سودانايل:
2025-07-07@18:21:21 GMT

نُدُوبٌ على وجه السودان ..!!

تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT

يرويها - صديق السيد البشير

Siddigelbashir3@gmail.com

(1)
تركت شرارة الحرب المشتعلة في السودان منذ ثلاث سنوات بصمتها القاتمة على وجه السودان، حكوما وشعبا، شعب توزع بين المنافي، نزوح وفقر وتشرد وبطالة، في بصمة أقرب للنُدُوبٌ على خدود الوطن، وطن أصبح الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود، مفقود بالموت، أو الإعتقال، أو الإختفاء القسري، أو اللجوء، أو التعذيب، آن الأوان، لأن ينعم الناس في السودان بالأمن والأمان والسلام والاستقرار.


(2)
تحت تأثيرات الحرب، دفع الصحفيون السودانيون ثمنا باهظا، من فقر ولجوء وتشرد، وبات معظمهم يعيشون حالة من الهشاشة المُدقعة ، حيث يواجهون وضعاً إدارياً يشوبه عدم الاستقرار في البلدان المضيفة كما يقول بيان لمارتن رو لمدير مكتب الأزمات في منظمة مراسلون بلا حدود.
وبالرغم من الثمن الباهظ الذي يدفعون، أظهر الصحفيون السودانيون شجاعة ومهنية في أداء مهتهم بتميز، بعد أن نجوا بأنفسهم من العنف والإنتهاكات، وإتخذوا من المنافي وطنا لهم، لمواصلة رسالة الوعي والتنوير للمحافظة على السودان، تأريخا وجغرافيا، في ظل دعوات حقوقية للدول المضيفة للصحفيين السودانيين، بتسوية أوضاعهم وتوفير ظروف الاستقرار التي يحتاجونها لمواصلة عملهم من مدن والنزوح.
(3)
ثلاث سنوات خلفت وراءها نُدُوبا على وجه الإعلام في السودان، وفي بيان لنقابة الصحفيين السودانيين (فقد أوقفتْ الحرب معظم المؤسسات الصحفية والإعلاميّة، واضطرتها تحتْ ظروفٍ أمنية، أو سياسية، للتوقّف عن العمل)، مع تدمير ممنهج للبنى التحتية لموسسات الإعلام في السودان، من تضرر الإذاعات والقنوات الفضائية ودور الصحف والمطابع، إلى جانب ضياع كثير لأرشيف الصحف الذي يعود تاريخه إلى عشرات السنين، أرشيف كان يعد ذاكرة للسودان، ثم غاب صوت الموجات وأثير الشاشات وصدى المنصات، ما فتح نوافذ ذهبية لحزمة من المعلومات الكاذبة والمضللة التي غزت الفضاء الرقمي.
هي كلها نُدُوبٌ على وجه السودان.
(4)
ثمانية وعشرون صحفيا وصحفية وعاملا في قطاع الإعلام السوداني ، كل هؤلاء غيبهم الموت عن المشهد الصحفي في السودان، ومن كتبت له النجاة من الموت، تحول إلى عاطل ومتشرد بعد أن فقد أكثر من (90%) وظائفهم.
واقع بائس يعيشه حملة مشاعل الوعي والتنوير، ثم يُغيّبُ الصحفيون عن المشهد، وتُعطّل مؤسساتهم الصحفية التي تعمل على نشر الأخبار والمعلومات، ليرزحوا تحت وطأة النزوح واللجوء والتشرد.
حتما هي نُدُوبٌ على وجه السودان تركتها الحرب، مع دعوات صادقات بأن يعود لجسد الإعلام السوداني عافيته، ليبدأ أهل النص والصوت والصورة بالعودة مجدداً لمخاطبة الأسماع والأبصار والعقول بمحبة وجمال وتفرد وعذوبة ومهنية، مهنية تغرس الأمل من جديد في سودان جديد زاخر بالحق والخير والجمال.
(5)
نُدُوبٌ على وجه الإعلام تركتها الحرب في السودان، من تدمير للمؤسسات وهجرات ونزوح قسري، فعبدالعليم مخاوي نموذج لمئات الصحفيين السودانيين الذين فقدوا وظائفهم بفعل الحرب.
بعد أن أمضى شهورا حسوما بين أزيز الطيران المقاتل ودوي المدافع، ترك مخاوي داره بحي (القوز) العريق بالعاصمة السودانية الخرطوم، ميمما وجهه شطر مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض جنوبي السودان، ليتخذها سكنا آمنا له.
ترك عبدالعليم مخاوي مهنة القلم ولاقط الصوت والعدسة، المهنة التي خدم في لعشرات السنوات، ليتحول إلى عامل في سوق الخضروات والفواكه بسوق كوستي، ليعمل على ترحيل بضائع التجار من داخل السوق إلى مواقع أخرى، بثمن زهيدة، ليوفر منها قوتا لأسرته.
يمارس مخاوي مهنته البديلة بمحبة واحترافية وتواضع وصبر ويقين واحتساب وأمل، أمل في توقف الحرب، تمهيدا للعودة مرة أخرى، مجدداً للأهل والديار وممارسة مهنة الصحافة بمحبة واحترافية وجمال وتفرد وعذوبة، عذوبة القلم و (الميكروفون) و (الكاميرا)، ليخاطب الأسماع والأبصار والعقول بعشق ومهنية.
بعد ثلاث سنوات من الحرب في السودان، بدأ عبدالعليم مخاوي أخيراً بتحرير صفحة رياضية لصحيفة (الإخبارية) السودانية التي تصدر في نسخة pdf، ثم تقديم برامج سمعية وبصرية لمنصة (المدرج) كصانع محتوى على المنصات الرقمية المختلفة، في ثنائية مع صديقه، الزميل عمر كمال محمود (رنقو).
مع دعوات صادقات له والآخرين ببلوغ المرامي وتحقيق الأهداف على مختلف الصعد.
حقا هي نُدُوبٌ على وجه الإعلام في السودان.
(6)
حين إندلاع شرارة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم، لتنتقل ألسنة اللهب إلى مناطق أخرى، عانى الزميل سراج الدين مصطفى من آلام مرض السكر، الذي تسبب له في إنفصال حاد في الشبكية، وضعف بصره، ليستعين بي في قراءة الرسائل الخاصة به من هاتفه النقال، معاناة عشت بعض فصولها (التراجيدية).
بعد مجهودات بذلت من مختلف القطاعات، تمكن سراج الدين مصطفى من مغادرة مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض متوجها إلى مدينة عطبرة شمالي السودانية في ثمان رحلات، حيث أجريت له أربع عمليات لعينيه، ليتمكن من عودة بصره، في رحلة باطنها الرحمة وظاهرها العذاب، عذاب الرحلة بالطريق البري، لتكلفه الرحلة الواحدة ثلاثة أيام بلياليها.
نموذج سراج الدين مصطفى، واحد من مئات النماذج لصحفيين سودانيين، سامتهم الحرب صنوف العذاب، عذاب الموت والبطالة والنزوح، نزوح قطعه محمد الجيلي من وسط السودان إلى ليبيا في رحلة إمتدت لشهور، قطع خلالها عشرات المدن والقرى، إلى جانب نزوح محمد غلامابي، الذي تحول إلى بائع للخضار، وغيره من الصحفيين السودانيين الذين مارسوا مهنة بديلة.
فقط هي نُدُوبٌ على وجه الإعلام في السودان.
(7)
حزن الختام
قصيدة بعنوان من أنا ؟
للشاعر اليمني - أسامة الرضي

خيالُ الليل يسكنُ في رؤايا
وخيلُ الصمتِ تصهلُ في دجايا
صراخ ال آه يصخب في فؤادي
وكل الحزن يُخلق من أسايا
سؤالٌ كشر الأنياب نحوي
ويسألني بعنف ٍ من أنايا ؟
يعاتبي ويضنيني بماذا
ويسأل من انا ولما حنايا ؟
يحاول مقتلي و يريد صلبي
فأهرب نحو أحضان المرايا
أيسأل من انا و انا سؤال ٌ
تذيله القنابل و الشظايا
انا طفلٌ وعمري الفُ عام ٍ
و ليدي غدي وأسكن في صِبايا
أفتش داخلي عني فأحبوا
إلى أمسي ولا ألقى خطايا
انا جفن ٌ ضناه الدمع نعيا ً
انا الطوفان يعبر في حشايا
انا الموؤد في رمز الأماني
انا حلمٌ تغازله المنايا
انا أبنُ الريح و الأمطار أمي
وخلف الغيم تُمطرني الحكايا
انا وطنٌ تؤرقه دموع ٌ
جفاف الأرض يُسقى من بكايا
انا لونٌ سماوي ٌ حنونٌ
أكابر ُ أن أعيش بلا سمايا
انا نجمٌ تؤرقه الليالي
انا ركن ٌ حبيسٌ في الزوايا
اتعرفني لتقرأ صمت بوحي
اتدرك ما تخبئه شفايا ؟
انا عني فقيد ٌ لم اجدني
وتحملني كما طفلٍ يدايا
اواري داخلي أوجاع قومي
و أحمل فوق اكتافي الضحايا
خفافيش المساء تنال صُبحا ً
وصبحي مات حزنا ً في مسايا
*صحافي سوداني  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإعلام فی السودان على وجه السودان على وجه الإعلام

إقرأ أيضاً:

لا تشكروا من يتضامن مع غزة!

دعونا نُسمّي الأمور بأسمائها.. من ينتظر شكرا على موقفٍ إنساني، أو يتوق لمقابل على تضامنه مع شعب يُباد، فليحتفظ بموقفه لنفسه.. من يتصدّر المنصات كي يُصفّق له على تبرّعه، أو من ينشر صورا تُوثّق كم "دما تبرّع به"، فليعلم أن غزة لم تطلب منه شيئا أصلا.

الله غنيّ عن كل تبرّع مشروط، وكل وقفة تُقايَض بالثناء، وكل كلمة تُقال طمعا بصورة أو مديح.

غزة لا تحتاج استعراضا، بل تحتاج من يقف معها بصمت الكرام، لا صخب المتاجرين.. غزة تحتاج فعلا يُشبه وجعها، لا كلاما يُشبه المنصات.

التضامن الحقيقي لا يُشترط

في كل مرة تشتد فيها المحن على غزة، تتكرر المواقف الرمادية: يطلبون الشكر بشكل أو بآخر، وكأن التضامن صار سلعة، لا التزاما أخلاقيا.

في عرف الكرام، من يُقدّم موقفا من أجل الحق لا ينتظر التصفيق، بل يرى في وقوفه مع المظلوم شرفا لا منّة. تاريخ الإنسانية حافل بشخصيات دفعت أعمارها ثمنا للحق، ولم تنتظر شيئا في المقابل.

تأمّلوا في راشيل كوري، الناشطة الأمريكية التي دهستها جرافة الاحتلال الإسرائيلي عام 2003، وهي تحمي منزل عائلة فلسطينية في رفح. ما كانت تريد مديحا، بل أصرّت أن تكون "إنسانة فقط" بحسب كلماتها. لم تسجل موقفها على إنستغرام، ولم تطلق حملة لتلميع الذات عبر وسائل الإعلام، ولم تركض خلف التكريم. كانت صادقة في موقفها، ولذلك خُلّدت في ذاكرة الضمير الإنساني.

غزة اليوم ليست مجرد مدينة محاصرة، بل مرآةٌ يُختبر فيها صدق المواقف:

هل نقف مع الضحية لوجه الحق؟ أم نتضامن "على الخفيف" ما دام الإعلام يسمح، وننأى بأنفسنا عندما تصير الوقفة مكلفة؟

هل نتعامل مع دم أطفال غزة كجريمة؟ أم نبحث لها عن تبريرات لنبقى في المنطقة الرمادية؟

الحقيقة أن غزة لا تُفرز فقط من يناصر المظلوم عمن يقف مع الظالم، بل تميّز أيضا بين المتضامن الحقيقي و"الترند"، بين من يرى في التضامن واجبا إنسانيا، ومن يراه استثمارا اجتماعيا.

في كل معركة أخلاقية، هناك دائما من يريد أن يتربّح من موقف،لكن التاريخ لا يحفظ أسماء أولئك الذين وقفوا لأجل الصورة، بل يُسطّر من تجرّأ على أن يقول كلمة حق في وجه الظلم، ودفع ثمنها.

غزة -كما كل قضية عادلة- لا تحيا بالتصفيق، بل بمن يحملها في قلبه حين تُغلق الأبواب، ويصمت الإعلام، وتتراجع الحناجر.

لا نحتاج لمن "يُتبرّع" بالتضامن ثم يُرسل الفاتورة، بل نحتاج من يُحبّ فلسطين وكأنها قطعة من قلبه، لا كبند من تسويق حكومته أو حملته الانتخابية أو منشورا يبحث به عن اللايكات.

أقولها بحبٍّ وصراحة، وإن بدت قاسية: لا تؤذوا غزة أكثر.. لا تجعلوا من دم أبنائها وسيلة للشهرة، ولا من وجعها مادة للتسلية أو للخطابة.

من أراد أن يتضامن، فليفعل ذلك كما يفعل الإنسان لأخيه الإنسان.. ومن أراد أن يُشكر، فليبحث له عن مشهدٍ آخر غير المجازر، وميدانٍ آخر غير المذابح.

غزة لا تحتاج "أبطالا" بل أحرارا.. لا تحتاج صورا، بل ضمائر.. لا تحتاج كلمات، بل مواقف.

وفي المحصلة، من لا يرى في التضامن مع غزة واجبا أخلاقيا بحتا، فليس أهلا لأن يُحسَب في صفّ الإنسانية أصلا.

وأعتذر -بصدق- إن كانت الحقيقة جارحة للبعض، لكنها تبقى الحقيقة، مهما حاولنا تلطيفها بالكلمات.

مقالات مشابهة

  • بوصلة السودان الوطنية… ما بين الدعم الخليجي و الوقفة المصرية الصلبة
  • لا تشكروا من يتضامن مع غزة!
  • رائحة الجثث.. إليكم الأسباب التي دفعت جنديا إسرائيليا للانتحار
  • الجيش السوداني: المصنع الأم للإجرام ومأزق النخبة النيلية:
  • عاجل | معاريف عن اللواء احتياط إسحاق بريك: النجاحات التي يتحدث عنها جيشنا بغزة لا تتطابق مع الواقع المرير على الأرض
  • ألعاب القوى تكشف عن البطولات التي تنتظر المنتخبات العراقية
  • لو ديبلومات: الحرب تلتهم السودان في ظل صمت عالمي
  • حرب لتصفية الثورة ونهب ثروات البلاد
  • مرضى السرطان بالسودان بين نيران الحرب ومرارة العلاج
  • السودان.. نزاع مسلح يودي بحياة المئات والهجمات على المستشفيات تتصاعد