تصريحات مؤرخ تشعل أزمة جزائرية- إماراتية متجددة.. لهجة تصعيد غير مسبوقة
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
في مشهد يعكس التداخل المعقد بين قضايا الهوية والسياسة الإقليمية، فجّرت مقابلة بثتها قناة تلفزيونية إماراتية مع المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث، عاصفة من الجدل والردود الغاضبة.
بلغيث، الذي شكك في الأمازيغية واعتبرها "مشروعًا فرنسيًا ـ صهيونيًا"، وضع نفسه في قلب عاصفة إعلامية وشعبية، تداخل فيها الداخل الجزائري مع الخارجي الإقليمي، وأعادت العلاقات بين الجزائر والإمارات إلى دائرة التوتر.
التصريحات المثيرة.. من التاريخ إلى السياسة
خلال المقابلة، قال بلغيث إن "الأمازيغية ليست ثقافة أصلية بل مشروع أيديولوجي فرنسي-صهيوني"، معتبرًا أن "البربر هم عرب قدماء من أصول فينيقية". تصريحات اعتُبرت صادمة، خصوصًا في بلد تعتبر فيه الأمازيغية، إلى جانب العربية والإسلام، أحد ثوابت الهوية الوطنية.
غير أن البعض يرى في هذه التصريحات موقفًا سياسيًا مقصودًا لا مجرد رأي أكاديمي، إذ تأتي في مواجهة ما يُعتقد أنه اختراق إماراتي وفرنسي للملف الهوياتي، خاصة بعد استضافة الإمارات لفرحات مهني، زعيم حركة "الماك" الانفصالية التي تطالب باستقلال منطقة القبائل.
ردّ التلفزيون الجزائري: لهجة غير مسبوقة
رد التلفزيون الجزائري الرسمي كان غاضبًا وغير مألوف في حدّته. فقد وصف الإمارات بأنها: "كيانات هجينة تفتقر إلى الجذور والسيادة"، و"مصانع للفتنة الأيديولوجية".
وجاء في منشوره الرسمي: "الجزائر التي دفعت ملايين الشهداء دفاعًا عن وحدتها لن تغفر المساس بثوابتها… والردّ سيكون صاعًا بصاعين".
وبذلك، لم يوجه الخطاب ضد المؤرخ وحده، بل اعتبر الأمر اعتداءً خارجيًا على السيادة الجزائرية.
المرجعيات الوطنية.. بيان نوفمبر والدستور الجزائري
وسط هذا الجدل، لا بد من التذكير بالمرجعيات الوطنية التي تشكّل أساس الهوية الجزائرية:
1 ـ بيان أول نوفمبر 1954، الوثيقة التأسيسية للثورة الجزائرية التي أعلنت بوضوح أن: "الهدف هو إقامة دولة جزائرية ديمقراطية اجتماعية ذات سيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية والعربية". وهذا البيان رسّخ مفهوم الانتماء العربي الإسلامي للجزائر في وعي النخبة والمجتمع منذ الاستقلال.
2 ـ الدستور الجزائري، الدستور المعدل في 2020 ينص على أن: العربية هي اللغة الرسمية للدولة. والأمازيغية لغة وطنية ورسمية كذلك. ويؤكد في ديباجته أن الشعب الجزائري: "جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية".
بالتالي، فإن تصريحات بلغيث، وإن كانت صادمة في صياغتها، يمكن تأويلها بأنها تذكير بمرجعية بيان نوفمبر، خاصة في ظل ما يعتبره البعض محاولات فرنسية أو إماراتية لتفكيك النسيج الوطني.
صراع روايات أم صراع نفوذ؟
وسط تفاعل الرأي العام، ظهرت مقاربات تعتبر أن الهجوم على بلغيث يخدم فعليًا: فرنسا، التي طالما سعت لإضعاف العروبة في الجزائر. والإمارات، التي فتحت منابرها لأصوات انفصالية.
ويذهب هذا الرأي إلى أن اعتقال بلغيث ـ إن تأكد ـ لا يُفهم فقط على أنه ردّ على إساءته للأمازيغ، بل ربما تصفية لحسابات أعمق مع تيار قومي لا ينسجم مع توجهات بعض الدوائر النافذة المتأثرة بالخارج.
تداعيات إقليمية.. الجزائر في وجه "الهندسة الخارجية للهوية"
هذا الجدل يعيد طرح أسئلة مركزية: هل أصبحت الهوية الوطنية ساحة صراع إقليمي؟ وهل يُستخدم الملف الأمازيغي كورقة ضغط على الجزائر لجرّها إلى محاور إقليمية معينة، خاصة في ظل مواقفها المناهضة للتطبيع والداعية إلى السيادة الوطنية الكاملة؟
الجزائر، الحذرة من النفوذ الإماراتي في جوارها (مالي، ليبيا، السودان)، كانت قد أصدرت منذ يناير 2024 تحذيرات رسمية ضمن بيانات مجلس الأمن الأعلى، ضد ما سمته "تصرفات عدائية" من طرف "بلد عربي شقيق" ـ في إشارة واضحة لأبوظبي.
عندما تتحول الهوية إلى جبهة سياسية
القضية اليوم لم تعد فقط تصريحات مؤرخ، بل فتحت جبهة جديدة في حرب الهويات الإقليمية. فهل كان بلغيث مدافعًا غير لبق عن العروبة أم مستفزًا للتماسك الوطني؟ وهل يُحاسب فعلاً على تصريحاته، أم على ما تمثله من تحدٍ لدوائر خارجية تُراهن على تفكيك العمق التاريخي للجزائر؟
ما هو مؤكد أن الهوية الجزائرية لم تعد فقط ملفًا داخليًا، بل ساحة صراع بين مشاريع تتجاوز الجغرافيا الوطنية، وتستوجب حذرًا سياسيًا وعقلاً وطنيًا يوازن بين التعدد والوحدة، وبين حق التعبير وواجب الانتماء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الجزائري العلاقات التوتر الإمارات الجزائر علاقات الإمارات توتر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
لهجة جديدة لترامب حول الوضع في غزة.. بماذا اعترف؟
قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن ما يحصل في قطاع غزة "مفجع وعار وكارثي.
وأضاف ترامب أن "قدمنا 60 مليون دولار قبل أسبوعين للمساعدات في غزة وأردت فقط أن يحصل الناس هناك على الطعام، ونحن نساعد ماليا في هذا الوضع".
وأوضح الرئيس الأمريكي، "لا أرى نتائج في غزة للمساعدات التي قدمناها".
وفي وقت سابق أعرب ترامب، عن تأثره الشديد والسيدة الأولى ميلانيا بصور المجاعة والموت جوعا في غزة.
وقال ترامب للصحفيين "إن السيدة الأولى تعتقد أن الوضع مروع، وهي ترى نفس الصور التي نراها جميعا، وأعتقد أن الجميع، ما لم يكونوا قساة القلوب أو أسوأ من ذلك، مجانين، لا يوجد شيء يمكن قوله سوى أن الأمر مروع عندما ترى الأطفال".
وأضاف: "هؤلاء أطفال، كما تعلمون، سواء تحدثوا عن المجاعة أم لا، هؤلاء أطفال يتضورون جوعا".
والثلاثاء، قال ترامب إن "إسرائيل والولايات المتحدة تعملان معا لمحاولة تصحيح الأمور في غزة".
وبشأن المعاناة في غزة، ذكر ترامب، أن "الوضع هناك سيئ للغاية، والأطفال جائعون وينبغي أن يحصلوا على الغذاء".
وأضاف أن "الولايات المتحدة ستعمل مع إسرائيل بشأن مراكز توزيع الغذاء في غزة"، مبينا أن "الإسرائيليين يريدون الإشراف على تلك المراكز".
وتابع "أجريت اتصالا مع نتنياهو قبل يومين وهو لا يريد أن تستولي حماس على المساعدات"، في إشارة إلى مزاعم فندتها مراجعة حكومية أمريكية ، حيث خلصت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أنه لا دليل على استيلاء حركة حماس على مساعدات إنسانية.
ومع تفاقم مأساة القطاع دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الثلاثاء، إلى تصعيد الحراك الجماهيري العالمي أيام الجمعة والسبت والأحد، الموافق 1 و2 و3 آب/أغسطس القادم، احتجاجاً على استمرار العدوان والإبادة الجماعية والتجويع الذي يتعرض له أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة.
وفي بيان تلقت "عربي21" نسخة منه، أكدت الحركة أن يوم الأحد القادم، سيكون "يوماً عالمياً لنصرة غزة والقدس والأقصى والأسرى، وفاءً واستجابةً لنداء القائد الشهيد إسماعيل هنية (أبو العبد)، الذي استُشهد قبل عام في إحدى الغارات الإسرائيلية".
وحثّت "حماس" جماهير الأمة العربية والإسلامية، وكافة أحرار العالم، على المشاركة الواسعة في المسيرات والوقفات الجماهيرية في مختلف المدن والعواصم، رفضاً لما وصفته بـ"العدوان الصهيوني المتواصل على غزة"، واحتجاجاً على سياسة "التجويع الممنهج والإبادة الجماعية التي تطال النساء والأطفال والمرضى والمدنيين الأبرياء".
ودعت الحركة إلى تصعيد كافة أشكال التظاهر والاعتصام أمام السفارات الإسرائيلية والأمريكية، إضافة إلى سفارات الدول التي "توفر الغطاء السياسي والعسكري للاحتلال"، مطالبة بإجراءات ضغط سياسية ودبلوماسية وشعبية دولية لوقف الحرب الإسرائيلية ضد القطاع.
وأشارت إلى أن الدعوة لإحياء يوم 3 آب/أغسطس القادم تأتي بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القيادي البارز إسماعيل هنية (أبو العبد)، مؤكدة أن "إحياء دعوته هو تجديد للعهد مع دماء الشهداء، وتأكيد على استمرار طريق المقاومة والصمود".