تُصنف البومة طويلة الأذن (أو البومة الأذناء) ضمن قائمة الطيور الجارحة الخلابة، إذ تتميز بخصل أذنية بارزة تشبه القرون ونقوش دقيقة متعرجة تمنحها قدرة عالية على التخفي وسط البيئة الشجرية.

وتستعرض أرصاد علمية حديثة حالة مثيرة لهذا النوع من البوم، تتعلق بظروف إضاءة معينة تدفع إلى لمعان وردي فاقع على ريش جناحيها الداخليين، ناجم عن أصباغ حساسة للضوء تُعرف باسم "البورفيرينات"، وهي غير مرئية للعين البشرية، لكنها مكشوفة أمام الطيور الأخرى التي ترى ضمن طيف الأشعة فوق البنفسجية، بما فيها البوم نفسه.

وفي الدراسة المشتركة بين جامعة ميشيغان الشمالية ومرصد وايتفيش بيرد بوينت، والمنشورة في دورية "ذا ويسلون جورنال أوف أورنيثولوجي"، أجرى الباحثون فحصا لريش الجناحين الداخليين لنحو 99 بومة أثناء هجرتها عبر شبه الجزيرة العليا بولاية ميشيغان في ربيع 2020، وقد استهدف الفريق توثيق درجات التوهج المختلفة وتفسير ما قد تعنيه من إشارات بيولوجية.

ولأن هذه الإشارات الوردية تبقى مخفية عن أعين الفرائس من الثدييات الصغيرة والقوارض، فإنها قد تمثل وسيلة تواصل خفية بين الطيور نفسها، تتيح لها تبادل المعلومات حول الهوية أو الحالة الصحية أو الاستعداد للتزاوج دون أن تنكشف أمام فرائسها.

جناح بومة طويلة الأذن تحت تأثير الضوء فوق البنفسجي (كريس نيري) مفارقة غريبة

لا يقتصر الأمر على اللمعان الضوئي فحسب، إذ إن أصباغ البورفيرينات تتعرض للتحلل مع التعرض المستمر لأشعة الشمس، مما يجعل درجة التوهج مرتبطة بعمر الريش وحالته.

إعلان

وقد بينت الدراسة أن الطيور الأكبر سنا، خصوصا الإناث ذات الريش الداكن، تمتلك تركيزات أعلى من هذه الأصباغ الفلورية، في حين أظهرت الطيور الأصغر سنا أن الأفراد الأثقل وزنا منهم يتميزون بتوهج أكثر وضوحا.

وتشير هذه النتائج إلى أن التوهج قد يشكل "إشارة حقيقية" تعبر عن الحالة الصحية للطائر، ورغم أن لون الريش وحده قد يتيح تقدير جنس البومة (الإناث داكنات أكثر من الذكور)، فإن التوهج تحت الأشعة فوق البنفسجية يضيف بعدا أكثر تعقيدا إلى أنظمة الإشارات الداخلية خلال عروض التزاوج.

وتحمل الإناث معدلات أعلى بكثير من هذه الأصباغ مقارنة بالذكور، رغم أن الذكور هم من يؤدون العروض الطيرانية خلال موسم التزاوج، الأمر الذي أثار حيرة الباحثين.

وقد اقترحت الدراسة فرضية بديلة تتجاوز التفسير السلوكي، مفادها أن هذه الأصباغ قد تؤدي دورا في تنظيم الحرارة. فمن المعروف أن الأصباغ الفلورية في قشور البيض تساعد على عكس الأشعة تحت الحمراء وتنظيم حرارة الجسم، ومن المرجح أن تقوم الأصباغ نفسها بوظيفة مشابهة في الأجنحة الداخلية للإناث، مما يساهم في تقليل فقدان الحرارة أثناء فترة حضانة البيض.

وتشير الدراسة إلى أن هذا التوهج لا يتبع نمطا ثنائيا بسيطا، أي أن شدة التوهج لا تنقسم إلى حالتين واضحتين فقط (مثل موجود أو غير موجود، قوي أو ضعيف)، بل إنه يتوزع عبر طيف من الاختلافات المرتبطة بالحجم والعمر والجنس معا.

ويبدو أن التوهج الفلوري يعمل كآلية متعددة الوظائف، تجمع بين الإشارات التناسلية والتنظيم الحراري والتواصل الاجتماعي، في مشهد يعكس مدى التعقيد البالغ في أنماط التكيف الطبيعية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

دراسة: 61% من أنواع الطيور في العالم تتراجع أعدادها

أظهر تقييم عالمي جديد أن أكثر من نصف أنواع الطيور آخذة في الانخفاض، حيث يؤدي إزالة الغابات إلى تراجع حاد في أعدادها في جميع أنحاء الكوكب.

وأصدر العلماء تحذيرا جديداً بشأن صحة أعداد الطيور، حيث سجلت 61% من الأنواع التي تم تقييمها الآن انخفاضا في أعدادها،خصوصا بالمناطق الاستوائية.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4دراسة تظهر تراجعا لأعداد الطيور بمنطقة الأمازونlist 2 of 4الطيور تمتلك "ثقافة" و"تراثا" تتناقله الأجيالlist 3 of 4موجات الحر تخفض أعداد الطيور الاستوائية بحدةlist 4 of 4دراسة تؤكد: الطيور تتنفس جسيمات البلاستيكend of list

وتشير الدراسة إلى أن العديد من أنواع الطيور فقدت موطنها بسبب التوسع الزراعي والتنمية البشرية، ومن بينها طائر شليغل أو طائر الحجل المتوج (Schlegel’s asity) في مدغشقر، وطائر العندليب الشمالي ذي الذيل الهزاز (Common nightingale) في أميركا الوسطى.

وقبل 9 سنوات فقط، كانت 44% من أنواع الطيور المُقيّمة في تناقص، وفقًا للقائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض الصادرة عن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.

وقال منسق العلوم العالمي في منظمة "بيرد لايف" الدكتور إيان بورفيلد، الذي ساعد في الإشراف على التقييم، "إن حقيقة أن 3 من كل 5 أنواع من الطيور في العالم تشهد انخفاضا في أعدادها تظهر مدى عمق أزمة التنوع البيولوجي، ومدى إلحاح اتخاذ الحكومات الإجراءات التي التزمت بها بموجب العديد من الاتفاقيات والمعاهدات".

ويأتي هذا التحذير في وقت يجتمع فيه مئات من دعاة حماية البيئة في أبو ظبي لحضور مؤتمر الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة حتى يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول 2025، حيث يُناقش مصير العديد من أكثر أنواع الحياة البرية عرضة للخطر في العالم.

وفي ظلّ التحديات العالمية التي تواجه العمل البيئي، ومع سطوة التغير المناخي، يحثّ العلماء الحكومات على الوفاء بتعهداتها الأخيرة لحماية الطبيعة بشكل أفضل.

وتلعب الطيور دورا هاما في النظم البيئية، إذ تساعد في تلقيح الأزهار ونشر البذور ومكافحة الآفات، وعلى سبيل المثال يمكن لطيور "أبو قرن" المنتشرة في جميع أنحاء المناطق الاستوائية نشر ما يصل إلى 12 ألفا و700 بذرة كبيرة يوميا في كيلومتر مربع واحد.

إعلان

وتقول رئيسة منظمة الحفاظ على الحدائق النباتية الدولية الدكتورة مالين ريفرز "إن مصير الطيور والأشجار متشابك، فالأشجار تعتمد على الطيور للتجدد، وتعتمد الطيور على الأشجار من أجل البقاء".

من جهتها، قالت المديرة العامة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة الدكتورة غريثيل أغيلار إن تعافي السلحفاة البحرية الخضراء "يُذكرنا بأن جهود الحفاظ عليها تُجدي نفعًا". وكانت السلحفاة الخضراء مصنفة على أنها مهددة بالانقراض، لكنها تعتبر الآن من الأنواع الأقل إثارة للقلق بفضل جهود الحفاظ عليها.

وقد ازدادت أعداد السلاحف بنسبة 28% منذ سبعينيات القرن الماضي بفضل زيادة حماية مواقع التعشيش في جزيرة أسينشن والبرازيل والمكسيك وهاواي.

وقال رودريك ماست، الرئيس المشارك لمجموعة المتخصصين في السلاحف البحرية التابعة للجنة بقاء الأنواع التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، إن تعافي السلحفاة الخضراء كان "مثالاً قويا على ما يمكن أن يحققه الحفاظ العالمي المنسق على مدى عقود من الزمن لتحقيق الاستقرار وحتى استعادة أعداد الأنواع البحرية طويلة العمر".

وفي المقابل تشير الدراسة إلى أخبار سيئة لفقمات القطب الشمالي، التي يحذر العلماء من أنها تقترب من الانقراض بسبب الاحتباس الحراري. فقد أدى ذوبان الجليد البحري إلى انخفاض حاد في أعداد بعض أنواعها.

ويؤدي ترقق الجليد البحري إلى صعوبة أكبر لفقمات القطب الشمالي في إيجاد مناطق للراحة والتكاثر، وهي فريسة أساسية للدببة القطبية، التي يخشى الباحثون أن تتأثر هي الأخرى بهذا الفقدان.

وتشير الدراسة إلى أن محنة هذه الحيوانات المهددة بالانقراض هي تذكير صارخ بأن تغير المناخ ليس مشكلة بعيدة، فقد كانت تتكشف منذ عقود ولها تأثيرات هنا والآن.

مقالات مشابهة

  • أحمد موسي: 300 وسيلة إعلامية دولية تتولى تغطية قمة السلام في شرم الشيخ
  • كواليس خفية تهز علاقة برشلونة بلامين يامال
  • سكانه من الإناث.. اكتشاف كوكب «فينيسيا 90» وظهور كائنات شبيهة بالبشر
  • «البيئة»: قطر محطة رئيسية في هجرة العديد من الطيور
  • بحبك فى الله!!
  • غوغل تطلق “جيميناي” بقدرات تحاكي تصفح البشر للمواقع
  • دراسة: 61% من أنواع الطيور في العالم تتراجع أعدادها
  • بعد زرع كبد خنزير في جسده.. رجل صيني يعيش أكثر من 170 يومًا
  • البيئة تعلن إزالة 18 ألف متر من الشباك المخالفة لحماية الطيور المهاجرة
  • الكلاب تصاب بإدمان اللعب... دراسة تكشف تشابهها مع البشر