اللجنة قامت بصياغة وثيقة التزام يتعهد فيها القائمون على السجون بعدم الإساءة أو الاستغلال للسجناء  اللجنة أعدت كتابا توثيقيا لجرائم العدوان على السجون خلال سنوات العدوان  نتمنى على هيئة الزكاة إعادة النظر في بعض المعايير الخاصة بالسجناء المعسرين  بعض السجناء أصبحوا من حملة الشهادات العليا والجامعية وحفظة كتاب الله سجون ما قبل ثورة ٢١ سبتمبر كانت لتفريخ المجرمين والمخربين  عملنا على إيجاد مركز صحي في أغلب السجون المركزية والاحتياطية

 

أكد رئيس لجنة السجون ومستشار هيئة رفع المظالم بمكتب رئاسة الجمهورية الأستاذ فهد ناصر غثايه أن توجيهات السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله ورعاه كانت لها الأثر الكبير في تحسين أوضاع السجون المركزية والاحتياطية وتقديم الخدمات المطلوبة لهم بأفضل حال.

وأوضح رئيس لجنة السجون أن اللجنة أفرجت عمن يمكن الإفراج عنه حيث كانت تفرج عن الفي سجين في بعض السنوات، مشيرا إلى أن السجون المركزية تحولت بعد ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر المباركة إلى إصلاح وتأهيل ورعاية تنفيذا لتوجيهات واهتمام القيادة الثورية .. مبينا بأنه لايزال أمام إدارة السجون وأمام الجهات المختصة بالسجون الكثير لعمله للتطوير والتحسين بشكل أكبر وأفضل.

— وتطرق الأستاذ فهد ناصر غثايه في مقابلة خاصة أجرتها معه “الثورة” إلى أن اللجنة قامت بصياغة وثيقة إلتزام يتعهد فيها القائمون على السجون بعدم الإساءة أو الاستغلال للسجناء وأن ممارسات تكشف ينال مرتكبوها العقاب والجزاء الرادع وفقا للدين والقانون، وأن السجون باتت أماكن لإصلاح السجناء وإعادة تأهيلهم ثقافياً وعلمياً ومهنياً.

— وأشار رئيس لجنة السجون مستشار هيئة رفع المظالم بمكتب رئاسة الجمهورية بأنه تم إعادة تفعيل المعامل المهنية في الإصلاحيات المركزية في الأمانة واغلب المحافظات وأصبح بإمكان السجين ان يتعلم الحرف اليدوية مثل حياكة الجلديات والنجارة والحدادة والخياطة وغيرها من الحرف، واصبح هناك معرض كبير لبيع المنتجات التي يصنعها السجناء للمواطنين.. التفاصيل في ثنايا هذا اللقاء:

الثورة / معين محمد حنش

في البداية نرحب بالأخ الأستاذ فهد ناصر غثايه رئيس لجنة السجون مستشار هيئة رفع المظالم بمكتب رئاسة الجمهورية .. في البداية لو تحدثنا عن اهم الأسباب التي أنشأت لأجلها اللجنة ومتى أنشأت؟ وما هي نشاطاتها؟

– الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، في البداية نشكر لكم هذه الاستضافة الكريمة والتي تدل على اهتمامكم كما يسعدنا ان نكون معكم في هذه المقابلة ونسأل الله التوفيق والسداد.

— اما بالنسبة للجنة السجون فالحقيقة عند نجاح الثورة المباركة ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر المجيدة والخالدة، وبعد ان تخلص الناس من النظام السابق المرتهن كان من أول اهتمامات قائد الثورة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ان يرفع الظلم عن كاهل الناس في شتى المجالات ومن تلك المجالات السجون.

— فوجهت القيادة الثورية والسياسية بإنشاء لجنة تهتم بالسجون في أوائل العام 2016م وكان الأخ المجاهد السيد يحيى بدر الدين الحوثي على رأس اللجنة آنذاك وعدد من الاخوة المجاهدين والقضاة وكنت من ضمن العاملين فيها آنذاك وهكذا عملت اللجنة وقامت بجهود جبارة تشكر عليها حتى منتصف العام 2017م عند ذلك توليت رئاسة اللجنة.

— وللعلم فأن لجنة السجون ليست جهة تنفيذية وأنما جهة رقابية وكل هذه الجهود هي بالتعاون مع الجهات التنفيذية التي لها كل الشكر على التعاون المستمر.

— كما أن اللجنة ليست لجنة دائمة انما في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد وهي عون للجهات التنفيذية حتى تتحسن احوال البلاد.

قاض وأعضاء

ماهي اختصاصات ومهام لجنة السجون وهل حققت دورها في تحسين أوضاع السجون والسجناء؟

– ان اختصاص لجنة السجون هو رقابي وليس تنفيذياً ويختص في متابعة أوضاع السجناء والسجون والقيام بزيارات ميدانية للسجون والتواصل والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتحسين وتطوير أوضاع السجون والعمل على توفير الظروف المعيشية المناسبة للسجناء بما يحفظ كرامتهم الإنسانية، وهذا هو العمل المحوري واختصاصها، وبعد ذلك عملنا لها خطة عمل واعتمدنا مركز شكاوى أو بالمعنى الأصح عمليات وخصصنا أرقاماً تستقبل أي شكاوى أو بلاغات من قبل المواطنين حول السجناء وتعمل على حلها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وشكلنا فريق نزول ميداني يتكون من قاض وأعضاء يقوم بالنزول الميداني المستمر للسجون في الأمانة والمحافظات الحرة للاطلاع على أوضاع السجون والسجناء ودراسة ملفاتهم والعمل على حل أي إشكاليات بالإضافة إلى القيام بالمساعدة حسب الإمكان في توفير الاحتياجات الضرورية للسجون أثناء النزول الميداني الذي تقوم به اللجنة.

— كما تساهم اللجنة في متابعة قضايا السجناء والإفراج عنهم أو متابعة التصرف في قضاياهم في حال تأخرها أو تعثرها، وكذلك تساهم اللجنة في مساعي حل بعض القضايا اجتماعياً، وتقوم بإجراء دراسات ميدانية حول أوضاع السجون.

(الأثر الكبير)

لقد أصدر قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي يحفظه الله، العديد من التوصيات والتوجيهات للاهتمام بالسجون والرعاية للسجناء في كافة المجالات برأيك هل نفذت هذه التوجيهات؟

– السيد القائد يحفظه الله وبأكثر من خطاب ومناسبة أكد على ضرورة الاهتمام بالسجون وتصحيح أوضاعها ورعاية السجناء والاهتمام بهم، وكان لهذه التوجيهات وهذا الاهتمام الأثر الكبير في ارض الواقع، ورغم الصعوبات وظروف العدوان على بلدنا الا ان الاهتمام بالسجون والسجناء متواصل وفاعل سواء من قبل الجانب الأمني أو الجانب القضائي.

نقلة نوعية

كيف تقيمون الوضع الحالي للسجون بشكل عام في كافة الجوانب بعد ثورة 21 سبتمبر هل أصبحت أفضل مما قبل؟ وما التحسن الذي لاحظتمونه فيها؟

– في الحقيقة منذ ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المباركة أولت القيادة الثورية والسياسية الاهتمام الكبير بالسجناء وهناك جهود كبيرة جداً بذلت وتبذل في تحسين أوضاع السجون والاهتمام بالسجناء ورعايتهم، — وقد حدثت بفضل الله نقلة نوعية جداً في السجون عن ما كانت عليه في عهد النظام السابق، حيث كانت السجون قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المباركة عبارة عن أوكار لتفريخ المجرمين، وكذلك يعاني فيها السجناء من الفساد والظلم والابتزاز والاضطهاد بالرغم ان الإمكانيات آنذاك كانت كبيرة مقارنة بإمكانيات الدولة الآن في ظل العدوان والحصار. — اما الآن فقد أصبحت الإصلاحيات أماكن لإصلاح السجناء وإعادة تأهيلهم ثقافياً وعلمياً ومهنياً، حيث تقام فيها برامج إعادة التأهيل الثقافي واصبح هناك اهتمام كبير بالقرآن الكريم واصبح يتخرج منها حفظة لكتاب الله وكذلك يتخرج منها طلبة في مختلف المراحل التعليمية وكذلك طلبة دراسات عليا، وكذلك تم إعادة تفعيل المعامل المهنية في الإصلاحيات المركزية في الأمانة واغلب المحافظات واصبح بإمكان السجين ان يتعلم الحرف اليدوية مثل حياكة الجلديات والنجارة والحدادة والخياطة وغيرها من الحرف، واصبح هناك معرض كبير لبيع المنتجات التي يصنعها السجناء للمواطنين، كل ذلك كان في ظل توجيهات واهتمام القيادة الثورية والسياسية ولايزال أمامنا وأمام الجهات المختصة بالسجون الكثير لعمله للتطوير والتحسين بشكل اكبر وافضل.

إنجازات ملموسة

ما هي أبرز إنجازات وأعمال اللجنة في الإصلاحيات المركزية والسجون الاحتياطية؟

– بالنسبة للجنة السجون عملها يضم الإصلاحيات المركزية والسجون الاحتياطية وكذلك بقية السجون وأماكن التوقيف الأخرى في عموم المحافظات الحرة، وبالنسبة لأبرز إنجازات وأعمال اللجنة فالحمد لله وفي ظل عناية ومتابعة القيادة الثورية والسياسية وكذلك بالتنسيق والتعاون مع الجهات المختصة وعلى سبيل المثال لا الحصر.، فمنذ بداية عملها باشرت اللجنة عملها وأصلحت أوضاع السجون وأفرجت عمن يمكن الإفراج عنه حيث كانت تفرج عن الفي سجين في بعض السنوات وتبني سجوناً بالتعاون المستمر مع الجهات المختصة، وقد تمكنا بفضل الله من متابعة وتنفيذ خطة الاحتياجات الثقافية لأغلب السجون بالتنسيق والتعاون مع وزارة الداخلية حيث تم تركيب منظومة شاشات وصوتيات ووحدات تحكم بالشاشات وتوفير أجهزة كمبيوتر محمول وهاردات لأغلب السجون وتم تفعليها في برامج التأهيل الثقافي، وفي العام المنصرم 1445هـ تلقت اللجنة عبر قسم العمليات فيها المتاح للمواطنين عبر الاتصال بالأرقام 775881111 – 714881111 — فقد تلقت اللجنة اكثر من 649 بلاغاً حول تنسيق زيارات لأهالي سجناء وتقديم رعاية صحية لهم وغيرها وتم بفضل الله المتابعة والتعامل مع هذه البلاغات وتم الإفراج عن 87 سجيناً من خلال متابعة هذه البلاغات. — كذلك قامت اللجنة بالنزول الميداني لزيارة السجون في اغلب المحافظات الحرة وتم بفضل الله المتابعة والإفراج عن 251 سجيناً وإحالة 578 سجيناً للجهات المختصة، بالإضافة إلى توفير عدد من الشاشات والصوتيات والمصاحف والملازم والكتب الثقافية والدينية لبعض السجون الأخرى.

.. كذلك تم في العام المنصرم متابعة مشروع استكمال المبنى الجديد للإصلاحية المركزية بمحافظة الحديدة بالتنسيق مع قيادة السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية بالمحافظة ومصلحة التأهيل والإصلاح وإدارة امن المحافظة وبفضل الله تم افتتاح عنابر جديدة للنزلاء وتم التخفيف من حالة الازدحام التي كانت تشهدها الإصلاحية، بالإضافة إلى متابعة سير العمل الثقافي في السجون بشكل مستمر وتقديم مبالغ مالية إعانة للثقافيين العاملين في السجون قدر المستطاع و قامت اللجنة بمتابعة إقامة الفعاليات الدينية والثقافية والوطنية في السجون وهذه الفعاليات تم تغطيها إعلاميا وتوثيقها من قبل مختلف القنوات الوطنية ووسائل التواصل الاجتماعي, وكذلك قامت اللجنة بمتابعة وإنشاء خلوات شرعية في السجون الاحتياطية بالأمانة التي لم يكن بها خلوات شرعية وتم بفضل الله إنشاؤها ويستفيد منها حاليا نزلاء تلك السجون، بالإضافة إلى متابعة ترميم بعض السجون وبفضل الله تم ترميمها مثل احتياطي علاية وهبرة بالأمانة وبناء ملاحق في احتياطي المعلمي بالأمانة، وتم خلال العام الماضي عقد عدة اجتماعات مع الأخ وزير العدل والأخ النائب العام وكذلك مع رؤساء ووكلاء النيابات لمناقشة أوضاع السجناء وتم الخروج بتوصيات ومعالجات وتقوم اللجنة بمتابعة تنفيذ مخرجات تلك الاجتماعات.

كتاب توثيق لجرائم العدوان

وماذا عن جرائم العدوان ؟

– قامت اللجنة بإعداد كتاب يوثق جرائم العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي بحق السجون والسجناء والذي يضم إحصائيات عددية دقيقة لما تسبب به العدوان من خسائر بشرية ومادية من العام 2015 وحتى العام 2022م في السجون والكتاب باللغتين العربية والإنجليزية، وتقوم اللجنة بمتابعة الجهات المختصة لتنفيذ التوصيات التي تقررها اللجنة أثناء النزول الميداني المستمر للسجون، وكذلك قامت اللجنة بإعداد مواد توعوية مرئية تعالج بعض الظواهر السلبية التي تم ملاحظتها بين أوساط السجناء أو بالنسبة للقائمين على السجون, وهناك أيضا بعض الحالات الإنسانية التي تدخلت فيها اللجنة مثل حالة ثلاثة سجناء باكستانيين امضوا بالحبس حوالي 18 عاماً وانقطعت بهم السبل بعد ان تقدم بهم العمر ولا يوجد من يتابع قضيتهم فتم الرفع بقضيتهم من قبل اللجنة وجاء توجيه القيادة الثورية والسياسية بالإفراج عنهم ومساعدتهم من قبل الهيئة العامة للزكاة بمبالغ مالية وترحيلهم إلى بلادهم وتم بفضل الله المتابعة والإفراج عنهم وترحيلهم. وكذلك تم المتابعة عبر تقارير اللجنة السنوية وصدرت توجيهات الأخ المشير مهدي المشاط للجهات المختصة بمجانية المياه والكهرباء للسجون وبشكل دائم.

— وكذلك تقوم اللجنة بمتابعة الجانب الصحي في السجون حيث تم متابعة بناء مستوصفات ووحدات صحية في اغلب السجون وعلى رأسها الإصلاحية المركزية بالأمانة والذي اصبح فيه مستوصف يقدم الرعاية الطبية للسجناء وكذلك يقوم بإجراء بعض العمليات الجراحية، وكذلك تم متابعة جانب التغذية للسجناء وتم على أثر ذلك زياده المبلغ المخصص لمصلحه التأهيل والإصلاح ليتم شراء لحوم وخضروات ولو بشكل أسبوعي في السجون المركزية و في اغلب السجون وكذلك بقية الخدمات الأخرى.

نقلة نوعية حصلت في السجون

هل أنتم راضون عن وضع الإصلاحيات المركزية والسجون الاحتياطية فيما يقدمونه للسجناء في كافة المجالات؟ وهل عملتم على متابعة الإجراءات الكفيلة بالحد من أي انتهاكات لحقوق السجناء؟

في البداية وقبل ان نجيب على هذا السؤال يجب ان نشير إلى أن اغلب السجون في البلاد مبانيها قديمة حيث ان بعضها تم بناؤه في السبعينات والثمانينات وكذلك سعتها محدودة، ومع تزايد النمو السكاني أصبحت مشكلة الازدحام هي ابرز الظواهر التي نجدها في السجون وهذه الظاهرة تشكل تحدياً كبيراً أمام الجهات المختصة والقائمين على هذه السجون في توفير الرعاية والخدمات للسجناء بالشكل المطلوب، هذا التحدي يضاف اليه الظروف التي أوجدها العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على بلدنا من حصار واضرار بالجانب الاقتصادي للبلاد وإيجاد خلايا وحرب ناعمة وتشجيع وإيجاد المشاكل والتشجيع عليها وتغذية الصراعات كل هذ التحديات، كما كان لابد من بذل جهود كبيرة من قبل الجميع للتعامل معها والعمل على توفير الرعاية والخدمات للسجناء، ومن خلال واقع السجون اليوم نرى نجاحاً كبير في مواجهة هذه التحديات وكما اسلفنا هناك نقلة نوعية حصلت في السجون وما زال الوضع يتطلب المزيد من الجهود للتطوير والتحسين من واقع السجون بشكل اكبر وافضل.

— وبشكل عام الآن السجون وضعها جيد، اما بالنسبة للانتهاكات وحقوق السجناء كان السجناء في عهد النظام السابق يعانون من التعذيب والاضطهاد والانتهاك لكرامتهم وإنسانيتهم وحقوقهم تماماً كما هو حاصل الآن في سجون المرتزقة وخير مثال على ذلك ما يظهر كل فترة من جرائم ارتكبت بحق السجناء في سجونهم، وبفضل الله منذ ثورة 21 سبتمبر دخلت الثقافة القرآنية للسجون وتم الحد بشكل كبير من هذه الظواهر التي تمس بكرامة أو حقوق أي سجين كون ديننا الإسلامي يحرم التعذيب في السجون، واصبح أي إنسان تسول له نفسه الأضرار بأي سجين يُحاسب ويعاقب وينال جزاءه.

— وقد قامت اللجنة بعمل حملة توعية حول تحريم التعذيب في السجون وقامت بتوزيع ملصقات توعوية تحتوي على عبارات من محاضرات الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه حول تحريم التعذيب في السجون.، وكذلك قامت اللجنة بصياغة وثيقة التزام لكل العاملين في السجون وقد تم مراجعتها والموافقة عليها من القيادة الثورية والسياسية، حيث في هذه الوثيقة يتعهد كل العاملين في السجون أو من لهم علاقة عمل فيها بعدم القيام بأي أعمال أو تصرفات مخلة بالأمانة أو فيها إساءة أو استغلال للسجناء، وقد تم انزالها وبصّم عليها كل من له علاقة بالسجون والسجناء ويوجد نسخ في مكتب المفتش العام بوزارة الداخلية ، مع العلم اننا كذلك نقوم بزيارة السجون الخاصة بالأسرى بشكل مستمر لتفقد أوضاعهم والمفارقة العجيبة ان سجون الأسرى عندنا افضل من السجون العادية في تقديم الخدمات، وهذا يدل على القيم الإيمانية والإنسانية التي تحملها المسيرة القرآنية المباركة.

لدينا رؤية

هل تملكون رؤية وخططاً مستقبلية للنهوض بأوضاع الإصلاحيات المركزية والسجون الاحتياطية مستقبلا؟

– نحن من خلال عملنا في مجال السجون لسنوات طويلة، لدينا رؤية وتصور للنهوض بأوضاع السجون وتحسين وتطوير العمل فيها، ونقوم بشكل مستمر بالتنسيق والتعاون مع الجهات المختصة حول الاستفادة من الخبرات التي لدينا والتي لدى هذه الجهات في سبيل الرقي بأوضاع السجون والسجناء، كون السجون هي مسؤولية الجميع وليس فقط الجهات الرسمية، فنحن نريد ان تكون الإصلاحيات عبارة عن مدرسة تستطيع إعادة تأهيل السجناء وإخراجهم للمجتمع كأفراد صالحين منتجين قادرين على المساهمة في مسيرة البناء والتنمية لمجتمعهم وبلادهم.

السجناء والجهات القضائية

ما هي العوائق والصعوبات التي تواجهونها في تنفيذ مهامكم وأعمالكم في كافة المجالات؟

– ان من أكبر الصعوبات والعوائق هو ما قام ويقوم به العدوان الظالم على بلدنا من دمار وحصار نقوم ببذل كل الجهود الممكنة للتغلب عليها بإذن الله، ولكن أيضا من ابرز العوائق التي نواجهها هي الاشكاليات ما بين السجين والجهات القضائية مثل تأخير وتعثر قد يحصل في قضايا بعض السجناء والذي سببه الأبرز قلة الكادر القضائي، وظاهرة بقاء السجناء المعسرين بالسجون بعد انتهاء فترة محكوميتهم.

— وهناك جهود جيدة من الهيئة العامة للزكاة فيما يخص السجناء المعسرين ولكن هناك بعض الإجراءات والمعايير التي نتمنى ان يتم النظر فيها من قبل الهيئة مراعاة للسجناء المعسرين خصوصاً من امضوا فترات طويلة في السجون، ومشكلة الازدحام في السجون وكل هذه العوائق يجري العمل على قدم وساق لوضع حلول عملية لها وتتضافر جهودنا مع جهود باقي الجهات المختصة في ذلك والحمد لله العمل الجاري له مؤشرات تبشر بنجاح هذه الجهود بإذن الله.

— كما نرجو تحسين الإجراءات القضائية والأمنية لا ان تشدد، فكل عام تظهر لنا إجراءات أكثر صعوبة والمرجو الاكتفاء بالإجراءات المعمول بها قانوناً مع تحسين الأداء والتسريع فيه، العدوان على بلدنا لا زال متواصلاً منذ العام 2015م وحتى الآن وان شهدت السنوات الأخيرة تهدئة في وتيرة العدوان.

مراكز تأهيل

من خلال عملكم لسنوات طويلة في مجال السجون واطلاعكم على قضايا وأوضاع السجناء، ما هو الدور المنوط بالسجون كمراكز تأهيل في مواجهة مخططات العدوان لتفشي الظواهر الإجرامية وزعزعة الأمن؟

العدوان على بلدنا استهدف كل شيء سواء بالحرب العسكرية أو بالحرب الناعمة وهناك تركيز على الجبهة الداخلية بالذات بعد ان فشل -بفضل الله- في تحقيق أي إنجازات بالحرب العسكرية، ومن الجوانب التي يعمل عليها العدوان هي خلق الفوضى ونشر الجريمة بكل أنواعها وخصوصا ما يتعلق بالفساد الأخلاقي وضرب القيم الإيمانية والأخلاقية التي تحصن المجتمع من الفساد الأخلاقي وانهيار القيم الإيمانية والتقاليد الأصيلة والمحافظة وتحريك الصراع الطائفي وخلق النزاعات والصراعات، وبفضل الله الجهات الأمنية في بلدنا لها إنجازات كبيرة في كشف مخططات العدو في هذا الجانب وإفشالها وتثبيت الأمن والاستقرار في المحافظات الحرة، وهنا تحديداً يأتي دور السجون لكي تقوم بواجبها المنوط بها كمكون من مكونات الجانب الأمني وهذا الدور يوازي ويكمل عمل الجانب الأمني والقضائي في المحافظة على أمن المجتمع والتصدي لمؤامرات العدوان.

— وللتوضيح أكثر فالأمن يبذل جهوداً كبيرة في الحفاظ على أمن المجتمع من أي جرائم قد تظهر ويقوم بضبط كل من يرتكب جريمة تخالف القانون، ويقدمه للجانب القضائي والذي بدوره يقوم بالتحقيق والتأكد من إدانة أو براءة أي متهم تم ضبطه من الجهات الأمنية لتحقيق العدالة اما بإدانة المتهم بالجريمة المنسوبة اليه ومعاقبته أو ببراءته منها وإخلاء سبيله. — وهنا يأتي دور السجن المتمثل في تتويج جهود الجانب الأمني والقضائي عبر إعادة تأهيل وإصلاح السجناء سواء المحبوسين احتياطيا أو المحكومين لكي يتم أعادتهم إلى المجتمع كأفراد صالحين لا يعودون إلى الجريمة مرة أخرى ولا يشكلون عبئاً على الأمن والقضاء ولا يشكلون خطرا مرة أخرى على المجتمع بل ويساهمون في مسيرة البناء والتنمية في المجتمع.

— فالسجن اذا قام بدوره على اكمل وجه فإنه سيساهم بشكل كبير في مكافحة الجريمة والحد منها وتثبيت الأمن والحفاظ على السكينة العامة وإفشال مخططات العدو والحفاظ على بنية المجتمع والتنمية فيه، فدور السجن ضمن ما شرحناه يتلخص بتقديم الخدمات للسجناء وحفظ كرامتهم والإحسان لهم وبنفس الوقت تقديم برامج إعادة التأهيل الديني والمهني والعملي، وتقديم هدى الله لهم، فالسجين هو إنسان قد يخطئ ويقع في الذنب ويقع فريسه للحرب الناعمة أو هوى النفس أو وساوس الشيطان أو ضحية لعقائد خاطئة أو بسبب ظروف أسرية أو اجتماعية أو اقتصادية، وهو بأمس الحاجة لتقديم العون له والنظر له بإنسانية ومساعدته للعودة للمسار الصحيح سواء في أيمانه أو أخلاقه أو في طريقة تفكيره، وإكسابه مهنة تساعده في الحصول على الزرق الحلال بدلاً عن المال الحرام، وكذلك مساعدته في استكمال تعليمه في مختلف المراحل التعليمية، وبذل كل ما يمكن من اجل إصلاحه وعدم اليأس من إمكانية إعادة إصلاحه فالنفس البشرية بفطرتها تحتاج الى هدى الله وتتقبله وتستجيب له وتتفاعل معه، وللعلم حتى المتهم الذي يثبت براءته يجب ان يكون السجن له بمثابة فرصة لمراجعة النفس والاحتساب والصبر والثبات والعودة الى الله.

— لذلك فالسجون لها دور محوري ومهم جدا ضمن مكونات الجانب الأمني كونها تشارك في نجاح كل الجهود المبذولة على مستوى الدولة في الحفاظ على الأمن والرقي بالمجتمع.

معايير في السجون

هنا يأتي سؤال مهم، كيف يمكن للسجون ان تقوم بدورها المهم الذي تحدثتم عنه؟

في كل انحاء العالم السجون لها قوانين وأنظمة ومعايير محددة سواء فيما يتعلق ببنيتها التحتية وتنظيم عملها والخدمات المقدمة فيها او فيما يتعلق ببرامج إعادة التأهيل والإصلاح التي تقدم فيها، وفي بلادنا ومنذ عشرات السنين لم يتم الاهتمام بجانب المعايير في السجون وعدم الاهتمام ببنيتها التحتية كما اشرنا سابقاً، ولكن بفضل الله بذلت جهود كبيرة جدا لمعالجة ذلك بحسب الإمكانيات المتاحة للدولة.

ومن اهم الأشياء التي نرى أخذها بعين الاعتبار لكي تنجح السجون بالقيام بدورها هي الاهتمام بتقديم الخدمات للسجناء، فالسجين عندما تتوفر له الخدمات وتحفظ له كرامته سيشعر بالهدوء والاستقرار ويكون نفسياً جاهزا لبدء مرحلة إعادة التأهيل والإصلاح، وكذلك الإحسان للسجناء فالإحسان له دور كبير في جذب اهتمام وتفاعل الإنسان وتقبله لما يقدم له من برامج إعادة تأهيل وإصلاح، وكذلك الاهتمام بمعايير اختيار العاملين في السجون فيجب ان يكونوا من أهل الإيمان والإحسان والزهد لكي يكونوا قدوة للسجين ويتأثر بهم وبمعاملتهم له وسلوكهم أمامه وليس العكس فلا يمكن للسجين ان يتقبل نصح وكلام القائمين على السجون وهم أمامه يتصرفون بعكس ما يقولون فالله سبحانه وتعالى يقول (كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون)، كذلك من المهم جداً الاهتمام بتقديم هدى الله للسجناء.

— فهدى الله هو المحور الأساسي الذي سيجعل السجين يتفاعل ويتقبل ويستفيد من برامج إعادة التأهيل الأخرى، فإذا اقتنع ووجد السجين انه كان على خطأ ووصل إلى حالة من الندم والشعور بالذنب تجاه ما سبق من تصرفات أو سلوكيات نتجت منه، سيدفعه ذلك للعودة والتوبة إلى الله والعزم على تغيير واقعه وتصحيح مسار حياته، وكذلك من المهم جدا ان يحصل السجين على كامل حقوقه القانونية في مختلف مراحل التقاضي كون أي ظلم أو تأخير أو عرقلة تنال السجين تسبب في شعوره بالإحباط واليأس والغضب فلا يتقبل ولا يتفاعل مع برامج إعادة التأهيل والإصلاح التي تقدم له داخل السجن.

نظرة دونية للسجين

كيف تقيمون نظرة المجتمع للسجين؟ وما هو دور المجتمع تجاه السجين سواء اذا كان بالسجن أو بعد خروجه من السجن؟

– كما تحدثنا السجين مسؤولية الجميع سواء الجانب الرسمي أو الجانب المجتمعي، فالسجين هو جزء من المجتمع لا يمكن انكاره أو تهميشه أو تجاهله، وعدم التعامل معه بشكل مسؤول سيؤدي إلى بقائه عبئاً وخطراً على المجتمع. خصوصا نظرة المجتمع إلى السجين فهي تمثل جزءاً مهماً من عملية إعادة تأهيله وإصلاحه، فالمجتمع اذا تقبل فكرة إعادة دمج السجين كفرد صالح داخل المجتمع خصوصا بعد ان تم إصلاحه وإعادة تأهيله فإن ذلك سيساعد على نجاح الجهود التي على السجين لإعادة إصلاحه وسيجعل السجين يشعر بالاستقرار داخل المجتمع ويشجعه لعدم العودة مرى أخرى إلى أي سلوك إجرامي، اما اذا ظلت نظرة المجتمع للسجين نظرة سوداء لا تتقبله وتنظر اليه بالريبة والمقت والكرة فسيشكل ذلك دافعاً لدى السجين للحقد على المجتمع والعودة مرة أخرى للسلوك الإجرامي.

— أيضا هناك دور مهم للمجتمع تجاه السجناء داخل السجون مثل مراعاة اسر السجناء التي فقدت عائلها بسبب حبسه ومواساتها والاهتمام بها وعدم النظر لها بعين الدونية أو الازدراء أو السخرية بسبب حبس احد أفرادها والحكم على الأسرة كاملة بذنب واحد منها، وكذلك التجار واهل الخير عليهم تقديم المساعدة للسجناء المعسرين ومساعدة الجهات الرسمية في ذلك، وكذلك على المجتمع أي يساهم في مساعي حل القضايا اجتماعياً فهناك الكثير من القضايا التي تتطلب فقط تحركاً اجتماعياً لحلها والسعي للصلح فيها.

وضع السجينات حالياً

من القضايا الحساسة اجتماعيا في بلدنا مسألة السجينات من النساء؟ كيف ترون وضع السجينات حاليا؟

– بالفعل شعبنا شعب محافظ خصوصا فيما يتعلق بالمرأة ولا يتقبل مسألة ارتكابها لجريمة أو دخولها في إصلاحيات لإعادة تأهيلها وإصلاحها، وفي الحقيقة هذا الجانب يحتاج أن نراه من منظور إيماني إنساني واقعي، فقبل ان نتكلم عن السجينات يجب ان نعرف ان المرأة لا تصل إلى حد ارتكاب جريمة الا في ظل وجود أسباب دفعت بها إلى ذلك مثل التفكك الأسري أو عدم الاهتمام بتربيتها التربية الإيمانية الصحيحة وفي حالات أخرى تركها لتكون ضحية للحرب الناعمة بمختلف وسائلها، وعدم وجود رقابة ومتابعة من الأهل لتقويم سلوكها وإرشادها والاهتمام بها، بالإضافة إلى أسباب أخرى غير ذلك.

— ولكن المشكلة ان الأهل لا يصحون إلا بعد ارتكاب المرأة للجريمة ولا يشعرون انهم يتحملون جزءاً من المسؤولية عن ما وصلت اليه الأمور، فنجد من يتبرأ او من لا يتابع قضايا السجينات.

— وهنا يجب الاهتمام بالمرأة من قبل الأهل والحفاظ عليها ومتابعتها، وفي حال ارتكبت أي جريمة فيجب كذلك عدم تركها والتخلي عنها والشعور بالعار تجاهها فهذا التصرف لن يصلح ما قد وقع بل سيساهم في تفاقهم المشكلة وضياع المرأة ومستقبلها، ويجب على المجتمع ان يستوعب التعامل الصحيح والنظرة الصحيحة لمثل هذه الأمور.، ولتكن نظرتنا المحافظة وعاداتنا وتقاليدنا الدافع لنا للتصرف بشكل صحيح وعقلاني ومسؤول وإنساني تجاه السجينة فاستيعابها واحتوائها وإصلاحها والاهتمام بها لإعادتها إلى المسار والسلوك الصحيح.

— اما بالنسبة لوضع السجينات في بلادنا.، فالحمد لله عدد السجينات لازال قليلاً، وهناك اهتمام كبير بفئة السجينات والمحافظة على حقوقهن وخصوصيتهن وتقديم الخدمات لهن، وكذلك تقديم برامج إعادة التأهيل الديني والثقافي لهن، وكذلك إعادة التأهيل المهني بما يناسبهن من حرف مثل الخياطة وصناعة العطور والبخور، وكل ما نعانيه في الحقيقة هو الغياب الكبير لدور المجتمع ونظرته القاصرة والقاسية تجاه السجينة.

كلمة أخيرة

هل لك كلمة أخيرة تود توجهها للجهات والمجتمع؟

اذا كان من كلمة فهي رسالة للمجتمع ان يقوم ويحرص على مساعدة أبنائه في تقويم سلوكه فنحن أبناء شعب واحد وكل خلل يشاهده الناس يجب ان يعملوا على إصلاحه لا أن يشاهد الجار أبناء جيرانه ينحرفون أو يريدون الإقدام على خطا ويسكت!!، فلعل بعض الجيران كلامه مؤثر لأجل الله وإصلاح عباده.

— ثانياً البعض وللأسف يرى ان النصح خطأ، ولكن القرآن قدم نظرة جميلة للنصح على لسان نبي الله زكريا عليه السلام (أنى لك هذا)، فعلى الآباء ان يسألوا أبناءهم ويحرصوا كل الحرص على المال الحلال والمهنة الكريمة، لأننا اذا حافظنا على ما ذكرت سابقاً، فهذه نصيحتي التي أرى انها ستحد من الجريمة بشكل كبير. وكذلك ان يبعد الآباء أبناءهم عن رفقاء السوء، وكذلك التقليل من الثغرات والكبر وتضخيم المشكلات، لأن الله علمنا في كتابه ( ادفع بالتي هي احسن).

— والبعض وللأسف اذا شاهد مشكلة زادها سعيراً واشتعالاً.، فيا شعبنا العظيم انتم امل المستضعفين في هذا العالم، الله الله في كظم الغيض وتهدئة الناس بعضهم بعضا، كفانا سجوناً وسجناء.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: القیادة الثوریة والسیاسیة والعشرین من سبتمبر السجون الاحتیاطیة التأهیل والإصلاح رئیس لجنة السجون بدر الدین الحوثی السجون المرکزیة الخدمات للسجناء المحافظات الحرة اللجنة بمتابعة الجهات المختصة الجانب الأمنی جرائم العدوان تقدیم الخدمات السید القائد بالإضافة إلى الأثر الکبیر إعادة تأهیل العدوان على على المجتمع فی البدایة على السجون نقلة نوعیة على بلدنا العمل على مع الجهات السجون فی ما یتعلق من خلال کبیر فی فی کافة ان على بعد ان یجب ان من قبل

إقرأ أيضاً:

“الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة حول مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية

الثورة نت /..

نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حول مستجدات العدوان على قطاع غزة والتطورات الإقليمية والدولية ليوم الخميس 16 ذو الحجة 1446هـ الموافق 12 يونيو 2025م.

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

في تطورات العدوان الإسرائيلي الهمجي، الإجرامي، الوحشي، على الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، وما يرتكبه من إبادةٍ جماعية على مدى عشرين شهراً، في هذا الأسبوع كان هناك الكثير من الجرائم، التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في هذا السياق، وكانت حصيلة جرائمه في هذا الأسبوع نفسه: أكثر من (ألفين وأربعمائة) من الشهداء والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء، وبذلك ترتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، منذ بداية العدوان والى اليوم، واستمراره على مدى أكثر من ستمائة وخمسة عشر يوماً، إلى: أكثر من (مائة واثنين وتسعين ألفاً) ما بين شهيدٍ، ومفقودٍ، وجريحٍ، من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، في نطاقٍ جغرافيٍ محدود، وبذلك تصل نسبة الإبادة من السكان في قطاع غزَّة قُرابة 9%، وهي نسبة عالية جداً، ربما لا سابقة لها فيما قد جرى من الحروب، ولاسيَّما في هذا العصر الحديث، في هذا النطاق الجغرافي المحدود.

العـــدو الإسرائيـــلي، مع جرائمه بالغارات، والقنابل الأمريكية، والقصف المدفعي، وكل ما يستخدمه من أصناف وأنواع الجرائم، في القتل لأبناء الشعب الفلسطيني، والاستهداف الشامل لهم، هو أيضاً هنَّدس عملية الإبادة بالتجويع مع الإبادة بالقتل، من خلال مصائد الموت، ومراكز الإعدام، التي حاول- ومعه الأمريكي- أن يلتف من خلالها على مسألة توزيع المساعدات الإنسانية، على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، وسعى لأن يجعل منها وسيلةً للإبادة، وأن يُهَنِّدس من خلالها عملية التجويع، في جريمةٍ كبيرةٍ جداً، تتنافى مع كل القيم والأخلاق، وفي تنكُّرٍ لكل القوانين، ولكل الأعراف الدولية، وفي تجاوزٍ لها، العدو الإسرائيلي حاول أن يجعل من مسألة توزيع المساعدات مصائد للموت، ومراكز للإعدام بكل ما تعنيه الكلمة، من خلال ما أنشأه من مراكز، ويتحكَّم هو بعملية التوزيع، ما إن يجتمع الجائعون من أبناء الشعب الفلسطيني، جائعون بأنفسهم، والذين يريدون الغذاء أيضاً لأهاليهم وأُسَرِهم بالآلاف للحصول على تلك المساعدات، حتى يقوم بإطلاق النار عليهم بشكلٍ جماعي، والمشاهد لعمليات إطلاق النار بشكلٍ عشوائيٍ وجماعي، والاستهداف الشامل لهم أثناء تجَّمعهم، مشاهد مأساوية جداً، تكشف عن فظاعة هذه الجريمة، وهذا الأسلوب الإجرامي، الذي يستخدمه العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.

العدو الإسرائيلي من خلال ذلك، هو يتعامل مع الشعب الفلسطيني، ليجعل أبناء الشعب الفلسطيني بين حالةٍ من حالتين:

– إمَّا الموت جوعاً.

– وإمَّا أن يذهب إلى مراكز ما يسميِّها هو بمراكز توزيع المساعدات؛ فيعمل على قتلهم وإبادتهم.

وقد تصاعدت عمليات الجرائم والاستهداف، للذين يتجمَّعون بهدف الحصول على تلك المساعدات، وهي من أبشع الجرائم، ومن أسوأ أشكال الاستغلال، الهادف إلى تحقيق هذا الهدف السيء جداً في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.

العدو الإسرائيلي، منذ مائة يوم، أو أكثر من مائة يوم، وهو يمنع دخول المساعدات، وتوزيعها عبر الأمم المتَّحدة، والمنظمات الدولية، التي كانت تقوم بعملية التوزيع، وعبر (الأونروا)، وسعى إلى أن يجعل منها- كما ذكرنا- مصائد للإبادة والقتل، ومراكز للإعدام، والمشاهد التي نُشِرت تكشف هذه الحقيقة لكل الناس، وتُجَلِّي هذه الحقيقة.

فيمــا يتعلَّـق بالقــدس والمسجــد الأقصـى:

– يستمر الأعداء الصهاينة اليهود في الاقتحامات شبه اليومية للمسجد الأقصى، وأداء طقوسهم التلمودية، ورقصاتهم الساخرة، وعباراتهم المعبِّرة عن عدائهم للإسلام والمسلمين، وعن توجُّهاتهم العدائية ضد المسجد الأقصى.

– أيضاً يوسِّعون من أعمالهم العدوانية الهادفة إلى تهويد مدينة القدس:

o من إنشاء مغتصبات استيطانية في مناطق متفرقة من مدينة القدس.

o ومن توسيع أيضاً للمغتصبات السابقة بشكلٍ أكبر.

o وكذلك بالاستيلاء على أراضٍ فلسطينية في القدس.

o كذلك عمليات هدم وإخلاء تستهدف ممتلكات الشعب الفلسطيني ومنازله.

وهناك أحياء ومناطق عليها تركيز كبير في القدس، مثلما هو حي الشيخ جراح، وكذلك منطقة سلوان، وجبل المُكَبِّر، والعيسوية… وغيرها، وهي من أهم المناطق في مدينة القدس.

العدو الإسرائيلي أيضاً- في غير مدينة القدس- في الخليل، يكثِّف أعماله ومساعيه الهادفة إلى الاستيلاء التام على المسجد الإبراهيم، بقدسيته المهمة للمسلمين، هو يحاول أن يحوِّله إلى كنيسٍ يهودي، ما يُنَفِّذه من قيود كبيرة على المسلمين في دخولهم إلى المسجد الإبراهيمي، وما يفتحه من مجال لليهود، وغير ذلك من البرامج الهادفة إلى تحقيق هدفه ذلك.

فيمــا يتعلَّـق بالضِّفَّـــة الغربيـــة: العدو الإسرائيلي مستمرٌ في:

– كل أشكال الانتهاكات والاعتداءات بشكلٍ يومي: من قتلٍ، واختطافٍ، وهدمٍ، وتجريفٍ، ومصادرة أراضٍ واغتصابها.

– والاعتداء من قبل قطعان المغتصبين المستوطنين ضد أبناء الشعب الفلسطيني بكل أشكال الاعتداءات: الاعتداءات على منازلهم، على مواشيهم، على مزارعهم… كل أشكال الاعتداءات التي ينفِّذونها.

– كذلك عمليات التهجير من عِدَّة مخيمات في الضِّفَّة الغربية.

– المحاصرة أيضاً للمدن والبلدات في الضِّفَّة الغربية، إنشاء أعداد كبيرة جداً من الحواجز العسكرية التي تفصل فيما بينها.

– ووضع القيود الكثيرة على حركة أبناء الشعب الفلسطيني من تلك المدن والبلدات.

هم يعملون على تقطيع أوصال تلك المدن والبلدات، قرار العدو الإسرائيلي بإنشاء (اثنين وعشرين) مغتصبةً جديدة في الضِّفَّة، يعني: مصادرة مساحة كبيرة من الضِّفَّة الغربية، والمزيد أيضاً من الحصار والعزل للبعض من المدن والبلدات في الضِّفَّة الغربية، وهذا أيضاً على المستوى العملي، هو إنهاء فعلي لفكرة حل الدولتين، وفق الرؤية التي تتبناها الأمم المتَّحدة، وتتبناها بعض الدول الغربية، والأنظمة الرسمية العربية.

العدو الإسرائيلي هو واضحٌ في أنه أنهى هذه الفكرة تماماً؛ لأنه لم يكن يريدها من الأساس؛ إنما كان يستخدم تعاطيه مع هذا العنوان لفترة زمنيَّة معيَّنة كأسلوب مخادع للشعب الفلسطيني، ومخادع للأنظمة العربية، مخادع للمسلمين، ولكنه واضحٌ تماماً من خلال ما يقول، وما يفعل، وما يتَّخذه من قرارات وإجراءات، في أنه لا يريد ذلك بتاتاً، وأنه يسعى لإحكام سيطرته الكاملة على كل فلسطين، وأنه مُتَّجهٌ إلى ما وراء ذلك، في إطار مخططه الصهيوني العدواني المعروف؛ بل حتى التصنيفات التي كانت في (اتِّفاقيات أوسلو)، وفي (طابا)، في ما يتعلَّق بمناطق (أ)، و(ب)، و(ج) في الضِّفَّة الغربية، هذه انتهت عملياً منذ العام ألفين، وتجاوزها العدو الإسرائيلي بشكلٍ تام.

ولـذلك يظهر بشكلٍ واضح أنه لا مبرر للسلطة الفلسطينية، في سياساتها السلبية تجاه الإخوة المجاهدين في الضِّفَّة الغربية، وتجاه فصائل المقاومة بشكلٍ عام في فلسطين، ومن واجبها أن تُغَيّر سياستها السلبية؛ لأنها تتبنى اتِّجاهاً ليس له أي مؤشرات ولا دلائل على نجاحه، المدى الزمني الطويل لهذا المسار، وما نتج عنه في أرض الواقع، يثبت أنه مسارٌ فاشل، العدو الإسرائيلي لا يريد السلام، لا يريد أن يُسَلِّم الشعب الفلسطيني شيئاً من أرضه، هو يتَّجه عملياً إلى حسم المسألة بشكلٍ كامل؛ ولـذلك، الخيار الصحيح، الخيار الفعال، الخيار الوحيد، هو: خيار المقاومة، ما عداه ليس هناك إلى الاستسلام، والضياع، والخسارة لكل شيء. لابدَّ من الجهاد في سبيل الله، لابدَّ من المقاومة، لابدَّ من التحرك العملي لردع العدو الإسرائيلي، والسعي لإبطال آماله تلك وأهدافه تلك.

في مقابل كل الهجمة والوحشية والإجرام، الذي يقوم به العدو الإسرائيلي في قطاع غزَّة، ومن بين الدمار والحصار والجوع، يواصل الإخوة المجاهدون في قطاع غزَّة تصدِّيهم بكل بسالةٍ وفاعليةٍ للعدو الإسرائيلي، ويلحقون بعصاباته الإجرامية- التي يسميِّها بالجيش- الخسائر المباشرة، من قتلى وجرحى، وتدمير وإعطاب الآليات العسكرية:

– ونفَّذت كتائب القسام أكثر من (ستة عشرة) عملية متنوعة:

o من استهدافٍ لآليات.

o من قنصٍ لأولئك الجنود المجرمين.

o من عمليات استهداف بقذائف الهاون.

o بالاشتباك المباشر مع العدو في كمائن نوعية، وناجحة، ومحكمة.

وحصيلة خسائر العدو الإسرائيلي خلال هذا الاسبوع هي تشهد- فعلاً- على الفاعلية العالية لهذه العمليات، ومدى تأثيرها، الحصيلة هذا الأسبوع هي حصيلة مهمة في خسائر العدو، وهي تبيِّن تأثير هذه العمليات، والبسالة والتماسك، والجرأة والثبات العظيم للإخوة المجاهدين في كتائب القسام.

– وكذلك سرايا القدس، نفَّذت عدداً من العمليات البطولية والمهمة، ومن ضمنها: الاستهداف للعدو إلى (عسقلان) برشقة صاروخية.

– بقيَّة الفصائل كذلك لها دورها، ومشاركتها، وإسهامها، في التَّصَدِّي للعدو الإسرائيلي في قطاع غزَّة.

العدو الإسرائيلي لفشله الواضح في عدوانه، على مستوى العمليات البرية على قطاع غزَّة، لجأ إلى الاستعانة بمجموعاتٍ إجرامية، من المجرمين الخونة، الذين خانوا الشعب الفلسطيني، وقاموا بالتعاون مع العدو الإسرائيلي؛ ولكنَّ هذا بمثل ما يدل على فشله، هو أيضاً خيارٌ فاشل، لن يُحَقِّق له أهدافه التي يُؤَمِّلُهَا.

فيمــا يتعلَّـق بلبنـــان:

صعَّد العدو الإسرائيلي من اعتداءاته، من خلال عدوانه الكبير على الضاحية الجنوبية ليلة عيد الأضحى، في أكبر تصعيد منذ اتِّفاق وقف إطلاق النار بين (الدولة اللبنانية، والجهات الدولية الضامنة، والعدو).

والعدو الإسرائيلي أيضاً يُصَعِّد ويواصل عدوانه على لبنان بكل أشكال الاعتداءات، من: جرائم القتل، والاختطاف، والتجريف، والهدم للمنازل، الاختطاف حتى للصيادين وللرعاة، وهي جرائم متنوعة، واعتداءات مستمرَّة، تكشف أنه لا يُعتمد عليه، ولا يُوثَق به، ولا حتى بالضامنين عليه في مسألة الاتِّفاقيات، وأن خيار المقاومة هو خيارٌ حتمي؛ ولـذلك يفترض بكل اللبنانيين أن يلتفوا أكثر وأكثر حول المقاومة في لبنان، وحول حزب الله في لبنان؛ باعتباره- فعلاً- الضمانة الحقيقية لدفع الخطر الإسرائيلي عن لبنان.

في ســوريـــا:

– نَفَّذ العدو الإسرائيلي غارات جوية.

– وكذلك استهدف بعض المناطق بالقصف المدفعي.

– نَفَّذ أيضاً عمليات توغُّل، وإنشاء حواجز.

– وعمليات دهم للمنازل، وتفتيش.

– عمليات تجريف لبعض الأماكن الزراعية، ولبعض الغابات والأحراش.

– وحتى مصادرة للمواشي، العدو الإسرائيلي صادر ونهب قطيعاً من الأغنام، يُقَدَّر بحوالي (مائتي رأس).

العدو الإسرائيلي، في هذه الجرائم الرهيبة والاعتداءات الكبيرة: بالإبادة الجماعية في قطاع غزَّة، باعتداءاته على المسجد الأقصى، واستهدافه للمسجد الأقصى ومدينة القدس، وفي الضِّفَّة الغربية، بسائر اعتداءاته، بإصراره على مصادرة الحق الفلسطيني، ومساعيه الدائمة لتصفية القضية الفلسطينية بكلها، وبكل ما يتعلَّق بها، باعتداءاته المستمرَّة على لبنان وعلى سوريا، بهذا النهج العدواني والإجرامي، هو يكشف عن تَنَصُّلِهِ عن كل خياراتٍ أخرى للتسوية، أو لما يراهن عليه البعض في الأنظمة العربية من حلول، يقدِّم فيها العرب التنازلات؛ بهدف تحقيق السلام.

وهو يواصل مساره الإجرامي معتمداً بشكلٍ أساسيٍ على الدعم الأمريكي، والشراكة الأمريكية من جانب، هذا من أكبر ما يحفِّزه على ما هو فيه من تصعيد، واعتداءات، وتجاوز لكل شيء: تجاوز للقوانين والأنظمة والأعراف، وتنكُّر لكل الدعوات العالمية لوقف جرائمه، هو يعتمد بشكلٍ أساسي على الدعم الأمريكي والشراكة الأمريكية من جانب.

ومن جانبٍ آخر: من أكبر ما شجَّعه على مواصلة ما يقوم به من جرائم، واعتداءات، وعدوان، هو التخاذل العربي، ومن حوله الإسلامي في معظمه، معظم الأنظمة العربية وفي العالم الإسلامي بشكلٍ عام، هي متخاذلة بشكلٍ كبير جداً، هم لا يقدِّمون ولا أقل القليل للشعب الفلسطيني، ولمجاهديه الأَعِزَّاء، ولا يتَّخذون أي مواقف عملية، في مقابل استمرار العدو في الإبادة الجماعية، استمراره في كل أشكال الانتهاكات والاعتداءات، وفي أبشع الجرائم وأفظعها، وهذا يشجِّعه، مهما أقدم عليه من تصعيد، مهما ارتكبه من جرائم، مهما أقدم عليه من خطوات عدائية، حتى تجاه مقدَّس من أهم مقدَّسات المسلمين (المسجد الأقصى)، هو يجد أنَّ الموقف هو الموقف، أنَّ الحال هو الحال لمعظم الأنظمة العربية، ومن حولها أيضاً معظم الأنظمة الإسلامية، في أنها لم تتحرك عملياً بشكلٍ جاد ضد ما يقوم به العدو الإسرائيلي، وهذا هو تفريطٌ عظيم في مسؤولية إنسانية، ودينية، وأخلاقية، وتفريط في قضايا تهم هذه الأُمَّة، هناك ما يهدد هذه الأُمَّة في أمنها، في دينها، في دنياها، في مصالحها، ما يشكِّل خطورةً كبيرةً وحقيقيةً عليها، وتتعاظم هذه الخطورة نتيجةً لهذا التخاذل، وهذا التجاهل غير المبرر، غير المبرر إطلاقاً؛ لأن بوسع هذه الأُمَّة أن تفعل الشيء الكثير.

باتت حالة الأنظمة العربية، ومن حولها معظم الأنظمة الإسلامية، أنها وصلت إلى مستوى لا يرقى إلى موقف الكثير من البلدان والدول غير الإسلامية، التي اتَّخذت خطوات عملية في المقاطعة الاقتصادية للعدو الإسرائيلي، في المقاطعة الدبلوماسية للعدو الإسرائيلي، في مواقف سياسية متقدِّمة على الكثير من الأنظمة العربية، والكثير من الأنظمة الإسلامية، وهذا معيبٌ من جهة، وفي نفس الوقت تفريطٌ وإخلالٌ واضح بالالتزامات الإيمانية، والدينية، والإنسانية، والأخلاقية، ويشكِّل خطورة كبيرة على هذه الأُمَّة؛ لأنها حينما تصل إلى هذا المستوى من التخاذل، وعدم الالتفات ولا الاهتمام إطلاقاً بقضايا ذات أهمية كبيرة جداً، في وزنها الديني والإيماني والأخلاقي، ومستوى أهميتها الإنسانية، وكذلك مستوى أهميتها فيما يتعلَّق بأمن هذه الأُمَّة، فيما يتعلَّق أيضاً بدين ودنيا هذه الأُمَّة.

تفريط بهذا المستوى له عواقبه المحتومة، في وعيد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فيما توعَّد به في القرآن الكريم، وفي سُننه في عباده، وفي سننه في عباده؛ لأن هذه الحالة من التخاذل والتفريط العظيم، الذي وصل إلى هذا المستوى من التَّفرُّج، وكأنَّ هذه الأُمَّة غير معنية- أصلاً- بما يحصل على الشعب الفلسطيني، الذي هو جزءٌ منها، وبلده جزءٌ من البلاد الإسلامية والعربية، والمسجد الأقصى من أهم مقدَّسات هذه الأُمَّة، ثم هم لا يفعلون ولا أقل القليل، ولا يقدِّمون ولا أقل القليل للشعب الفلسطيني، معظم الأنظمة العربية والإسلامية، ماذا تُقدِّم للإخوة المجاهدين في فلسطين، لحركات المقاومة في فلسطين؟! بل البعض من الأنظمة متواطئ مع العدو، ويصنِّف تلك الحركات المجاهدة في فلسطين بالإرهاب! وهذه الحالة خطيرة جداً.

الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” حينما قال في القرآن الكريم، في وعيده للمتربصين المتخاذلين، الذين اتَّجهت كل اهتماماتهم نحو حسابات المصالح بالمفهوم الخاطئ، الذي- في نهاية المطاف- سيخسرون حتى تلك المصالح التي آثروها، ومن أجلها تنصَّلوا عن مهامهم ومسؤولياتهم المقدَّسة:

– {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة:24].

– {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[التوبة:39].

– حينما يقول: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا}[الأحزاب:16]، {وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا}[الأحزاب:16].

الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في وعيده الحق، وهو على كل شيء قدير، يأتي بالمتغيرات، والتي تتضمن تنفيذ وعيده، هو على كل شيء قدير، هو لا يعجز ولا يعيا في تدبيره وفي قدرته عن تنفيذ ما توعَّد به؛ ولـذلك فالمسألة مسألة وقت، إذا لم يعي أبناء هذه الأُمَّة، ولم يتَّجهوا بِجِدِّيَّة إلى النهوض بمسؤولياتهم وواجباتهم، التي عليهم القيام بها تجاه ما يحدث على الشعب الفلسطيني، ما يحدث ليس بالشيء الهين ولا البسيط، شاهدوا التلفاز، شاهدوا المشاهد المأساوية، والمؤلمة، والمحزنة جداً لمظلومية الشعب الفلسطيني، حتى في أيام عيد الأضحى، شاهدوا كيف كان العيد في قطاع غزَّة، كيف كانت حالة النازحين، الذين يستهدفهم العدو الإسرائيلي بالقنابل الأمريكية الحارقة والمدمِّرة إلى خيامهم؛ فيشويهم بها، ويشوي بها الأطفال والنساء، شاهدوا حالة الجوع، والبؤس، والحرمان، والمعاناة الكبيرة للشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة.

هذه الأُمَّة بوسعها- على مستوى أنظمتها وبلدانها- أن تقدِّم الشيء الكثير للشعب الفلسطيني، بدلاً من تقديم تريليونات الدولارات للأمريكي، الذي يقدِّم كل الدعم الكامل من قنابل وكل أنواع السلاح للعدو الإسرائيلي، ويقدِّم له أيضاً المال، المبالغ المالية التي قدَّمها للعدو الإسرائيلي خلال عام تُقَدَّر بـ(عشرين مليار دولار)، خلال عامٍ واحد! فما بالك بما يقدِّمه له بشكلٍ مستمر!

المسألة خطيرة جداً، فالله آتٍ بأمره، والله منجزٌ ما توعَّد به، والمسألة خطيرة جداً في حالة التخاذل، والتفريط في المسؤوليات الكبيرة والعظيمة؛ لأن هذا التفريط له دوره الكبير في تشجيع العدو الإسرائيلي، كلما رأى الأُمَّة متخاذلةً أكثر؛ كلما تجرَّأ على أن يستمر ويواصل أكثر وأكثر في إبادته الجماعية للشعب الفلسطيني، في تجويعه للشعب الفلسطيني، في التعطيش… في كل أنواع الجرائم التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني.

ثم هذا المستوى من التخاذل، هو مما يكشف الحالة المؤسفة جداً لمعظم الأنظمة، وهي حالة أيضاً متفشِّية في أوساط الشعوب، حالة الإفلاس الإنساني والأخلاقي، وهي حالة خطيرة جداً في واقع أُمَّتنا.

الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” جعل شعائره وفرائضه الدينية، وحتى المناسبات الدينية، مما له أهميته في أثره التربوي، وفي الارتقاء الإيماني والأخلاقي لأبناء هذه الأُمَّة؛ لأن أبناء هذه الأُمَّة هم بحاجة ماسَّة إلى هذه التربية، التي ترتقي بهم على المستوى النفسي والأخلاقي والإيماني، وفي تعزيز الثقة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، مما له أهميته في ميدان العمل، ولكن حينما لا يكون هناك التفات جاد للاستفادة من هذه المناسبات الدينية؛ فهذا يجعل الأُمَّة ضائعة، مهما كان هناك من مناسبات، من شعائر، من فرائض، هي تؤدِّيها بشكلٍ منفصلٍ تماماً عن أهدافها التربوية، وعن أثرها العظيم على المستوى النفسي، ثم على المستوى العملي.

أتى موسم الحج، والحجاج يُتِمُّون فريضة الحج، فريضة الحج هي من أعظم الفرائض الدينية، فريضة الحج هي من أهم الشعائر الإسلامية، ولها أهدافها التربوية، ولها أيضاً أهداف واسعة ومهمة في دين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

في أول حجٍ إسلاميٍ ما بعد فتح مكة، أعلن الرسول “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” البراءة من المشركين، وأرسل علياً “عَلَيْهِ السَّلَامُ” لتبليغ البراءة في الحج، في أول حجٍ إسلامي، وأصبح للحج الإسلامي ميزته وفق تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ووفق شرعه:

– فيما له من أثرٍ تربويٍ في التربية على تقوى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفي الارتقاء الإيماني.

– وفيما له أيضاً من أهمية في ترسيخ الوحدة بين المسلمين، الوحدة القائمة على الاعتصام بحبل الله جميعاً، الوحدة القائمة على النهوض بمسؤولياتهم الجماعية، والاهتمام بقضاياهم وتوجُّهاتهم في إطار تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

ولـذلك كان للحج أهميته وفاعليته في حيوية الأُمَّة، في قوتها، في عزتها، في توحدها، في تعاونها.

الآن تؤدَّى هذه الفريضة بكل برودة، بشكلٍ منفصل عن غاياتها، عن أهدافها، عن آثارها، وبشكل مجمَّد، يفقدها الكثير، ويفرِّغها من مضمونها المهم؛ فتبقى أشبه ما يكون بطقوس مُعَيَّنة لها أثر محدود في مستوى معيَّن، في الوقت الذي نرى الأُمَّة في أمسِّ الحاجة إلى الاستفادة من هذه الفريضة، ليكون لها أثرها في الواقع التربوي للأُمَّة، وفي إحياء هذه الأُمَّة من جديد، أن تحيا من جديد، كما أحياها الله بالإسلام في صدر الإسلام.

كذلك فيما يتعلَّق بعيد الأضحى، وهو مناسبة دينية عظيمة، ويقدِّم لنا الدروس المهمة في التسليم لأمر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فوق كل شيء، وهذا ما تحتاج إليه الأُمَّة، هناك فجوة كبيرة جداً في مسألة الالتزام بتعليمات الله وتوجيهات الله في واقع الأُمَّة، وهذه الفجوة لها أثرها السلبي جداً على الأُمَّة في واقعها، وفي حياتها؛ لأن أوامر الله وتوجيهات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” كلها حكيمة، فيها الخير لنا، فيها العِزَّة لنا، فيها الحُرِّيَّة والكرامة، فيها كل الخير في الدنيا والآخرة، فكل إخلال بهذه التوجيهات والتعليمات، التي أمرنا الله بها ووجَّهنا إليها، له نتائجه، له آثاره السيئة في واقع الحياة، وهذه المشكلة خطيرة علينا كأمةٍ مسلمة، نحتاج إلى الالتفاتة الجادّة والواعية، وإصلاح العلاقة بهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وبتعليماته، وإصلاح النظرة إليها، حتى تكون نظرةً صحيحة، وهذا ما يمكن أن يرتقي بنا.

هذه المناسبات التي تُرَبِّينا على تقوى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والله قال عن الحج نفسه: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة:197]، من أهم آثارها التربوية والإيمانية: أنَّها ترفع- في من يتأثر بها، ويستفيد منها، وينتفع بها- مستوى الشعور بالمسؤولية، يشعر بمسؤوليته أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويدرك خطورة التفريط في هذه المسؤولية، ونحن أُمَّة عليها مسؤوليات كبيرة، ومسؤوليات مهمة، ومسؤوليات مقدَّسة: مسؤولية الجهاد في سبيل الله تعالى، مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر… هذه مسؤوليات عظيمة ومهمة جداً، والأُمَّة في إخلالها بها تركت فراغاً في الساحة العالمية لصالح قوى الشر والإجرام والظلم، ثم تحوَّلت الأُمَّة إلى ضحية بنفسها، فلم يبق لها دورها على المستوى العالمي، لتكون هي الأُمَّة التي تنشر الخير في العالم، وتواجه الشر، وتتصدَّى للشر، لتكون هي الأُمَّة التي تنشر النور في العالم، وتتصدَّى لظلمات الطاغوت، لتكون هي الأُمَّة التي تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؛ فأصبحت ساحتها- هي- ساحة للظلم، وللمنكرات، ولحركة قوى الظلام والضلال والباطل، من أعداء هذه الأُمَّة وأعداء الإنسانية.

ولـذلك هذه الحالة هي مؤسفة جداً، وينبغي لكل من يتحركون في إطار النشاط التوعوي والتبليغي في أوساط الأُمَّة، أن يعيدوا هذه الأُمَّة، ومن خلال القرآن الكريم، إلى الاهتداء بهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وإلى التعامل مع هذه المناسبات الدينية لتكون محطات تتزود منها الأُمَّة تربوياً وأخلاقياً، وترتقي إيمانياً، وتعالج هذه الحالة التي تنعكس على واقعها بكله، ثم يكون لها أضرارها الكبيرة في واقع الأُمَّة.

عندما يكون أهل الباطل، أهل الشر، أهل الإجرام، أهل الطغيان والعدوان؛ أكثر اهتماماً، أكثر جداً، أكثر حرصاً، أكثر مثابرةً، وأكثر اهتماماً من هذه الأُمَّة في قضاياها العادلة، في مظلوميتها، في مسؤولياتها المقدَّسة… وغير ذلك، هذه المفارقات مؤسفة جداً، ولا تليق أبداً، وتدل على مدى الخلل الكبير في واقع الأُمَّة، والذي يشكِّل خطراً عليها ليس فقط في الدنيا؛ وإنما في الآخرة أيضاً.

كذلك فيما يتعلَّق بالاستفادة من التاريخ، والأحداث التاريخية، واقتباس الدروس منها، في الأيام الماضية مرَّت بنا ذكرى ما يسمَّى بـ[النكسة]، (ذكرى النكسة) هزيمة حزيران 1967م، حينما تمكَّن العدو الإسرائيلي- آنذاك- من إلحاق الهزيمة بثلاثة جيوش عربية، مسنودة عربياً، واحتل- آنذاك- بقية فلسطين، وأجزاء من دول عربية أخرى خلال ستة أيام فقط، خلال معركة ستة أيام فقط، الجيوش العربية- آنذاك- لم تكن تنقصها العُدَّة، ولا العتاد، كانت متمكِّنة، وكانت تمتلك بأكثر مما يمتلكه العدو الإسرائيلي، فيما يتعلَّق بالعدَّة والعتاد.

تلك الهزيمة كان لها تأثيرها السيء جداً على المستوى النفسي والمعنوي، وبشكل غير مبرر، على الأنظمة العربية، بل وحتى فيما يتعلَّق بالجانب السياسي، والخيارات السياسية والمواقف، بالرغم من أنَّ العرب اجتمعوا فيما بعد ذلك- بعد تلك النكسة والهزيمة- في السودان، وأعلنوا لاءاتهم الثلاث: [لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف]، إلَّا أنهم عملياً اتَّجهوا عكس ذلك تماماً، لم يعالجوا وضعهم، ولم يشخِّصوا بِدِقَّة الأسباب التي كانت وراء هزيمتهم، ولم يعملوا على معالجة تلك المشكلة، بل اتَّجه أكثرهم الاتِّجاهات الخاطئة التي تخدم العدو الإسرائيلي.

لو أنهم اتَّجهوا فقط لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته بشكلٍ جاد، وتسليحه، وتدريبه، وتأهيله، ودعمه اقتصادياً، وعسكرياً، وسياسياً، بالشكل المطلوب؛ كان هذا الخيار لوحده فعَّال، ومؤثِّر، ومهم جداً، لكان خياراً فعَّالاً ومؤثراً ومفيداً، لكنهم- حتى مع الوقت، حتى مع المتغيرات التي حدثت فيما بعد- لم يستفيدوا من نموذج المقاومة الناجح، المقاومة الفلسطينية للإخوة المجاهدين في الحركات الجهادية الفلسطينية، ولا المقاومة اللبنانية، التي حققت أيضاً في ما بعد نجاحات وانتصارات كبيرة وعظيمة ومهمة، في الوقت الذي ثبت نجاح ذلك النموذج، وألحق الهزائم تلو الهزائم بالعدو الإسرائيلي، لم يبادروا إلى احتضانه، إلى دعمه، إلى مساندته، إلى الاهتمام به؛ بل على العكس من ذلك: معظم الأنظمة العربية كانت مواقفها سلبية تجاه حركات المقاومة والجهاد في فلسطين وفي لبنان، ونظرتها سلبية، وتعاملها سلبي إلى حدٍ كبير، البعض صنَّفها- في نهاية المطاف- بالإرهاب، صنَّفوا الحركات المجاهدة في فلسطين بالإرهاب، وصنَّفوا حزب الله في لبنان بالإرهاب.

الــدرس الآن ماثـــلٌ أمــام الجميـع، وواضــحٌ بشكــلٍ جـلي:

– هناك في ذلك النموذج للجيوش العربية، الذي انهزم خلال ستة أيام فقط هزيمةً مدوية، مع أنَّه كان في وضع مريح، ليس محاصراً، ليست وضعية حصار مطبق، كالحالة التي هي قائمة الآن في قطاع غزَّة، كذلك على مستوى العدة والعتاد، وإمكانات التسليح، إمكانات التلافي للوضع، إمكانات الترميم، والبناء، والتأهيل، كل شيءٍ متاح بالنسبة للأنظمة العربية في تلك المرحلة.

– والحالة القائمة الآن، بالنسبة للنموذج القائم في قطاع غزَّة لإخوتنا المجاهدين في حركات المقاومة، الذي صمد بكل بسالةٍ وثبات في مواجهة العدو الإسرائيلي، ولا يزال يصمد، ولأكثر من ستمائة يوم، ولأكثر من ستمائة يوم، مع المفارقات الواضحة فيما يتعلق بوضع إخوتنا المجاهدين في فلسطين في قطاع غزَّة، بإمكاناتهم العسكرية المحدودة جداً، فيما يتعلق بالتسليح، فيما يتعلق بالإمكانات المادية، وكذلك فيما يتعلق بالفارق الكبير بين وضع العدو الإسرائيلي آنذاك، في نوعية إمكاناته وقدراته العسكرية، وما بحوزته الآن من إمكانات وقدرات، وما يقدِّمه له الأمريكي في هذه المرحلة من إمكانات وقدرات عسكرية متطوِّرة، وذات قوة كبيرة في التدمير… وغير ذلك، إمكانات الرصد، والاستهداف، الإمكانات المعلوماتية والعملياتية، الفارق كبير جداً.

العدو الإسرائيلي، وهو أضعف مما عليه الآن بكثير، تمكَّن آنذاك من هزيمة ثلاثة جيوش عربية- وذلك في وضعية ممتازة من حيث الإمكانات والعتاد والعُدَّة- خلال ستة أيام؛ وفشل في القضاء على المقاومة والإخوة المجاهدين في قطاع غزَّة، وعلى مدى أكثر من ستمائة يوم، وفشل في تحقيق أهدافه المعلنة لعدوانه، من مسألة استعادة أسراه من دون صفقة تبادل، من مسألة القضاء على الإخوة المجاهدين في قطاع غزَّة.

هذه المفارقات الواضحة، بالرغم من الفوارق في الإمكانات:

– سواءً بالنسبة للإخوة المجاهدين في قطاع غزَّة، ووضعهم المختلف تماماً عمَّا كان عليه حال الجيوش العربية.

– أو بالنسبة للعدو، في المفارقة الكبيرة بين حجم إمكاناته وقدراته- آنذاك- يوم هزم الجيوش العربية، وفي هذه المرحلة، مع ما يحظى به من دعمٍ مفتوح من الجانب الأمريكي، ومتقدِّم، ومتطوِّر، وبإمكانات وقدرات كبيرة.

لماذا لا يأخذ العرب العبرة من هذا الدرس؛ ليقدِّموا الدعم الصادق والكبير والمتاح، الذي بإمكانهم أن يقدِّموه للإخوة المجاهدين في فلسطين، وللشعب الفلسطيني؟!

هناك تخاذل كبير جداً، هناك تجاهل وعمى، وعدم استفادة لا من دروس التاريخ، ولا من الحقائق والوقائع الواضحة، وإلَّا فهذا درسٌ كبيرٌ جداً، درسٌ يوضِّح- فعلاً- أنَّ هناك نموذج ناجح، هناك أسباب لنجاحه، وهو جديرٌ بتقديم كل أشكال الدعم له، وتقديم الدعم الكامل له كفيلٌ بأن يكون له أثره الكبير في ميدان الصراع مع العدو الإسرائيلي.

فيمــا يتعلَّـق بالأنشطـــة المتضامنـــة مـع فلسطـــين:

– كان هناك أيضاً من مجريات الأسبوع السفينة (مادلين)، وهي خطوة رمزية لكسر الحصار، نفذها اثنا عشر شخصاً من بلدان متعددة، مع مساعدات رمزية غذائية وطِبِّيَّة، سطا عليها العدو الإسرائيلي في المياه الدولية، وأخذها، واختطف الناشطين الإنسانيين.

– فيمــا يتعلَّـق بالمظاهــرات:

o خرجت مظاهرات في المغرب، والأردن، وتونس.

o كذلك خرجت مظاهرات كبيرة في فرنسا، قرابة مائتي مظاهرة، ومظاهرات كبيرة، شارك فيها مئات الآلاف، منها: مظاهرة في باريس، بعشرات الآلاف في باريس خرجت.

o كذلك مظاهرات في أمريكا، بالرغم من القمع والاعتقالات.

o ومظاهرات في: إسبانيا، وكندا، وهولندا، وإيطاليا، وألمانيا، وبريطانيا، وبلجيكا.

– هناك أيضاً إجراءات أعلنت عنها بعض الدول الأوروبية، ضد البعض من المجرمين الصهاينة، هي إجراءات محدودة ورمزية.

ولكن الإجراء الصحيح- إذا كان لدى تلك الدول حرص على سمعتها الإنسانية، وعلى قيمها الليبرالية؛ لأنها تفتضح، ما يحدث في فلسطين، وما يرتكبه العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، فيه فضيحة كبيرة جداً للغرب، أنه لا يلتزم بأي قيم، لا إنسانية، ولا ليبرالية… ولا غير ذلك، هو يعكس حالة التوحش والإجرام، والغرب شريك للعدو الإسرائيلي فيما يرتكبه من جرائم، والبعض من الأنظمة الغربية محرج، محرج تجاه هذا المستوى من الانكشاف، من الفضيحة والوضوح؛ فيحاولون أن يُغَطُّوا على وضعهم وعلى سمعتهم ببعض من الإجراءات المحدودة، كما هو حال بريطانيا، بريطانيا التي لها الدور الأول، والوزر الأكبر في كل ما جرى ويجري على الشعب الفلسطيني، منذ أن قامت هي باحتلال فلسطين، ثم قامت هي باحتضان العصابات الصهيونية الإجرامية، وتمكينها من الاحتلال لفلسطين بعدها، تقوم ببعض الإجراءات الشكلية والمحدودة- الإجراءات الحقيقية، التي يمكن أن تكون معبِّرة عن توجُّه جاد، ضد ما يرتكبه العدو الإسرائيلي من إبادة جماعية وإجرام في فلسطين ضد الشعب الفلسطيني، هي واضحة، من مثل:

– الإيقاف لأي تعاون عسكري مع العدو الإسرائيلي، بما في ذلك بيع السلاح، أو هبة السلاح للعدو الإسرائيلي.

– خطوات عملية في المقاطعة الاقتصادية، في المقاطعة السياسية، في إجراءات عملية واضحة وحقيقية.

فيمــا يتعلَّـق بجبهــة الإسنــاد من يمـن الإيمـان والجهــاد، في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس):

تستمر العمليات العسكرية بالقصف الصاروخي وبالمسيَّرات إلى عمق فلسطين المحتلة، ضد العدو الإسرائيلي، وإسناداً للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأَعِزَّاء.

في هذا الأسبوع نُفِّذت العمليات بـ(أحد عشر صاروخاً بالِسْتِّياً، وفرط صوتي، وطائرة مسيَّرة)، استهدفت أهدافاً تابعة للعدو الإسرائيلي في (حيفا، ويافا، وأسدود) في فلسطين المحتلة، منها: خمسة صواريخ كانت باتجاه (مطار اللد)، الذي يسمِّيه العدو الإسرائيلي باسم المجرم [بن غوريون] في يافا المحتلة.

وكان من أبرز هذه العمليات في هذا الأسبوع: عملية مساء الثلاثاء، كانت عملية قوية، ومؤثِّرة، وناجحة بفضل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وكان مـن نتائجهــا:

– إحداث إرباك وتخبُّط واضح في المنظومة الدفاعية للعدو الإسرائيلي، حيث أطلقوا العديد من الصواريخ الاعتراضية، بعضها تزامن مع إقلاع إحدى الطائرات من (مطار اللد).

– كذلك شوهدت أعمدة الدخان من محيط المطار، متصاعدة من محيط المطار، مما يعني وصول الصاروخ إلى هدفه.

– وكذلك أيضاً أجبرت هذه العمليات الملايين من المغتصبين الصهاينة اليهود على الهروب إلى الملاجئ، وتفعيل صافرات الإنذار في المئات من المدن والبلدات المغتصبة في فلسطين.

تأتي هذه العمليات في إطار العمل المستمر، الهادف لفرض حصارٍ جوي على العدو الإسرائيلي، وهذا ما تسعى إليه قواتنا لتحقيق هذا الهدف المهم؛ رداً على تصعيد العدو الإسرائيلي، وارتكابه جرائم الإبادة.

فيمــا يتعلَّــق بالحصــار البحــري، في (البحر الأحمر، وخليج عدن، وباب المندب): هو مستمر، الملاحة ممنوعة على العدو الإسرائيلي، وهو متوقِّف عن الملاحة في مسرح العمليات، ولكن- كما قلنا- هناك أنظمة عربية وأنظمة إسلامية، وعبر البحر الأبيض المتوسط، توصل إليه من خلال السفن البضائع، وتنقل كذلك البضائع لصالح العدو الإسرائيلي، وهذا شيء مؤسف جداً!

فيمــا يتعلَّـق بالأنشطــة الشعبيــة: كان هناك مئات الوقفات في عيد الأضحى في معظم مصليات العيد، والأنشطة بكلها- بإذن الله وتوفيقه- سيواصلها شعبنا العزيز، من: وقفات، وفعاليات، وندوات… ومختلف الأنشطة، وكذلك أنشطة التعبئة العامة، وكذلك المسيرات والخروج المليوني؛ لأن هذا جهاد في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأعمال متاحة، وفي إطار المسؤولية الإيمانية والأخلاقية والدينية، الاستمرار فيها هو جهاد، هو أداء لفريضة مقدَّسة، الاستمرار فيها أيضاً هو من الوفاء، من القيم الإنسانية والإيمانية والأخلاقية، من الشهامة والمعروف، وشعبنا شعب الإيمان، يمن الإيمان والحكمة، يمن الوفاء، والقيم، والأخلاق؛ ولـذلك سيواصل- بإذن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”- كل هذه الأنشطة، ويستمر في موقفه المتكامل (رسمياً، وشعبياً)، وعلى كل المستويات، وفي كل المجالات، متقرِّباً إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بذلك، مؤدِّياً واجبه الإيماني والأخلاقي والإنساني، مدركاً أهمية ذلك، سواءً في القربة إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وما يترتب على ذلك من نتائج في تدبير الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ما يكتبه من الخير لمن استجاب له، وهو القائل عن الجهاد في سبيله: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الصف:11]، وفعلاً من هذا الخير: العِزَّة الإيمانية، والسَّلامة من الخزي؛ لأن حالة الاستسلام، والخضوع، والخنوع لأعداء الله، وأعداء الإنسانية، هي تزيد من يتَّجهون ذلك الاتِّجاه ذُلّاً، وهواناً، وانحطاطاً، ويطبع الله على قلوبهم، ويزدادون رعباً، وخوفاً، وهلعاً، وجزعاً، وخنوعاً، واستسلاماً، وعواقب ذلك خطيرة عليهم في الدنيا والآخرة.

من نعمة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ومن توفيقه، ومن فضله العظيم، وهو القائل عن الجهاد في سبيله: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}[المائدة:54]، من نعمة الله، من فضله، من توفيقه: أن يتحرك شعبنا في إطار هذا الموقف العظيم والمتكامل، ومن الشكر لهذه النعمة: هو الاستمرار، هو الاستقامة، هو الثبات، هو الجد في الاستمرارية بدون كلل، ولا ملل، ولا فتور، ولا تهاون، هو الوعي الدائم بعظمة وأهمية أن نقف هذا الموقف، الذي يرضي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الذي فيه الشرف والفضل في الدنيا والآخرة، الذي له نتائجه المهمة على المستوى التربوي والنفسي والعملي، وفي بناء واقعنا كشعبٍ وبلدٍ قوي، يسعى للارتقاء على المستوى المعنوي، وعلى المستوى العملي، وعلى مستوى تطوير قدراته وإمكاناته، وهذا ما لاحظنا أهميته وآثاره خلال كل هذه المُدَّة الزمنية، على مدى عشرين شهراً، كل النتائج والآثار هي مباركة، ولصالح شعبنا العزيز، قدَّمنا التضحيات. صحيح، تضحيات في سبيل الله تعالى، فيما يستحق منَّا أن نُقدِّم فيه التضحيات، وتضحيات مثمرة، لها نتيجتها وأهميتها.

أدعو شعبنا العزيز بدعوة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بدعوة المسجد الأقصى، بدعوة القرآن الكريم، إلى الخروج المليوني يوم الغد إن شاء الله تعالى، في العاصمة صنعاء في ميدان السبعين، وفي بقية المحافظات والمديريات والساحات، وحسب الترتيبات والإجراءات المعتادة.

نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيه عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيْعُ الدُّعَاء، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم، وَلِمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء.

نأمل- إن شاء الله- أن يكون الخروج يوم الغد خروجاً واسعاً، هذا من الوفاء لله، وللشعب الفلسطيني، وللإسلام، وللقرآن، الشعب الفلسطيني في مرحلة صعبة جداً، لابدَّ أن تكون كل الأنشطة مستمرَّة، أن يكون الصوت عالياً، أن يكون الحضور كبيراً.

الاستمرار والثبات هو خيارنا؛ لأن هذا أساسٌ في مسؤولياتنا الإيمانية والدينية.

وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

مقالات مشابهة

  • متفجرات تحيط بمكتب رئيس هيئة انتداب المحامين السابق في ديالى
  • (نص) كلمة السيد القائد حول آخر التطورات والمستجدات 16 ذو الحجة 1446هـ
  • السيد القائد يدعو إلى خروج مليوني غداً دعماً لغزة.. موقفنا ثابت ومسؤوليتنا الإيمانية مستمرة
  • “الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة حول مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية
  • شيخ العقل تلقى اتصالا معايدة من مفتي الجمهورية
  • السيد القائد يدعو أبناء الشعب اليمني للخروج المليوني غدًا بالعاصمة صنعاء والمحافظات
  • السيد القائد يدعو للخروج المليوني غدًا دعما لفلسطين وغزة
  • «هيئة السلامة» تصدر قراراً بتشكيل لجنة لتسوية الأوضاع الإدارية والمالية للمنتسبين
  • زيارة عيدية تفقدية للإصلاحية المركزية والسجون الاحتياطية في محافظة صنعاء والأمانة
  • لجنة تحقيق أممية: “اسرائيل” ترتكب إبادة بقتل مدنيين لاجئين في مدارس غزة