انسحاب 3 دول أفريقية من منظمة الفرانكفونية.. هل تنهار هيمنة فرنسا في القارة؟
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
أعلنت ثلاث من دول الساحل الإفريقي انسحابها جماعيا من المنظمة الدولية "الفرانكفونية"، في خطوة نٌظر إليها على أنها مؤشر للانهيار المتسارع للهيمنة الفرنسية في أفريقيا.
وتأسست المنظمة الدولية الفرانكفونية 1970 ومقرها باريس، وتضم في عضويتها 94 دولة، ويتمثل هدفها الإستراتيجي في تفعيل وتطوير اللغة الفرنسية والترويج لها.
لدى المنظمة ممثلون دائمون بالاتحاد الأفريقي واللجنة الاقتصادية الأفريقية، والاتحاد الأوروبي، وداخل الأمم المتحدة، ولها مكاتب جهوية بعدد من الدول الأفريقية.
ويدير شؤون المنظمة أكثر من 300 موظف موزعين ما بين المكتب الرئيسي في باريس وباقي المكاتب الجهوية.
ووفق تقديرات غير رسمية، فإن أكثر من عشر سكان القارة الإفريقية يتحدثون اللغة الفرنسية، فيما تعمل باريس على اصطفاف النخب السياسية الفرنكوفونية الأفريقية وراء السياسة الفرنسية.
"تطبيق انتقائي للعقوبات"
وأعلنت مالي والنيجر وبوركينا فاسو، في بيان مشترك اطلعت عليه "عربي21" انسحابها جماعيا من المنظمة الدولية للفرانكفونية، معتبرة أن هذه المنظمة "بدلا من دعم الدول الثلاثة في تحقيق الأهداف المشروعة لشعوبها فإنها عملت على التطبيق الانتقائي للعقوبات على أساس اعتبارات جيوسياسية واستهتار بسيادة هذه البلدان".
وأوضح البيان أن رؤساء الدول الثلاث "المخلصين لتطلعات شعوبهم والحريصين على الدفاع عن مصالحهم المشروعة، قرروا مغادرة المنظمة الدولية للفرانكفونية".
وقبل إعلان الانسحاب في بيان مشترك، أعلنت الدول الثلاثة في بيانات منفصلة انسحابها من المنظمة، حيث اعتبرت مالي أنها لا يمكن أن تظل عضوا في منظمة "تتعارض أفعالها مع المبادئ الدستورية على أساس سيادة الدولة" فيما أعلنت النيجر في بيان مقتضب موجه إلى البعثات الدبلوماسية، وقعه الأمين العام لوزارة الخارجية لاوالي لابو، قرارها الانسحاب "بشكل سيادي من المنظمة الدولية للفرانكفونية".
وكانت المنظمة، قد علقت عضوية النيجر بعد انقلاب 26 حزيران /يوليو 2023، وطالبت العسكريين بإطلاق سراح محمد بازوم وترك السلطة للمدنيين.
وفي كانون الأول /ديسمبر الماضي، علق المجلس العسكري في نيامي جميع أشكال التعاون مع المنظمة، وقال، إنها أداة لخدمة مصالح فرنسا ولم تعد إطارا ثقافيا يؤسس للتعاون بين الحكومات الناطقة بلغة مشتركة.
وقبل انسحابها رسميا من المنظمة، غيرت السلطات في العاصمة النيجرية نيامي اسم شارع ديغول الذي يقع وسط المدنية إلى شارع "جيبو باكاري" أحد زعماء جيل الاستقلال.
كما قامت السلطات في النيجر، باستبدال اسم "ساحة لفرانكفونية" بساحة "تحالف دول الساحل" الذي يجمع ثلاثة من دول الساحل هي: النيجر ومالي وبوركينافاسو، وأطلقت أيضا على المركز الثقافي الفرنسي في نيامي، اسم مصطفى آلاسان، أحد المثقفين الوطنيين العاملين في المجال السينمائي.
"انهيار متسارع"
ويرى عدد من المتابعين أن القرارات التي اتخذتها عدة دول أفريقية خلال الفترة الأخيرة "تعكس حجم الانهيار المتسارع للهيمنة الفرنسية في القارة السمراء".
فبالإضافة إلى الانسحابات الحالية المنظمة الدولية الفرانكفونية، اتخذت العديد من الدول الأفريقية قرارات نظر إليها على أنها "تعكس خيارات استراتيجية لأفريقيا للتحرر الكامل من الهيمنة الفرنسية".
وفي هذا السياق، يرى الباحث "بالمركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية" المختار ولد نافع، أن الانسحابات الحالية من المنظمة الدولية الفرانكفونية، "تعني أن نفوذ باريس سقط معنويا قبل سقوطه سياسيا واستراتيجيا".
ويضيف في تصريح لـ"عربي21"، أن "الشعوب والدول الأفريقية التي أخرجت القوات الفرنسية من بلادها أخرجت قبل ذلك من قلوبها الثقافة الاستعمارية الفرنسية".
وتوقع ولد نافع أن تتزايد انسحابات الدول الأفريقية خلال الفترة القادمة، من هذه المنظمة، مضيفا أن ما حصل "يعكس رفضا لكل ما يتعلق بالهيمنة الفرنسية لأن فرنسا أصرت أن تكون ثقافتها والأطر والهياكل التي تنشرها وسيلة من وسائل استدامة النفوذ ذي الطابع الاستعماري".
واعتبر أنه: "لم يبق أمام الأفارقة إلا رفض هذه الثقافة الاستعمارية تماما مثل ما يرفضون الوجود العسكري الاستعماري، والتغلغل الاقتصادي الاستعماري".
"انتكاسة باريس"
وشكل العام 2024 ما يشبه انتكاسة لنفوذ باريس في أفريقيا التي شكّلت لأكثر من قرنين محور السياسة الخارجية والحضور العسكري الفرنسي خارج الحدود.
وأعلنت العديد من الدول الأفريقية ومن بينها، تشاد، ومالي، والنيجر، وبوركينافاسو وساحل العاج، طرد القوات الفرنسية من أراضيها، فيما دعت دول أخرى ومن بينها السنغال، القوات الفرنسية لمغادرة أراضيها.
في المقابل استغلّت روسيا انتكاسة فرنسا في أفريقيا لشغل الفراغ الذي خلفه الانسحاب العسكري الفرنسي، حيث تصاعد الحضور الروسي في منطقة الساحل الأفريقي، بشكل متسارع، خلال العام 2024، مدفوعا بمزاج شعبي يميل لصالح موسكو بدل باريس التي هيمنت على المنطقة لسنوات، خصوصا في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وظلّت أفريقيا، لعقود، المزوِّد الرئيسي لفرنسا بالطاقة واليورانيوم والمعادن، إذ تضخّ دول أفريقيّة مثل النيجر ومالي وتشاد 25 في المئة من احتياجات المفاعلات النووية التي تعتمدها فرنسا للتزود بالكهرباء.
كما تضع فرنسا يدها على العديد من ثروات القارة عن طريق الشركات الفرنسية العملاقة. ووفق تقديرات بعض الخبراء، فإن 80 في المئة من كل ما يتم استخراجه من الموارد والثروات المعدنية في أفريقيا يصدّر بإشراف فرنسي نحو القارات الأخرى.
ويرى متابعون أن الخروج العسكري الفرنسي من أفريقيا، بدأت تداعيات تظهر على حجم نفوذها في القارة، كما حصل مع الانسحاب من المنظمة الدولية الفرانكفونية.
ووفق متابعين، فمن بين عوامل تراجع النفوذ الفرنسي بأفريقيا "فشل باريس المزمن في تجاربها العسكرية في المنطقة، ومن آخرها عمليتا (سيرفال) و(برخان) في منطقة الساحل، والتي أدّت عمليا لزيادة التحديات الأمنية حجما ومستوى بدل القضاء عليها" بالإضافة على رغبة الشعوب في استعادة قرارها، والتخلص من هيمنة المستعمر.
وتحاول فرنسا الحفاظ على موطئ قدم في إفريقيا الفرنكوفونية لخدمة مصالحها في القارة، في وقت تهاوت علاقتها بالأفارقة نظرا لفشلها في جلب الاستقرار لمناطق وجودها بالقارة، وفق متابعين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية أفريقيا فرنسا فرنسا أفريقيا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من المنظمة الدولیة الدول الأفریقیة فی أفریقیا فی القارة
إقرأ أيضاً:
مدينة نيس الفرنسية تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات
الثورة نت/..
تحتضن مدينة نيس في جنوب شرق فرنسا اليوم الأحد “مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات”، يحضره قادة العالم ويعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحويله إلى قمة لحشد الجهود.
وبحسب وكالة فرانس برس،سيجتمع حوالي خمسين رئيس دولة وحكومة، من بينهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في المدينة الواقعة جنوب شرق البلاد على ضفاف البحر الأبيض المتوسط اليوم الأحد، حيث سيقام عرض بحري كجزء من احتفالات اليوم العالمي للمحيطات، قبل افتتاح المؤتمر غدا الإثنين.
وستركز المناقشات التي تستمر إلى غاية 13يونيو على التعدين في قاع البحار، والمعاهدة الدولية بشأن التلوث البلاستيكي، وتنظيم الصيد المفرط.
مقاطعة أمريكية
وكان قد أفاد ماكرون صحيفة “أويست فرانس” قائلا إن هذه القمة تهدف إلى “حشد الجهود، في وقت يتم التشكيك في قضايا المناخ من جانب البعض”، معربا عن أسفه لعدم مشاركة الولايات المتحدة فيها.
ويعتقد أن الولايات المتحدة التي تملك أكبر مجال بحري في العالم، لن ترسل وفدا على غرار ما فعلت في المفاوضات المناخية.
ويذكر أنه في نهاية أبريل الماضي، قرّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أحاديا فتح المجال أمام التعدين في المياه الدولية للمحيط الهادئ، متجاوزا “السلطة الدولية لقاع البحار”، الهيئة الحكومية الدولية غير المنتمية إليها الولايات المتحدة لعدم مصادقتها على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وكانت قد أقرّت الدول في مسودة الإعلان الختامي التي كانت قيد التفاوض أشهر، بأن “العمل لا يتقدم بالسرعة أو النطاق المطلوبين”.
هذا، وحدّدت فرنسا أهدافا طموحة لهذا المؤتمر الأممي الأول الذي يعقد على أراضيها منذ مؤتمر الأطراف حول المناخ “كوب21” الذي استضافته باريس في العام 2015.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو إن فرنسا “تسعى ليكون المؤتمر موازيا بالنسبة إلى المحيطات، لما كان عليه اتفاق باريس، قبل عشر سنوات، بالنسبة إلى المناخ”.