د. أحمد فارس يكتب: ترامب يترنح.. هل تنتهي الحرب التجارية مع الصين ؟
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مع دقة الساعة يترقب كل سكان الكوكب ماذا سيحدث جرَّاء الحرب التجارية التى أعلنها ترامب، وما الخسائر التى سيتحمَّلها كل فرد في العالم، خاصة وأن رفع الرسوم الجمركية قد يؤدي إلى انخفاض حجم التجارة السلعية العالمية بنسبة تصل إلى 1% في عام 2025، كما أن الصدام المباشر بين أكبر دولة متقدمة في العالم وهي الولايات المتحدة وأكبر دولة نامية هي الصين، سيكون الجميع فيه خاسرًا، ولا بديل إلا التعاون الذي ينعكس على العالم بأسره.
ولم يكن تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية على واردات صينية رئيسية، بما فيها الهواتف الذكية وأشباه الموصلات وأجهزة الكمبيوتر، إلا مفاجأة تكشف عن هشاشة السياسات الأحادية، وتحول لافت يسلط الضوء على قوة الاقتصاد الصيني ومرونته وقدرته على المناورة.
هذا القرار الجديد لترامب كأنه "ضربة قاضية" من بكين برز من خلالها أنها تمتلك أوراقًا قوية رابحة في هذه الحرب التجارية بتفوقها التكنولوجي الذي قامت بمضاعفة الإنفاق فيه على البحث والتطوير إلى 560 مليار دولار سنويًا وحققت فيه تحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة 78% في صناعة الرقائق المتقدمة، فمثلا نسبة 92% من أجهزة الكمبيوتر المحمولة المستوردة لأمريكا تأتي من الصين ونسبة 87%من الهواتف الذكية في السوق الأمريكي تصنع في الصين و 45% من مكونات أشباه الموصلات تعتمد على المصانع الصينية. وبناء على ذلك فإن مسار الصراع المستقبلي قد يشهد تحولًا في موازين القوى.
لوبي التكنولوجيا وتراجع ترامب
الاعتماد الأمريكي على الصين فى قطاع التكنولوجيا على الرغم من محاولات الحد من نفوذها، حيث بلغت قيمة واردات الولايات المتحدة من التكنولوجيا الصينية 100 مليار دولار سنويًا، جعل منها اكسجين الحياة للصناعات الذكية الأمريكية ، وعكس صعوبة إيجاد بدائل سريعة وفعالة لدي ترامب وحطمت له شعاراته السياسية الشعبوية.
فأظهرت الحقائق أن قطاع التكنولوجيا العالمي بأسره يعتمد على الصناعة الصينية ففرض رسوم جمركية على المكونات والمنتجات الصينية كان سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف تشغيل الشركات الأمريكية الكبرى للهواتف والحاسوب والمواصلات بشكل غير مقبول لثلاثة أضعاف مع تهديد مباشر لسلاسل الإمداد العالمية التي تعتمد بشكل كبير على الكفاءة الصينية ومحاولة فصلها ستكون مكلفة للغاية وغير عملية على المدى القصير والمتوسط.
ووفقًا لجامعة ييل، كانت الرسوم الجمركية ستكلف الاقتصاد الأمريكي كثيرا حيث سيصبح ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 2.1% مع خسارة سنوية تتراوح بين 1300-5400 دولار للأسرة الأمريكية مع انخفاض متوقع في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8% في 2025، وفطنت إدارة ترامب أن تحميل المستهلك تكلفة الحرب التجارية سيؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للاقتصاد الأمريكي داخليًا وخارجيًا.
كما كان للوبيات التكنولوجيا في امريكا الكلمة العليا في هذه الحرب التى أعلنها ترامب حيث أثبتت أنها أقوى من الشعارات السياسية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الخاصة بالكونجرس الأمريكي لشغل المقاعد الشاغرة حديثًا وكذلك انتخاب حكام الولايات والمجالس التشريعية في بعض الولايات، بالإضافة إلى العديد من انتخابات رؤساء البلديات، ومجموعة متنوعة من المناصب المحلية الأخرى،والتى يخشي أن يخسرها الحزب الجمهوري بسبب قوة هذا اللوبي.
كما أن قطاع التكنولوجيا يمثل حسابات سياسية كبري لترامب في الولايات الحاسمة مثل أوهايو وبنسلفانيا التى تصنف كولايات صناعية حيث أن 23%من الوظائف في القطاعات الصناعية في الولاياتيين مرتبطة بصناعات تعتمد على المكونات الصينية وأن 68% من هذه الوظائف كانت مهددة بالرسوم الجمركية.
وبذلك نجحت الصين في إجبار واشنطن على التراجع للمرة الأولى، وكشفت أن "القوة الناعمة" للاقتصاد قد تهزم حتى أعتي السياسيين.
هل ستتعلم واشنطن من هذا الدرس، أم ستستمر في سياسات المواجهة المكلفة؟
هذا التراجع من قبل ترامب جعله يترنح جراء الضربة القوية الصينية ،فهل يتعلم أن الاقتصاد العالمي ليس حلبة مصارعة، وأن التراجع فرصة للعالم لإعادة تقييم الاعتماد المتبادل وأهمية الحوار والتعاون في بناء نظام اقتصادي عالمي أكثر استقرارًا وازدهارًا.
أم أن ترامب سيستمر في سياسة "العقوبات الذكية" فى الوقت الذى تعزز فيه الصين تحالفاتها مع أسواق آسيا وأوروبا، حيث أبرمت 17 اتفاقية تجارية جديدة مع دول الاتحاد الأوروبي وآسيا، كما قامت بزيادة الاستثمارات في "طريق الحرير الجديد" بنسبة 42% منذ بداية الأزمة، وقامت بتنويع أسواقها فارتفعت صادراتها للدول الآسيوية بنسبة 34% خلال عامين.
كيف ردت الصين؟
تعاملت بكين مع القرار الأمريكي بهدوء، معتبرة إياه خطوة في الاتجاه الصحيح وإن كانت غير كافية. وقد عززت موقفها بنشر كتاب أبيض يوضح الحقائق ويفضح التناقضات في السياسة الأمريكية، مؤكدة على أن حجم التبادل التجاري الضخم بين البلدين(688 مليار دولار) يجعلهما شريكين اقتصاديين لا يمكن الاستغناء عنهما بسهولة وأن "التعاون مربح للطرفين".
وأثبتت الصين أن التركيز على التنمية الاقتصادية المستدامة وبناء قاعدة صناعية وتكنولوجية قوية هو أفضل وسيلة لمواجهة التحديات الخارجية.
وأظهرت الأرقام قوة الاقتصاد الصيني ومرونته، حيث ارتفعت صادرات الصين من أشباه الموصلات إلى 385 مليار دولار في عام 2024 على الرغم من التحديات والعقوبات، مما يدل على قدرتها على الاكتفاء الذاتي والابتكار.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحرب التجارية الصين الولايات المتحدة الرسوم الجمركية تراجع الرئيس الأمريكي الحرب التجاریة ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
34 مليار دولار في يوم.. خسارة تاريخية لماسك بعد تصعيد الخلاف مع ترامب
شهدت الساحة السياسية والاقتصادية الأمريكية تصعيدًا دراماتيكيًا إثر خلاف علني بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، نتج عنه خسارة ماسك نحو 34 مليار دولار من ثروته الشخصية في يوم واحد، وفقًا لمؤشر بلومبرج للمليارديرات، لتكون ثاني أكبر خسارة يومية في تاريخه بعد خسارته في نوفمبر 2021 .
بدأ التوتر بين الطرفين بعد انتقاد ماسك لمشروع قانون الإنفاق الضخم الذي يدعمه ترامب، واصفًا إياه بـ"الفضيحة المقززة" .
ورد ترامب باتهام ماسك بالسعي لحماية مصالحه المالية، مهددًا بإلغاء العقود الفيدرالية مع شركاته، مما دفع ماسك للإعلان عن بدء تفكيك مركبة "دراجون" التابعة لـ SpaceX، قبل أن يتراجع عن قراره لاحقًا .
طلاق سياسي بين ترامب وايلون ماسك.. تفكك أقوى التحالفات في الولايات المتحدة .. مواجهة نارية للرئيس الأمريكي تهزّ واشنطن
بعد خلافهما الحاد.. مستشار ترامب السابق يدعو للتحقيق مع ماسك وسحب جنسيته
تصاعد الخلاف عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث اتهم ماسك ترامب بالتورط في ملفات جيفري إبستين، داعيًا إلى عزله من منصبه
كما أطلق استطلاعًا على منصة X حول إنشاء حزب سياسي جديد يمثل "80% من الوسط"، حظي بتأييد واسع، وفقا لـ رويترز.
تسبب الخلاف في تراجع أسهم "تسلا" بنسبة 14%، مما أدى إلى محو أكثر من 150 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة . كما تراجعت أسهم شركة ترامب الإعلامية بنسبة 8%، وانخفضت قيمة عملته الرقمية بنسبة 12% .
يُظهر هذا الخلاف العلني هشاشة التحالفات بين المال والسياسة، ويثير تساؤلات حول تأثير المصالح الشخصية على السياسات العامة. كما يعكس التوترات الداخلية في التيار اليميني الأمريكي، ويطرح تحديات جديدة أمام مستقبل العلاقة بين التكنولوجيا والحكم.
في ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل العلاقة بين ماسك وترامب مفتوحًا على جميع الاحتمالات، مع ترقب لتداعياتها على الساحة السياسية والاقتصادية الأمريكية.