تعدين قاع البحر.. طموح ترامب يهدد أعمق النظم البيئية على الأرض
تاريخ النشر: 30th, April 2025 GMT
في أعماق المحيط الهادي، حيث الظلام والسكينة والضغط الهائل، تعيش كائنات غريبة تتوهج في العتمة وتتسلل بين الصخور المعدنية المتكتلة. في هذا العالم المجهول، لا شيء يعكّر صفو الحياة البطيئة. لكن ذلك قد يتغير قريبا.
ففي خطوة أثارت قلق العلماء، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس الماضي أمرا تنفيذيا يفتح الباب أمام التعدين الصناعي في قاع البحر للمرة الأولى، وذلك بهدف استخراج معادن تُستخدم في الإلكترونيات وبطاريات السيارات والأسلحة المتطورة.
تعد هذه الموارد، التي تتكون ببطء شديد على مدى ملايين السنين، ذات قيمة إستراتيجية واقتصادية كبيرة، لكنها تشكل أيضا حجر الأساس لنظام بيئي بالغ الهشاشة.
ماذا يوجد بالقاع؟يستهدف التعدين في أعماق البحار بشكل رئيسي ثلاثة أنواع من الرواسب المعدنية: العقيدات، والقشور، والتلال الحرارية. لكن التركيز حاليا ينصب على العقيدات، وهي كرات معدنية صغيرة تتشكل حول نواة، مثل سن سمكة قرش تتراكم عليه معادن كالمنغنيز والحديد ببطء شديد.
هذه العقيدات لا تحتوي على المعادن فحسب، بل هي موطن لمجموعة كبيرة من الكائنات البحرية. وفقا لعالمة المحيطات ليزا ليفين، فإن ما يقارب نصف أنواع الكائنات الحية في أعماق قاع البحر تُقيم على هذه العقيدات، بحسب ما تنقله صحيفة نيويورك تايمز.
إعلانوتقول ليفين "لا نعرف مدى انتشار هذه الأنواع أو قدرتها على إعادة استعمار مناطق مدمرة بسبب التعدين"، مشيرة إلى هشاشة هذه النظم البيئية.
هناك طريقتان أساسيتان للتعدين في قاع البحر: الأولى تستخدم أدوات كشط لجمع العقيدات من الأرض، والثانية تعتمد على شفطها بأنابيب ضخمة إلى سطح السفن. في كلتا الحالتين، تُعاد المياه والرواسب المصاحبة إلى البحر، مما يؤدي إلى اضطرابات بيئية كبيرة.
أحد أبرز المخاوف هو أعمدة الرواسب التي يمكن أن تنتشر في المياه النظيفة على أعماق تصل إلى ألف متر. هذه الأعمدة قد تخنق الكائنات الدقيقة مثل الإسفنج والروبيان، وتُعطّل الحياة البحرية من خلال التلوث السمعي والبصري، وتؤثر حتى على قدرة الكائنات على التزاوج أو اصطياد فرائسها.
كما أن المعادن الثقيلة في هذه الرواسب قد تلوث سلاسل الغذاء البحرية، بما في ذلك المأكولات البحرية التي يستهلكها البشر.
وعد بالاستدامةتزعم شركات التعدين أنها تُطوّر تقنيات أكثر استدامة مثل استخدام روبوتات تعتمد الذكاء الاصطناعي لجمع العقيدات دون إثارة الرواسب، كما تفعل شركة "إمبوسيبل ميتالز". ففي عام 2022، نجحت شركة كندية في استخراج آلاف الأطنان من العقيدات، وجمعت بيانات بيئية خلال العملية.
لكن العلماء يحذّرون من أن النماذج النظرية والاختبارات المحدودة لا يمكن أن تعوّض المعرفة الحقيقية بتأثير هذه العمليات على المدى الطويل.
ويقول جيفري درازين عالم المحيطات في جامعة هاواي إننا نجهل مدى تأثير مثل هذه العمليات على سلاسل الغذاء، وفق نيويورك تايمز.
الحياة في أعماق المحيط تسير بوتيرة بطيئة جدا. بعض الأسماك تعيش مئات السنين، وبعض الشعاب المرجانية آلافا. وهذا يجعل من الصعب تقدير مدى قدرة هذه البيئات على التعافي بعد الاضطراب الذي يحدثه التعدين.
إعلانوتشير عالمة الأحياء الجيولوجية بيثاني أوركت -في حديث إلى صحيفة نيويورك تايمز- إلى أنه "ليس لدينا إستراتيجيات استعادة لهذه النظم البيئية، كما لا يوجد دليل علمي على أننا نستطيع إصلاح ما نفسده".
وقد تتضرر العوالق، وهي أساس السلسلة الغذائية في المحيطات، بشدة من تغيرات طفيفة في البيئة، مما يؤدي إلى انهيارات بيئية يصعب وقفها.
هل نحتاج إلى التعدين؟يشكك بعض العلماء في الحاجة الملحّة للتعدين في قاع البحر أصلا، مشيرين إلى أن المناجم الموجودة على اليابسة لا تزال قادرة على تلبية الطلب العالمي على المعادن.
من جهة أخرى، يرى المؤيدون أن التعدين في البحر قد يكون أقل ضررا من الناحية الكربونية من التعدين الأرضي.
ومع ذلك، تظل المشكلة الكبرى أن التعدين في قاع البحر لم يسبق أن جُرّب على نطاق واسع، ولا نعرف ما الذي قد يُحدثه في توازن المحيطات.
في الوقت الراهن، يظل قاع البحر أحد آخر الحدود غير المستكشفة على الكوكب، وموطنا لبيئات فريدة من نوعها قد تحمل أسرارا علمية وطبية غير مكتشفة. لكن طموح التكنولوجيا الحديثة قد يهدد هذه الكنوز الخفية قبل أن نعرف حتى ما الذي نخسره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی قاع البحر فی أعماق
إقرأ أيضاً:
مسلسل ترامب-ماسك: الرئيس يهدد الملياردير بالويل والثبور إذا دعم الديمقراطيين
وفي مقابلة هاتفية مع شبكة إن بي سي، قال ترامب إنه لا ينوي التصالح مع ماسك. اعلان
أوضح الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت أنه غير مهتم بإصلاح العلاقة مع حليفه السابق والمتبرع لحملته الانتخابية إيلون ماسك، محذراً من أن الملياردير قد يواجه "عواقب وخيمة" إذا حاول دعم المعارضة.
وفي مقابلة هاتفية مع كريستين ويلكر من شبكة إن بي سي، قال سيد البيت الأبيض إنه لا ينوي التصالح مع ماسك. وعندما سُئل على وجه التحديد عما إذا كان يعتقد أن علاقته مع الرئيس التنفيذي لشركتيْ تيسلا وسبيس إكس قد انتهت، أجاب ترامب: "أعتقد ذلك، نعم".
وتابع الرئيس الجمهوري: "أنا مشغول جدًا بأشياء أخرى". "كما تعلم، لقد فزت في الانتخابات بأغلبية ساحقة. لقد أعطيته الكثير من الفرص قبل أن يحدث ما حدث. وكذلك الأمر أثناء ولايتي الأولى، وأنقذت حياته خلال فترتي الرئاسية الأولى. ليس لدي أي نية للتحدث معه."
وفيما برز الحديث عن إمكانية أن يدعم ماسك خصوم الرئيس من للمشرعين والمرشحين الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، أطلق ترامب تحذيرا تجاه الحليف السابق.
وقال لشبكة إن بي سي: "إذا فعلها، فسيتعين عليه أن يتحمل عواقب ذلك" لكن أحجم عن الإفصاح عن ماهية تلك العواقب. علما أن شركات ماسك تمتلك العديد من العقود الفيدرالية المربحة.
وتأتي هذه التصريحات الأخيرة بعد التدهور الكبير في العلاقة بين الرئيس الأمريكي وأغنى رجل في العالم بسبب مشروع قانون الميزانية الذي طرحه ترامب والذي انتقده ماسك في وقت سابق من الأسبوع على منصة التواصل الاجتماعي X.
وقد حذر الملياردير من أن مشروع القانون سيزيد من العجز الفيدرالي ووصفه بأنه "دنسٌ مثير للاشمئزاز".
Relatedتصاعد الخلاف بين ترامب وإيلون ماسك يثير القلق داخل الحزب الجمهوريوالد إيلون ماسك يعلق على خلاف ابنه مع ترامب: صراع الزعماء الأقوياءشجار ترامب وماسك هديةُ السماء لموسكو: تهكم وسخرية ودعوة للملياردير للعمل في روسياووفقًا لمكتب الميزانية غير الحزبي في الكونغرس، فإن مشروع القانون سيخفض الإنفاق والضرائب، لكنه سيترك نحو 10.9 مليون شخص إضافي دون تأمين صحي، وسيزيد من حجم العجز في السنوات العشرة المقبلة بمقدار 2.4 تريليون دولار.
وفي يوم الخميس، انتقد ترامب رد فعل ماسك القوي على مشروع القانون "الجميل الكبير" المعروض على الكونغرس. وسرعان ما بدأ الرجلان في التراشق اللفظي على وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعل البيت الأبيض وقادة الحزب الجمهوري في الكونغرس يسارعون لتقييم تداعيات هذه المواجهة غير المسبوقة بين الرئيس وحليفه السابق.
ومع اشتداد حدة الانتقادات بين الطرفين، اقترح ماسك أنه يجب عزل ترامب وادعى دون دليل أن الحكومة تخفي معلومات عن علاقة الرئيس بالشاذ جنسياً سيء السمعة جيفري إبستاين، وهو ادعاء يبدو أن رئيس شركة تسلا تراجع عنه السبت بحذف تغريدته عن الأخير.
وفي مقابلة مع الممثل الكوميدي "مانوسفير" ثيو فون، حاول نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس التقليل من أهمية العداء. وقال إن ماسك يرتكب "خطأً فادحًا" بملاحقة ترامب، واصفًا إياه بـ"الرجل العاطفي" الذي يشعر بالإحباط.
وقال فانس: "آمل أن يعود إيلون إلى السرب في نهاية المطاف. قد لا يكون ذلك ممكنًا الآن لأن تصرفته أصبحت متطرفة للغاية".
ووصف نائب ترامب ماسك بـ"رجل الأعمال الرائع"، وقال إن مشروعه الخاص بإدارة الكفاءة الحكومية الذي سعى إلى خفض الإنفاق الحكومي وتسريح أو طرد آلاف العمال "جيد حقًا".
وقال فانس إن الهدف الرئيسي لمشروع القانون لم يكن خفض الإنفاق بل تمديد التخفيضات الضريبية لعام 2017 التي تمت الموافقة عليها في ولاية ترامب الأولى.
وأردف قائلا: "إنه مشروع قانون جيد" قبل أن يعترف بأنه "ليس مشروع قانون مثالي.".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة