ليلى عماشا
“المرفأ” بعد المطار، وحبلُ التضليل الممنهج على جرار القنوات الإعلامية العاملة بجدٍّ وتفانٍ في فلك التصهين المنطوق باللغة العربية. بين صناعة الذرائع للعدوان واختلاق المسوّغات، تبدع قناة الحدث منذ أشهر. إذ قد أجرت تعديلًا جذريًا على مفهوم “الأخبار”، تحوّلت معه غرفة تحرير الأنباء المعتادة في المؤسّسات الإعلامية إلى “مطبخ” تُحضّر فيه الأكاذيب، بمكوّنات رخيصة جدًا والكثير من النكهات المصطنعة.
هذا؛ وما خبر “مرفأ بيروت” إلّا طبخة من لائحة مآكل سامّة حُضّرت وصُنعت في مطبخ “الحدث” وقُدّمت على طاولات المشاهدين: بعضهم تناولها بتلذّذ، والبعض حملها “باردة سخنة” وطاف بها على المارّة، والبعض ترفّع حتى عن تذوّقها بعد أن “أكل الضرب” مرارًا وصدّق أخبار “المطار” التي سبقت “المرفأ”، وسرت كالسمّ في جسد المتلقّين، يوم زعمت “الحدث” وزميلتها “العربية” وجود مستودعات “أسلحة وذخائر” للمقاومة في حرم المطار في بيروت.
إذًا، لقد وضعت “الحدث” مرفأ بيروت على طاولة الأضاليل التي أصبحت “ماركة مسجّلة” باسمها، ونقلت أو زعمت نقل خبر يقول إنّ حزب الله يقوم باستيراد أسلحة عبر المرفأ ويهرّبها إلى داخل لبنان، بالتعاون مع موظفين يقومون بتغطية هذا العمل. تسبّب الخبر الكاذب، كسابقيه، ببلبلة. ولا يخفى على عاقل أنّ البلبلة الممنهجة هذه تقع إمّا في خانة صناعة الذريعة لعدوان “إسرائيلي” قد يستهدف مرفأ بيروت، وإمّا في خانة التحريض على حزب الله عبر ادعاء باطل باستخدامه مرفقًا حيويًا لتهريب السلاح، ما يستدعي نوبات هلع في صفوف “اللبنانيين” ولا سيّما المعادين منهم لخيار المقاومة.
أضف إلى ذلك، يقع الخبر الكاذب هذا في محلّ اتهام المقاومة بخرق بنود اتفاق وقف إطلاق النار والقرار ١٧٠١، ويختلق تاليًا عذرًا وهميًا لقيام “إسرائيلهم” بخرق الاتفاق والقرار الدولي عبر ما يزيد عن ثلاثة آلاف مرّة منذ دخول وقف النار حيّز التنفيذ في ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤.
بعيدًا عن أكاذيب “الحدث”، والتي باتت ممجوجة ومكشوفة المنشأ والأهداف، هل من المنطقي أن يتحرّى المرء عن كذبة على هذا القدر من الانكشاف؟
إنّ قاعدة “من جرّب المجرّب” تنطبق على هذه الحال تمامًا، وحكاية “الراعي الكذاب” التي تُحكى للأطفال قبل النوم، على سبيل تعليمهم مساوئ الكذب، قد تفيد اليوم بشكل معاكس، فتقنع “أهل القرية” بعدم الاستجابة لأكاذيب الفتى الأرعن يلهو بأمن البلاد مبكرًا، قبل أن يذهبوا ثلاث مرات ويبذلوا جهدًا في البحث عن ذئب وهميّ.
في هذا السياق؛ لا يمكن تجاهل “طولة بال” وزير الأشغال العامة الذي نزل بنفسه إلى المرفأ كي يؤكّد المؤكّد، أي يؤكّد أن أضاليل “الحدث” هي مجرّد كذبة في سياق أكاذيب تكرّرت، كما في حكاية الراعي الكذاب!.. وهنا أيضًا، ينبغي أن يُوجّه سؤال واضح؛ لا إلى الرسميين فقط، بل إلى الجمهور الذي ما يزال يتابع “الحدث”: أيّ إهانة يوجّها المرء لذاته وعقله حين يتابع محطة معروفة الأهداف، مشهورة بخدمة الصهيوني، وفاقدة للمصداقية بهذا الشكل الفاضح؟!
موقع العهد الاخباري
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
إثيوبيا تغرق.. حقيقة المشاهد المتداولة لفيضانات أديس أبابا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تناقلت حسابات مقطع فيديو في وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بزعم أنها ترتبط بالفيضانات الأخيرة في إثيوبيا.
حصدت إحدى نسخ الفيديو المنسوبة إلى فيضانات إثيوبيا، أكثر من مليون مشاهدة في منصة إكس وحدها.
وصاحب المقطع وصف مُضلل يقول: "غرق إثيوبيا.. سبحان الله اللى يجي على مصر ميكسبش".
أظهر تحقق CNN بالعربية من الفيديو أنه معدل رقميًا، وجرى تكوينه من مقاطع مرتبطة بحوادث متفرقة لفيضانات حول العالم، ولا ترتبط بموجة الأمطار الغزيرة التي ضربت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ومناطق أخرى بالبلاد.
يبدأ الفيديو بمشاهد للحظة اندفاع المياه من بوابات سد مائي على ما يبدو. وكانت النسخة الأكثر انتشارًا لهذه اللقطات منشورة في 18 يونيو/حزيران الماضي عبر حساب في موقع تيك توك اسمه "new.york.mystery"، بينما وقعت فيضانات إثيوبيا في نهايات الشهر الحالي.
لم يوضح الحساب الناشر سياق اللقطات، لكن مستخدمون أعادوا تداوله باعتباره لفيضانات في الولايات المتحدة، وكانت غالبية هؤلاء دول آسيوية.
كان لافتًا استخدام الحساب لمقطع صوتي في خلفية اللقطات، لأشخاص يعبر صوتهم عن الدهشة والذهول مما يجري. بينما تُظهر خاصية البحث الصوتي في تيك توك أن المقطع سُمع في خلفية 48,900 ألف فيديو على الأقل. وكان أول من استخدمه حساب مملوك لسيدة اسمها "Neema Pun". وهو ما يشكك في أصالة اللقطات.
وخلال الثانية 29 من الفيديو، ظهرت لقطات مأخوذة من فيضانات مدينة هوجياي بمقاطعة غوانغدونغ جنوبي الصين، بحسب فيديو منشور في 22 أبريل/نيسان 2024.