لجريدة عمان:
2025-06-13@16:57:29 GMT

خيرُ جليسٍ مهما تنوعّت الصيغ

تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT

(ضوء الكتب لا يخفت، وعطرها لا يهدأ، وأثرها لا يغيب، رغم تحولات العصور وتبدل صيغ المعرفة) رغم كل ما قيل وما زال يقال عن واقع اضمحلال الكتب الورقية التقليدية، وإحلال المعرفة الرقمية محلها توفيرا للوقت والمال وحتى الجهد، رغم الانتصار الهائل المشترك للمؤلفات الرقمية والنشر الإلكتروني باعتبارها وسائل المستقبل لتلقي المعرفة وتعميق الوعي، رغم استغراق الناس واستنزاف طاقاتهم في السعي الواقعي عن لقمة اليوم، والحرص على تأمين قوت الغد إلا أن معارض الكتب في عواصم مختلفة من العالم ما زالت تثبت لنا عاما بعد عام أن ضوء الكتب لا يخفت، وعطرها لا يهدأ، وأثرها لا يغيب، وأنها ما زالت خير جليس في الزمان رغم تحولات العصور وتبدل صيغ الكتب، بعيدا عن شتات الصدامات السياسية، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وتناحر الأحزاب .

انطلقت الدورة الـتاسعة والعشرون لمعرض مسقط الدولي للكتاب في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض بمشاركة 674 دار نشر من 35 دول، المعرض الذي يمتد حتى الثالث من مايو تحت شعار «التنوع الثقافي ثراء للحضارات العالمية» ويبلغ إجمالي العناوين والإصدارات المدرجة بموقعه الإلكتروني 681 ألفا و41 عنوانا منها 646 ألفا و413 -تقريبا- من الكتب العربية، والذي تحل محافظة شمال الشرقية (ضيف شرف) الدورة وفقا للتقليد المتبع سنويا باختيار إحدى محافظات سلطنة عُمان لتسليط الضوء عليها وإبراز ملامحها التاريخية والتعريف بأعلامها في مجالات الفنون والثقافة، يشمل برنامج المعرض أكثر من 200 فعالية ثقافية بين ندوات وورشٍ ومحاضرات وأمسيات شعرية إضافة إلى 155 فعالية موجهة للأطفال.

معرض مسقط تضمن في فعالياته الثقافية لهذا العام شعاره في التنوع الثقافي بتنويع مصادر الفعاليات ومنظميها محليا وعربيا وعالميا، كما تنوعت موزعة على شتى ضروب المعرفة والعلوم والفنون، إضافة إلى التنويع العصري بين ما هو تقليدي كلاسيكي وما هو عصري متمدن سواء في المحتوى أو في طريقة العرض مشتملا عنوانات تتعلق بصناعة المحتوى الرقمي، والذكاء الاصطناعي ،وعلاقتهما بالمعرفة ،والثقافة،كما حرصت جهات عديدة على تزامن إطلاق مبادراتها ومعرض الكتاب، ومن بين تلك المبادرات إطلاق وزارة الإعلام منصة «عين» للأطفال في خطوة باتجاه تعزيز المحتوى الموجه للأطفال وتزويدهم بمصادر المعرفة.

شخصيات سياسية واجتماعية حرصت على متابعة وحضور معرض الكتاب حتى وإن كانت متابعة عن بعد، لكن شخصيات أخرى أبت إلا توقيع أثرها على صفحة المعرض، تماما كما وقعت حضورها الفعلي في معرض الكتاب بمسقط حيث استقبل معرض الكتاب هذا العام توقيع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، أحدث إصداراته التاريخية «البرتغاليون في بحر عُمان، أحداث في حوليات من 1497م إلى 1757م»، الصادر عن منشورات القاسمي، الموسوعة التي تأتي ضمن سلسلة مكونة من واحد وعشرين مجلداً باللغة العربية، يقابلها نفس عدد المجلدات باللغة الإنجليزية، ويحتوي كل مجلد على مجموعة من الوثائق، بلغ مجموعها في الحولية 1138 وثيقة، جُمعت من جميع مراكز الوثائق في العالم، وسجلت النسخ الإلكترونية المجانية التي وفرتها منشورات القاسمي في جناحها بالمعرض إقبالاً كبيراً من الزوار الذين حرصوا على اقتنائها للاطّلاع على الموسوعة الجديدة فيما تم أيضاً توزيع كود المسح الإلكتروني للوصول إلى الموسوعة عبر الإنترنت، وقد بلغ عدد النسخ الإلكترونية المخصصة للتوزيع 10 آلاف نسخة عبر ذاكرة إلكترونية تنوعت بين اللغتين العربية والإنجليزية تم تجهيزها عبر تغليف يشبه المجلدات الخاصة بالموسوعة.

كما وقع وقّع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، كتابه «قوّة التفاوض»، في جناح دار «لُبان» على وقع المفاوضات المكثّفة بين الولايات المتحدة وإيران، بشأن البرنامج النووي لطهران، والتي تضج بها أروقة سلطنة عُمان وسيط السلام بين الدولتين، وبيت السلام للجميع في كل وقت، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية «إن حضور عرقجي، هو أكثر من حضور ثقافي؛ بل هي رسالة دبلوماسية ناعمة، تؤكد مكانة عُمان كوسيط موثوق به، يجمع الفرقاء تحت مظلة الحوار الهادئ بعيداً عن صخب السياسة» أضافت الوكالة : «إن الكتاب يصلح بحسب المختصين كمرجع أكاديمي للراغبين بتعلّم فنون التفاوض، وفهم أبعاد المفاوضات السياسية، حيث عزّزه عرقجي بدراسة حالة مفاوضات إيران مع مجموعة الـ5+1 التي انتهت عام 2015، بالتوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية”تضمن المعرض كذلك مجموعة من المؤلفات العمانية في مختلف صنوف العلم والأدب صادرة عن دور نشر مختلفة محليا وإقليميا وعالميا، مما يعكس نشاط حركة التأليف آملين دعمها بمبادرات تعكس نشاط حركة التلقي، إذ لم يعد معرض الكتاب مكانا لشراء الكتب وحسب، بل اتسع ليشمل كل ما من شأنه الاحتفاء بالتنوع الثقافي والتبادل المعرفي، متضمنا عزيز اللقاءات التخصصية والنقاشات التفاعلية ورفدها بالممكن من أسباب التكنولوجيا وتقنيات المعرفة المعاصرة.

ختاما: ليست أيام المعرض لمؤلفي الكتب وحدهم، ولا لدور النشر المتنافسة حضورا وتسويقا، ولا للمختصين الحاضرين لنقل خبراتهم ومهاراتهم ومعارفهم في مجالات مختلفة لجمهور يسعى للمعرفة مدركا أثرها حضورا أو غيابا، معرض الكتاب لنا جميعا ونحن نحتفي بنا دعاة معرفة ثقافية، وعلوم تخصصية، بنا ونحن نلتقي في أرجاء المعرض متبادلين قوائم لكتب أحببناها، وأخرى أفدنا منها، قوائم أخرى لكتب نحب اقتناءها ونسعى لقراءتها، بنا ومعنا ولنا مؤكدين للجميع قدرة وتمكن عُمان من استضافة كل ما تضمن المعرض من اختلاف وتباين وتعدد معرفي في تنوع ثقافي هو ثراء للحضارات، وهو شعار معرض الكتاب بمسقط هذا العام وجوهرها الفعلي في كل زمان ومكان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: معرض الکتاب

إقرأ أيضاً:

العدو .. موقف لا بُد أن يُقال


أحمد بن محمد العامري

ahmedalameri@live.com

في عالمٍ تتبدّلُ فيه التحالفاتُ كما تتبدّلُ الفصولُ، ويغدو الموقفُ السياسيُّ سِلعةً في سوقِ المصالحِ، يُصبح من الضروريِّ التمسّكُ بالثوابتِ، والعودةُ إلى البوصلةِ التي لطالما دلّتْنا على الاتجاهِ الصحيحِ: بوصلتُنا الأخلاقيةُ، والدينيةُ، والتاريخيةُ.

ليس من الطبيعيِّ، ولا من المقبولِ، أن نجدَ في أيامِنا هذه مَن يُصفِّقُ لعدوانٍ إسرائيليٍّ على دولةٍ جارةٍ، كائنًا مَن كانتْ هذه الدولةُ. وإنّ أشدَّ ما يُثيرُ الأسى هو أن يتماهى بعضُ العربِ، أفرادًا أو أنظمةً، مع روايةِ العدوِّ الصهيونيِّ، ويُبرّروا عدوانه على إيران أو يفرحوا به، وكأنهم فقدوا كلَّ حسٍّ بالانتماءِ، وكلَّ اتصالٍ بمبادئِ الدينِ أو ضميرِ الأمّةِ.

نحن لا نُقدّمُ دفاعًا مجانيًّا عن السياساتِ الإيرانيةِ، ولا نُغضّ الطرفَ عمّا يشوبُ تدخلاتِها الإقليميةَ من إشكالاتٍ وخلافاتٍ حقيقيةٍ. لكننا نؤمنُ بأنّ الخلافَ، مهما اشتدّ، لا يُبرّرُ أبدًا الاصطفافَ مع عدوٍّ وجوديٍّ، لا يُفرّقُ بين عربيٍّ ومسلمٍ، ولا يُميّزُ بين عاصمةٍ وأخرى في مشروعِه التوسّعيِّ. إيران، بما لها وما عليها، يمكنُ تجاوزُ خلافاتِنا معها- إن وُجدت- عبرَ الحوارِ والمصالحِ المشتركةِ، أمّا إسرائيل، فهي كيان مؤقّتٌ وعدوٌّ دائمٌ، وعداوتُها ليست خيارًا سياسيًّا، بل حقيقةٌ تاريخيّةٌ وعقائديّةٌ لا يمكنُ القفزُ فوقَها.

لقد ظلّتْ إسرائيل، منذ نشأتِها، تُمارسُ العدوانَ، وتَرتكبُ المجازرَ، وتعتدي على الأرضِ والهُويةِ والذاكرةِ. ومع ذلك، نجدُ مَن يتغاضى عن هذه الحقائقِ، ويغرقُ في حساباتٍ طائفيّةٍ ضيّقةٍ، تَجعله يُغمضُ عينيه عن ماضي هذا العدوِّ وحاضرِه المُجرمِ ومستقبلِه القاتمِ. تلك الحساباتُ، مهما بدَتْ برّاقةً لحظةً، فإنها لا تصنعُ سلامًا، ولا تحفظُ كرامةً، ولا تردُّ عدوًّا.

إنّ التحالفَ مع عدوٍّ مثلَ إسرائيل، أو التماهي معه، لا ينقلبُ إلا وبالًا على مَن يُقدِمُ عليه. فإسرائيل لم تكنْ يومًا حليفًا صادقًا، ولا شريكًا مأمونًا، بل تلوّنتْ عبرَ العقودِ، وبقيتْ ثابتةً في عداوتِها لكلِّ مَن لا يخضعُ لهيمنتِها. ومَن ظنّ أنّه سينجو من شرّها بالارتماءِ في حضنِها، فقد خانتْه بصيرتُه، وخذلتْه تجربتُه بالتاريخِ.

التاريخُ يُعيدُ نفسَه. والعدوُّ الذي يفرحُ البعضُ بعدوانِه على إيران، هو نفسُه الذي اغتال قادةً عربًا، وهدمَ مدنًا عربيةً، وشرّدَ شعوبًا بأكملها. فهل ننسى كلَّ ذلك لأننا نختلفُ مع طهران؟ وهل الخلافُ يُبرّرُ الخيانةَ؟ وهل من الحصافةِ أن نُغيّرَ تموضعَنا بناءً على منطقِ اللحظةِ لا على عمقِ الفهمِ؟

نحن بحاجةٍ إلى أن نُعيدَ ترتيبَ المفاهيمِ، وأن نفهمَ أن الجارَ، وإنْ أخطأ، يَبقى جارًا، يمكنُ مُصافحتُه، ويمكنُ إصلاحُ العلاقةِ معه. أمّا العدوُّ، فعداوتُه لا تزولُ، وشرُّه لا يُؤمنُ. ومَن يُبدّلُ موقعَه بين الجارِ والعدوِّ، فقد فقدَ البوصلةَ، وسارَ في طريقٍ بلا رجعةٍ.

وفي زمنٍ كهذا، يُصبحُ السكوتُ عن هذا التزييفِ خيانةً، ويغدو الكلامُ واجبًا. علينا أن نُعيدَ تعريفَ العدوِّ والصديقِ، لا وفقَ العواطفِ أو الأهواءِ، بل بناءً على معاييرِ الوعيِ والحقِّ والتاريخِ. فالعدوُّ الدائمُ لا تُغريه التنازلاتُ، والعدوُّ العابرُ لا ينبغي أن نصنعَ منه شبحًا دائمًا.

في الختامِ، تبقى إسرائيلُ العدوَّ الأوّلَ، والدائمَ، والوجوديَّ، مهما تعدّدتِ الخصوماتُ الأخرى. وتبقى علاقاتُنا مع جيرانِنا، مهما كانتْ معقّدةً، قابلةً للإصلاحِ ما دام هناك عقلٌ وحكمةٌ. ولن تحفظَ كرامةُ هذه الأمّةِ، إلا إذا عرفتْ كيف تُفرّقُ بين مَن يَختلفُ معها، ومَن يُريدُ اقتلاعَها من جذورِها.

مقالات مشابهة

  • العدو .. موقف لا بُد أن يُقال
  • 10 أسابيع لاكتشاف تطبيقات الفضاء في مراقبة الأرض
  • بالصور والفيديو صراحة نيوز تتابع افتتاح معرض طوابع البريد العربي
  • وزير الثقافة يفتتح معرض الراحل أشرف الحادي بعنوان “الفنان النبيل”
  • مآذن المساجد في السنغال تجسد تنوع العمارة الإسلامية
  • “معرض الضوء” ضمن فعاليات “مبادرة أمان” يختتم أعماله في جدة
  • معرض لتوزيع الملابس الجديدة بالمجان بقرى كفر الزيات.. صور
  • "جوجل" تعرض خروجاً طوعياً لموظفيها ضمن خطط تقليص العمالة
  • معرض في سان بطرسبرغ لتخليد انتصار الجيش الأحمر على النازية
  • معرض”توعية وإثراء” ينشر هدايات القرآن معرفياً وحضارياً