لجريدة عمان:
2025-06-06@21:30:13 GMT

الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

جمعني لقاء -قبل فترة قصيرة- بمعالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام، وسألني معاليه عن رأيي في أيّ القطاعات في سلطنة عُمان أوفر حظا في المنافسة العالمية أو على الأقل العربية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ فكان جوابي: قطاع الصحة؛ لأسباب سأوضحها لاحقا. تواصل معي -قبل هذا اللقاء بمعالي الوزير- طبيب عماني يعمل طبيبا للأمراض الجلدية، وأطلعني على خطتهم لعمل مؤتمر للأمراض الجلدية، وبادر -مشكورا- في دعوتي لتقديم ورقة عمل عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأمراض الجلدية، إلا أنني اعتذرت نظرا لعدم إلمامي ومعرفتي بعلم الأمراض الجلدية ناهيك عن باقي التخصصات الطبية والصحية التي وإن رغبت في إدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي فيها فإنني بحاجة إلى باحث أو فريق علمي متخصص في الجانب الصحي؛ ليرشدني إلى المكامن التي يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي فيها، وضوابط العمل وفق الأنظمة الطبية والصحية، وهذا يحتاج إلى فترة زمنية كافية تتضمن وضع خطة البحث والعمل عليها.

التقيت كذلك في عام 2022 في حفل الجائزة الوطنية للبحث العلمي بالدكتور محمد بن عبدالله الحسيني، وهو باحث عُماني متخصص في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي، واطَّلعتُ على مشروعه العلمي -الذي فاز بالجائزة الوطنية للبحث العلمي لعام 2022-، وأذهلني الجهد المضني والكبير لمشروعه الواعد الذي سأتناول شيئا من تفاصيله في السطور القادمة.

قادتني هذه الأحداث والمسوغات التي ذكرتها في الفقرة السابقة إلى طرح هذا المقال الخاص بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي، وبشكل خاص في سلطنة عُمان التي أرى أنها تملك حظوظا وافرة لتطوير استعمالات الذكاء الاصطناعي في قطاعها الصحي نظرا لأهمية هذا القطاع والبحث عن سبل الاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي في تحسين أداء هذا القطاع، وكذلك لوجود الباحثين والمهتمين بإدخال أنظمة الذكاء الاصطناعي. بدأت تظهر مبادرات جادة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجالات الصحية منها نظام الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن سرطان الثدي الذي دشنته وزارة الصحة في عام 2019 في(5) مستشفيات حكومية -حتى وقت إعلان تدشين النظام الذكي-، وهو ثمرة تعاون مع شركتي مايكروسوفت وسكرين بوينت المتخصصة في أنظمة الكشف عن سرطان الثدي. أظهرت التجارب أن كفاءة النموذج الذكي في الكشف المبكر عن سرطان الثدي تصل إلى 96%، ويعتمد هذا النظام في عملية التدرب على بيانات متعلقة بصور لأشعة الماموجرام. قام كذلك -كما ذكرت آنفًا- الدكتور محمد الحسيني بتطوير نظام ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن سرطان الثدي يعمل بواسطة ثلاث خوارزميات وفق التعلم العميق «Deep Learning»، وهذه الخوارزميات هي: «Inception V3» و «Inception V4»، وعبر رفع كفاءة هاتين الخوارزميتين طور الحسيني خوارزمية ثالثة أطلق عليها « Inception MV4»، واستعملت صور حرارية تلتقط بواسطة آلة تصوير حرارية تُعرف بـ«FLIR»؛ لتوفير «الصور الحرارية»، ولتكون بمثابة البيانات المستعملة لتدريب هذه الخوارزميات. جاءت نسبة كفاءة كل من الخوارزميات الثلاث حسب الآتي: 98.104% Inception V3»، 99.712% «Inception V4»، و« 99.748% ل» «Inception MV4»، أي إن نسبة كفاءة نظام الكشف الذكي قريبة من 100%، وهذا بعد عدة تجارب مختبرية، وكذلك بعد تجربته في مستشفى خارج سلطنة عُمان الذي ساهم بتوفير بعض الصور الحرارية لغرض التدريب ثم اختبار النظام. يعمل النظام الذكي عبر طريقة استقبال الصور الحرارية، وإرسالها إلى الحوسبة السحابية؛ لمعالجتها وتصنيفها، ثم إعادتها إلى النظام «التطبيق الذكي» في فترة زمنية سريعة تقدّر بـ6 ثوان فقط. يمكن تطبيق النظام بسهولة في المنزل أو العيادات الطبية أو المستشفيات بواسطة تزويد النظام بالصورة الحرارية، وأخذ نتيجة التحليل بسرعة ودقة عالية أو عبر ربط الهاتف بكاميرا حرارية من نوع «FLIR»؛ إذ إن النظام يمكن أن يكون تطبيقا في الهاتف، وحاليا يوجد التطبيق -حاليا يوجد التطبيق حصرا لدى الباحث الدكتور محمد الحسيني- في الهاتف الذي يعمل بنظام الأندرويد. يحتاج المشروع إلى دعم مالي بجانب التسهيلات المتعلقة بالبيانات واستخدامها في تدريب الخوارزمية؛ ليكمل مسيرة تطويره، ولتوسيع نطاق تجاربه واستعمالاته؛ مما يتطلب تكلفة مالية نظير الأجهزة عالية الدقة وتخزين البيانات ومعالجتها.

من المؤكد وجود تطبيقات أخرى لاستعمالات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي في سلطنة عُمان، لكن لم تصلني أخبارها بشكل دقيق وواضح؛ ولهذا اكتفيت بعرض مشروع الدكتور محمد الحسيني الناجح الذي أراه أنموذجا يدعو للفخر، ولي شخصيا -مع فريق علمي يشمل متخصصين في الجانب الصحي «الطبي»- محاولة في هذا القطاع عبر تقديم مقترح لبحث علمي يتناول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن أمراض القلب، والبحث ما يزال مقترحا، وبحاجة إلى أن يمر بإجراءات التقييم اللازمة من اللجان العلمية المختصة. تُظهر مثل هذه المشروعات والمقترحات العلمية -التي تعكس تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة العمانية- حجم الإرادة والجهود المبذولة سواء من قبل الأفراد أو المؤسسات الحكومية والخاصة، وتؤكد على قدرة سلطنة عُمان في امتلاك قطاع صحي مواكب للتطورات الرقمية المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وقادر على إبراز التفوق العماني في القطاع الرقمي بكل جدارة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تطبیقات الذکاء الاصطناعی فی عن سرطان الثدی الدکتور محمد المبکر عن فی القطاع

إقرأ أيضاً:

هل يوجد الذكاء الاصطناعي جيلا مسلوب المهارات؟

منذ أن دخل الذكاء الاصطناعي أجهزة الطلبة، ارتفع الاعتماد عليه في شتى مجالات الحياة، وأصبح يخترق أجهزة الطلبة والأكاديميين والعامة، فقد أشار تقرير الوظائف الصادر في مايو من العام الفائت إلى حاجة ماسة لإعادة تشكيل المهارات والقدرات التي تراجعت بنسبة كبيرة عند الناس بسبب اعتمادهم على تقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يكشف ضرورة ملحة لإعادة تشكيل وتطوير المهارات بما يخدم الإنسان ومجتمعه.

يكرر أغلب الطلبة الضغوطات والصعوبات الدراسية كمبررات لاستعمال هذه التقنيات، لأنهم ينتقلون من نظام تعليمي إلى نظام مختلف من حيث المناهج وطرق المذاكرة والاحتياج إلى مهارات مختلفة في البحث والتفكير واستيعاب المادة العلمية فيلجأ الكثير منهم للذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في إنجاز الأعمال وتوليد الأفكار، على الجانب الأخر يعتمد الخريجون على الذكاء الاصطناعي بسبب الضغط الدراسي الهائل بحكم ضيق الوقت لديهم ويباشرون من تلك اللحظة فقدان بعض مهاراتهم قبل إقبالهم على الحياة خارج الجامعة سواء الحياة الوظيفية أو العامة.

لقد اجتاحت نماذج الذكاء الاصطناعي حياة الطلبة، وأصبحوا يعتمدون عليها في كثير من جوانب حياتهم، فهي قادرة على توفير إجابات للتساؤلات التي تخطر في أذهانهم، وعلى صعيد آخر تتيح هذه المنصات إمكانية كتابة المقالات وترجمتها وتلخيصها، وغيرها من الإمكانيات التي تخدم الطلبة في مقاعد الدراسة، كما أن المناهج الدراسية الثقيلة وكثرة المواد والاختبارات تسبب ضغطًا كبيرًا، فيلجؤون لهذه التقنيات لتحقيق درجات عالية أو إنجاز أعمالهم على أقل تقدير، وفي سؤالي لمجموعة من طلبة الجامعة عن دوافع استعمال الذكاء الاصطناعي قالوا: لتوفير الوقت والجهد فهو يقدّم نتائج سريعة ومباشرة، يطرح ذلك إشكالاً في مدى رغبة الناس في بذل جهد للتعلم والبحث وتخصيص الوقت لذلك؟

يعتمد الطلاب على الذكاء الاصطناعي لإنجاز المهام دون بذل الجهد الكافي لفهمها ولها تأثير على المهارات الأساسية فتقلّ القدرة على البحث وتحليل المعلومات عند الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، وإذا اعتمد الطلاب فقط على الذكاء الاصطناعي لإيجاد الحلول، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل قدرة الطالب على التفكير المستقل والتفكير النقدي، ويحث المختصون على منع استخدام الذكاء الاصطناعي في بعض المجالات التي تحرم المستخدمين من فرص تطوير القدرات المعرفية والاجتماعية.

أصبح تحسين المهارات والتعلم لدى الطلبة أكثر أهمية اليوم، مثل تلك المهارات التي لا يمكن للذكاء الاصطناعي تطويرها كالتفكير التحليلي والتعاطف والاستماع النشط والقيادة والتأثير الاجتماعي، إن اكتساب المعلمين المهارات اللازمة لدمج الذكاء الاصطناعي في أساليب التدريس الخاصة بهم بشكل فعال عمل لا بد من القيام به، ويتطلب سد هذه الفجوة برامج تطوير مهني شاملة لضمان راحة المعلمين وكفاءتهم في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بما يتوافق مع متطلبات العصر دون التأثير السلبي على مهارات الجيل القادم.

يستعمل الطلبة الذكاء الاصطناعي إذا ما تبادر أي سؤال في ذهنهم وهذا يقلص من الاستعانة بالكتب العلمية الموثقة وأخذ المعلومة منها، وأشار مجموعة من طلبة الطب إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي في كثير من الأحيان تقدم معلومات خاطئة خاصة في الأسئلة الطبية الدقيقة أو العلمية بشكل عام، وينصح المختصون بضرورة الموازنة بين التقنية والكتب من خلال توعية الطلبة بضرورة البحث عن المعلومات من الكتب الموثّقة وخاصة المعلومات العلمية والثقافية والتاريخية. لابد أن تكون هذه التقنيات أدوات مساعدة فهي لا تؤدي دور الباحث أبدا، بالإضافة أن النتائج التي تقدمها قد تظهر تحيزات سياسة أو أخطاء علمية لأنها مبرمجة وفق أنظمة معينة.

من جهة أخرى، يحذر المختصون من اعتماد الطلاب الشديد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لأنه ينتج عنها قلة المشاركة في الأنشطة البدنية والمهارية والعائلية، وزيادة الشعور بالعزلة والانطواء والإفراط في استخدام هذه الأدوات قد يؤدي إلى العزلة الاجتماعية وضعف مهارات التواصل البشري، فمثلا تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تقليل الوقت الذي يقضيه المعلم مع الطلاب، مما يؤثر على العلاقة التعليمية، ويعتاد الطلاب على التفاعل مع الأنظمة الذكية بدلاً من المعلمين البشر، مما يضعف مهاراتهم في التواصل البشري.

يحتاج العالم اليوم إلى طاقات شبابية مزودة بالمهارات والمعارف وهي ضرورة ملحة تفرضها التحديات المتسارعة التي يشهدها العالم في مختلف المجالات. والشباب هم القوة الدافعة وراء الابتكار والإبداع والآلة ليست سوى وسيلة مساعدة تخدم الشباب في سبيل التغيير الإيجابي.

مقالات مشابهة

  • تعليم نماذج الذكاء الاصطناعي ما لا تعرفه
  • نقابات العمال الأمريكية تبدأ معركتها ضد الذكاء الاصطناعي
  • احذر فخ الذكاء الاصطناعي: مشهد وهمي بتقنية Veo 3 يثير الجدل
  • هل يوجد الذكاء الاصطناعي جيلا مسلوب المهارات؟
  • انهيار القطاع الصحي يهدد حياة الأطفال والنساء الحوامل بغزة .. 97 شهيدًا جديداً في غزة وقوات الاحتلال تقتحم المستشفى الأوروبي وتقصف مستشفى شهداء الأقصى
  • «اليونيسف»: انهيار القطاع الصحي يهدد حياة أطفال القطاع
  • رادار الذكاء الاصطناعي يرعب السائقين في تركيا
  • كيف غيّر الذكاء الاصطناعي حياة المكفوفين في جامعة باريس؟
  • وزير الصحة يبحث مع نظيره القطري سبل دعم القطاع الصحي في سوريا
  • مايكروسوفت تستغني عن مئات الموظفين للاستثمار في الذكاء الاصطناعي