مصور سعودي يوثق حشرات نادرة في قلب غابات إندونيسيا
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رغم فوبيا الحشرات التي عانى منها في طفولته، إلا أن ذلك لم يقف حائلا دون شغف المصور والباحث العلمي السعودي مفيد أبو شلوه بملاحقة هذه الكائنات الصغيرة التي قد تثير اشمئزاز البعض، بل استطاع إبرازها بشكل استثنائي، أي بدقة واضحة تجعلك تراها بعين مختلفة.
في هذه السلسلة، يستعرض أبو شلوه أنواع حشرات نادرة تمكن من توثيقها خلال مغامرة استكشافية بجزيرتين في إندونيسيا.
وأوضح أبو شلوه، وهو مصور ماكرو منذ أكثر من عقد من الزمن، لموقع CNN بالعربية أنه قضى 17 يومًا في مغامرة استكشافية للبحث عن الحشرات على جزيرتي "سيرام" و"كليمنتان".
وقال: "كانت هذه الرحلة أكثر من مجرد مغامرة، بل بمثابة اختبار حقيقي لحدود الصبر، والتحمّل، وحب الطبيعة".
في مايو/ أيار عام 2024، بدأ أبو شلوه التخطيط لمغامرته سعيا لاستكشاف عالم الخنافس من خلال التواصل مع علماء متخصصين في مجال الحشرات.
وأوضح أنه اختار إندونيسيا، لنها تتمتع بتنوع بيولوجي هائل، إذ تضم أكثر من 17 ألف جزيرة، ما يجعلها وجهة غنية بالكائنات الحية.
وأضاف: "إندونيسيا لم تكن مجرد وجهة، بل بوابة إلى عوالم خفية مليئة بالأسرار، حيث الغابات المطيرة أشبه بمتاهات غامضة والكائنات عبارة عن رسائل من عصور سحيقة".
أما جزيرة سيرام، فكانت الخيار الأمثل بسبب غموضها وثرائها البيئي، خاصة في مجال دراسة الخنافس غير المصنفة.
ويتذكر أبوشلوه أن الوصول إلى غابات الجزيرة الغامضة، سيرام، استغرق يومين من السفر الشاق، حيث استقل أربع رحلات طيران بالإضافة إلى رحلة بحرية، إذ لا يوجد مطار على تلك الجزيرة، ما جعل الوصول إليها مغامرة بحد ذاته.
خلال رحلته الاستكشافية في الجزيرتين، تمكن أبو شلوه من توثيق العديد من الكائنات الدقيقة والمخفية وسط الطبيعة، لكن تركيزه بقي منصبا على الخنافس.
وكانت خنفساء "Duplipectus degroofi"، التي تُعد نادرة جدًا في التصنيف العلمي من بين أبرز الحشرات التي وثقها، وتخفي العديد من الأسرار، سواء فيما يتعلق بتصنيفها أو سلوكها البيئي.
واستطاع المصور والباحث العلمي السعودي كذلك من توثيق الخنافس المضيئة، التي تعتمد على خاصية التلألؤ البيولوجي ليس فقط للتزاوج، بل لتضليل المفترسات في ظلمة الغابة أيضا.
ولا تتميز تلك الكائنات الدقيقة بغرابتها أو ندرتها بالنسبة إلى أبو شلوه فقط، إنما تتمتع أيضَا بأدوار حيوية في النظم البيئية، إذ أضاف أن "بعضها مسؤول عن التلقيح، وبعضها الآخر يعمل كمحللات طبيعية. وتلعب بعض الأنواع دورًا في حفظ التوازن البيئي من خلال التفاعل مع مفترساتها وفرائسها".
ويسعى أبو شلوه من خلال توثيق هذه الكائنات لـ"تقديم نافذة علمية فريدة إلى عوالم لم تحظ بالاستكشاف بشكل كافٍ بعد من خلال صور حية نابضة بالحياة"، واصفًا الحشرات التي وثقها على جزيرة سيرام بأنها "مذهلة وغريبة في آن واحد".
أشار المصور والباحث العلمي السعودي إلى أن تلك الكائنات تتمتع بخصائص استثنائية تتناسب بشكل مثالي مع بيئتها الغنية بالتنوع البيولوجي في الغابات المطيرة.
ويذكر أبو شلوه أنه صادف خنافس نادرة، بعضها يتمتع بمظهر وسلوك غريبين، "ما جعل كل حشرة بمثابة لغز بيئي يحمل أسرارًا وتكيفات مدهشة مع محيطها".
ولفت إلى أن أساليب البقاء لديها تنوعت بين أسلوب التمويه المثالي وآليات دفاعية مذهلة.
واجه أبو شلوه العديد من التحديات أثناء رحلته، أبرزها الطقس الرطب وتساقط الأمطار ، ما أثّر على معدات التصوير الخاصة به، واستلزم منه تنظيفها وتجفيفها باستمرار.
كما أن الوصول إلى الغابات النائية كان صعبًا نظرا للتضاريس الجبلية والانحدارات الشديدة، ما تطلب منه مجهودًا بدنيًا كبيرًا.
اندونيسيانشر الخميس، 20 مارس / آذار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: اندونيسيا من خلال
إقرأ أيضاً:
سواد القدور الخاوية يوثق في لوحات ظلام مجاعة غزة
باستخدام السواد الذي يغطي أسفل القدور الخاوية من الطعام، تُجسد الفلسطينية رغدة الشيخ عيد بلوحات فنية، المعاناة القاسية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة جراء سياسة التجويع الإسرائيلية المتزامنة مع حرب إبادة جماعية مستمرة للشهر 22.
هذه القدور كان من المفترض استخدامها لطهي الطعام لكنها خاوية منذ أيام طويلة جراء نفاد الغذاء والمجاعة التي تفاقمت تداعياتها منذ إغلاق إسرائيل للمعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية في الثاني من مارس/ آذار الماضي.
لذا فضلت الشيخ عيد، التي تهوى الرسم منذ نعومة أظفارها، أن تُعيد استخدام هذه القدور بطريقة أُخرى بعدما لاحظت تراكم السواد المتكون من احتراق الخشب والفحم على سطحها الخارجي الذي يُعرف بالعامية باسم "الشحبار".
وحولت الشيخ عيد هذا السواد إلى بديل عن المواد الخام اللازمة لرسم اللوحات الفنية في ظل ندرة توفرها، في حين خصصته للوحات التي تعبر عن معاناة الفلسطينيين جراء المجاعة.
وفي ظل الظروف القاهرة التي يمر بها القطاع، أصبح الرسم متنفسا وحيدا للشيخ عيد، يُخفف عنها وطأة الإبادة والقصف والموت والتجويع.
والثلاثاء، حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن ثلث الفلسطينيين في غزة لم يأكلوا منذ عدة أيام بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع.
وقال روس سميث، مدير الاستعداد للطوارئ والاستجابة في برنامج الأغذية العالمي، في بيان: "لقد وصلت أزمة الجوع في غزة إلى مستويات غير مسبوقة من اليأس، حيث لا يأكل ثلث السكان لعدة أيام متتالية".
ووفقًا لتقديرات برنامج الغذاء العالمي، يواجه ربع سكان غزة ظروفا أشبه بالمجاعة، حيث يعاني 100 ألف سيدة وطفل فلسطينيين من سوء التغذية الحاد.
مع نزوحها من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة وتدمير منزل عائلتها وفقدانها مواد الرسم قبل عام ونصف، بحثت الشيخ عيد في خيمة النزوح عن بدائل تمكنها من العودة إلى الرسم، "المتنفس الوحيد" لديها.
إعلانفبينما كانوا يستخدمون الفحم والحطب للطهي على النار، لاحظت الشيخ عيد تكون سواد ناجم عن احتراق الفحم حاولت استخدامه كبديل عن مواد الرسم، لكنه لم يعط الجودة المطلوبة، وفق قولها للأناضول.
وتابعت: "كان لا بد من استخدام أدوات بديلة، لأن الرسم متنفسي الخاص من الدمار والقصف".
وأشارت إلى أن توقيت ذلك تصادف مع نزوحهم من رفح وتدمير منزلهم حيث فقدت آنذاك مرسمها الخاص الذي كان يحتوي على أدوات ومواد خام كاملة وجديدة.
استطاعت الشيخ عيد، بعد فترة من قصف منزلها وتجريفه (لم تشر إلى الزمن)، انتشال ما تبقى من مرسمها الخاص ولوحاتها الفنية، ومواد الرسم التي نفدت تماما مع استعمال دام لأكثر من عام ونصف خلال حرب الإبادة.
وفي النهاية، عادت إلى السواد المتراكم على القدور، قائلة: "استخدمت الشُحبار المتكون على أسفل الطنجرة (من الخارج)، كي أكمل موهبتي في الرسم ولا أتوقف".
قطع حديثها صفير صاروخ أطلقته مقاتلة إسرائيلية صوب هدف قريب في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، حيث دوى انفجار أثار حالة من الفزع في المكان.
وفي ظل هذه الأحداث القاسية، أشارت الشيخ عيد إلى أن التوقف عن الرسم يدخلها في وضع نفسي "صعب"، حيث تعتبر الرسم "منقذا ومتنفسا" لها.
بين خيام النازحين وعلى ركام المنازل المدمرة، نصبت الشيخ عيد منصب الرسم المتهالك وثبتت عليه ورقة بيضاء خصصتها لتجسد مشهدا حقيقيا وقع في غزة لفتاة كانت تحمل إناء فارغا وتنتظر في طابور للحصول على نصيبها من تكية لتوزيع الطعام المجاني.
هذا المشهد التقط في صورة، لاقت تداولا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت علامات التعب والإرهاق والخذلان والقهر مجتمعة على وجه هذه الفتاة.
بحالة من القهر والألم بعدما بلغها نبأ مقتل شقيق والدها قبل فترة وجيزة من هذه المقابلة، أمسكت الشيخ عيد إناء الطهي المُغطى من الخارج بالسواد بيدها اليُسرى، بينما أمسكت بيمينها ريشة الرسم.
وبلمسات متماسكة، مسحت الشيخ عيد بريشة الرسم على "الشُحبار" الأسود المتكون على الإناء لتستكمل فيه لوحة تُجسد ذلك المشهد المأساوي.
وتقول الشيخ عيد عن استخدام إناء الطهي: "أرسم بشُحبار الطنجرة الفارغة التي تخلو من الطعام لإيصال رسالة توضح المعاناة".
وتابعت: "أحاول إيصال رسالة عن مجاعة غزة، أنا رسامة ويجب أن يرى العالم عملي، ويرى أننا نعاني من جوع وعطش وقصف وحصار".
وتأمل الشيخ عيد أن تعيش في أمان بلا صراعات ولا حروب، لافتة إلى أنها فقدت خلال الحرب إلى جانب منزلها اثنين من أعمامها وعددا من صديقاتها.
ومع الإغلاق الإسرائيلي الكامل للمعابر منذ مارس/آذار الماضي، تفشت المجاعة في أنحاء القطاع، وظهرت أعراض سوء التغذية الحاد على الأطفال والمرضى.
وحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة بغزة، الاثنين، بلغ عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية 147 فلسطينيا، بينهم 88 طفلا، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
إعلانوتحذر منظمات أممية ومؤسسات محلية من أن استمرار الحصار ومنع المساعدات ينذران بوقوع وفيات جماعية بين الأطفال، وسط تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية، وانهيار المنظومة الطبية بالكامل.
ومنذ الثاني من مارس/ آذار الماضي، تهربت إسرائيل من مواصلة تنفيذ اتفاق مع حركة حماس لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، وأغلقت معابر غزة أمام شاحنات مساعدات مكدسة على الحدود.
وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.2 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أميركي، أكثر من 204 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.