غزة هي البداية فقط.. الاحتلال يوسع دائرة الصراع لتغيير خريطة الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT
الثورة / /
في الوقت الذي تُحمّل الإدارة الأمريكية حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية انهيار المفاوضات بشأن وقف العدوان على غزة وصفقة تبادل الأسرى، يستمر كيان الاحتلال بتوسيع دائرة الصراع في المنطقة، لتشمل الضربات كلاًّ من سوريا ولبنان، عدا عن الضفة الغربية؛ وذلك رغم انتفاء ذرائع الاحتلال في هذه المناطق.
فبينما تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدن الضفة الغربية، ويقتحم وزير الأمن الصهيوني إيتمار بن غفير المسجد الأقصى المبارك بعد طرد المصلين منه، وجّهت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا متزامنًا على كل من سوريا ولبنان قامت باجتياح بري غير مسبوق على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بينما تمارس الإبادة الجماعية في سائر القطاع من خلال القصف والتجويع.
ومنذ استئناف العدوان على قطاع غزة في الـ 18 من مارس الماضي، استشهد وأصيب الآلاف، وسط دعم معلن لكل جرائم الاحتلال، من قبل الإدارة الأمريكية، التي كانت ضامنًا رئيسيًّا للاتفاق الذي أبرم في الـ 19 من يناير الماضي؛ حيث تراجعت عن ضمانها للاتفاق وأكدت دعمها المطلق لكل الخطوات التي يتخذها الاحتلال بما فيها نقض الاتفاق والعودة للإبادة الجماعية بحق المدنيين.
انقلاب على الاتفاق
ومع التذرع الإسرائيلي بالسعي لاسترداد الأسرى الإسرائيليين من خلال الضغط العسكري على حركة حماس، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإدخال مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة إلى دائرة مفرغة جديدة، وذلك من خلال إضافة مزيد من الشروط، التي يقول محللون إنها تضع حجر عثرة كبيرًا أمام الوسطاء.
فقد قدمت كل من مصر وقطر مقترحًا لحركة حماس في الـ27 من مارس الماضي، يتضمن الإفراج عن 5 جنود إسرائيليين أسرى خلال 50 يومًا بينهم الجندي الأمريكي – الإسرائيلي عيدان أليكسندر.
كما تعهد مقترح الوسطاء بعودة الأمور إلى ما قبل 2 مارس الماضي وفتح المعابر وتنفيذ البرتوكول الإنساني، وتضمن أيضا عرض الإفراج عن 250 أسيرا فلسطينيا بينهم 150 محكومون بالمؤبد و2000 من أسرى غزة.
ووافقت حماس على هذا المقترح، لكن إسرائيل أدخلت عليه بنودا تنص على نزع سلاح المقاومة وعدم الانسحاب من القطاع وإنما إعادة التموضع فيه، فضلا عن تحديدها آلية قالت إنها ستضمن إيصال المساعدات إلى المدنيين حصرا.
وقد رفضت حماس التعاطي مع هذه الورقة الإسرائيلية “التي تمثل انقلابًا على كل ما تم التوصل إليه من مقترحات لوقف القتال”، وفقًا لما نقلته شبكة الجزيرة عن مصادر.
توسيع الصراع
وتعليقًا على هذه المستجدات، يقول الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة: “بهذه الطريقة، تكون إسرائيل قد خرجت تمامًا عن مسار الاتفاق الأصلي الذي تم التوصل إليه برعاية أمريكية، ووضعت المنطقة كلها على حافة الهاوية، وتكون قد وضعت نفسها في حرب وجود ليس مع الفلسطينيين فقط وإنما مع كل دول المنطقة”.
ويضيف الحيلة أن نتنياهو لا يزال متمسكًا باحتلال القطاع وتهجير سكانه، ويرفض التعاطي مع أي مقترح لوقف الحرب، وهو يعتمد في هذا على الدعم الأمريكي غير المسبوق وعلى سلوك الولايات المتحدة، الذي يقرب المنطقة من الصدام العسكري، برأي الحيلة.
ففي حين تواصل القوات الأمريكية قصف اليمن، يواصل الرئيس دونالد ترامب التهديد بهجوم لم يعرفه التاريخ على إيران، ويحشد قوات بحرية وجوية هجومية في المنطقة، وهي أمور يرى المحلل السياسي أنها تشجع نتنياهو على مواصلة تعنته.
أهداف سياسية
الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى رأى أن كل ما يقوم به نتنياهو من التفاف على الاتفاق كان متوقعًا، لأن هذه هي سياسته الأساسية؛ “فنتنياهو لا يريد وقًفا لإطلاق النار مع حماس، وإنما يريد هدنة محددة بشروطه التعجيزية التي يمثل قبولها استسلامًا من جانب المقاومة”.
ومن هذا المنطلق، يعتقد مصطفى أن نتنياهو ليس معنيًّا بالأسرى إطلاقًا، وإنما بتحقيق أهدافه المتمثلة في نزع سلاح المقاومة واحتلال القطاع وتهجير سكانه، ومن ثم فلن يقبل بأي مقترح لا يضمن له هذه الأمور.
توافق أمريكي- إسرائيلي
ومن جهته لا يرى المحلل في الحزب الجمهوري الأمريكي أدولفو فرانكو في سلوك نتنياهو انقلابًا على المقترح الأمريكي، مُدّعيًا أن “حماس هي التي رفضت المقترحات لشراء الوقت وإعادة بناء نفسها”.
ووفقا لفرانكو، فإن “العمليات العسكرية الإسرائيلية الحالية في غزة تعكس التوافق الأمريكي الإسرائيلي على مسألة ضرورة طرد حماس من القطاع، وعدم السماح لها بإعادة تشكيل نفسها، أو التستر خلف حكومة صورية كالتي تقترحها مصر وقطر”، وفق تعبيره.
ويضيف فرانكو: “كما ن الولايات المتحدة وإسرائيل لن تقبلا بأي وجود لحماس في غزة مستقبلا”، مؤكدًا أن “واشنطن وتل أبيب لا تريدان التفاوض على الأسرى، وإنما على المنتصر والمهزوم في هذه الحرب، وبالتالي فإن العملية العسكرية الحالية مصممة لتحقيق هذه الهدف، وستتسع مستقبلًا ما لم تقبل حماس بشروط إسرائيل”.
تغيير الشرق الأوسط
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، صرح بأن كيانه لديه القدرة على العودة للحرب، زاعمًا أن قواته وصلت إلى قمة جبل الشيخ وغيرت وجه الشرق الأوسط، مضيفًا أن الجيش حصل على المزيد من السلاح، بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، ومشددًا على ضرورة إنجاز أهداف الحرب كاملة.
وقال نتنياهو -خلال حفل ترقية رئيس الأركان الجديد- الأربعاء الماضي: “حربنا ليست في غزة فقط.. خضنًا حربًا متعددة الجبهات وستكون نتائجها واضحة لأجيال قادمة، وسنحقق كل أهداف الحرب ومنها القضاء على حركة حماس سلطويًّا ومدنيًّا”، مدّعيًا أن كيان الاحتلال قادر على الرد بـ”حرب شعواء” على كل من يهدده.
واعتبر رئيس حكومة الاحتلال عدوانه على دول الشرق الأوسط “إنجازًا استراتيجيًا غير وجه المنطقة”، كما أشار إلى أن قواته تخوض معارك على سبع جبهات في آنٍ واحد، وهو ما اعتبره “قدرة تمتلكها جيوش قليلة حول العالم”.
وكشف نتنياهو عن تنفيذ إسرائيل العديد من الضربات خارج حدودها، قائلًا إن بعض تلك العمليات سيبقى سريًا، كما أكد استعداد حكومته للعودة إلى الحرب متى استدعى الأمر ذلك، زاعمًا أن أعداء إسرائيل لم يعد بمقدورهم شن هجمات ضدها كما في السابق.
المركز الفلسطيني للإعلام
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
كارنيغي: ما الأهداف التي تسعى روسيا إلى تحقيقها من الصراع في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
سلط مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط الضوء على التقارب الروسي الحوثي في اليمن، في ظل الصراع والتجاذبات التي تشهدها اليمن والمنطقة على مدى العقد الأخير.
وقال المركز في تقرير ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن الكرملين عزز مؤخرًا اتصالاته مع الحوثيين في اليمن، مما زاد الآمال في إمكانية استخدام نفوذه معهم للمساعدة في إيجاد تسوية للصراع هناك. إلا أن موسكو، في الوقت الحالي، غير راغبة ولا قادرة على كبح جماح الحوثيين.
وأضاف "في الأسبوع الماضي، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات في موسكو مع نظيره اليمني، رشاد العليمي. وتعول الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا على تلقي مساعدات اقتصادية وغذائية من روسيا، وتأمل على الأرجح أن تستخدم موسكو نفوذها لدى الحوثيين لتحسين الوضع في البلد الذي مزقته الحرب".
وتطرق التقرير إلى الصراع في اليمن منذ عقد ممثلا بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا بدعم السعودية، وجماعة الحوثي المدعومة من إيران والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى لانفصال جنوب اليمن عن شماله بدعم وتمويل إماراتي.
وحسب التقرير فإن موسكو ليست في عجلة من أمرها لإغداق اليمن بالمساعدات الإنسانية، لكنها مستعدة لمناقشة التعاون في بعض المجالات، مثل استكشاف حقول النفط اليمنية. كما يعتزم البلدان تكثيف العمل المشترك في قطاع الوقود والطاقة بشكل عام، وهو ما اتفق عليه مؤخرًا نائب وزير الطاقة الروسي، رومان مارشافين، والسفير اليمني لدى موسكو، أحمد الوحيشي.
وأوضح أصبحت اليمن أيضًا من أكبر مستوردي الحبوب الروسية، حيث اشترت حوالي مليوني طن العام الماضي. ومن المقرر عقد الاجتماع الأول للجنة الحكومية الروسية اليمنية المشتركة هذا العام. إلا أن القضية الرئيسية في العلاقات بين البلدين تظل مشاركة موسكو المحتملة في تسوية الحرب الأهلية اليمنية.
وتاعب "لسنوات عديدة لم يكن لروسيا أي اهتمام خاص بالنزاع، ولم تدعم طرفًا على حساب آخر. ولا يزال المسؤولون الروس يؤكدون على موقفهم المتساوي، حيث يعقدون اجتماعات منتظمة مع ممثلي كل من الحكومة المعترف بها دوليًا والحوثيين، بالإضافة إلى الانفصاليين الجنوبيين. ولكن منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، بدأ الحوثيون، بأيديولوجيتهم المتشددة المعادية للغرب وهجماتهم على السفن الغربية المارة، يجذبون اهتمامًا خاصًا من الكرملين، لدرجة تطوير التعاون العسكري.
وأشار إلى أن مستشارين عسكريين يعملون من جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي (GRU) في صنعاء، ويتزايد عدد تقارير خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن محاولات تهريب أسلحة إلى اليمن بخصائص وعلامات تقنية مماثلة لتلك المصنعة في روسيا.
في خريف العام الماضي، تبيّن أن الجانب الروسي كان يجري محادثات مع الحوثيين (عبر وسيط إيراني) بشأن نقل صواريخ ياخونت المضادة للسفن (المعروفة أيضًا باسم P-800 Oniks). أحد المفاوضين من الجانب الروسي هو فيكتور بوت، الذي حُكم عليه سابقًا بالسجن خمسة وعشرين عامًا في الولايات المتحدة بتهمة الاتجار غير المشروع بالأسلحة، ولكن أُطلق سراحه في صفقة تبادل أسرى بين موسكو وواشنطن عام 2022. حسب التقرير
وطبقا للتقرير فقد أثبت الحوثيون فائدتهم للكرملين، وذلك بالأساس لأنهم يصرفون انتباه الغرب وموارده عن دعم أوكرانيا. إضافةً إلى ذلك، تبدو فرصهم في الحرب الأهلية جيدة حاليًا: فقد عززت الغارات الجوية الأخيرة التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل على اليمن الدعم الشعبي للحوثيين. بدورهم، يواصلون قصف الأراضي الإسرائيلية، ومن المحتمل أن تكون موسكو متورطة هنا أيضًا، حيث تزودهم ببيانات الأقمار الصناعية.
في المقابل، دعم الحوثيون موسكو في قضايا تهمها، مؤيدين ادعاءاتها بتزعمها زعيمة معاداة الغرب عالميًا. ووفقًا للمتمردين اليمنيين، على سبيل المثال، فإن الحرب في أوكرانيا كانت بسبب السياسة الأمريكية. في صيف عام 2024، تضافرت جهود روسيا والحوثيين لخداع مئات اليمنيين ودفعهم للقتال في أوكرانيا، كما جاء في التقرير.
ورغم نفيها رسميًا تقديم أي دعم عسكري للحوثيين، يؤكد التقرير أن روسيا، إلى جانب إيران، من الدول القليلة التي تتفاعل بنشاط مع الحوثيين، بما في ذلك على المستوى الدبلوماسي. وتقول قيادة الحوثيين إنها تشترك مع روسيا في أهداف مشتركة في الشرق الأوسط، وقد دعت موسكو واشنطن إلى إعادة النظر في قرارها بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.
وأردف "هذا التقارب بين موسكو والحوثيين يجعل من المهم للأطراف الأخرى في الصراع اليمني بناء اتصالات مع روسيا أيضًا. بالإضافة إلى الزيارة الرئاسية إلى موسكو الأسبوع الماضي، التقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بالسفير الوحيشي أربع مرات هذا العام وحده. وتتوقع الحكومة اليمنية الرسمية بوضوح أن يتمكن الكرملين من المساعدة في تحسين الوضع في البلاد، بما في ذلك كبح جماح أنشطة الحوثيين المتطرفة في الداخل.
"على أي حال، ليس هناك من يلجأ إليه سوى موسكو. حتى وقت قريب، كانت الحكومة اليمنية الرسمية تأمل أن تُمكّنها الغارات الجوية الأمريكية من شن عملية برية ناجحة ضد المتمردين واستعادة السيطرة على الأراضي التي خسرتها. لكن التوقف السريع للعملية الأمريكية في أوائل مايو أظهر أن الأمريكيين ليسوا مستعدين للتورط في صراع طويل الأمد مع أنصار الله، خاصة في ظل المفاوضات الجارية مع إيران" طبقا للتقرير.
وختم مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق تقريره بالقول "الآمال المعقودة على دعم روسيا لحل الصراع في اليمن على الأرجح غير مبررة، فالحرب في أوكرانيا تستنزف موارد موسكو بشكل كبير، والكرملين بالتأكيد غير مستعد لإعادة توجيه هذه الموارد إلى الحرب الأهلية في اليمن. على العكس من ذلك، فإن نجاح الحوثيين، الذين شلّوا حوالي 12% من التجارة الدولية، مما شتت انتباه الغرب، يناسب الجانب الروسي تمامًا. بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا العام الماضي، لم يتبقَّ لروسيا الكثير من الحلفاء في الشرق الأوسط، وهي غير مستعدة للمخاطرة بالقلة المتبقية من أجل الاستقرار الدولي".