انتخابات 2025: تسجيل الأحزاب يبدأ و يُشعل التوترات
تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT
12 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: يستعد العراق لخوض انتخابات نيابية جديدة نهاية العام 2025، في ظل دعوات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات للأحزاب والتحالفات للالتزام بآليات التسجيل.
وهذه العملية، التي تنطلق بعد أيام، تُعدّ الخطوة الأولى نحو تنظيم السباق الانتخابي، لكنها تواجه تحديات معقدة. فبين تعقيدات قانون الأحزاب وضغوط الجدول الزمني، تبرز أسئلة حول مدى قدرة المفوضية على ضمان مشاركة عادلة وشفافة.
كما أن تعدد القوائم والتحالفات قد يُفاقم التوترات السياسية، خصوصاً في ظل التجاذبات الطائفية والإقليمية.
والخبراء يرون أن نجاح هذه المرحلة سيحدد مسار العملية الديمقراطية برمتها.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، عن بدء تسجيل الأحزاب والتحالفات والقوائم المنفردة يوم 15 أبريل الجاري، تمهيداً للانتخابات النيابية المقررة نهاية العام.
وأكدت المفوضية، عبر عضو الفريق الإعلامي حسن هادي زاير، أن عملية التسجيل ستستمر حتى 4 مايو 2025، وفقاً لقانون الأحزاب رقم 36 لسنة 2015. وأشار زاير إلى أن هذه الخطوة حاسمة لتسجيل المرشحين لاحقاً، داعياً الأطراف السياسية إلى الالتزام بالتعليمات الموزعة.
وأوضحت المفوضية أن دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية ستتولى عملية التسجيل، التي تُعدّ العمود الفقري للتحضيرات الانتخابية. وكانت المفوضية قد وضعت جدولاً زمنياً محكماً لضمان إجراء الانتخابات في موعدها، وسط تأكيدها على الشفافية والامتثال للقوانين.
وشهدت الانتخابات العراقية في السنوات الماضية تحديات كبيرة، من اتهامات بالتزوير إلى تأخير في إعلان النتائج. في انتخابات 2021، مثلاً، أثارت نتائج التصويت احتجاجات واسعة بسبب شكوك حول نزاهة العملية.
واليوم، تسعى المفوضية إلى تجنب هذه العثرات من خلال تعزيز الشفافية، مثل نشر التعليمات مسبقاً وإشراك مراقبين محليين ودوليين. وتشير تحديثات حديثة إلى أن المفوضية تستخدم تقنيات رقمية متقدمة لتسهيل التسجيل وتقليل الأخطاء الإدارية، لكن مخاوف من هجمات سيبرانية أو ضغوط سياسية لا تزال قائمة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
العراقيون بين حاجتهم إلى التغيير وإرادتهم المعطلة
آخر تحديث: 14 يونيو 2025 - 10:20 صبقلم: فاروق يوسف تنسف الكثير من الوقائع فكرة انتمائنا نحن العراقيين إلى العصر الحديث. هناك تناقض مريع بين استعمالنا للهاتف الخلوي وإيماننا بتقديس الموتى من الأولياء والصالحين الذين نعتقد أنهم سيشفعون لنا في الحياة الآخرة، وبين استعمال السيارات رباعية الدفع والمسيرات الجنائزية التي يغلب عليها اللطم والعويل والمشي كيلومترات على الأقدام من أجل استحضار لحظة مر عليها أكثر من 1400 عام. لكن هناك انتخابات ومجلس نواب وسلطات ثلاث يشرف عليها نظام تعددي مادته الطوائف المتناحرة أما أسلوبه الديمقراطي فهو اختراع محلي يتناسب مع حاجة الأحزاب المهيمنة على السلطة إلى الشرعية أمام العالم. ليس ذلك خبرا مثيرا غير أنه الخبر الوحيد الممكن. ستكون هناك انتخابات، ولكنْ هناك اتفاق على أن تلك الانتخابات التي يُنفق عليها رسميا نصف مليار دولار لن تُحدث تغييرا في بنية النظام السياسي في العراق. سيظل الوضع على ما هو عليه. الأحزاب الحاكمة اليوم ستعود من خلال أغلبيتها البرلمانية إلى حكم العراق. تحتاج تلك الأحزاب إلى شرعية صورية تمكّنها من الاستمرار وهو ما تحصل عليه من خلال شراء الأصوات. في عراق فقير لا بد أن تُشترى الأصوات بأبخس الأثمان. بطانية أو مدفأة أو كيلوغرامات من العدس أو دجاجة مجمدة، ذلك ما انتهى إليه العراق الجديد بعد أكثر من عشرين سنة على سقوط نظام صدام حسين الاستبدادي إثر احتلال العراق عام 2003. وهو ما يعني أن العراقيين لم يربحوا في الحدود الدنيا حرية أصواتهم. كانوا مكمّمين من قبل وهم اليوم يبيعون أصواتهم أي أنهم من غير أصوات. ولكنْ هناك فرق ما بين أن يُجبر المرء على الصمت وبين أن يضع صوته في خدمة مَن يفسد عليه حياته. العراقيون يذهبون إلى الانتخابات لإضفاء شرعية على الفاسدين.ولكن هل يكون الشعب موقع إشفاق في هذه الحالة؟
يسعى مقتدى الصدر وهو زعيم تيار شعبي كبير إلى أن يلعب لعبة مزدوجة. فهو من جهة يدعو أتباعه إلى عدم المشاركة في الانتخابات لأن نتائجها ستذهب إلى جيوب الفاسدين الذين سبق لهم واحدا بعد الآخر أن نددوا بالفساد، وهو من جهة أخرى لا يدعو إلى تغيير النظام. سبب ذلك الخطاب المزدوج يكمن في أنه أولا يسعى إلى تبرئة تياره من الفساد الذي أدى إلى استمرار الدولة العراقية الناشئة في فشلها وثانيا أنه لا يملك برنامجا سياسيا بديلا يتيح له الاستمرار في الحفاظ على مكتسباته ومكتسبات تياره من نظام المحاصصة الطائفية الذي أقامه الأميركان على حطام النظام السياسي السابق الذي ودّع العراقيون مع رحيله دولتهم الحديثة التي ناهز عمرها التسعين سنة.
تناقض ليس غريبا عن الحياة العراقية العامة التي هي ثمرة تلاقح عاطفة شديدة الاشتعال وقسوة هي الظاهرة التي زادتها الأحزاب قوة وأكسبتها تاريخا تخلل كل مفاصل التحولات السياسية الكبرى التي شهدها العراق في القرن العشرين. وإذ يحن العراقيون إلى ما يسمّونه “الزمن الجميل” في مواجهة حاضرهم الكئيب، فإنهم لا يراجعون تلك الثنائية بطريقة نقدية بل يمرّون خفافا بالصور الوردية المقتطعة بطريقة انتقائية من ذلك التاريخ الذي عصف بهم من الداخل ومكنهم بيسر من أن يحولوا مجتمعهم المدني المتحضر إلى مجموعات متناحرة من الطوائف والأعراق والأديان والعصبيات القبلية والحزبية.
لقد أثبتت التجربة المرة عبر أكثر من عشرين سنة أن التراجع عن الظواهر المدنية والقيم الحضارية ممكن في العراق لا بسبب الاحتلال الخارجي بل بسبب مجموعة الأخطاء التي كانت جزءا من البنية الداخلية للحياة العراقية التي رافقت قيام الدولة العراقية الحديثة. ولو لم يكن الأمر كذلك لما تمكن حزبيو الزمن الطارئ من الهيمنة على ثروات العراق وإنفاقها بما يناسب شهواتهم الشخصية.
وليس صحيحا أن الشعب العراقي غير قادر على إحداث تغيير كبير في حياته الشاملة بدءا بجانبها السياسي. لقد أكدت تجربة الاحتجاجات المليونية التي بدأت في تشرين 2019 أن كلمة الشعب الرافضة والمتمردة والموحدة قادرة على العصف بالنظام السياسي القائم بدليل أن النظام اضطر إلى إسقاط حكومة عادل عبدالمهدي والاستعانة بمصطفى الكاظمي لتشكيل حكومة بديلة. غير أن ما لا يمكن إنكاره أن النهاية المحبطة لتلك الاحتجاجات كانت قد حدثت لا بسبب عمليات القتل الممنهج التي نفذتها الميليشيات فحسب بل وأيضا بسبب افتقار المحتجين إلى الإيمان بقيادة موحدة. لم يتعلم العراقي سوى الإذعان للقوة. كلما كانت الدولة قوية كلما كانت الأمور تجري بطريقة حسنة. لقد كان حدثا إعجازيا أن تقع تلك الاحتجاجات وأن تتمكن قيادتها من ضبطها في ذلك الزمن القصير. ليس العراقيون منضبطين إلا في ظل الفوضى التي تبرمجها النظريات الخيالية. وهنا يكمن السر في تمكن الأحزاب من تمرير فسادها تحت شعارات دينية زائفة.