عالم التكنولوجيا.. الذكاء الاصطناعي يدخل الصفوف الدراسية
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
أبوظبي (وكالات)
في ظل التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم اليوم، بات الذكاء الاصطناعي أحد أبرز الابتكارات التي أثّرت بشكل مباشر على مختلف مجالات الحياة، ومن بينها التعليم. فقد أصبح من الممكن توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل الصفوف الدراسية لتوفير بيئة تعليمية أكثر تفاعلاً وفعالية. ويُعد استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم نقلة نوعية، إذ يتيح للمعلمين أدوات ذكية لتحليل أداء الطلاب، وتقديم محتوى تعليمي مخصص، ومساعدة التلاميذ على فهم المواد بطرق مبتكرة.
اقرأ أيضاً..الذكاء الاصطناعي يهدد مستقبل قارئي الكتب الصوتية
الذكاء الاصطناعي داخل قاعات الدراسة
في المجرة الخيالية "ايه آي-404"، يختفي ابن الحارس الكوني "كاتاكليسمس" ويتولى كليمان البالغ سبع سنوات مهمة العثور عليه بمساعدة الذكاء الاصطناعي داخل قاعة الكمبيوتر في مدرسته الواقعة جنوب فرنسا.
تُخضع ميغيل تلاميذها في المستوى الثاني من المرحلة الابتدائية في مدرسة "جورج ساند" في كولومييه بالقرب من تولوز، لتمارين على برنامجين مدعومين بالذكاء الاصطناعي هما "ماتيا" (للرياضيات) و"لاليلو" (للغة الفرنسية)، وكلاهما فاز بمناقصة أطلقتها وزارة التعليم الوطني.
صاروخ من كوكب إلى آخر
يجري كليمان تمرينه عبر برنامج "ماتيا". يفكّر للحظات قبل أن يخمّن النتيجة الصحيحة لعملية حسابية. ثم يغيّر العالم الافتراضي ويبدأ بلعبة أخرى هي عبارة عن تمرين رياضي عليه أن يعثر فيه على الرقم التالي في تسلسل. بفضل جوابه، ينتقل صاروخه الصغير من كوكب إلى آخر.
في كل مرة يعطي فيها كليمان إجابة صحيحة، يهنئه الروبوت المساعد الصغير الذي يحمل اسم "ماتيا" أيضا، بواسطة قصاصات ورقية. أما الطفل ومن خلال إكمال التمرين، فيمكنه إعادة إضاءة إحدى نجوم المجرة "ايه آي-404" التي أطفأها "كاتاكليسموس" إزاء غضبه لإضاعة ابنه "كوزينوس".
يهدف برنامج "ماتيا" إلى "إعادة تحسين علاقة التلاميذ بالرياضيات"، وفق ما يوضح بول إسكوديه، أحد مؤسسي شركة "بروف آن بوش" Prof en poche الناشرة لـ"ماتيا".
ويقول "إذا أردنا أن ننمّي لدى الأطفال مشاعر إيجابية تجاه الرياضيات، فنحن بحاجة إلى تهنئتهم عندما يجيبون على الأسئلة بشكل صحيح، ولكن علينا أيضا أن نقول لهم عندما يخطئون إنّ الخطأ ليس مشكلة، بل ينبغي المحاولة مرة أخرى ونوفر لهم بعض المساعدة".
بالإضافة إلى هذه الخطوات التشجيعية، يمكّن الذكاء الاصطناعي "ماتيا" من تقييم مستوى التلاميذ واقتراح تمارين وفقا للنتيجة، لأن "التمارين مصممة خصيصا للطفل، ولا تتضمن أسئلة صعبة جدا" بحسب ميغيل.
وتضيف المعلمة "أما بالنسبة إلى المتفوقين، فالأمر على العكس تماما. يتكيّف البرنامج مع كل طفل، ويصبح التلاميذ أكثر تحفّزا لأنّ التمارين تكون تدريجية".
بالنسبة إلى التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين 7 أو 8 سنوات، لا يزال مفهوم الذكاء الاصطناعي غير واضح لهم. تقول إينيس "أشعر وكأنه شخص حقيقي يتحدث معي ويشرح لي التمارين. هو يساعدني في الصف أيضا".
نهج تكييفي مُصمّم للتحديات
يقول الرئيس السابق لمدرسة تولوز مصطفى فورار "إنّ المساهمة الأساسية للذكاء الاصطناعي تكمن في النهج التكييفي المُصمّم خصيصا للتحديات التي تواجه كل تلميذ. فعندما تكون لديك مجموعة متنوعة من التلاميذ، يكون الأمر صعبا جدا على المدرّسين، خصوصا إذا كان عدد الطلاب في الصف كبيرا".
وفورار هو مَن أطلق التجربة مع برنامجي "ماتيا" و"لاليلو" اللذين يُستخدمان راهنا على نطاق واسع في المدرسة، إذ يستعملهما "1500 صف دراسي في المجموع"، بحسب المدير السابق.
وتقول ميغيل "أستطيع من ناحية معرفة أي أطفال هم الاكثر معاناة لمساعدتهم في الصف وتكييف أسلوبي في التدريس. ومن ناحية أخرى، أستطيع معرفة الأطفال الأكثر نشاطا ويستطيعون بدورهم شرح المفاهيم لتلاميذ آخرين".
ويشير أوليفييه زوكاراتو، أب أحد التلاميذ، إلى أن "النتائج في ما يخص عملية التعلّم ملموسة".
يؤكد نجله إيتان (7 سنوات) أنّه يحب البرنامجين ويستخدمهما في عطلات نهاية الأسبوع. ويقول والده "إنه أمر جذاب للطفل لأنه يتضمن بُعدا مرحا مع مفاهيم النجاح والتصنيف الذي يريدون التقدم فيه".
تقول إليسا البالغة 8 سنوات "لقد وجدت ذلك صعبا لأنني لا أحب الرياضيات"، لكن "بما أنني أحب ماتيا، فقد حفزني ذلك على دراسة الرياضيات".
ويوضح المفتش دافيد سيمون "لا يمكننا تجاهل الذكاء الاصطناعي، لأن التلاميذ ولدوا في عالم تنتشر فيه هذه التكنولوجيا. لذا، علينا بدورنا أن نعلّمهم كيفية استخدامها بشكل صحيح".
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: التلاميذ والطلبة فرنسا الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی داخل
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي سرّع تفشّيها.. كيف تميّز بين الحقائق والمعلومات المضللة؟
حذرت صحيفة غارديان البريطانية من خطر الانتشار المتسارع للمعلومات الزائفة والمضللة في ظل وجود الذكاء الاصطناعي ومنصات التواصل الاجتماعي، لافتة إلى أن عقول البشر مهيأة لتصديق هذه المعلومات، خصوصا إذا كانت متوافقة مع معتقداتهم.
وفي مقال نشرته الصحيفة، بيّن البروفيسور توني هايميت أن أدمغة البشر مبرمجة على تصديق المعلومات الجديدة، خاصة إذا كانت تتوافق مع آرائنا، وأوصى بضرورة التوقف عند التعرض للمعلومات بالعموم، وعرضها على جملة من الأسئلة سعيا لاختبارها وكشف حقيقتها.
اقرأ أيضا list of 1 itemlist 1 of 1معهد بوينتر: كلما انتشر الذكاء الاصطناعي ازدادت أهمية المحررينend of listوحذر هايميت -وهو كبير العلماء الأستراليين- من أن المستويات العالية من المعلومات العلمية المضللة تهدد رفاهية الأسر والمجتمعات، مشيرا إلى أن المشكلة تتفاقم بمعدل ينذر بالخطر.
البشر يميلون بطبيعتهم إلى تصديق المعلومات الجديدة، لا سيما إذا كانت بسيطة أو مألوفة أو تأتي من أشخاص نثق بهم، وكلما رأيناها أكثر، بدت أكثر مصداقية حتى لو كانت خاطئة
بواسطة توني هايميت - كبير العلماء الأستراليين
العواقب الوخيمة للمعلومات المضللة
وأوضح هايميت أن الناس حين تنشر الأكاذيب حول اللقاحات أو البراسيتامول أو الطاقة النظيفة -على سبيل المثال- تكون العواقب مأساوية في بعض الأحيان، مشيرا إلى أن الأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الحصبة، تعود الآن إلى المجتمعات الأسترالية بسبب مخاوف لا أساس لها من اللقاحات.
وتترك المعلومات الزائفة تأثيرها على الفرد والمجتمع وفق البروفيسور الأسترالي، إذ يمكن أن تضر بصحة الإنسان، وتؤدي إلى اتخاذه قرارات مالية سيئة، وتقوّض قدرته على اتخاذ قرارات صحيحة.
أما على المستوى المجتمعي، فتهدد الثقة في المؤسسات، وتسمم النقاش العام، وتدفع الناس إلى التطرف، فالمعلومات الخاطئة تجعل من الصعب الاتفاق على الحقائق، وتعطل إمكانية العمل الجماعي لحل المشاكل المشتركة، كما تقوض التماسك الاجتماعي والمرونة الديمقراطية.
الخبر السار؟
إعلانويقول هايميت إن ثمة خطوات بسيطة تمكّن من مكافحة المعلومات الخاطئة، خاصة إذا فهم الناس سبب تعرضهم لها.
وبصفته عضوا في المجلس الوطني للعلوم والتكنولوجيا، استحضر هايميت تقارير المجلس عن المعلومات المضللة في العام الماضي، والتي أظهرت أننا قد نكون عرضة للمعلومات المضللة بسبب طريقة عمل أدمغتنا.
وتشير الأبحاث إلى أن البشر يميلون بطبيعتهم إلى تصديق المعلومات الجديدة، خاصة إذا كانت بسيطة أو مألوفة أو تأتي من أشخاص نثق بهم، ولفتت هذه الأبحاث إلى أننا كلما رأيناها أكثر بدت أكثر مصداقية، حتى لو كانت خاطئة.
وعلل البروفيسور هايميت الظاهرة بالقول "عندما نواجه كميات كبيرة من المعلومات، غالبا ما نعتمد على الاختصارات العقلية"، وأضاف أن هذه الاختصارات تساعدنا على معالجة المعلومات بسرعة، لكنها قد تأتي بنتائج عكسية، خاصة عندما تكون المعلومات عاطفية أو مهددة، أو تأتي من أشخاص نثق بهم أو متشابهين في التفكير، فحينها نكون أكثر عرضة لتصديقها.
ولفت هايميت إلى أنه وفي ضوء طريقة عمل أدمغتنا، لا بد من التوقف وطرح الأسئلة التالية عندما نواجه معلومات جديدة:-
هل هذه أفضل المعلومات التي يمكنني الحصول عليها؟ هل ستصمد أمام الفحص العلمي؟ هل جاءت من شخص يستخدم المنهج العلمي أم مجرد شخص أتابعه على الإنترنت؟وأوضح أن الأمر لا يحتاج إلى أن يكون الإنسان عالما ليتمكن من تمييز العلم الجيد من السيئ، موصيا أنه "إذا كنت في شك فابحث عن الإجماع العلمي"، وهو اتفاق جماعي بين الخبراء يستند إلى أدلة متراكمة.
وأكد أهمية المراجعة من قبل الأقران -حيث يختبر العلماء أعمال بعضهم البعض- في اكتشاف الأخطاء وتصحيحها، وضرب مثالا عما حدث في بداية جائحة كورونا، حيث قلل العلماء في بادئ الأمر من تأثير انتقال العدوى عن طريق الهواء، لكن الدراسات التي راجعها الأقران سرعان ما صححت هذا الفهم، مما أدى إلى تحديث النصائح الصحية.
ونبه هايميت إلى أن الثقة في العلم لا تعني الإيمان الأعمى بالعلماء، مشددا على أنها ثقة في المنهج العلمي المتمثل بالتنبؤ والاختبار والمراقبة والتحسين.
وقال إنه من الصعب فرز المعلومات أثناء التعرض لها مباشرة إذا لم تتوفر الثقة بقدرتنا على الفرز بمفردنا، مؤكدا أهمية دور المؤسسات في هذا الإطار بالإضافة إلى التعليم والمشاركة المدنية، في حماية المجتمع من موجة الأكاذيب.
وأكد أن بعض الأكاذيب سهلة الكشف، مثل خدع علاج السرطان، وهراء الأرض المسطحة، وفق تعبيره، غير أن هناك معلومات خاطئة أخرى يصعب اكتشافها، ولكنها لا تقل خطورة، مجددا تحذيره من أنه "يجب أن نكون يقظين للغاية لأن المخاطر كبيرة للغاية".
وخلص البروفيسور هايميت إلى أن ما وصفه بالرفاه الجماعي يعتمد على قدرتنا على التمييز بين العلم الموثوق به والخيال المقنع، كما يعتمد على استعدادنا للتفكير النقدي، والبحث عن أدلة من مصادر موثوقة، وإبقاء ما أسماها "أجهزة كشف الأكاذيب لدينا" قيد التشغيل.
إعلان