سودانايل:
2025-12-12@13:34:20 GMT

نُدُوبٌ على وجه السودان ..!!

تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT

يرويها - صديق السيد البشير

[email protected]

(1)
تركت شرارة الحرب المشتعلة في السودان منذ ثلاث سنوات بصمتها القاتمة على وجه السودان، حكوما وشعبا، شعب توزع بين المنافي، نزوح وفقر وتشرد وبطالة، في بصمة أقرب للنُدُوبٌ على خدود الوطن، وطن أصبح الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود، مفقود بالموت، أو الإعتقال، أو الإختفاء القسري، أو اللجوء، أو التعذيب، آن الأوان، لأن ينعم الناس في السودان بالأمن والأمان والسلام والاستقرار.


(2)
تحت تأثيرات الحرب، دفع الصحفيون السودانيون ثمنا باهظا، من فقر ولجوء وتشرد، وبات معظمهم يعيشون حالة من الهشاشة المُدقعة ، حيث يواجهون وضعاً إدارياً يشوبه عدم الاستقرار في البلدان المضيفة كما يقول بيان لمارتن رو لمدير مكتب الأزمات في منظمة مراسلون بلا حدود.
وبالرغم من الثمن الباهظ الذي يدفعون، أظهر الصحفيون السودانيون شجاعة ومهنية في أداء مهتهم بتميز، بعد أن نجوا بأنفسهم من العنف والإنتهاكات، وإتخذوا من المنافي وطنا لهم، لمواصلة رسالة الوعي والتنوير للمحافظة على السودان، تأريخا وجغرافيا، في ظل دعوات حقوقية للدول المضيفة للصحفيين السودانيين، بتسوية أوضاعهم وتوفير ظروف الاستقرار التي يحتاجونها لمواصلة عملهم من مدن والنزوح.
(3)
ثلاث سنوات خلفت وراءها نُدُوبا على وجه الإعلام في السودان، وفي بيان لنقابة الصحفيين السودانيين (فقد أوقفتْ الحرب معظم المؤسسات الصحفية والإعلاميّة، واضطرتها تحتْ ظروفٍ أمنية، أو سياسية، للتوقّف عن العمل)، مع تدمير ممنهج للبنى التحتية لموسسات الإعلام في السودان، من تضرر الإذاعات والقنوات الفضائية ودور الصحف والمطابع، إلى جانب ضياع كثير لأرشيف الصحف الذي يعود تاريخه إلى عشرات السنين، أرشيف كان يعد ذاكرة للسودان، ثم غاب صوت الموجات وأثير الشاشات وصدى المنصات، ما فتح نوافذ ذهبية لحزمة من المعلومات الكاذبة والمضللة التي غزت الفضاء الرقمي.
هي كلها نُدُوبٌ على وجه السودان.
(4)
ثمانية وعشرون صحفيا وصحفية وعاملا في قطاع الإعلام السوداني ، كل هؤلاء غيبهم الموت عن المشهد الصحفي في السودان، ومن كتبت له النجاة من الموت، تحول إلى عاطل ومتشرد بعد أن فقد أكثر من (90%) وظائفهم.
واقع بائس يعيشه حملة مشاعل الوعي والتنوير، ثم يُغيّبُ الصحفيون عن المشهد، وتُعطّل مؤسساتهم الصحفية التي تعمل على نشر الأخبار والمعلومات، ليرزحوا تحت وطأة النزوح واللجوء والتشرد.
حتما هي نُدُوبٌ على وجه السودان تركتها الحرب، مع دعوات صادقات بأن يعود لجسد الإعلام السوداني عافيته، ليبدأ أهل النص والصوت والصورة بالعودة مجدداً لمخاطبة الأسماع والأبصار والعقول بمحبة وجمال وتفرد وعذوبة ومهنية، مهنية تغرس الأمل من جديد في سودان جديد زاخر بالحق والخير والجمال.
(5)
نُدُوبٌ على وجه الإعلام تركتها الحرب في السودان، من تدمير للمؤسسات وهجرات ونزوح قسري، فعبدالعليم مخاوي نموذج لمئات الصحفيين السودانيين الذين فقدوا وظائفهم بفعل الحرب.
بعد أن أمضى شهورا حسوما بين أزيز الطيران المقاتل ودوي المدافع، ترك مخاوي داره بحي (القوز) العريق بالعاصمة السودانية الخرطوم، ميمما وجهه شطر مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض جنوبي السودان، ليتخذها سكنا آمنا له.
ترك عبدالعليم مخاوي مهنة القلم ولاقط الصوت والعدسة، المهنة التي خدم في لعشرات السنوات، ليتحول إلى عامل في سوق الخضروات والفواكه بسوق كوستي، ليعمل على ترحيل بضائع التجار من داخل السوق إلى مواقع أخرى، بثمن زهيدة، ليوفر منها قوتا لأسرته.
يمارس مخاوي مهنته البديلة بمحبة واحترافية وتواضع وصبر ويقين واحتساب وأمل، أمل في توقف الحرب، تمهيدا للعودة مرة أخرى، مجدداً للأهل والديار وممارسة مهنة الصحافة بمحبة واحترافية وجمال وتفرد وعذوبة، عذوبة القلم و (الميكروفون) و (الكاميرا)، ليخاطب الأسماع والأبصار والعقول بعشق ومهنية.
بعد ثلاث سنوات من الحرب في السودان، بدأ عبدالعليم مخاوي أخيراً بتحرير صفحة رياضية لصحيفة (الإخبارية) السودانية التي تصدر في نسخة pdf، ثم تقديم برامج سمعية وبصرية لمنصة (المدرج) كصانع محتوى على المنصات الرقمية المختلفة، في ثنائية مع صديقه، الزميل عمر كمال محمود (رنقو).
مع دعوات صادقات له والآخرين ببلوغ المرامي وتحقيق الأهداف على مختلف الصعد.
حقا هي نُدُوبٌ على وجه الإعلام في السودان.
(6)
حين إندلاع شرارة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم، لتنتقل ألسنة اللهب إلى مناطق أخرى، عانى الزميل سراج الدين مصطفى من آلام مرض السكر، الذي تسبب له في إنفصال حاد في الشبكية، وضعف بصره، ليستعين بي في قراءة الرسائل الخاصة به من هاتفه النقال، معاناة عشت بعض فصولها (التراجيدية).
بعد مجهودات بذلت من مختلف القطاعات، تمكن سراج الدين مصطفى من مغادرة مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض متوجها إلى مدينة عطبرة شمالي السودانية في ثمان رحلات، حيث أجريت له أربع عمليات لعينيه، ليتمكن من عودة بصره، في رحلة باطنها الرحمة وظاهرها العذاب، عذاب الرحلة بالطريق البري، لتكلفه الرحلة الواحدة ثلاثة أيام بلياليها.
نموذج سراج الدين مصطفى، واحد من مئات النماذج لصحفيين سودانيين، سامتهم الحرب صنوف العذاب، عذاب الموت والبطالة والنزوح، نزوح قطعه محمد الجيلي من وسط السودان إلى ليبيا في رحلة إمتدت لشهور، قطع خلالها عشرات المدن والقرى، إلى جانب نزوح محمد غلامابي، الذي تحول إلى بائع للخضار، وغيره من الصحفيين السودانيين الذين مارسوا مهنة بديلة.
فقط هي نُدُوبٌ على وجه الإعلام في السودان.
(7)
حزن الختام
قصيدة بعنوان من أنا ؟
للشاعر اليمني - أسامة الرضي

خيالُ الليل يسكنُ في رؤايا
وخيلُ الصمتِ تصهلُ في دجايا
صراخ ال آه يصخب في فؤادي
وكل الحزن يُخلق من أسايا
سؤالٌ كشر الأنياب نحوي
ويسألني بعنف ٍ من أنايا ؟
يعاتبي ويضنيني بماذا
ويسأل من انا ولما حنايا ؟
يحاول مقتلي و يريد صلبي
فأهرب نحو أحضان المرايا
أيسأل من انا و انا سؤال ٌ
تذيله القنابل و الشظايا
انا طفلٌ وعمري الفُ عام ٍ
و ليدي غدي وأسكن في صِبايا
أفتش داخلي عني فأحبوا
إلى أمسي ولا ألقى خطايا
انا جفن ٌ ضناه الدمع نعيا ً
انا الطوفان يعبر في حشايا
انا الموؤد في رمز الأماني
انا حلمٌ تغازله المنايا
انا أبنُ الريح و الأمطار أمي
وخلف الغيم تُمطرني الحكايا
انا وطنٌ تؤرقه دموع ٌ
جفاف الأرض يُسقى من بكايا
انا لونٌ سماوي ٌ حنونٌ
أكابر ُ أن أعيش بلا سمايا
انا نجمٌ تؤرقه الليالي
انا ركن ٌ حبيسٌ في الزوايا
اتعرفني لتقرأ صمت بوحي
اتدرك ما تخبئه شفايا ؟
انا عني فقيد ٌ لم اجدني
وتحملني كما طفلٍ يدايا
اواري داخلي أوجاع قومي
و أحمل فوق اكتافي الضحايا
خفافيش المساء تنال صُبحا ً
وصبحي مات حزنا ً في مسايا
*صحافي سوداني  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإعلام فی السودان على وجه السودان على وجه الإعلام

إقرأ أيضاً:

علي فوزي يكتب.. السودان بين الصراع والبحث عن قائدٍ وطني

يشهد السودان حالة من عدم الاستقرار العميق، ليس فقط نتيجة الحرب التي اندلعت منذ أبريل 2019، بل أيضًا بسبب الانقسامات الداخلية داخل المجتمع السوداني نفسه. 

لقد أصبح المجتمع يعاني من خلافات واسعة، وتبادل الاتهامات بين الشخصيات السودانية، سواء السياسية أو الاجتماعية، في سياق أزمات متعددة، مما زاد من معاناة المواطن الذي يواجه كارثة إنسانية حقيقية نتيجة النزاع المستمر.

لقد أدت هذه الحرب إلى تدمير النسيج الاجتماعي الذي حاول السودانيون الحفاظ عليه على مر السنوات، وكان معروفًا بقيمه الإنسانية من قلبٍ ولسانٍ جميل، وبثقافته ومعرفته الواسعة التي شكلت هويته. اليوم، يبدو المجتمع السوداني في حاجة ماسة لمن يقود الدولة نحو الاستقرار والسلام، ويعيد لمواطنيها الأمل في وطنهم.

ويُطرح السؤال الأبرز: هل ستظهر شخصية وطنية تجمع السودانيين حولها، وتملك الحب والخير والتسامح في قلبها؟ هذه الشخصية التي ما دام كتب عنها الكثيرون، وآخرهم الدكتورة أماني الطويل في "مانديلا السودان"، ويشير إليها العديد من الكتاب والمحللين على أنها "السوداني الأصيل".

إن السوداني الأصيل، المحب لوطنه والمخلص لشعبه، هو القادر على الجمع بين الصفات التي تجعل منه قائدًا ناجحًا ومنقذًا للدولة. شخصية قوية، واثقة من نفسها، قادرة على إنهاء الحرب، وتحقيق المصالحة الوطنية، واستثمار الموارد الكبيرة التي تمتلكها البلاد لصالح الشعب السوداني.

في الختام، يحتاج السودان إلى قائد قادر على توحيد الصفوف، ووقف النزاع الدموي، والعمل على بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. وعلى السودانيين، وكل أبناء الوطن في الداخل والخارج، أن يتكاتفوا لدعم هذه الشخصية الوطنية، ليعود السلام والاستقرار إلى وطنهم الغالي.

مقالات مشابهة

  • وزير الإعلام المصري الأسبق لـعربي21: الكاميرا يجب أن ترافق البندقية.. والبعض خان فلسطين (شاهد)
  • السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟
  • غوتيريش: الأمم المتحدة ستلتقي طرفيّ حرب السودان
  • حوار مع صديقي المصري عاشق السودان
  • الإمارات: الحرب في السودان بلا منتصر والإغاثة يجب أن تتدفق دون عوائق
  • علي فوزي يكتب.. السودان بين الصراع والبحث عن قائدٍ وطني
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • محفوظ يشرح دور الاعلام في مواجهة الحرب الاسرائيلية
  • تناسل الحروب
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى