العلماء يطورون خلايا دماغية اصطناعية تعمل بالضوء بدلا من الإشارات العصبية
تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT
طوّر باحثون في المختبر الدولي الأيبيري لتكنولوجيا النانو خلية عصبية اصطناعية من مواد شبه موصلة، تُعالج المعلومات الضوئية من خلال تذبذبات ذاتية الاستدامة، محاكية بذلك سلوك الخلايا العصبية البيولوجية بدقة، ويُمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو أنظمة حوسبة عصبية فعّالة تعتمد على الضوء.
وتعرف التذبذبات العصبية، والتي تُسمى أيضا موجات الدماغ، بأنها أنماط إيقاعية للنشاط الكهربائي في الدماغ، تحدث عندما تُطلق الخلايا العصبية (خلايا الدماغ) إشارات كهربائية بشكل متزامن ومتكرر.
هذه التذبذبات ضرورية لوظائف الدماغ لأنها تساعد في مهام مثل تنسيق التواصل بين مناطق الدماغ المختلفة، الأمر الذي يعزز مهام التفكير والتعلم والحركة والذاكرة والتعلم
وعلى سبيل المثال، ترتبط بعض التذبذبات، مثل موجات ثيتا (4-8 هرتز) في منطقة الحُصين، بتكوين الذاكرة، وتساعد موجات جاما الأسرع (30-100 هرتز) على حل المشكلات ومعالجة المعلومات المعقدة، وأثناء النوم، تساعد تذبذبات الموجات البطيئة (مثل موجات دلتا، 0.5-4 هرتز) على تخزين الذكريات والتخلص من الفضلات من الدماغ.
وبحسب الدراسة، التي نشرها الفريق البحثي في دورية ساينتفك ريبورتس، تستخدم هذه الخلايا الاصطناعية الجديدة الإشارات الضوئية (تحديدا الأشعة تحت الحمراء) بدلا من الإشارات الكهربية لمعالجة المعلومات، وتتصرف هذه الخلايا العصبية كخلايا دماغية حقيقية بإرسال إشارات إيقاعية، والتي تعد ضرورية لوظائف مثل التعلم والذاكرة والتعرف على الأنماط.
إعلانوتستخدم هذه الخلايا مواد شبه موصلة خاصة مصنوعة من زرنيخيد الغاليوم، وهي مادة تدعم ظاهرة "النفق الكمي"، وهذا يسمح بالتحكم الدقيق في الإشارات الكهربائية.
وقد اختبر العلماء الخلية العصبية الاصطناعية في ظروف مختلفة، في الظلام مثلا لم تتذبذب الخلايا وبقيت في حالة مستقرة، ومع التعرض للضوء بدأت بالتذبذب، محاكية النشاط النبضي للخلايا العصبية الحقيقية.
وتم تحقيق ذلك باستخدام تأثير كمي يُسمى المقاومة التفاضلية السلبية، ويعني أن الخلية العصبية يمكنها تغيير حالتها بناءً على الضوء المُدخل.
ولهذا الاكتشاف آثار مهمة الذكاء الاصطناعي، حيث تعالج أجهزة الكمبيوتر التقليدية المعلومات خطوة بخطوة (المعالجة التسلسلية)، ولكن يمكن لهذه الخلايا العصبية التي تعمل بالضوء معالجة العديد من الإشارات في وقت واحد (المعالجة المتوازية)، وهذا يجعل الذكاء الاصطناعي أشبه بالدماغ وأكثر كفاءة.
كما يمكن لهذه التقنيات أن تكون مفيدة في الحوسبة العصبية فائقة الكفاءة، حيث تستهلك رقائق الذكاء الاصطناعي الحالية الكثير من الطاقة والمساحة، وفي المقابل لا تتطلب هذه الخلايا العصبية الضوئية دوائر إضافية، وتعمل بالضوء، وهذا يقلل من استهلاك الطاقة.
وبالطبع فإن هذا النمط من الخلايا الاصطناعية يفيد في تطوير تعلم يشبه الدماغ لآلات المستقبل، حيث تستخدم الأدمغة الحقيقية التذبذبات للتعرف على الأنماط وتخزين الذكريات، وبالتبعية يمكن استخدام هذه الخلايا العصبية في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتعلم بشكل طبيعي أكثر.
الآن، يهدف العلماء إلى دمج العديد من الخلايا العصبية الاصطناعية لإنشاء شبكات قادرة على أداء مهام معقدة، ومن ثم نقل البحث العلمي إلى مستوى تطبيقات أكثر فاعلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الخلایا العصبیة
إقرأ أيضاً:
هل يُعلن الذكاء الاصطناعي نهاية الفأرة ولوحة المفاتيح؟
مع تسارع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح بإمكان المستخدم تنفيذ مهام معقدة عبر الأوامر الصوتية فقط، من حجز تذاكر السفر وحتى التنقل بين نوافذ المتصفح. غير أن هذا التقدم اللافت يثير سؤالًا جوهريًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستغني بالفعل عن لوحة المفاتيح والفأرة؟ يبدو أن الإجابة تكمن في ما يُعرف بـ"الخطوة الأخيرة" تلك اللحظة الحاسمة التي تتطلب تأكيدًا نهائيًا بكلمة مرور أو نقرة زر، حيث يعود زمام التحكم إلى الإنسان.
حدود الثقة
رؤية مساعد ذكي مثل Gemini من Google وهو يحجز تذاكر مباراة في ملعب أنفيلد أو يملأ بيانات شخصية في نموذج على موقع ويب، قد تبدو أقرب إلى السحر الرقمي. لكن عندما يتعلق الأمر بلحظة إدخال كلمة المرور، فإن معظم المستخدمين يتراجعون خطوة إلى الوراء. في بيئة عمل مفتوحة، يصعب تخيل أحدهم يملي كلمة سر بصوت مرتفع أمام زملائه. في تلك اللحظة الدقيقة، تعود اليد البشرية إلى لوحة المفاتيح كضمان أخير للخصوصية والسيطرة.
اقرأ أيضاً..Opera Neon.. متصفح ذكي يُنفّذ المهام بدلاً عنك
الخطوة الأخيرة
رغم ما وصلت إليه المساعدات الذكية من كفاءة، إلا أن كثيرًا من العمليات لا تزال تتعثر عند نهايتها. إدخال كلمة مرور، تأكيد عملية دفع، أو اتخاذ قرار حساس — كلها لحظات تتطلب لمسة بشرية نهائية. هذه المعضلة تُعرف بين الخبراء بمشكلة "الميل الأخير"، وهي العقبة التي تؤخر الوصول إلى أتمتة كاملة وسلسة للتجربة الرقمية.
سباق الشركات نحو تجاوز العجز
تحاول شركات التكنولوجيا الكبرى كسر هذا الحاجز عبر مشاريع طموحة. كشفت Google عن Project Astra وProject Mariner، وهي مبادرات تهدف إلى إلغاء الحاجة للنقر أو الكتابة يدويًا وذلك بحسب تقرير نشره موقع Digital Trends. في المقابل، يعمل مساعد Claude من شركة Anthropic على تنفيذ الأوامر من خلال الرؤية والتحكم الذكي، حيث يراقب المحتوى ويتفاعل كما لو كان مستخدمًا بشريًا.
أما Apple فتعوّل على تقنية تتبع العين في نظارة Vision Pro، لتتيح للمستخدم التنقل والتفاعل بمجرد النظر. بينما تراهن Meta على السوار العصبي EMG، الذي يترجم الإشارات الكهربائية من المعصم إلى أوامر رقمية دقيقة، في محاولة لصياغة مستقبل دون لمس فعلي.
ثورة سطحية
رغم هذا الزخم، ما يتم تقديمه حتى الآن لا يبدو كاستبدال حقيقي للأدوات التقليدية، بل أقرب إلى إعادة صياغة شكلية لها. لوحة المفاتيح أصبحت افتراضية، والمؤشر تحوّل إلى عنصر يتحكم به بالبصر أو الإيماءات، لكن جوهر التفاعل بقي على حاله. هذه التقنية تحاكي الوظائف التقليدية بواجهات جديدة دون أن تتجاوزها كليًا.
الطموح يصطدم بالواقع
تجدر الإشارة إلى أن معظم هذه التقنيات لا تزال إما في طور التطوير أو محصورة في أجهزة باهظة الثمن ومحدودة الانتشار. كما أن المطورين لم يتبنّوا بعد واجهات تتيح الاعتماد الكامل على الأوامر الصوتية أو التفاعل بالإشارات داخل التطبيقات الشائعة، ما يجعل الانتقال الكامل بعيدًا عن أدوات الإدخال التقليدية حلمًا مؤجلًا في الوقت الراهن.
الذكاء الاصطناعي.. شريك لا بديل
في نهاية المطاف، لا يبدو أن الذكاء الاصطناعي سيقضي على لوحة المفاتيح أو الفأرة في القريب العاجل. هو بالتأكيد يقلل من اعتمادية المستخدم عليهما، ويقدّم بدائل ذكية وسريعة، لكنه لا يلغي الحاجة إلى التحكم اليدوي، خاصة في المواقف التي تتطلب دقة أو خصوصية أو مسؤولية مباشرة. ربما نصل يومًا إلى تجربة صوتية كاملة تتفاعل مع نظراتنا وحركاتنا، لكن حتى ذلك الحين، سنبقى نضغط الأزرار ونحرّك المؤشرات بحذر وثقة.
إسلام العبادي(أبوظبي)