بيتا، بيت فوريك، بورين، برقة، الخضر، حوسان، الفوار، دورا، سعير، الظاهرية، وغيرها عشرات القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية لا تكاد تغيب عن نشرات الأخبار نظرا لتكرار اقتحامها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وبزيادة ملحوظة بالتزامن مع بدء حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ازداد الوضع سوءا مع حلول شهر رمضان حيث تتزامن الاقتحامات مع ساعة الذروة التي تسبق الإفطار، مستهدفة مراكز البلدات والقرى، ومتسببة في تفريق السكان وإجبار المتاجر على إغلاق أبوابها.

فيما يلي عرض معلوماتي لسياسة الاقتحامات الإسرائيلية وأنواعها وأهدافها، وفق محللين فلسطينيين:

ماذا يعني الاقتحام الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية؟

الاقتحام هو تحرك وانطلاق آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي، من المعسكرات والمستوطنات أو نقاط تمركزها في محيط المناطق الفلسطينية إلى قرى وبلدات مأهولة مصنفة "أ" و"ب" ويفترض أن تدار من قبل السلطة الفلسطينية، لكن أعيد احتلالها عام 2002 ويتم الاقتحام عادة بفتح البوابات الحديدية المثبتة على المداخل الرئيسية، ثم إعادة إغلاقها بعد انتهاء الاقتحام.

وصنفت اتفاقية أوسلو2 عام 1995، أراضي الضفة إلى "أ" يفترض أن تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" ويفترض أن تخضع إداريا للسلطة، و"ج" وتشكل نحو 61% من المحافظة وتخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة.

إعلان

ما أنواع الاقتحامات؟

وفق خبراء فلسطينيين، ينقسم الاقتحام إلى عدة أقسام:

عمليات عسكرية: وأشهرها ما يجري من إبادة لمخيمات شمالي الضفة الغربية، والذي بدأ في 21 يناير/كانون الثاني الماضي وأسفر عن عشرات الشهداء وتدمير واسع للمنازل والبنية التحتية. ويستخدم الاحتلال فيها مختلف الآليات بما في ذلك الجرافات والدبابات والطيران الحربي والمروحي والمسيرات، ويتخللها قتل واعتقال وتدمير.

اقتحام لهدف محدد: يتم بآليات عسكرية خفيفة وغالبا في ساعات الليل، ويكون هدفه مداهمة منازل واعتقال أشخاص، أو اقتحام وإغلاق مؤسسات أو هدم منازل، ويحدث ذلك في كافة أنحاء الضفة الغربية.

اقتحام فرض السيادة أو الاستفزاز: اتسع نطاق هذا النوع من الاقتحامات بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويستهدف غالبا القرى والبلدات والمخيمات الفلسطينية الهادئة، ويتم في ساعات الذروة لحركة السكان دون وجود مبرر أمني، وبرز بشكل واضح قبيل وقت الإفطار خلال شهر رمضان ومع صلاة العشاء والتراويح.

في هذا النوع من الاقتحامات يداهم الجيش مراكز القرى والبلدات والمخيمات المصنفة "ب" ويجبر المتاجر على إغلاق أبوابها، وينتشر الجنود على أسطح المنازل لعدة ساعات ويسارعون إلى إطلاق القنابل الغازية والرصاص الحي مخلفا إصابات.

يتخلل هذا النوع من الاقتحام ترجل الجنود من مركباتهم وتوقيف الشبان والاعتداء عليهم والتنكيل بهم واقتحام وتخريب البيوت والمتاجر، ويستمر عادة ما بين ساعة وساعتين.

كما يدخل ضمن هذا الصنف، اقتحامات الشرطة الإسرائيلية وملاحقة المركبات الفلسطينية مع أنها تدار من قبل السلطة الفلسطينية.

استشهاد الشاب عمر عبد الحكيم اشتية (21 عاما) برصاص الاحتلال خلال اقتحام قرية سالم شرق مدينة #نابلس بالضفة الغربية.#الضفة_الغربية #طوفان_الأقصى #قطاع_غزة pic.twitter.com/1RWfpeATh1

— وكالة قدس برس (@qudspressagency) March 14, 2025

إعلان ما الجديد في الاقتحامات بما أنها موجودة سابقا؟

الجديد هو التركيز على مناطق الريف الفلسطيني في اقتحامات متكررة وربما عدة مرات في اليوم الواحد، بينما كان قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الاقتحام لهدف عملياتي محدد غالبا هو الاعتقال أو الملاحقة وكان يتم ليلا.

وتظهر معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الحكومية الفلسطينية تصاعدا كبيرا في حجم الاقتحامات الإسرائيلية قبل وبعد العدوان على غزة.

قبل الحرب، وتحديدا في يناير/كانون الثاني 2023 سجلت الهيئة 700 انتهاك واقتحام من قبل جيش الاحتلال في الضفة، و636 انتهاكا واعتداء في فبراير/شباط من العام نفسه، مقارنة مع 2161 اعتداء وانتهاكا في يناير/كانون الثاني و1705 اعتداءات وانتهاكات في فبراير/شباط من العام الجاري.

ووفق تصريحات إذاعية لمحافظ الخليل خالد دودين، فقد شهدت محافظة الخليل وحدها 480 اقتحاما إسرائيليا في أول شهرين من العام الجاري.

ويقول الباحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عماد أبو هواش، إن الآونة الأخيرة شهدت "تزايدا كبير في نشاط جيش الاحتلال بمدن وقرى ومخيمات الضفة، حتى بات يوميا وعلى مدار الساعة، وينضوي على عقوبات جماعية".

أي انعكاس للاقتحامات أوقات الذروة؟

مع تكرار الاقتحامات باتت المناطق الفلسطينية أقل شعورا بالأمن، فيحاول المواطنون عدم مغادرة منازلهم إلا للضرورة، في حين تتعرض حركة التجارة والأسواق بالاقتحامات لضربة وقت التسوق، إضافة إلى ما ينتج عنها من شهداء وجرحى وعبث بالممتلكات.

واستنادا إلى منشورات وزارة الصحة الفلسطينية استشهد نحو 935 فلسطينيا وأصيب أكثر من 7 آلاف في الضفة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

يقول أبو هواش إن الاقتحامات تنضوي على عقاب جماعي حيث تفرض سلطات الاحتلال على الفلسطينيين إغلاق أسواقهم وتقيّد حرية الحركة، وكان لهذا انعكاسات وخسائر اقتصادية.

ولفت إلى ما تتعرض له بلدة الظاهرية جنوب مدينة الخليل، والتي كانت تعتمد بشكل كامل على فلسطينيي 48 "لكن اليوم يمنع وصول فلسطينيي 48 وتهدم المتاجر ويتم اقتحام البلدة بشكل متكرر".

????اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الأربعاء ثلاث شقيقات فلسطينيات، وهن جميعًا أمهات، بعد اقتحام منازلهن وتفتيشها بشكل عنيف والعبث بمحتوياتها في بلدة بيت كاحل بمحافظة #الخليل جنوبي #الضفة_الغربية المحتلة.

????وأفادت مصادر حقوقية وشهود عيان أن قوة عسكرية إسرائيلية كبيرة تضم نحو… pic.twitter.com/vdwuMMB9WJ

— المنظمة العربية لحقوق الإنسان (@AohrUk_ar) March 13, 2025

إعلان ما هدف تكثيف الاقتحامات في ظل غياب أي تهديد أمني؟

برى أحمد صلاح، وهو ناشط في المقاومة الشعبية في بلدة الخضر جنوب مدينة بيت لحم أنه "لا شيء عبثي" وأن دخول المناطق المكتظة والتجول فيها غير خاضع لمزاج الجنود أو المستوطنين إنما "مسألة مدروسة".

وتابع أن الهدف من وضع جيش الاحتلال وتواجده داخل القرى والمخيمات المكتظة هو فرض سياسية الأمر الواقع وأن يعتاد المواطنون على وجودهم، وكأنهم مكون طبيعي في صورة تعيد للأذهان الاختلاط الذي كان موجودا قبل انتفاضة 1987.

وأضاف أن للمسألة جانبا نفسيا أيضا بهدف "تهيئة العقل الفلسطيني لاستيعاب وتقبل وجود الجندي بين الناس بل وتسوقه من متاجرهم كجزء من سياسة الضم وفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق الضفة الغربية على وجه التحديد.

وتابع أن الأمر يتدحرج نحو فرض رقابة صارمة على المواطنين الفلسطينيين بما في ذلك ملاحقة منشورات منصات التواصل واعتقال أصحابها ومحاسبتهم و"إعادة مسح برمجة التفكير الفلسطيني وكي وعيه".

وأشار صلاح إلى توظيف التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي في عمليات الجيش واقتحاماته بما في ذلك طائرات درون المرافقة للجيش والتي لا تغادر سماء الضفة.

من جهته، يقول أبو هواش إن هدف الاقتحامات "لا يمكن فصله عن هدف فرض السيادة الإسرائيلية المعلن بالضفة، ووجود الجيش يعني فرض أمر واقع جديد يشبه الذي كان قائما قبل قيام السلطة الفلسطينية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أکتوبر تشرین الأول الضفة الغربیة جیش الاحتلال من الاقتحام من قبل

إقرأ أيضاً:

لإنهاء المقاومة.. الاحتلال ينقل نموذج تدمير رفح لشمال الضفة الغربية

منذ شهور متواصلة، تقوم قوات الاحتلال بإجلاء كل الفلسطينيين مما تسميه "مثلث المقاومة" المتمثل في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، بزعم تمكينها من العمل هناك دون عوائق، بعد أن وصلت لواقع إشكالي للغاية من الناحية الأمنية، وأصبح كل دخول لهذه المنطقة يتطلب عملية عسكرية كاملة، مع قتال مع المسلحين في الطريق، الأمر الذي دفعها لاتباع نموذج إخلاء الفلسطينيين، وتطهير المنازل من منزل لآخر، في محاكاة مكشوفة لما يتم من تدمير وتخريب في غزة.

وذكر أمير بار شالوم المراسل العسكري لموقع زمان إسرائيل، أنه "منذ عام ونصف، تم الحفاظ على المهمة التي حددتها القيادة السياسية للجيش بكثافة متفاوتة، بخفض مستوى عمليات المقاومة في الضفة الغربية لأدنى مستوى، وجاءت الهجمات الأخيرة التي قتلت عددا من المستوطنين تذكيرا بالإمكانات المتفجرة في هذه الساحة، وتحت رادار وسائل الإعلام، يطبق الاحتلال في الضفة الغربية ما يسميه نموذج رفح من خلال التدمير الواسع".

مثلث الهجمات
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "مثلث الهجمات المسلحة المتركزة في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، أصبح خالياً من الفلسطينيين في الأشهر الأخيرة، ويعمل الجيش فيه دون مقاومة تقريبا، عقب تحولها في العامين الأخيرين لنوع من المناطق المستقلة، حيث تخشى السلطة الفلسطينية دخولها، بينما يقاتل الجيش داخلها كلما كان ذلك ضروريا لتنفيذ اعتقالات أو عمليات تفتيش".

ونقل عن ضابط كبير أن "الواقع الأمني في هذه المخيمات بات إشكاليا للغاية، وأصبح الوضع فيها أسوأ وأسوأ، لأنه مع كل عودة للجيش، تشتد المعارك بشكل كبير، وتصبح أكثر تعقيدًا، مما دفعه للجوء لنموذج إخلاء السكان، والتطهير من منزل لمنزل".

وأشار أن "تقديرات الجيش تتحدث عن إجلاء عدة آلاف من الفلسطينيين، أو تركهم في المخيمات الثلاثة، عقب تدهور الوضع الأمني، وزيادة التهديدات المتمثلة في تحولها إلى مختبرات للمتفجرات، اعتمادا على المعرفة والتمويل من الخارج، واستخدام مواد مزدوجة الاستخدام قادمة من دولة الاحتلال ذاتها، وقد تم مؤخرا اكتشاف مختبر ضخم في طولكرم، يحتوي على 200 شحنة جاهزة للتفعيل، و150 أكسيداً وأسمدة زراعية تستخدم كمواد خام، وقد أطلق على هذه الظاهرة من المنظمات المحلية اسم "الكتائب".

وذكر ان "هذه الكتائب تعتمد على فلسطينيين محليين يعرفون كل حارة وزقاق، واستفادت من مبالغ مالية كبيرة تصلها من الخارج، وهي في الغالب من العملات المشفرة عبر المنصات الرقمية، بحيث يمكن تحويل آلاف الدولارات من خيمة في غزة، أو مكتب في بيروت، وباتت أجهزة الأمن ترى هذه التحويلات المالية من المنطقة بأكملها: لبنان، وإيران، والأردن، وسوريا، وحتى غزة".

تحديات ماثلة
وزعم أن "مخيم جنين هو أحد المعاقل الأكثر صعوبة في الاقتحام منذ سنوات، وقام الاحتلال في السنوات الأخيرة بمداهمته عشرات المرات، وفي كل مرة نجحت البنية التحتية للمقاومة في التعافي، لكن اجتياح المخيم مؤخرا أدى لتشتّت التنظيمات المحلية، والبحث عن مأوى في المجتمعات المحيطة، فيما توقفت كتائب جنين عن الوجود، وأصبحت ملاحقة، وفي الوقت الحالي، تتضمن قائمة المطلوبين لدى الاحتلال عشرة أسماء، جميعهم من منطقة مثلث مخيمات اللاجئين".

وأوضح أن إطلاق الجيش لعملية "السور الحديدي في هذا المثلث تعتبر حلا جزئيا لمرة واحدة، وبدون خطة شاملة فإن نتائجها ستتآكل، وقد طرح الجيش على المستوى السياسي ثلاث مشاكل أساسية، وبدون حلها فإن النجاح الحالي في خفض مستوى الهجمات سيكون مؤقتا فقط، أولاها الحدود الشرقية مع الأردن، فرغم الجهود المكثفة التي يبذلها الجيش والشاباك والشرطة، فلا تزال مخترقة، ومن خلالها تتدفق كميات كبيرة من الأموال والأسلحة للضفة الغربية، ويعمل الجيش حاليا على إنشاء الفرقة الشرقية، للمحافظة على هذا الخط، ولكن دون وجود عائق مادي كالموجود على حدود لبنان ومصر، فلن يتم إغلاق الخط".

العرض والطلب على السلاح
ولفت المراسل إلى أن "المشكلة الثانية هي المعابر وحاجز التماس، فرغم العمل المكثف هنا منذ سنوات، لكنه لا يزال مفتوحا، ويؤكد الجيش على الطبيعة الإشكالية للمعابر، لأنه تعمل باتجاه واحد فقط، وتقوم بفحص المركبات الداخلة من الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال، وليس العكس، وبدون التفتيش المزدوج، سيكون صعبا للغاية التعامل مع تدفق المواد ذات الاستخدام المزدوج والأسلحة القادمة من الداخل المحتل، وقد كشفت حرب غزة كيف أن السوق الإسرائيلية أغرقت المناطق الفلسطينية بالأسلحة".

وشرح ذلك قائلا إنه "قبل هجوم حماس في السابع من أكتوبر، كان سعر القنبلة اليدوية في الأراضي الفلسطينية 3000 شيكل، قرابة 800 دولار، أما اليوم فهو 400 شيكل، أي 110 دولارا، وهذه حالة نموذجية للعرض والطلب، ولسد هذه الفجوة، من الضروري مضاعفة القوى العاملة، ووسائل التفتيش على المعابر، وهذا مشروع سيكلف مليارات الدولارات".

وختم قائلا إن "المشكلة الثالثة هي التوجيه الرقمي، من حيث المعرفة والمال، وهذا العمل معقد، ويتطلب حلاً شاملاً يشبه ما كانت عليه وحدة "تسالسيل" التابعة للموساد التي تعاملت مع طرق تمويل التنظيمات المسلحة، وقد وافق رئيس الأركان إيال زامير فور توليه منصبه على خطة العمليات في شمال الضفة الغربية، وأمر بإضافة كتيبتين إضافيتين لضمان عدم امتداد هجمات المقاومة من الشمال إلى ما وراء الطريق السريع.

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال: إصابة 4 جنود خلال محاولة فلسطيني السيطرة على سلاح أحد الجنود بالضفة الغربية
  • الاحتلال الكامل للضفة الغربية!.. إسرائيل تُكرّس لواقع جديد لتصفية القضية الفلسطينية
  • اعتقالات وحظر تجول.. تفاصيل العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية
  • التعاون الإسلامي: مخططات إسرائيلية للاستيلاء على مناطق بالضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 14 فلسطينيًا من الضفة الغربية
  • إصابات خلال اقتحام الاحتلال مدينة نابلس.. واعتقالات بالضفة (شاهد)
  • اقتحام نابلس.. واعتقال العشرات من مدن الضفة صباح اليوم
  • الاحتلال يعتزم هدم 100 منزل بمخيم جنين ويواصل اقتحام مدن الضفة
  • لإنهاء المقاومة.. الاحتلال ينقل نموذج تدمير رفح لشمال الضفة الغربية
  • الاحتلال يعتقل 7 فلسطينيين ويواصل عمليات الاقتحام بالضفة