أصحاب الأرض، وعلى كل من يحاول الوقوف في وجهها وكل من يكشف أكاذيبها ويقاوم غطرستها، وجرائمها التي لا تتوقف ضد الإنسانية.
بدأت الأكاذيب الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر مع نشأة الحركة الصهيونية، بالترويج لأكذوبة أن «فلسطين هي أرض الميعاد التي وعد الله اليهود بالعودة لها بعد قرون من الشتات في الأرض». وكانت هذه الأكذوبة، التي تحولت إلى أسطورة لا دليل على صحتها تاريخيا، المبرر الأول الذي دفع القوى الاستعمارية القديمة، بريطانيا تحديدا، الى إصدار الوعد المشؤوم «وعد بلفور» قبل عام من نهاية الحرب العالمية الأولى بانشاء وطن لليهود في فلسطين. وكان هذا الوعد، كما يقول المؤرخون، الذي صدر عن وزير الخارجية البريطاني أرثر بلفور حجر الأساس لأكبر عملية سرقة في التاريخ، سرقة وطن كامل من أصحابه، ومنحه لمجموعة من العصابات اليهودية دون وجه حق. الوعد الذي لم يعره العالم انتباها وقت صدوره تحول إلى حق مطلق للصهاينة في السنوات التالية، ومن أكذوبة «أرض الميعاد» ووعد الوطن القومي أنتجت الصهيونية العالمية سلسلة لا تنتهي من الأكاذيب التي ما زالت مستمرة حتى اليوم، والمسؤولة، في تقديري، عما يعيشه الفلسطينيون الآن من جحيم تحت الاحتلال الصهيوني.
الكذبة الأولى الخاصة بأرض الميعاد، والتي صدقها العالم نتيجة تكرارها وبفعل التأثير التراكمي طويل المدى لوسائل الاعلام التي سيطر عليها اليهود طوال القرن العشرين، لم تكن سوى أكذوبة سياسية ذات غطاء ديني غير صحيح. إذ تم تفسير النص التوراتي بطريقة ملتوية لتخدم المشروع الصهيوني. ولم تُثبت الحفريات التي يقوم بها الصهاينة أسفل المسجد الأقصى وجود هيكل سليمان أو وجود مملكة داود وسليمان في فلسطين كما تزعم الرواية التوراتية المحرفة، بل أن بعض المؤرخين الإسرائيليين شككوا في وجود اليهود في فلسطين كأمة قبل إنشاء إسرائيل.
دعونا في هذا المقال نتتبع أبرز الأكاذيب الصهيونية التي روجت لها إسرائيل لاستمرار سياساتها العنصرية والتي لم تكن مجرد دعاية عابرة، بل جزءًا من استراتيجية تم وضعها وتهدف في النهاية الى تحقيق الحلم الصهيوني بدولة تمتد «من النيل إلى الفرات»، والترويج للسردية الصهيونية في الاعلام العالمي وحصار السردية الفلسطينية والعربية.
الأكذوبة الثانية التي تمثل امتدادا للأكذوبة الأولى والمرتبطة بها ارتباطا وثيقا، هي أن فلسطين كانت أرضا بلا شعب، وبالتالي يمكن الاستيلاء عليها واحتلالها وتهجير أهلها منها، وجعلها وطنا للشعب اليهودي الذي كان بلا أرض»، وبذلك يتم نفي الوجود العربي الفلسطيني فيها. وتم الترويج لهذه الأكذوبة في الغرب المسيحي المحافظ من خلال خطاب إعلامي يربط إقامة إسرائيل بقرب ظهور المسيح (عليه السلام). وقد نجح الإعلام الصهيوني والمتصهين في تصوير اليهود باعتبارهم عائدين إلى أرضهم، فيما تمت شيطنة الفلسطينيين والتعامل معهم باعتبارهم إرهابيين يعارضون الوعد الإلهي. وكانت هذه الأكذوبة من أخطر الأكاذيب الصهيونية لتبرير احتلال فلسطين بدعوى أنها خالية من السكان، في حين كان يعيش فيها قبل إعلان قيام إسرائيل نحو مليون وثلاثمائة ألف عربي فلسطيني من المسلمين والمسيحيين.
وتزعم الأكذوبة الصهيونية الثالثة أن الفلسطينيين غادروا أرضهم طواعية بعد هزيمة الجيوش العربية وإعلان قيام دولة إسرائيل في العام 1948. وتم استخدام هذه المزاعم للتغطية على مجازر التطهير العرقي الذي قامت به عصابات الصهاينة، وأبرزها مجازر دير ياسين، واللد، والرملة، لطرد الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم.
لقد ثبت للعالم كله كذب إسرائيل في كل ما روجت له من مزاعم تخالف الحقيقة في الإعلام العالمي المتواطئ معها والمساند لها على الدوام. ومن هذه المزاعم القول بإنها «واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» الذي لا يعرف الديمقراطية. ولم ينتبه العالم إلى أن الديمقراطية الإسرائيلية ترى بعين واحدة، ومخصصة لليهود فقط، ولا تشمل سكانها من الفلسطينيين الذين يعانون من تمييز وفصل عنصري في كل مجالات الحياة. وتستخدم هذه الديمقراطية الأسلحة المحرمة والإبادة الجماعية وسياسات الاغتيال والاعتقال والتعذيب كوسيلة للتعامل مع الفلسطينيين المحرومين من حقوقهم السياسية.
وشبيه بهذا الزعم القول إن «الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم». ومع الأسف ما زالت هذه المقولة تتردد على ألسنة العسكريين والسياسيين الصهاينة وفي بعض وسائل الاعلام الغربية، رغم الجرائم الموثقة من جانب منظمات حقوقية عالمية، والتي ارتكبها ويرتكبها هذا الجيش «عديم الأخلاق» في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا وإيران، واستهدافه المدنيين من النساء والأطفال، والصحفيين والأطباء وغيرهم، واستخدامه لسلاح التجويع في غزة ومنع الإمدادات الإنسانية من الدخول الى القطاع وإتلافها عمدا، وقتل الجوعى.
ولا تتوقف آلة الكذب الصهيونية عند هذا الحد وتضيف لها الجديد من الأكاذيب كل يوم، مثل الأكذوبة المضحكة التي أصبحت مثار سخرية العالم، وهي إن «إسرائيل تواجه تهديدا وجوديا من جيرانها العرب» المحيطين بها، في الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني أن الكيان الغاصب هو الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية قادرة على محو جميع الدول العربية، وتتمتع بتفوق عسكري يضمنه ويحافظ عليه ويعززه الشريك الأمريكي ودول غرب أوروبا، وتمنع بالقوة أي دولة في المنطقة من امتلاك الطاقة النووية حتى وإن كان للأغراض السلمية، كما فعلت مع العراق وايران. وينسي من يردد هذه الأكذوبة إن إسرائيل فرضت من خلال الولايات المتحدة التطبيع معها على العديد من الدول العربية، ليس فقط دول الجوار التي كان يمكن ان تهددها، وإنما على دول أخرى بعيدة جغرافيا عنها، وفي طريقها لفرضه على المزيد من الدول.
ويكفي أن نعلم أن غالبية الحروب التي دخلتها إسرائيل كانت حروبا استباقية، وكانت فيها المبادرة بالعدوان، وآخرها الحرب على إيران. والحقيقة أن حربها المستمرة منذ نحو عامين على غزة والتي تزعم أنها، أي الحرب، «دفاع عن النفس» ما هي إلا أكذوبة أخرى تأتي في إطار سعيها لتفريغ القطاع من سكانه وتهجيرهم خارجه بعد تدميره وحصاره المستمر منذ العام 2007 وحتى اليوم، وهو ما ينفي الأكذوبة الأكثر وقاحة التي ترددها الآن بأن «حركة حماس هي المسؤولة عن معاناة أهل غزة، وهي من تجوعهم»، مع أن العالم كله يشاهد كيف حولت القطاع إلى أطلال وإلى أكبر سجن مفتوح في العالم بشهادة الأمم المتحدة.