حادثة وفاة مهندس في السجن تهز العراق فما القصة؟
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
تصدر اسم المهندس العراقي بشير خالد لطيف منصات التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة، بعد انتشار مقطع فيديو يُظهر تعرضه للاعتداء داخل مركز شرطة حطين ببغداد، ومن ثم تحويله إلى السجن المركزي التابع لوزارة الداخلية.
الحادثة أثارت ضجة كبيرة بين العراقيين، الذين طالبوا بالكشف عن ملابساتها، خصوصاً بعد وفاة المهندس نتيجة تعذيب قاسٍ.
تفاصيل الحادثة بحسب بيان وزارة الداخلية العراقية، يوم 30 مارس/آذار الماضي، تلقت شرطة النجدة بلاغاً عن وجود مشاجرة في مجمع الأيادي السكني بمنطقة العامرية في بغداد.
وأشار البيان إلى أن المهندس بشير خالد تسلل عبر السياج إلى شقة مدير الرواتب والأمور المالية التابع لقيادة الشرطة الاتحادية، حيث وقعت المشاجرة.
بعدها تم توقيفه ونقله إلى السجن، حيث تعرض للاعتداء أثناء مشاجرة مع بعض الموقوفين، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية ودخوله المستشفى.
وأصدرت وزارة الداخلية فيديو قالت إنه يُظهر لأول مرة تفاصيل المشاجرة، مؤكدة أن بشير تعرض للضرب المبرح داخل المعتقل.
إلا أن الفيديو أثار شكوكاً واسعة بين العراقيين، حيث طالبوا بتوضيح هوية الأشخاص الذين ظهروا في المقطع وهم يعذبون المهندس بشير خالد.
تسريب من داخل السجن قبل تعذيب المهندس
المغدور #بشير_خالد ..كان يغلق الباب بقدمهِ
ويقول (اخي انت مو شرطي) ..تُرى من هذا
المو شرطي وداخل يريد يعذبه ؟!!!!
مسلخ مو مركز شرطة وتابع للدلة ! pic.twitter.com/AwX2rFmXG6
— سيف الدين المهنا (@Saif_almuhana) April 6, 2025
إعلانردود الفعل من جانبها، أصدرت نقابة المهندسين العراقية بياناً عبر منصة "إكس" أدانت فيه الحادثة بشدة، ووصفتها بأنها "اعتداء صارخ على كرامة الإنسان العراقي وانتهاك فاضح للقيم الإنسانية". وطالبت النقابة بتحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين.
بيان صادر عن نقابة المهندسين العراقية حول وفاة المهندس بشير خالد
إن حادثة وفاة المهندس بشير خالد نتيجة التعذيب ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي اعتداء صارخ على كرامة الإنسان العراقي وانتهاك فاضح للقيم الإنسانية التي تتأسس عليها المجتمعات المتحضرة، ويجب ان تُحدث زلزال تصحيحي لكل… pic.twitter.com/cccjai4IQg
— نقابة المهندسين العراقية (@ieu1959) April 7, 2025
كما نشر مجلس النواب العراقي صوراً لزيارة لجنة حقوق الإنسان للمهندس بشير خالد في مستشفى الكرخ قبل وفاته، حيث أظهرت الصور آثار التعذيب على جسده، بما في ذلك الكدمات على قدميه وبطنه.
الأمر الأكثر إثارة للغضب كان الفيديو المُسرب من داخل المعتقل، حيث ظهر بشير وهو مكبل اليدين ويقول "أخي، أنت مو شرطي"، مما دفع الكثيرين للتساؤل حول هوية المعتدين، وعن السبب الذي جعل مدنيين يشاركون في الاعتداء عليه داخل منشآت أمنية.
أعلنت حسابات عراقية وفاة المهندس بشير خالد في الساعة الخامسة والنصف صباح يوم الاثنين نتيجة التعذيب الذي تعرض له، والذي تسبب في فشل كلوي. بحسب ذويه، رغم محاولات الإسعاف المكثفة، إلا أن وضعه الصحي تدهور بسرعة حتى وفاته.
وانطلقت موجة غضب شعبية على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصف مدونون الحادثة بأنها جريمة بشعة تُمثل واقع السجون المرعب في العراق.
مناشدة اهل الضحية إلى معالي وزير الداخلية
مشاجرة بين المهندس بشير خالد واللواء عباس علي التميمي مدير رواتب الشرطه الاتحاديه. تم مسكه مع المفرزه النجده وتم ضربه وتعذيبه ونقله الى مركز شرطه حطين في بغداد ، ثم نقل بعدها الى مستشفى اليرموك بسس النزيف الحاد في منطقه الرأس اثر تعرضه… pic.twitter.com/wnk68dGk0y
— د. قصي شفيق (@qusay19658073) March 31, 2025
إعلانكما طالبوا بالكشف عن جميع المتورطين، سواء كانوا من الشرطة أو المدنيين، ومحاسبتهم علناً.
وبعد الضجة التي أثيرت حول وفاة المهندس بشير خالد، أصدر رئيس الوزراء محمد السوداني توجيهاً بتشكيل لجنة تحقيقية عليا للكشف عن ملابسات الحادثة وإعلان نتائج التحقيق أمام الرأي العام.
كما بدأت لجنة الأمر النيابي الخاصة بتقصي الحقائق في البرلمان أعمالها رسمياً، في محاولة لتقديم إجابات حول الظروف والتفاصيل التي أدت إلى وفاة المهندس.
رئيس الوزراء يوجه بتشكيل لجنة تحقيقية عليا بشأن وفاة بشير خالد لطيف وإعلان نتائجها أمام الرأي العام pic.twitter.com/NGzPmjFRop
— واع (@INA__NEWS) April 7, 2025
شدد العراقيون على ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجريمة، مطالبين بوقف انتهاكات حقوق الإنسان في السجون العراقية، وحماية المواطنين بدلًا من تعريضهم لهذه الانتهاكات الشنيعة.
وقالوا: "إن لم يتم تحقيق العدالة في قضية المهندس بشير خالد، فإن هذه الجريمة ستبقى وصمة عار في تاريخ المؤسسات الأمنية العراقية، وستكون البداية لقضايا مشابهة تهدد حياة الأبرياء".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وفاة المهندس بشیر خالد pic twitter com
إقرأ أيضاً:
عنف مسلح يهز مؤسسات الدولة العراقية ويثير غضبا بالمنصات
في تصعيد لظاهرة السلاح المنفلت، وقعت حادثة دامية هزت أروقة الإدارة العراقية عندما قوبل قرار تعيين مدير جديد لإحدى دوائر الزراعة في منطقة الكرخ في بغداد بإطلاق نار من قبل مجموعة مسلحة رفضت استلام المدير الجديد لمهامه.
ووقع هذا الحادث -صباح أمس الأحد- وخلف وراءه 3 قتلى بينهم شرطي ومدني ومسلح، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 6 أشخاص، مما أعاد بقوة طرح تساؤلات جوهرية حول السلاح المنفلت ودور الدولة في فرض سيادة القانون داخل مؤسساتها.
وتكشف تفاصيل الحادث عن تحول مفاجئ ومأساوي في سياق يومي اعتيادي، حيث بدأت القصة عندما عقد المدير الجديد اجتماعا إداريا روتينيا داخل دائرة الزراعة.
غير أن هذا المشهد الطبيعي للحياة البيروقراطية تحول في لحظات إلى كابوس حقيقي عندما دخلت مجموعة مسلحة مبنى الدائرة الحكومية، محولة المكان من فضاء إداري آمن إلى ساحة مواجهة مسلحة.
وسادت حالة من الذعر والفوضى بين الموظفين المدنيين العُزل، الذين وجدوا أنفسهم وسط معركة لم يكونوا طرفا فيها، واستدعى هذا الوضع الحرج تدخلا أمنيا عاجلا من الشرطة الاتحادية ودوريات نجدة الكرخ، التي سارعت لاحتواء الموقف والسيطرة على المبنى الحكومي المحاصر.
تطور الأحداث
ولم تقف الأحداث عند حد الاقتحام والتهديد، بل تطورت بسرعة مأساوية لتشهد اشتباكات عنيفة وتبادلا مكثفا لإطلاق النار بين المسلحين والقوات الأمنية.
وأسفر هذا التصعيد العسكري عن سقوط ضحايا من الطرفين ونشر الرعب في المنطقة، مما حول منطقة إدارية هادئة إلى ساحة قتال حقيقية في قلب العاصمة العراقية.
من جهته، استجابت وزارة الداخلية العراقية بحزم للحادث، مؤكدة رفضها القاطع لأي محاولة لاستخدام القوة لفرض آراء أو قرارات داخل مؤسسات الدولة.
ونجحت القوات الأمنية في نهاية المطاف في استعادة السيطرة وإلقاء القبض على 14 مسلحا شاركوا في الهجوم على المؤسسة الحكومية، مما يشير إلى حجم المجموعة المسلحة التي تجرأت على تحدي سلطة الدولة بهذا الشكل الذي وصف بالسافر.
إعلانوتفاعل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بسرعة استثنائية مع خطورة الحادث، حيث أمر فورا بتشكيل لجنة عليا للتحقيق في ملابسات ما حدث.
وستركز هذه اللجنة التحقيقية على عدة محاور حاسمة، أبرزها كيفية تحرك القوة المسلحة دون أوامر أو موافقات رسمية، ومحاولتها السيطرة على بناية حكومية وفتح النار على القطاعات الأمنية الأخرى.
وعلى صعيد الرأي العام، هيمنت مشاعر الغضب والاستنكار على تفاعلات المواطنين، حيث شكل الحادث نقطة انفجار لإحباط شعبي متراكم من ظاهرة السلاح المنفلت.
فرض هيبة الدولة
واتفق معظم المتفاعلين على ضرورة فرض هيبة الدولة ومحاربة السلاح المنفلت، مطالبين بحلول جذرية لمعالجة هذه الأزمة المتفاقمة التي تهدد استقرار البلاد ومؤسساتها، وهو ما أبرزته حلقة (2025/7/28) من برنامج "شبكات".
وفي تعبير واضح عن الدعم الشعبي لموقف الدولة، أعرب المغرد منتظر الحسني عن دعمه الكامل للموقف الحكومي الحازم، مؤكدا في تغريدته: "مع الدولة وفرض القانون… اضربوا بيد من حديد كل من تسول له نفسه المريضة بإثارة الفوضى داخل المجتمع ومؤسسات الدولة".
في السياق ذاته، لكن بتحليل أعمق للمخاطر، انتقد الناشط المختار الموعود محاولات التقليل من خطورة الحادث، مشددا على أن: "هذا الحادث لا يمكن السكوت عنه، وليس مجرد "سوء تفاهم" كما تحب بعض الجهات أن تروج، بل هو اعتداء صريح على هيبة الدولة، وتمرد مفضوح على سلطة القانون، ومحاولة فرض سلطة موازية داخل الدولة نفسها".
ومن منظور يركز على التداعيات المستقبلية، حذر المغرد نزار الزيادي من المخاطر الكامنة في السماح لمثل هذه الحوادث بالتكرار، متسائلا بقلق بالغ: "هذا تبديل مدير زراعة هكذا!!! إذا نريد نبدل النظام كله شي صير؟! إذا ردنا نبدل رئيس وزراء شي صير؟!! الشعب أنت ملتفت لحجم الكارثة المقبلة؟!!!".
وفي محاولة لتقديم حلول عملية للأزمة، طالب الناشط فلاح العايدي بإجراءات جذرية لمعالجة أزمة السلاح المنفلت، موضحا في تغريدته: "هل من المنطقي أن يكون كل مدير له جماعة مسلحة تدعمه وتنفذ قراراته… كيف سنتمكن من إجراء أي تغيير في البلاد… يجب حل جميع المليشيات ودمجها تحت راية الدولة، يجب على الدولة أن تسيطر على السلاح المنفلت وحصر السلاح بيد الدولة فقط".
وتكشف الإحصائيات الرسمية عن أن العراق يواجه تحديا هائلا في مسألة السلاح المنفلت، حيث تُقدر التقارير وجود أكثر من 7 ملايين قطعة سلاح غير مرخصة منتشرة في أنحاء البلاد.
وتستخدم هذه الترسانة الهائلة من الأسلحة غير المشروعة في مجالات متعددة تهدد الأمن والاستقرار، بدءا من النزاعات العشائرية التقليدية، مرورا بالاشتباكات بين الفصائل المسلحة المتنافسة، وصولا إلى الهجمات على مؤسسات الدولة كما حدث في حادثة دائرة الزراعة.
28/7/2025-|آخر تحديث: 19:27 (توقيت مكة)