العدوان الأمريكي على اليمن وإفشاله
تاريخ النشر: 31st, March 2025 GMT
ارتكب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عدّو العالم كله، خطيئته العسكرية، أو خطأه العسكري الأوّل، بشنّ حرب عدوانية على اليمن. فقد أخطأ ترامب، من حيث لا يدري، أنه ذهب إلى الحرب ضد شعب اليمن، الذي طالما هزم دولاً كبرى، معتمداً على عدالة قضيته (تعرّضه للعدوان العسكري)، ومستنداً إلى مناعة جباله، وشدة شكيمة شعبه وإيمانه، وحساسية موقعه الاستراتيجي، ولا سيما سيطرته على باب المندب، من جهة، ووجوده الخليجي، في العصر الراهن، المؤثّر في الاقتصاد العالمي، في حالة تهديده لإنتاج النفط، أو خطوط نقله، من جهة أخرى.
فإلى جانب دروس التاريخ المتعدّدة، في مناعة اليمن على السيطرة العسكرية والاحتلال، ثمة تجربة الحرب الأخيرة، التي لم تحقّق انتصاراً، من خلال القصف الكثيف، لسنوات كذلك. أي إن تهديد ترامب، بالتدخل العسكري البرّي، سيواجَه، يقيناً بالصمود، وبمقاومة قاسية، تنتظره حيثما حلّ أو تحرّك.
إذا كان العدوان العسكري الذي شنّه ترامب في 15 /3 /2025، مصيره الفشل، ما لم يتدحرج إلى حرب إقليمية أوسع (هذه لها حساب آخر) في احتمالات الفشل أيضاً، فإن ترامب يكون قد ذهب إلى الاختبار الأقسى لاستراتيجيته التي لم تترك دولة، أو قوّة، في العالم، إلّا عادتها، بشكل أو بآخر، ولا سيما بالتهديد والوعيد، أو بالحرب الاقتصادية، من خلال العقوبات، أو رفع الجمارك، كجزء من الحرب الاقتصادية، والضغوط، بما هو دون استخدام القوّة العسكرية، التي تبقى كمسدس، تحت طاولة المفاوضات.
في الواقع، إن ما يُهدّد به ترامب، في شنّه الحرب على اليمن، لا يمكن اعتباره جديداً، لأن إدارة بايدن وبريطانيا، مارستا القصف الجوّي، والتهديد، من قبل، ولكن من دون نجاح، أو تحقيق هدف العدوان العسكري الجويّ، في التأثير على قدرات اليمن الصاروخية، أو استراتيجيته، المساندة، حتى المشاركة، للمقاومة في قطاع غزة. بل وصل الأمر، بعد كل ذلك، وبعد تهديدات ترامب، إلى توسّع اليمن في دعم المقاومة والشعب في قطاع غزة، ردّاً على سياسات التجويع، ووقف المساعدات الإنسانية. أي الانتقال إلى درجة أعلى وأقوى، في الوقوف اليمنيّ، إلى جانب المقاومة والشعب في قطاع غزة.
على أن التأكيد أعلاه، على فشل ترامب، في مغامرته العسكرية العدوانية ضد اليمن، لا يعني أن أحداً في اليمن، يمكنه أن يقف متفرجاً، أو شامتاً، وإنما يجب أن يتّحد اليمن كلّه خلف قيادة أنصار الله. بل يجب على الدول العربية، والشعوب العربية، والدول الإسلامية، والشعوب الإسلامية، وكل أحرار العالم، أن يرفعوا الصوت عالياً، ضدّ ترامب وعدوانه، وأن يقفوا، وفي المقدّمة الشعب الفلسطيني وفي طليعته المقاومة والشعب في غزة، إلى جانب اليمن الفلسطيني العربي المسلم، الحرّ الشجاع، القدوة والنموذج.
* كاتب وسياسي فلسطيني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
لندن تحذر طهران: التدخل الأمريكي في الحرب مع إسرائيل مخطط بعناية
حذر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي من أن أي تدخل أمريكي محتمل في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل ليس مجرد تهديد بل هو "مخطط له بعناية"، داعيًا طهران إلى التعامل بجدية مع الرسائل الصادرة من واشنطن.
ووفقًا لما نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أكد لامي خلال محادثات مغلقة أجراها مؤخرا أن الإدارة الأمريكية لن تلوّح بالخيار العسكري أو التدخل السياسي ما لم تكن لديها ترتيبات واستعدادات فعلية على الأرض، مشددًا على أن الرسائل التي تصدر من البيت الأبيض هذه الأيام "ليست للاستهلاك الإعلامي"، وإنما تعبّر عن تحركات مدروسة واستعدادات متقدمة لمواجهة التطورات المتسارعة.
وأضاف مسؤول بريطاني رفيع المستوى، تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن اسمه، أن التحذيرات الصادرة من لندن ليست من باب التهويل الإعلامي، بل تمثل دعوة واضحة وصريحة للقيادة الإيرانية من أجل قراءة المشهد الإقليمي بدقة لتجنّب الانجرار إلى تصعيد خطير، قد لا يكون في مصلحة أي طرف معني بالصراع الحالي.
وفي السياق ذاته، نقلت الصحيفة عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحًا جديدًا أبدى فيه رفضه لفكرة مطالبة إسرائيل بوقف ضرباتها الجوية ضد أهداف إيرانية، وذلك في محاولة لتسريع التوصل إلى اتفاق مع طهران وتجنب انزلاق واشنطن إلى ساحة المواجهة العسكرية المباشرة.
وقال ترامب، بعد وصوله إلى نيوجيرسي قادمًا من واشنطن: "أعتقد أنه من الصعب جدًا تقديم هذا الطلب الآن (...) إذا كان طرف ما منتصرًا، فسيكون الأمر أصعب قليلًا من الطرف الخاسر، لكننا مستعدون وراغبون وقادرون، وقد تحدثنا مع إيران، وسنرى ما سيحدث".
وفيما يتعلق بإمكانية وقف إطلاق النار، أوضح ترامب أن تحقيق ذلك "صعب للغاية"، في ظل الأوضاع الحالية، مؤكدًا: "إسرائيل تبلي بلاءً حسنًا فيما يتعلق بالحرب، وأعتقد أنك ستقول إن أداء إيران أقل جودة".
وبهذا الموقف، بدا واضحًا أن واشنطن تسعى لترك هامش حرية لإسرائيل في تحركاتها العسكرية، مع إبقاء الباب مواربًا أمام أي مفاوضات محتملة في المستقبل القريب.
وتأتي هذه المواقف في ظل تصاعد التوترات الإقليمية بشأن البرنامج النووي الإيراني، مع دخول المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن مرحلة حرجة للغاية، وسط ضغوط أوروبية متزايدة تدعو إلى ضرورة التوصل لاتفاق يخفف من حدة المواجهة، ويحول دون انزلاق الأوضاع نحو حرب شاملة في المنطقة. ولا تزال القوى الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، تحاول استثمار ما تبقى من القنوات الدبلوماسية للحيلولة دون انهيار مسار التفاوض بالكامل.